تعكس استراتيجية مصر للتنمية المستدامة (رؤية مصر 2030 ) الملامح الرئيسية لمصر الجديدة خلال ال15 عاما المقبلة بتحديد أهداف كمية واضحة في أن تصبح مصر من أفضل 30 دولة على مستوى العالم من حيث حجم الاقتصاد وتنافسية الأسواق ومكافحة الفساد والتنمية البشرية. وبموجب تلك الاستراتيجية ستنطلق مصر نحو البناء والتنمية والارتقاء بجودة حياة المصريين ومواجهة التحديات ، حيث ترسم ملامح مصر جديدة ذات اقتصاد تنافسي متوازن ومتنوع يعتمد على الابتكار والمعرفة، مصر القائمة على العدالة والاندماج الاجتماعي والمشاركة ، مصر ذات النظام البيئي المتوازن والمتنوع التي تستثمر عبقرية المكان والإنسان لتحقق التنمية المستدامة. اثنا عشر محورا رئيسيا هي أركان وأبعاد تلك الاستراتيجية التي تمثل خطة عمل أساسية في مسيرة التنمية الشاملة ، وتشمل محاور التعليم، والابتكار والمعرفة والبحث العلمي، والعدالة الاجتماعية، والشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية، والتنمية الاقتصادية، والتنمية العمرانية، والطاقة، والثقافة ، والبيئة، والسياسة الداخلية، والأمن القومي والسياسة الخارجية والصحة. ويرتبط نجاح الاستراتيجية في تحقيق أهدافها بتبني المجتمع بكل فئاته للسياسات والبرامج والمبادرات اليى تتضمنها هذه الاستراتيجية ، وإيمانه بأنها قادرة على تحقيق آماله وطموحاته ، ويؤكد خبراء الاقتصاد أهمية تعظيم التمويل الذاتي لعملية التنمية المستدامة خلال تنفيذ تلك الرؤية المستقبلية ، ودفع القطاع الخاص للمساهمة بفاعلية فيها وتشجيع المواطنين على المساهمة في عملية التنمية من خلال اقتصاد المشاركة، أو تحفيز التعاونيات للقيام بدورها في عملية التنمية الرئيسية. وعلى الصعيد الاقتصادي .. شملت الملامح العامة لخطة التنمية المستدامة 2030 عددا من الاستراتيجيات العامة منها خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالى في حدود 50 % والمحافظة على استقرار مستوى الأسعار بحيث لا يزيد معدل التضخم من 3 إلى 5 % وتوفير فرص عمل لائقة وخفض معدلات البطالة لتصل إلى 5 % بحلول عام 2030 ومضاعفة معدلات الإنتاج والوصول بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلي مصاف الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع. وعلى صعيد محور الشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية .. تشمل الرؤية الانتهاء من جمع بيانات خريطة مصر التنموية على نظام معلومات جغرافي في كافة القطاعات والانتهاء من وتنفيذ آلية مشاركة المحليات والمواطنين والعمل على خفض الشكاوي بنسبة 15 % والعمل على تقدم ترتيب مصر ضمن أفضل 30 دولة في مجال كفاءة المؤسسات ، والنهوض بالمؤسسات الحكومية وتقديم خدمات مميزة مرتفعة الجودة باستخدام الأساليب التكنولوجية والوصول إلى 100 % (شيكات ومدفوعات الكترونية)بحلول 2020 وزيادة عدد الخدمات المقدمة من القنوات الجديدة لتصبح كافة الخدمات مقدمة إلكترونيا ووضع نظام رقابي حكومي محكم بوضوح وشفافية عبر صدور قانون تنظيم الإفصاح وتداول المعلومات وخلق آلية لتلقى آراء المواطنين على ما تقوم به الحكومة. وفي مجال التعليم .. تضمنت الخطة العمل على إتاحة التعليم لكل طفل في مصر في إطار متوسط الزيادة السكانية المتوقع بمعدل 2 مليون طفل في السنة بحيث يصل معدل الاستيعاب الصافي 100% ونسبة القيد الصافي بالتعليم الأساسي 98% ، وإعادة هيكلة وصياغة التعليم قبل الجامعي وتحسين القدرة التنافسية لمنظومة التعليم المصرية عبر تصنيفها كأفضل 30 دولة في مؤشر جودة التعليم الأساسي WEF، ومن أفضل 30 دولة في مؤشر جودة النظام التعليمي ومن أفضل 20 دولة في إتاحة التعليم الأساسي والعمل علي محو الأمية الهجائية والرقمية لتصل إلي الصفر الافتراضي. ويشتمل محور الصحة في الاستراتيجية على 6 أهداف من أهمها : تمديد سنوات الحياة الصحية بحيث يمكن للجميع التمتع بحالة من الرفاهية البدنية والعقلية والاجتماعية حتى سن 79 ، خفض معدل وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة والرضع والعمل