تعتبر مصر واحدة من أكثر الدول الجاذبة للاستثمارت العربية، ويعود ذلك لأسباب بعضها يرجع لتمتع السوق المصرى بتنوع المجالات الاستثمارية، وأخرى إلى رغبة المستثمرين العرب فى الارتباط بالقاهرة، لذا تعتبر الاستثمارات العربية أحد المستهدفات المهمة للاقتصاد فى الوقت الراهن، ونتيجة لتحركات المسئولين فقد شهدت نموا ملحوظا خلال الفترة الماضية، حيث أظهر تقرير للبنك المركزى، أن حجم الاستثمارات العربية فى مصر خلال النصف الأول من عام 2016 2017- المنتهى فى ديسمبر الماضى نحو 1.8 مليار دولار ووفقا للبيانات الصادرة عن وزارة الاستثمار فإن إجمالى استثمارات الدول العربية فى البلاد، سجلت ما قيمته نحو 24 مليار دولار، أى ما يوازى 430 مليار جنيه. تعد السعودية أكبر مستثمر عربى بمصر بنسبة 27 %، ثم دولة الإمارات، ثم الكويت، وجاءت مملكة البحرين فى المركز الرابع بمساهمات بلغت مليار دولار تشكل نسبة 4.8 % من إجمالى قيمة المساهمات العربية فى المشاريع الاستثمارية فى مصر. السعودية
تعتبر المملكة العربية السعودية أكبر دولة عربية مستثمرة فى مصر، حيث بلغت قيمة الاستثمارات فى المشروعات المقامة فى القاهرة نحو 6.1 مليار دولار ذلك وفقا لما أعلنته وزارة الصناعة والتجارة، ووصل حجم استثمارات المملكة المختلفة إلى 27 مليار جنيه تتركز فى عدد من القطاعات الصناعية والخدمية والمقاولات والإسكان والزراعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والسياحة والنقل والمواصلات، من جانبها توقعت وزارة الاستثمار أن ترتفع حزمة الاستثمارات التى أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من 30 مليار جنيه إلى أكثر من 60 مليار جنيه، وذلك بعد أن أبدى المستثمرون السعوديون رغبتهم فى إقامة عدد من المشاريع الاقتصادية.
كما كشفت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أن حجم الاستثمارات الإماراتية فى مصر يبلغ نحو ستة مليارات دولار وترتبط الإمارات ومصر باتفاقيات تصل إلى أكثر من 18 اتفاقية مشتركة تنظم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، ومن أبرز هذه الاتفاقيات اتفاقية التبادل التجارى والتعاون الاقتصادى والفنى وتشجيع الاستثمار واتفاقية تجنب الازدواج الضريبى على الدخل ومنع التهرب المالى بين البلدين واتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار بين البلدين.
وتحتل الإمارات المرتبة الرابعة ضمن قائمة الدول العربية المستوردة للمنتجات الغذائية المصرية بقيمة 120 مليون دولار.
وقدرت الهيئة إجمالى حجم الاستثمارات الكويتية فى مصر بنحو 3.3 مليار دولار، وبلغ عدد الشركات الكويتية سواء فى استثمار داخلى أو مناطق حرة أو طبقا للقانون 159 ، 1099 شركة وتحتل الاستثمارات الكويتية فى مصر المرتبة الثالثة عربيا بنحو 15 مليار دولار أمريكي، مع إضافة استثمارات النفط والغاز، ويعد القطاع العقارى من أهم القطاعات التى بها استثمارت كويتية.
بينما تحتل مملكة البحرين المرتبة رقم 14 فى قائمة الدول المستثمرة فى مصر على مستوى العالم، حيث بلغت الاستثمارات حتى نهاية عام 2016 (2.7 مليار دولار)، ووصل عدد الشركات المستثمرة بمساهمات بحرينية 183 شركة، وبلغ حجم التبادل التجارى 160.35 مليون دولار جاءت المواد الغذائية ومستحضرات التجميل والأثاث والقطن والسيراميك والحديد والآلات والمعدات على رأس قائمة الصادرات المصرية إلى البحرين.
