بعد تأجيل امتحانات أبريل 2025 لصفوف النقل بدمياط بسبب الطقس السيئ.. ما هو الموعد الجديد؟    تعرف على ضوابط عمالة الأطفال وفقا للقانون بعد واقعة طفلة القاهرة    الجيزة تحدد موعد امتحانات الفصل الدراسى الثانى لطلبة الصف الثالث الإعدادى .. اعرف التفاصيل    أسعار الذهب تعاود الارتفاع في بداية تعاملات الإثنين 5 مايو    أسعار الأسماك بكفر الشيخ اليوم.. البوري ب 140 جنيها    ممثل الحكومة عن تعديلات قانون الإيجار القديم: لدينا 26 حكمًا بعدم الدستورية    «المركزي»: صافي الأصول الأجنبية بالقطاع المصرفي تتتخطى ال15 مليار دولار    الرئيس المنغولي يشارك في احتفالات الذكرى الثمانين للنصر في موسكو    "الكابينت" الإسرائيلى يوافق بالإجماع على توسيع الحرب فى غزة    استئناف عدوان الاحتلال على غزة يدخل يومه ال49.. وشهداء بالعشرات    ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومي الأمريكي    الهند: قوات باكستان أطلقت النار بشكل غير مبرر على 8قطاعات بولاية جامو وكشمير    أحمد علي: المنافسة على لقب الدوري اشتعلت بعد خسارة بيراميدز وفوز الأهلي    تفاصيل التعدي على نجل لاعب الأهلي السابق    الأرصاد تحذر: ارتفاع تدريجي في الحرارة يبدأ غدًا وذروة الموجة الحارة السبت المقبل    وفاة طالبة جامعة الزقازيق بعد سقوطها من الطابق الرابع| بيان هام من الجامعة    محافظ الغربية يشيد بالاستجابة السريعة لفرق الطوارئ في مواجهة الأمطار    انتشال جثة ثلاثيني مجهول الهوية بالمنوفية    جامعة القاهرة تشهد حفل ختام مهرجان "إبداع 13" تحت رعاية رئيس الجمهورية    نيكول سابا تكشف عن تغيرات عاطفية طرأت عليها    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    مواعيد مباريات اليوم الإثنين: الزمالك والبنك الأهلي.. ميلان الإيطالي    تشكيل الزمالك المتوقع ضد البنك الأهلي اليوم في الدوري    سوسن بدر ضيف شرف فيلم «السلم والثعبان 2»    إصابة سائق بطلق ناري في مشاجرة بسبب خلافات مالية بسوهاج    انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف بالهاون    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ المشروع السكني "ديارنا" المطروح للحجز حاليا بمدينة بني سويف الجديدة    الطماطم ب 10 جنيهات.. أسعار الخضار والفاكهة في أسواق الشرقية الإثنين 5 مايو 2025    هل يشارك زيزو مع الزمالك في مواجهة البنك الأهلي الليلة؟    قصور الثقافة تواصل عروض المهرجان الختامي لنوادي المسرح 32    لاعب الأهلى حسام عاشور يتهم مدرسا بضرب ابنه فى الهرم    «المصرى اليوم» تحاور المكرمين باحتفالية «عيد العمال»: نصيحتنا للشباب «السعى يجلب النجاح»    الأمم المتحدة ترفض خطة إسرائيلية بشأن المساعدات إلى غزة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الاثنين 5 مايو    المجلس الوزاري الإسرائيلي يوافق على توسيع عملية الجيش في قطاع غزة    زوج شام الذهبي يتحدث عن علاقته بأصالة: «هي أمي التانية.. وبحبها من وأنا طفل»    عمرو دياب يُحيى حفلا ضخما فى دبى وسط الآلاف من الجمهور    أشرف نصار ل ستاد المحور: توقيع محمد فتحي للزمالك؟ إذا أراد الرحيل سنوافق    زي الجاهز للتوفير في الميزانية، طريقة عمل صوص الشوكولاتة    تفاصيل اتفاق ممثل زيزو مع حسين لبيب بشأن العودة إلى الزمالك    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    ادعى الشك في سلوكها.. حبس المتهم بقتل شقيقته في أوسيم    وكيل صحة شمال سيناء يستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد تمهيدًا للتأمين الصحي الشامل    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    مبادرة «أطفالنا خط أحمر» تناشد «القومي للطفولة والأمومة» بالتنسيق والتعاون لإنقاذ الأطفال من هتك أعراضهم    لهذا السبب..