على إنهاء جميع أشكال سوء التغذية في مصر وتلبية الاحتياجات الغذائية للفئات الأكثر تعرضا للمخاطر خاصة فيما يتعلق بالتقزم والهزال بين الأطفال اقل من خمس سنوات. كما تشمل الوصول بالإنفاق الحكومي على الصحة إلى 5% من إجمالي الناتج المحلي ، وتطوير برامج الصحة العامة من خلال خفض انتشار التهاب الكبد إلى أقل من 1% بين الأطفال حديثي الولادة، وخفض انتشار التهاب الكبد سي إلى 1% من السكان، وخفض ثلث الوفيات المبكرة التي تنتج عن أمراض القلب والسرطان والسكري وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة فضلا عن العمل علي الحد من انتشار مرض ارتفاع ضغط الدم بنسبة 25%، وخفض معدات التدخين بين الأشخاص من سن 15 فأكثر إلى اقل من 20%، والقضاء نهائيا على ظاهرة الإدمان. ويتضمن محور الثقافة 6 أهداف لتطويرها منها بناء منظومة معلوماتية دقيقة وشاملة عن الواقع الثقافي المصري الراهن من خلال صدور مؤشر سنوي للحرية الثقافية يعكس مدى احترام المجتمع وسماحه للحرية في الاعتقاد والتفكير والتعبير وصدور مؤشر سنوي للتمكين الإبداعي يعكس بيانات واضحة عن معدلات و نسب تشجيع المجتمع للجميع للتعبير بطريقة مبتكرة. كما يتضمن التأكيد على اكتشاف الموهوبين وزيادة عدد مراكز التميز التي تستوعبهم ، وزيادة عدد المكتبات العامة ونوادي المعلومات بالمدن والقرى والأحياء بحيث يتوفر بحلول عام 2030 مكتبة عامة ونادي معلومات واحد على الأقل بكل قرية ، وزيادة عدد دور العرض السينمائي للتناسب مع عدد السكان بواقع دار عرض لكل 10 آلاف مواطن. وتؤكد الاستراتيجية في مجال محور التنمية العمرانية على ضرورة وضع خريطة قوية تجسد رؤية قومية مستقبلية لمصر تتبناها الدولة ، ووضع تشريع عمراني لمصر بنهاية عام 2015 وإنشاء مفوضية تتبع رئاسة الجمهورية ومجلس النواب لمتابعة تحقيق الخريطة العمرانية الجديدة ووضع رؤية إقليمية ومحلية لكل إقليم ومدينة مرتبطة بالرؤية القومية تسعى لتنمية المناطق العمرانية القائمة وإنهاء جميع المخططات العمرانية واستعمالات الأراضي لجميع الأقاليم والمحافظات والمدن والمناطق الاستثمارية الخاصة. كما يتضمن المحور إعادة تقسيم الأقاليم والمحافظات لتتناسب مع الرؤية المستقبلية والعمل على مضاعفة المساحة العمرانية من خلال زيادة مساحة العمران في مصر بحوالي 5% من مساحتها الكلية حتى عام 2030 والبيانات الديموجرافية في سياسة التنمية العمرانية ، وإعادة توزيع السكان على مساحة الأرض من خلال تحديد مناطق التنمية علي خريطة عمرانية في إطار رؤية قومية مرنة حتى نهاية عام 2015 ، وكذلك الوصول إلى حلول جذرية لتنمية المناطق العشوائية الصالحة للتنمية عبر إنشاء 7.5 مليون وحدة سكنية نهاية 2030 بواسطة القطاع الحكومي والخاص والتعاون الأهلي والتأكيد علي حل مشكلة العشوائيات بصفة نهائية عام 2030. ونصت الاستراتيجية في محور السياسة الداخلية على العمل على ترسيخ سيادة القانون عبر إنشاء مفوضية عليا للعدالة الانتقالية من ممثلين لقطاعات قضائية وسياسية وتنفيذية ومجتمع مدني تعكف علي تطبيق المراحل المختلفة للعدالة من ملاحقة قضائية وجبر الضرر وإصلاح المؤسسات ولجان الحقيقة، وكذلك إقرار وتطبيق قانون استقلال القضاء. كما نصت على إقرار مبادئ حقوق الإنسان من خلال إصدار قانون موحد لدور العبادة وتمكين الشباب والمرأة وباقي الفئات المهمشة سياسيا وسن تشريعات للمظاهرات و التجمعات بعد حوار مجتمعي جاد ومتعمق وفي ظل خبرات مقارنة والالتزام بنصوص الدستور المصري وبما ورد في العهدين الدوليين الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والمدنية بالإضافة إلي إنشاء آلية لمكافحة التميز بأشكاله المختلفة. ونصت كذلك على دعم اللامركزية وتمكين المجتمع المحلي في صنع واتخاذ القرار من خلال إقرار وتطبيق قانون الحكم المحلي بما يمكن الوحدات المحلية من إدارة لا مركزية لمجتمعاتها المحلية في إطار المساءلة والشفافية..وإقرار قانون جديد للمجتمع المدني والجمعيات الأهلية يحررها من قيود الجهاز التنفيذي ولا يجعل سلطان عليها سوي للقضاء.