وتحتل قطر المركز التاسع بين الدول المستثمرة فى مصر بعدد 210 شركة وذلك وفقا لما كشفه تقرير للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة. وبحسب التقرير فإن إجمالى استثمارات الشركات القطرية يبلغ 1.105 مليار دولار، وذلك عن الفترة من 1970 حتى أوائل 2017.
كشفت بيانات هيئة الاستثمار أن حجم الاستثمارات الأردنية فى مصر تبلغ نحو 530,33 مليون دولار، فى 1614 شركة، وتتركز هذه الاستثمارات فى قطاع الصناعة بنسبة 57 %، والخدمات بنسبة 13 %، والقطاع التمويلى بنسبة 9 %.
اليمن
وبرغم الحرب الدائرة فى اليمن بين التحالف العربى “عاصفة الحزم” ضد مليشيات جماعة الحوثي، والخسائر الاقتصادية التى وقعت جراء ذلك فإن هناك بارقة أمل فى إعادة الاستثمارت المصرية اليمنينة إلى سابق عهدها حيث إنها وطبقا لآخر البيانات الصادرة عام 2010 بلغت نحو 5 مليارات دولار وتضم 217 شركة فى قطاعات السياحة والزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والإنشاءات. وتجاوز التبادل التجارى بين مصر واليمن 300 مليون دولار.
تشكل الاستثمارات العمانية جزءا مهما من الاستثمارات الخليجية والعربية فى مصر، حيث بينت آخر الإحصائيات أن صادرات سلطنة عمان للسوق المصرى تبلغ نحو 16.8 مليون ريال عماني، فى حين تصل الواردات 48 مليون ريال بنهاية عام 2016 وحاليا تجرى العديد من اللقاءات الثنائية بين رجال أعمال مصريين وعمانيين، تجسد هذه اللقاءات رغبة الحكومة العُمانية فى استثمار علاقاتها المتميزة مع مصر فى تنشيط الجانب الاقتصادى منها.
أما العراق تحتل جمهورية، المرتبة 25 عالميا من حيث الدول المستثمرة فى مصر وذلك بإجمالى مساهمات فى رأس المال المصدر بنحو 490 مليون دولار أمريكي، خلال الفترة ما بين 1970 حتى يناير 2017 وفقا لبيان أصدرته الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
وتبلغ عدد الشركات العراقية العاملة فى مصر، نحو 3319 شركة موزعة على جمبع أنحاء محافظات البلاد، وتحتل الاستثمارات الصناعية المرتبة الأولى وتمثل نسبة 25 % من إجمالى الاستثمارات العراقية فى مصر.
بينما وصل حجم الاستثمارات التجارية الجزائرية فى مصر إلى أكثر من مليار دولار، فى حين أن حجم الاستثمارات المصرية فى الجزائر يقدر ب3 مليارات دولار. وذكرت البيانات التى تضمنها التقرير الصادر عن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة حول الأموال الجزائرية فى مصر فى الفترة من يناير عام 1970 حتى نهاية شهر أكتوبر الماضى، أن القطاعات التى يستثمر فيها الجزائريون فى مصر هى السياحة، والصناعة والإنشاءات الخدمية والزراعية والاتصالات.
المغرب
ذكر تقرير جهاز التمثيل التجارى الصادر نهاية العام الماضى بين البلدين بأن حجم الاستثمارات المغربية فى مصر يبلغ 79.42 مليون دولار بعدد شركات يصل إلى 152، حيث إن المغرب يحتل المرتبة 40 بين الدول المستثمرة فى مصر، ويتركز أغلب مساهمات الرباط فى قطاع الصناعة.
الاستثمارات المشتركة بين البلدين مستقرة منذ سنوات عند معدلاتها التى تعتبر ضعيفة مقارنة بما يجب أن يكون بين البلدين، حيث تصل الاستثمارات التونسية فى مصر إلى 36 مليون دولار ، تتركز فى أنشطة خدمات بترولية وسياحة وبرمجيات.