ايداع الطفلة "شهد " في دار رعاية بالدقهلية    انتهاء الورشة التدريبية لمدربى كرة القدم فى الشرقية برعاية وزارة الرياضة    قداسة البابا يلتقي مفتي صربيا ويؤكد على الوحدة الوطنية وعلاقات المحبة بين الأديان    مجلس الشيوخ يناقش اقتراح برغبة بشأن تفعيل قانون المسنين    «مكافحة نواقل الأمراض»: عضة الفأر زي الكلب تحتاج إلى مصل السعار (فيديو)    قصر العيني: تنفيذ 52 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    ما هي محظورات الحج للنساء؟.. أمينة الفتوى تجيب    هل يجوز التعاقد على شراء كميات محددة من الأرز والذرة قبل الحصاد؟.. الأزهر للفتوى يجيب    برج الميزان.. حظك اليوم الإثنين 5 مايو: قراراتك هي نجاحك    فرع محو الأمية بالإسماعيلية يفتتح دورة لغة الإشارة بالتنسيق مع جامعة القناة    «في عيدهم».. نائب رئيس سموحة يُكرّم 100 عامل: «العمود الفقري وشركاء التنمية» (صور)    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    مساعد وزير الصحة ووكيل صحة سوهاج يتفقدان مستشفى ساقلته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحت القسم
مصر تتحدث من قلبها

شئ من العاطفة قد يصلح ما أفسدته الخصومات السياسية والفكرية بين أطراف الحوار العام في مصر‏,‏ وهي خصومات وصلت إلي درجة من الاستقطاب, جعلت كل طرف متشبثا بموقفه المعلن, بحيث يستحيل علي العقل وحده أن يصنع التوافق الضروري لعبور هذه المرحلة الانتقالية, فلابد إذن من إفساح المجال لقدر من العاطفة الوطنية التي قد تساعد علي تهدئة الخصومة.
ولا شئ يثير أنبل ما في الإنسان من عواطف أكثر من الشعر والشعراء, خاصة عندما يكون الشاعر قد صار صوت وضمير أمة بأكملها, وفي تاريخنا الحديث اتفق علي أن حافظ إبراهيم كان هذا الرجل, ولذا لقب بشاعر النيل.
فكم عدد الذين يتذكرون من بيننا المناسبة التي جادت فيها قريحة حافظ بقصيدته الخالدة مصر تتحدث عن نفسها, التي تغنت بها أم كلثوم, وكان ولايزال من أشهر أبياتها البيتان اللذان يقول فيهما:
نحن نجتاز موقفا تعثر
الآراء فيه وعثرة الرأي تردي
نظر الله لي فأرشد أبنائي
فشدوا للعلا أي شد
فإلي من يتذكرون ذلك الموقف الذي وصفه شاعر النيل بأنه موقف تعثر الآراء فيه, محذرا من أن أي عثرة في هذا الموقف سوف تردي مصر كلها, وإلي من لايتذكرون هذا الموقف, نقول إنه يشبه من كل الوجوه الموقف الذي تجتازه مصر الآن, فقد ألقيت هذه القصيدة الحافلة بالعواطف الجياشة والآمال العريضة, احتفالا واحتفاء بقيام الائتلاف الوطني لإنقاذ المكتسبات الوطنية لثورة1919 من الضياع, بسبب أزمة اغتيال السردار الانجليزي السير لي ستاك, الذي كان قائدا للجيش المصري وقتها, وكان هذا الحادث قد أدي إلي سلسلة من الكوارث فرضت علي مصر بقوة الاحتلال البريطاني, مما أدي إلي استقالة سعد زغلول زعيم الثورة وحكومته الوفدية, وقيام حكومة أحمد زيوار باشا التي سميت حكومة إنقاذ مايمكن إنقاذه, وتأملوا معي هذا الوصف, وسوف تتفقون معي في النتيجة وهي أن الخطر كان كاسحا, واجتمع حزب الأغلبية( الوفد) والأحزاب الأخري علي رفض هذه الحكومة, كما أنها في الأصل لم تكن حكومة منتخبة, ومن ثم كان لابد من حل البرلمان, وإذا استمر الوضع علي ماهو عليه, فسوف يعني ذلك العودة بالنظام السياسي إلي ما قبل ثورة1919 وصدور دستور1923, المترتب أصلا علي إنهاء الحماية البريطانية. والنتيجة النهائية لذلك كله هي سقوط الحكم النيابي, وعودة السلطة لتتركز في يد القصر الملكي وحكومة من اختياره هو, وبذلك يحرم الشعب مرة أخري من حكم نفسه بنفسه, ويضيع أهم إنجاز لثورة.1919
ولكن الشعب وزعماءه يرون في الوقت نفسه ذ, اب ذ ذ, قد وضع فيتو بلا استئناف او نقض علي عودة سعد لرئاسة الحكومة, مهما يكن الثمن, وأصبح الموقف كالتالي, الشعب والأحزاب يريدون الحكم النيابي, والحكم النيابي معناه عودة سعد زغلول لرئاسة الحكومة, والاحتلال يرفض تلك العودة من حيث المبدأ, ويهدد بإعادة فرض الحماية علي مصر في هذه الحالة, وحكمها حكما مباشرا من لندن.. فماذا فعل المصريون, وجعل حافظ إبراهيم يهتز طربا ويتغني بمصر قائلا:
وقف الخلق ينظرون جميعا..
