معادلة نظام الدراسة بمدرسة عين شمس للمتفوقين بالبكالوريا المصرية    إعلان نتائج بطولة الملاكمة بالدورة الرياضية للجامعات والمعاهد العليا دورة الشهيد الرفاعي "53"    وزارة الأوقاف تعقد 574 ندوة علمية حول "الجوار الصالح مفتاح للسكينة والمودة"    وزير البترول يبحث فرص التعاون في المعادن الحيوية مع هانتر الأسترالية    البورصة المصرية تختتم جلسة الخميس 27 نوفمبر بارتفاع جماعي    الاتحاد الأفريقي يدعو الى الإفراج الفوري دون شروط عن رئيس غينيا بيساو    مدبولي: تحرك جاد لتفعيل بروتوكولات التعاون مع الجزائر وتعزيز الشراكة في مختلف المجالات    تدريبات بدنية خاصة للاعبي الزمالك قبل لقاء كايزر تشيفز    بمشاركة منتخب مصر| كل ما تحتاج إلى معرفته عن كأس العرب 2025    تعرف على الطرق البديلة بعد إغلاق ميدان الجيزة وشارع الهرم    الأزهر: التحرش بالأطفال جريمة منحطة حرمتها جميع الأديان والشرائع    حلمي عبد الباقي يتقدم ببلاغ للنائب العام ضد مصطفى كامل    توزيع جوائز الفائزين بمسابقة أجمل صوت فى تلاوة القرآن الكريم بالوادى الجديد    أحمد السلمان: مهرجان الكويت المسرحي موعد مع الإبداع والاكتشاف    رئيس المجلس الوطني للإعلام بالإمارات يزور عادل إمام.. والزعيم يغيب عن الصورة    مُصطفي غريب ضيف آبلة فاهيتا "ليلة فونطاستيك.. السبت    غلق وتشميع 4 معامل تحاليل ومركزين للجلدية في حملة مكبرة ببني سويف    مقتل سيدة بطلقات نارية في قنا    قراءة في هدية العدد الجديد من مجلة الأزهر، السنة النبوية في مواجهة التحدي    أحمد عبد القادر يغيب عن الأهلي 3 أسابيع بسبب شد الخلفية    عقدة ستالين: ذات ممزقة بين الماضى والحاضر!    توجيهات مزعومة للجنة الدراما تثير جدلا واسعا قبل موسم رمضان 2026    سوريا تعلن إطارا تنظيميا جديدا لإعادة تفعيل المراسلات المصرفية    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    «التأمين الصحى الشامل» يقرر تحديث أسعار الخدمات الطبية بدءًا من يناير 2026    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    أسوان تحصد جائزتين بالملتقى الدولى للرعاية الصحية    منظمات حقوقية: مقتل 374 فلسطينيا منهم 136 بهجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار    روسيا تصدر أحكاما بالسجن مدى الحياة بحق 8 أشخاص بشأن الهجوم على جسر رئيسي في القرم    وزارة التخطيط تستعرض الإصلاحات الهيكلية المنفذة منذ يوليو 2024    التحقيق مع 5 عناصر جنائية حاولوا غسل 50 مليون جنيه حصيلة النصب على المواطنين    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    مقتل أكثر من 30 وفقدان 14 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية في سريلانكا    لتعاطيهم المخدرات.. إنهاء خدمة 9 عاملين بالوحدة المحلية وإدارة شباب بكوم أمبو    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    الهلال الأحمر المصري يرسل القافلة ال82 إلى غزة محملة ب260 ألف سلة غذائية و50 ألف بطانية    وزير الشباب والرياضة يستقبل سفير دولة قطر لبحث التعاون المشترك    محامي رمضان صبحي: التواصل معه صعب بسبب القضية الأخرى.. وحالة بوجبا مختلفة    روز اليوسف على شاشة الوثائقية قريبًا    عادل فتحي نائبا.. عمومية المقاولون العرب تنتخب مجلس إدارة جديد برئاسة محسن صلاح    عشرات القتلى و279 مفقودًا في حريق الأبراج العملاقة ب هونغ كونغ    3 قرارات جديدة لإزالة تعديات على أملاك بنك ناصر الاجتماعى    