السودان
يبلغ حجم الاستثمارات السودانية فى مصر نحو 99 مليون دولار، وفقا لتقديرات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، حيث تعمل فى مصر 323 شركة سودانية على الأراضى المصرية. ويحتل القطاع الصناعى المقدمة باستثمارات تقدر ب50.4 مليون دولار و73 شركة، ويحتل النشاط التمويلى المرتبة الثانية ب7شركات واستثمارات تقدر ب21.3 مليون دولار. وحول ضرورة وجود الاستثمارات العربية فى مصر أكدت أحلام جناحى سيدة الأعمال البحرينية أن العلاقات بين مصر والبحرين تشمل جميع أوجه النشاطات التجارية والاستثمارية والتنموية والسياحية، وتشهد حركة التبادل التجارى بين البلدين نمواً متزايداً، حيث بلغ حجم التجارة البينية أكثر من 100 مليون دولار، وبلغت الصادرات المصرية للبحرين 18 مليون دولار ، وما زالت الجهود مستمرة على الجانبين لزيادة تلك الأرقام بما يتماشى مع مستوى العلاقات بين البلدين الشقيقين، المتبادل.
وبينت سيدة الأعمال المغربية زليخة غلاب أن مصر من أكثر الدول العربية الجاذبة للاستثمار، وذلك نظرا للتنوع التجارى الذى تحظى به، هذا فضلا عن أنها سوق كبيرة تتمتع بشعبية لدى العديد من المستثمرين فى مختلف الدول العربية، كما أن هناك دعوة ورغبة لدى الحكومة المصرية للدفع بعجلة الاستثمار خطوات للأمام، لكن الأمر يحتاج إلى بعض الاهتمام أكثر بالترويج الخارجى. ولا يبتعد حسن أبو هزاع رئيس الاتحاد العربى للتطوع عن هذه الرؤية، مؤكدا أن التنوع الاستثمارى فى مصر لعب دورا كبيرا فى جذب الكثير من الاستثمارت العربية، هذا فضلا عما تمثله مصر من أهمية كبيرة لدى المستثمرين العرب والشعوب على وجه السواء.
وقال إن قانون الاستثمار الجديد الذى أقرته الحكومة المصرية سيلعب دورا كبيرا فى زيادة حجم الاستثمارت العربية، لكن الأمر يحتاج إلى بعض الدعاية مع الحرص على إقامة عدد من المؤتمرات الترويجية لتحديد أوجه الاستثمار التى يحتاجها السوق المصرى حتى نكون أكثر دراية وتوعية.
من جانبة أوضح الدكتور محمد يوسف الخبير الاقتصادى وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والإحصاء بهيئة الاستثمار، أن الدول العربية تحتل مكانة متقدمة فى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر لمصر، حيث إنها وصلت وفق بيانات البنك المركزى للمرتبة الثانية فى الدول المصدرة لرؤوس الأموال بعد دول الاتحاد الأوروبي. مشيرا إلى أنه على الرغم من هذه المكانة المتميزة فإن هناك بعض الملاحظات على الاستثمارات العربية أولاها، أن حصة التدفقات الاستثمارية إذا نسبت لقيمة إجمالى استثماراتها فى العالم تصبح زهيدة. ذلك أن صناديق الثروة السيادية العربية (والخليجية تحديداً) تشكل نسبة معتبرة من التدفقات الاستثمارية عبر العالم ثانيتها، التوطن القطاعى للاستثمارات الأجنبية المباشرة عربية المصدر لا تتميز بقيمتها المضافة المرتفعة.
وأضاف أنه لكى تزيد مساهمة تلك الاستثمارات فى التنمية الاقتصادية المصرية، فإن خطة الاستثمار الأجنبى التى تتبناها الحكومة يتعين عليها الترويج الكفء لفرص الاستثمار الملائمة للنمو الاقتصادى من جانب، والاهتمام بمستثمرى الدول العربية ولصناديقها السيادية من جانب آخر. فمثلاً قطاع الصناعات الزراعية والغذائية وقطاع الأمن الغذائى تعتبر من القطاعات التى تتوافر فيها درجة عالية من الملاءمة السابقة، مع تقديم مزايا تفضبلية إضافية للمستثمرين العرب فى القطاعات الاقتصادية مرتفعة القيمة المضافة، وتفعيل التسهيلات المخطط لها.