كيف أبني قواعد المجد وحدي
ماحدث هو أن زعماء الحزبين الكبيرين وقتها تداعوا إلي التوافق أو الائتلاف علي برنامج يضمن عودة الحكم النيابي, ولايعرض استقلال البلادالوليد والمحدود للضياع, ويمحو آثار ثورة1919 التي سالت فيها دماء شهداء الوطنية المصرية أنهارا, وكان ملخص هذا البرنامج أن تجري الانتخابات علي أساس ائتلافي, بحيث يترك حزب الوفد صاحب الأغلبية الكاسحة طوعا نسبة معقولة من المقاعد للأحزاب الأخري, وكانت الوسيلة لتحقيق هذه الغاية هي عدم تقدم مرشحين وفديين لدوائر بعينها حتي لا يزاحموا مرشحي تلك الأحزاب الأخري, وبعد أن ينتخب هذا البرلمان التوافقي تتشكل حكومة ائتلاف, ولا يرأسها سعد زغلول, وإنما يرأسها عدلي يكن أحد مؤسسي حزب الأحرار الدستوريين, في حين يلتزم سعد الذي سوف يرأس مجلس النواب بضمان تأييد الأغلبية البرلمانية لهذه الحكومة الائتلافية, وكان هذا ماحدث حرفيا, واجتازت مصر ذلك الموقف العصيب الذي تعثر الآراء فيه, كما قال شاعرها حافظ إبراهيم, وبلغ من نجاح تلك الصيغة التوافقية أنها لم تسقط حين غضب عدلي من رفض مجلس النواب توجيه الشكر للحكومة في مناسبة معينة, وقرر الاستقالة مع أن الثقة لم تكن قد سحبت منه, فقد اتفق علي الفور أن يخلفه في رئاسة الحكومة عبد الخالق ثروت الحر الدستوري أيضا ويبقي الائتلاف قائما, وكان يمكن لذلك الائتلاف الكبير أن يحقق لمصر الكثير, ويجنبها العثرات التي عطلت تحقيق الاستقلال التام, لولا أن الملك فؤاد بنفسه هو الذي تآمر لتمزيق حكومة الوحدة الوطنية هذه.
السؤال الآن: كيف تشبه الليلة البارحة؟
الإجابة باختصار شديد هي أنه لدي القوي المطالبة بالدولة المدنية مخاوف قد يكون مبالغا فيها ولكنها مشروعة ومبررة من حصول التيارات الدينية علي أغلبية مقاعد البرلمان المقبل, لأنها الأكثر تنظيما, والأقدر تمويلا, والأكثر اعتمادا علي العاطفة الدينية القوية لدي المصريين, ولكن هذه التيارات الدينية من حقها أن تشارك, وألا تعاقب علي قوتها, وعلي ضعف الآخرين, وفي الوقت نفسه, وبالقدر نفسه من الأهمية لمستقبل مصر ألا تهيمن التيارات الدينية علي بلاد فيها مواطنون غير مسلمين, وفيها مسلمون غير منتمين لهذه التيارات, وفيها مؤسسات تري أن الدولة المدنية في مصر قضية أمن قومي, وبالمناسبة فليست المؤسسة العسكرية وحدها هي التي تري هذا الرأي, فتلك أيضا هي رؤية أغلبية المفكرين المستقلين, ورؤية التيار الرئيسي في الجهاز الإداري للدولة, وكذلك رؤية غالبية المؤسسات الاقتصادية والمهنية في البلاد, بل إنها رؤية الأزهر نفسه, وهو ماهو بالنسبة للإسلام والمسلمين في مصر وفي خارجها.
إذن: ألسنا في موقف تعثر الآراء فيه؟ وإذن أليس من حق مصر إن تحدثت من قلبها أن تدعو الله أن ينظر إليها فيرشد أبناءها ليشدوا إلي العلا أي شد.. كما فرح حافظ إبراهيم بائتلاف الوفد والأحرار الدستوريين عام1926, وهو مادعونا إليه بالعقل في مقالات كثيرة سابقة, ونعززه اليوم بشئ من العاطفة.. لعل وعسي أن يتنازل كل طرف عن شئ مما يظن أنه حقه من أجل بناء مجد مصر, وليس لإنقاذ مايمكن إنقاذه فقط.
المزيد من مقالات عبدالعظيم حماد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.