وزراء الخارجية العرب يوجهون ضربة قوية لأحلام “الكيان” للوصول إلى مقعد غير دائم فى مجلس الأمن المالكى : لا أفكار جديدة بشأن المبادرة ضمن رؤية إقليمية ومن يروج لذلك سيصاب بخيبة أمل
على الرغم من هيمنة الأزمات المشتعلة فى المنطقة على جدول أعمال العرب، بداية من سوريا مرورا بليبيا وصولا إلى اليمن والعراق إلى حد ما، التى تتقاطع جميعا مع الإرهاب الذى أضحى عنوان المرحلة، فإن القضية الفلسطينية ستتصدر أولويات القمة العربية، التى ستعقد بمنطقة البحر البيت فى التاسع والعشرين من مارس الجارى، بينما تبدأ اجتماعاتها التحضيرية يوم الأربعاء المقبل ( 23مارس ) لمدة ستة أيام على مستوى كبار المسئولين والمندوبين الدائمين، ثم على المستوى الوزارى، وذلك وفقا لما أكده عبد القادر مساهل وزير الشئون المغاربية وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقى الجزائرى رئيس الدورة ال147 لمجلس الجامعة العربية، التى عقدت أخيرا على مستوى وزراء الخارجية، الذين لم تخل مداخلاتهم من التأكيد على المعنى ذاته، فعندما سئل مساهل فى المؤتمر الصحفى المشترك، الذى عقده مع أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية عقب اختتام الاجتماع، حول ما تم اتخاذه من مواقف على صعيد القضية الفلسطينية، أوضح أن وزراء الخارجية ناقشوا هذه القضية بحسبانها القضية المركزية العربية، التى ستكون القضية الرئيسية فى قمة الأردن فى ضوء الاتفاق الذى تم بينهم، على أن تعطى الأولوية لدعم الدور العربى فى التعامل مع قضايا وأزمات المنطقة . وبعيدا عن المواقف التقليدية، التى تكاد تكون معروفة مسبقا فيما يتصل بهذه القضية، فإن الأمر المهم الذى خرج به وزراء الخارجية العرب، هو رفض إجراء أى تعديلات على بنود المبادرة العربية للسلام التى أقرتها قمة بيروت فى العام 2002، وهو الموقف الذى سيؤكده القادة العرب بدورهم فى قمة البحر الميت، ما شكل - وسيشكل بالضرورة -ردا شديد الوضوح على محاولات بنيامين نيتانياهو رئيس وزراء الكيان الصهيونى، أو بالأحرى ضغوطه لإحداث تعديلات فى هذه المبادرة، تتسق مع مشروعه الاستيطانى الاستعمارى فى فلسطين بالذات فى الضفة الغربيةوالقدسالمحتلة، ضمن مسعى لبلورة مسار إقليمى للسلام بديلا عن المسار الدولى أو حتى الثنائى، يضم -وفق ما يتطلع إليه مدعوما من إدارة الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب -تحالفا مع دول عربية يصفها بالمعتدلة أو السنية -إن شئنا الدقة - لا يركز على حل القضية الفلسطينية، وإنما يتوجه بشكل أساسى إلى مواجهة تمدد الخطر الإيرانى فى المنطقة العربية، وريثما ينتهى هذا الخطر سيكون بالإمكان التوجه للقضية الفلسطينية التى يمكن التعامل معها على أساس حل الدولة الواحدة - أى الدولة اليهودية الواحدة - وليس حسب مبدأ حل الدولتين المقر من قبل الشرعية الدولية التى تستند اليها مبادرة السلام العربية. وفى هذا السياق فقد سألت “الأهرام العربى” أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية عن موقف النظام الإقليمى العربى من محاولات أو ضغوط نيتانياهو بشأن تعديل مبادرة السلم؟ فعلق مشددا على تمسك الدول العربية بحل الدولتين ورفض أى محاولات للالتفاف عنه، فضلا عن التمسك بالمبادرة العربية المطروحة منذ العام 2002 دون أى تعديل فى بنوده. وعندما عاودت الأهرام العربى السؤال حول قراءته لموقف إدارة الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب من حل الدولتين خلال المؤتمر الصحفى مع بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى بواشنطن أخيرا قال أبو الغيط: يتعين أن ننتظر بعض الوقت لكى تصوغ هذه الإدارة مواقفها، لأن الحديث فى مؤتمر صحفى ربما لا يمثل المواقف النهائية، مشيرا فى هذا السياق إلى أن هناك تصريحا مكتوبا أعلنته المندوبة الأمريكية لدى الأممالمتحدة، يتضمن التمسك بحل الدولتين وهو يرد فى العادة من قبل وزارة الخارجية بواشنطن ثم طلب أبو الغيط من مندوب الأهرام العربى أن يعود لمضمون كلمته التى ألقاها أمام وزراء الخارجية فى الجلسة الافتتاحية لدورتهم ال147، الذى تضمن التشديد على عدة محاور أهمها: أولا: إن القضية الفلسطينية ستظل فى مكانها فى قلب الهموم العربية، لاسيما أنه لم يعد خافيا أن الفلسطينيين والعرب لم يعد لديهم شريكٌ على الطرف الآخر، بسبب أن الحكومة الإسرائيلية، أصبحت أسيرة بالكامل لتيارات اليمين المتطرف وجماعات الاستيطان، وهدفها المُعلن هو تقويض حل الدولتين عبر فرض أمر واقع استيطانى خارج عن الشرعية والقانون يحول دون إقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة، المتواصلة الأطراف على حدود 1967. ثانيا: التمسك بصيغة الدولتين كحل وحيد للقضية الفلسطينية، وبالمبادرة العربية كخارطة طريق للوصول إلى سلام شامل فى المنطقة، فالالتفاف على حل الدولتين مضيعة للوقت، وأى محاولات العبث بالمبادرة العربية أو تبديل أولوياتها ليست مقبولة عربياً، ولن تمُر فى ظل تصاعد الإجماع الدولى المؤيد لحل الدولتين والرافض لسياسات الاستيطان. ثالثا : إن الجانب العربى بات يتعين عليه السعى من أجل البناء على هذا الإجماع، وكسب المزيد من المواقف الدولية المؤيدة والمساندة، فى ظل قدر من الأمل فى أن يكون موقف الإدارة الأمريكية الجديدة بما أعلنته من رغبة صادقة فى مساعدة الطرفين فى الوصول إلى حل للصراع، مُنسجماً مع هذا الإجماع الدولى وداعماً له. وفى هذا الصدد فإن وزير الخارجية الفلسطينى رياض المالكى، قدم فى الجلسة المغلقة لوزراء الخارجية العرب تقريرا عما يجرى على الأرض، موضحا أن إسرائيل مازالت تخالف وبكل صلف كل القرارات والتوجهات الدولية التى تدعو إلى إنهاء الاحتلال، والشعب الفلسطينى لا يزال يعانى من استمرار الاحتلال وممارساته القمعية والاحتلالية والاستيطان المستمر، كما أن الحكومة الإسرائيلية ما زالت تعطل التسوية بل وتعمل على تقويض الحل السياسى من خلال إجراءاتها المستمرة، مشيرا إلى أن قانون التسوية للمستوطنات العشوائية التى كان مرفوضا حتى من قبل دوائر قانونية إسرائيلية بدأ بالفعل تطبيقه على أراضى المواطنين،التى تم الاستيلاء عليها بالقوة من قبل غلاة المستوطنين، فى خطوة لتشريع ضم أراضى الفلسطينيين إلى الدولة الصهيونية رسميا بصورة شاملة أو مراحلية وتبدأ بمستوطنة معالى أدوميم ذات الحساسية العالية، والتى ستعنى عمليا تقسيم الضفة الغربية بين شمالها وجنوبها دون رابط جغرافى وهو ما يعنى – حسب