أثار بعض الدعاة الأزهريين، مؤخراً، حالة من البلبلة والإثارة من خلال إطلاقهم فتاوى شاذة بدعوى الرد على أسئلة الجمهور، واللافت فى الأمر، أن معظمها يتعلق بالعلاقات الحميمة، وهو الأمر الذى اشتهر به فتاوى السلفيين، وعلى رأسهم الشيخ ياسر برهامى فى فترة ما قبل 30 يونيه، حينما كانوا متصدرين القنوات الفضائية، حتى تم اندثارهم تدريجياً ليحل محلهم الآن شيوخ أزهريون، وهو ما أثار حفيظة الجميع. وتمثلت أبرز الفتاوى، خلال الفترة الماضية، بإصدار الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بالأزهر، فتوى تبيح استخدام الأدوات الجنسية, وفتوى الدكتور صبرى عبدالرؤوف، مؤخراً، أستاذ الفقه المقارن بالأزهر الذى حلل معاشرة الزوجة «الميتة», ومن بين هذه الفتاوى إباحة أكل لحوم الكلاب التى أطلقها الداعية الأزهرى خالد الجندى, وتحريم «الشات» بين الشباب والفتيات والتى أطلقها الدكتور سالم عبدالجليل، وكيل الأوقاف السابق, وفتوى الدكتور أسامة القوصى بإباحة رؤية الخطيب لخطيبته وهى تستحم, وفتوى أسامة عسكر، أحد علماء الأزهر بأن الأغانى نوع من أنواع الدعارة, وفتوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء الإسلام مصطفى راشد، أن الخمر ليس حراماً، ولكنه مكروه هذا بخلاف تكرار الفتوى السلفية بحرمانية أداء تحية العلم فى المؤسسات الرسمية التى أطلقها الداعية السلفى سامح عبدالحميد. وفى السياق نفسه، يرى متخصصون، أن الإعلام يسهم بشكل كبير فى إظهار هذه الفتاوى الشاذة من خلال ظهور بعض غير المؤهلين على شاشته للإفتاء بغير علم, ومن الأولى أن يتم عرض هذه الفتوى على الجهات المتخصصة قبل عرضها على العامة؛ منعاً لإثارة الجدل, كما يأتى دور اللجنة الدينية بالبرلمان بضرورة اتخاذها خطوات جادة تجاه تنظيم الفتوى؛ حيث تقدم بهذا القانون النائب عمر حمروش، وكيل اللجنة، ولكن لم تتم الموافقة عليه حتى الآن بشكل نهائى. ووصف الدكتور محيى الدين عفيفى، أمين مجمع البحوث الإسلامية، الفتوى التى أطلقها الدكتور صبرى عبدالرؤوف، بالأفكار الشاذة التى تعكس إفلاس أصحابها. وأشار «عفيفى» إلى أن هذا الكلام مرفوض شرعاً وإنسانياً، مؤكداً أن مجمع البحوث يتابع جيداً ما يجرى من فوضى للفتوى المنتشرة من أشخاص يريدون جلب الأضواء إليهم، ويطلقون الفتاوى الشاذة، ولا يمكن أن تصدر فتوى وأن تراعى الأمور دينياً وشرعياً. وقال الدكتور سيد زايد، عضو لجنة الفتوى بمشيخة الأزهر الشريف، إن فتوى الدكتور صبرى عبدالرؤوف، تسىء إلى الإسلام، لافتاً إلى أنه عندما تخرج الفتاوى الشاذة من أصحاب الفكر المتطرف فهذا طبيعى، ولكن للأسف عندما يتحدث شخص محسوب على أهل العلم فإنه بذلك يكون شيئاً كارثياً بحسب تعبيره. وفى هذا الشأن أكد الدكتور عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقاً أن السبب فى ظهور الفتاوى الشاذة هو الإعلام؛ حيث إنه المسئول؛ لأنه يختار من هو ليس مؤهلاً للفتوى. وأضاف: يشترط فيهم أن يكونوا حفظة القرآن ودارسين، وعلى دراية بأقوال الأئمة والمجتهدين، وعلى تقوى وورع وخوف من الله؛ لأن «حب الظهور يقصم الضهور»، والمتخصص هو المسئول وحده عن الفتوى. وتابع «الأطرش»: لو أن الاعلام وجد فتوى شاذة لا يجب أن يخرجها للنور، وعليه أن يقوم بعرضها على المختصين مثل البحوث الإسلامية كمرجعية رئيسية ولجنة الفتوى بالأزهر الشريف، وإن كانت صحيحة أظهرها وإن كانت غير ذلك دفنها فى مكانها. ومن جانبها، قالت الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، إن الفتوى مسئولية دار الافتاء؛ لأنها المؤسسة المكلفة من الأزهر الشريف وصاحبة الحق الرسمى والقانونى فى إصدار الفتاوى. وأضافت «وعليها – غربلة – ما يطرح من فتاوى شاذة والرد عليها واستدعاء من يقولها على العامة وهذه حقها واختصاصها الأصيل وعليها المتابعة لكل ما هو صغير وكبير للرد عليه, فضلاً عن قيامها بتغطية مساحة الأسئلة الخاصة بالمصالح المختلفة. واستكملت «نصير»: وهنا يأتى دور اللجنة الدينية بالبرلمان، وضرورة معرفة خطواتهم للرد على هذه النقطة الشائكة باعتبارها المسئولة والمناط بها التعاون مع دار الإفتاء فى متابعه مسئوليتها. وأوضحت الدكتورة مهجة غالب، عضو اللجنة الدينية بالبرلمان، أن هناك قانوناً باللجنة قدمه الدكتور عمر حمروش، خاصاً بتنظيم الفتوى، ولكنه لم يخرج للنور حتى الآن، ونحن فى انتظار دور الانعقاد الثانى لاستكمال إجراءاته. وأشارت إلى أن المفتى له شروط لا بد أن تتوافر فيه، وأن يكون متخصصاً، وهو ما سيحدده القانون, ووصفت انتقال الفتاوى الشاذة من السلفيين إلى الأزهريين بأنها «مصيبة» لا بد من مواجهتها لعدم فقدان ثقة العامة فى المؤسسة الدينية.