عائشة الشنا: المجتمع يترك الجانى ويتهم المرأة بأنها مصدر الإغواء سمية عيضنا: إسقاط العقوبة عن المغتصب إذا تزوج الضحية ظلم للفتاة
لم تنجح القوانين المتتالية فى إيقاف حالات التحرش الجنسى فى المجتمع المغربى، وكشفت وزيرة المرأة والتضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية السابقة، بسيمة الحقاوي، عن أن نتائج التقرير السنوى الأول للمرصد الوطنى للعنف ضد النساء، تبين أن حالات التحرش وبالأحرى "الاعتداءات الجسدية والجنسية ضد المرأة فى الأماكن العمومية تسجل نسبا مرتفعة مقارنة بتلك الممارسة داخل بيت الزوجية أو فى أماكن العمل"، وأشارت فى السياق ذاته إلى أن عدد حالات العنف ضد النساء المسجلة لدى مختلف المصالح الأمنية وصلت إلى 15865 سنة 2014، من بينها 14408 حالات عنف جسدي، 53.7 % منها فى الأماكن العامة و1457 حالة عنف جنسي، 66.4 % منها وقعت فى أماكن عامة، هناك إحصائية تشير إلى أن أكثر من 800 ألف مغربية تعرضن للتحرش الجنسى خلال عام. كما كشفت دراسة أعدتها هيئة حكومية فى المغرب أن 827 ألف امرأة مغربية تتراوح أعمارهن بين 18 و64 عاما، تعرضن مرة واحدة على الأقل خلال ال12 شهرا الماضية لسلوك «التحرش الجنسي». وقد طرح المغرب مشروع قانون بحبس المتحرش من شهرين إلى عامين، وبغرامة مالية تتراوح بين 1000 درهم و3000 درهم، لكن الحكومة تحفظت على مشروع هذا القانون ولم يتم إقراره حتى الآن. ومنذ بضعة أسابيع أثار شريط مصور قصير يوثق لتعرض شابة للتحرش فى أحد شوارع مدينة طنجة شمال المغرب، موجة استياء وغضب عارمين، على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، حيث يظهر الفيديو شابة وهى تعبر الطريق بينما يلاحقها عدد كبير من الشباب الذين عرقلوا حركة سيرها وهم يصيحون ويصفرون. ولا تعتبر هذه الواقعة هى الأولى من نوعها للتحرش الذى تتعرض له النساء فى أماكن عامة بالمغرب، إذ سبق أن انتشر قبل نحو سنتين فيديو مماثل يوثق لواقعة تعرض سيدة للتحرش من قبل مجموعة من الأشخاص الذين كانوا يلاحقونها ويحاولون لمسها غير آبهين بصراخ الطفلة التى كانت تحملها بين يديها. أيضا يتذكر كثيرون واقعة التحرش بشابتين فى إنزكان، واللتين حظيتا بتضامن واسع إثر متابعتهما بتهمة "الإخلال العلنى بالحياء"، وهى التهمة التى تمت تبرئتهما منها لاحقا.
جمعيات نسائية عائشة الشنا رئيس جمعية التضامن النسوى والحاصلة على ميدالية اليزابيث نورمان الألمانية لعام 2005، تقول: نحن نعانى من مشكلة حقيقية وهي حالات التحرش، وبمعنى أدق حالات الاغتصاب المتزايدة يوميا، وهى المشكلة التى فتحنا بها مجالات الحوار حتى لا ندفن رؤوسنا فى الرمال مثل باقى الدول العربية، وأذكر أنه فى عام 2001 استقبلنا الملك محمد السادس فى مكتبه وناقشناه مطالبين بالتغيير، لكنه قال إنه ليس بإمكانه التغيير بمفرده، لأن الفتيات عندما يتعرضن لمثل تلك الحوادث، يفضلن الصمت لأن القاضى أو الضابط يتهم غالبا للفتاة التى تقوم بالإبلاغ عن حالة تحرش أو اغتصاب، بأنها هى التى أغرت المتهم ودفعته لذلك. وأذكر أن فتاة اغتصبت من قبل ثلاثة أشخاص ونتج عن هذا الاغتصاب حمل، ومع ذلك لم تجهض نفسها ولم تبلغ الشرطة حتى لا تلقى أجهزة التحقيق بالمسئولية عليها .
ظلم قانونى للضحية أما سمية عيضنا المساعدة الاجتماعية فى جمعية التضامن النسوى فتقول: ربما نعانى فى مجتمعنا المغربى من التحرش بكل أنواعه بدءا من التحرش اللفظى وحتى الاغتصاب لاسيما فى أن أشد عقوبة يطبقها المجتمع المغربى على المغتصب هى السجن من عامين إلى ثلاثة أعوام، برغم أن الاغتصاب من أشد الأفعال الإجرامية التى ترتكب فى حق الفتاة، ومع هذا لا يحق للفتاة الاعتراض منعا لجلب العار، فتفضل الفتاة الصمت، خصوصا فى حالة فض غشاء البكارة لذلك مادة القانون رقم 475 والتى تنص على سقوط العقوبة عن المغتصب فى حالة قبوله للزواج من ضحيته هى الأكثر شيوعا فى المجتمع المغربى، ومن هنا لدينا عبء وهم ثقيلان لما ينتج عن هذا الاغتصاب من فئة كبيرة يعرفها المجتمع وهى الأمهات العازبات. وللأسف المادة التى سبق أن ذكرتها من القانون لا تراعى إلا أسرة الفتاة المغتصبة فقط ولا تفكر فى الفتاة نفسها والعنف الذى تتعرض له أثناء عملية الاغتصاب أو مصير الأطفال الناتجين عنه بعد ذلك.
أسرى المفاهيم من جانبها تؤكد رجاء المسكورى المساعدة الاجتماعية بإحدى المنظمات النسائية: المغرب برغم انفتاحه على الدول الأوروبية المجاورة، فإنه لا يزال يحتفظ بثقافته التقليدية، لأنه فى النهاية مجتمع قائم على شريعة إسلامية لذلك لدينا جهات لا تتهاون أبدا فى تطبيق العادات والتقاليد الصارمة خصوصا فى التعامل مع المرأة . وهنا التحرش ومن ثم الاغتصاب يتم فى أشكال كثيرة ، فهناك أيضا ضحايا الخطبة والوعود بالزواج وزنا واغتصاب المحارم، وهناك زواج الفاتحة وهو الزواج غير الموثق، وللأسف هناك كثير من الجهات فى المغرب تتبعه حتى الآن، وهو الزواج من دون عقد فقط إبرام الأسرة لاتفاق بينها وبين المتقدم للزواج على أن يتم الزواج، وعند وقوع خلافات تكون الكارثة.