المالكى -استحالة قيام الدولة الفلسطينية المتواصلة جغرافيا، فضلا عن التوجه لضم الأغوار والتى تمثل ما يعادل 40 ٪ من مساحة الضفة الغربية إلى جانب أنه بعد صدور قرار مجلس الأمن الأخير 2334 الداعى إلى وقف الاستيطان زاد عدد الوحدات الاستيطانية التى أعلنت عنها الحكومة الإسرائيلية على 6000 وحدة فى الضفة والقدس. ولفت المالكى إلى القانون الذى أقره الكنسيت الصهيونى أخيرا بمنع رفع الأذان فى مساجد الضفة الغربية وداخل الكيان، فى ظل استمرار الاقتحامات المتواصلة للمسجد الاقصى المبارك وبناء الأنفاق التى تهدد أساسات الحرم القدسى الشريف، والسعى الدائم لتقسيمه مكانيا بعد أن قسم زمانيا، وكل ذلك يزيد من توتر الأوضاع فى المنطقة وتنذر بتطورات جد خطيرة إذا ما أصرت الحكومة الإسرائيلية على الاستمرار بمخطاطاتها. وقد عبر المالكى عن ارتياحه لما أسفرت عنه الدورة ال147 لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فقد أكد - فى تصريحاته للصحفيين - أن من لديه أى شك بأن القضية الفلسطينية لم تعد القضية المحورية والأساسية للدول والأمة العربية سيخيب ظنه، فالمجلس أكد التزامه بمبادرة السلام العربية وفق ما تم إقرارها من قبل القادة العرب فى قمتهم التى عقدت فى بيروت عام 2002. وقال : إننا نعمل حاليا مع كل الدول العربية بما فيها الأمانة العامة للجامعة العربية باتجاه التحضير لقمة ناجحة ونوعية فى نهاية الشهر الجارى فى الأردن، وذلك لكى نعزز من موقف دولة فلسطين ومواجهة كل التحديات التى تواجهها، فنحن نمر بمرحلة صعبة وخطيرة على كل جميع المستويات، وبالتالى فإن القضية الفلسطينية بحاجة إلى تعزيز الصمود والدعم من قبل الأشقاء قبل الحلفاء، حيث إننا حصلنا على جرعة قوية جدا من هذا الدعم فى اجتماع مجلس الجامعة. ونبه الى أن مجلس الجامعة أكد مجددا جميع الثوابت التى طرحتها فلسطين ومن أهمها “ حل الدولتين والمفهوم الذى خرج به مؤتمر باريس فى يناير الماضي، وموضوع الاستيطان وخطورته كما جاء فى قرار مجلس الأمن 2334 العام الماضي، كما ناقش المجلس أيضا خطورة نقل أى بعثة دبلوماسية من تل أبيب إلى القدس، وضرورة أخذ الحيطة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع عملية النقل، كما أكد أهمية القدس كعاصمة لدولة فلسطين، والمخاطر التى تحدق بالقدس من اعتداءات على المسجد الأقصى وتمرير القوانين فى البرلمان الكنيست الإسرائيلى فيما يتعلق بقانون التسوية، وهى مصادرة الأراضى الخاصة الفلسطينية، وقانون منع الأذان، منوها بأن كل هذه القضايا جاءت بكثير من التفاصيل، وتم إقرارها بالإجماع من مجلس الجامعة العربية. وقد وجه وزراء الخارجية العرب ضربة لأحلام الكيان الصهيونى ومحاولته الوصول إلى العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن، وذلك عبر القرار المهم الذى أصدروه بشأن ذلك، مؤكدين فيه رفضهم ترشح الكيان لعضوية مجلس الأمن للمقعد الغير دائم لعامى 2019 - 2020 باعتبارها قوة احتلال، وهو ما يشكل مخالفة لأحكام ميثاق الأممالمتحدة وقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولى، وكذلك فى ضوء استمرار سياساتها المعطلة للسلام والمستمرة فى الاستيطان غير القانونى وإجهاض حل الدولتين.