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    المفوضة الأوروبية: ما يحدث في السودان كارثة إنسانية    جامعة بنها ضمن الأفضل عربيًّا في تصنيف التايمز البريطاني    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    طقس الخميس.. انخفاض فى درجات الحرارة وشبورة كثيفة صباحا    الأحزاب ترصد مؤشرات الحصر العددى: تقدم لافت للمستقلين ومرشحو المعارضة ينافسون بقوة فى عدة دوائر    وزير الري يستعرض المسودة الأولية للنظام الأساسي واللائحة الداخلية لروابط مستخدمي المياه    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    ضعف المناعة: أسبابه وتأثيراته وكيفية التعامل معه بطرق فعّالة    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    «امرأة بلا أقنعة».. كتاب جديد يكشف أسرار رحلة إلهام شاهين الفنية    كرة يد - "أتفهم حزن اللاعبات ونحتاج دعمكم".. رسالة مروة عيد قبل كأس العالم للسيدات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقوط ملك ملوك إفريقيا‏!‏

احترت في كتابة عنوان هذا المقال حول سقوط أكثر قيادات العرب والعالم‏-‏ حماقة وجهلا وطغيانا‏,‏ معمر القذافي‏!‏ فقد وصف هذا الشخص المعتوه نفسه بأوصاف كثيرة‏,‏ غالبا كان يظن أنها صحيحة وقد أخترت واحدا من أشهرها هزلا وسخرية ليكون هو العنوان! وهل ينسي أحد اللقطة الشهيرة للقذافي في أحد اجتماعات القمة! العربية, وهو يخاطب باستعلاء شخص مريض بجنون العظمة, قيادات البلاد العربية, مشيرا إلي تواضعه وتنازله وقبوله الجلوس معهم علي منضدة واحدة, وهو الشخص الملهم ذو الرسالة الكونية؟ وإحدي المفارقات الهامة هنا هي أن ليبيا قدمت للعالم العربي أسماء لامعة لأشخاص متميزين وبارزين, لي منهم أصدقاء أعتز بهم كثيرا, وكنت أشعر بخجلهم وإحساسهم بالعار من أن يكون القذافي هو رئيس بلدهم, والزعيم الذي يعبر عنها. أنني هنا أتذكر الأخ العزيز د. علي عتيقه الذي هو واحد من أفضل المتخصصين في الشئون الاقتصادية والنفطية في العالم, والذي شرفت بمزاملته في كثير من مؤتمرات مركز دراسات الوحدة العربية وغيرها, وأتابع إسهاماته العلمية والسياسية.. ولم يكن غريبا أن سمعت أنه عين في هذا الأسبوع سفيرا لليبيا بعد الثورة في الأردن, التي كان يقيم فيها في الفترة الأخيرة. وتذكرت الصديق العزيز عبدالحميد البكوش, الذي كان رئيسا لوزراء ليبيا قبل ثورة الفاتح! والذي عرفته دائما نموذجا للاعتزاز بالنفس ودماثه الخلق ورجاحه العقل, وأتذكر حسرته علي بلاده العزيزة التي صارت أسيرة للعقيد! وتذكرت أيضا الأخت الفاضلة د. فريدة العلاقي التي تعد واحدة من أكثر السيدات العربيات كفاءة ونشاطا في مجال المجتمع المدني العربي, والتي أعرف أنها تتولي اليوم أمانة مؤسسة مينتور العربية لوقاية الأطفال والشباب من المخدرات.. وكان أخر أتصال منها بي بعد وقت قصير من تفجر ثورة 17 فبراير العظيمة في ليبيا ضد القذافي, وهي تصرخ في التليفون انقذوا ليبيا من العقيد.. أنهم يقتلون كل المعارضين هناك!
وبعبارة واحدة, فإن سقوط القذافي يمثل إحدي العلامات الأساسية, والمشرفة, ل الربيع العربي الذي يراقبه العالم اليوم, مشدوها بل ومذهولا! أنها في الحقيقة- عودة العرب إلي التاريخ, بعد أن كانوا قد خرجوا منه وفق التعبير الشهير للدكتور فوزي منصور (والذي هو عنوان كتابه المتميز الذي ظهر لأول مرة بالانجليزية والفرنسية في عام 1990).. ها هم العرب يدخلون مرة أخري إلي التاريخ, تباعا, في سلسلة أطلقت شرارتها تونس, وقادتها مصر.
وفقط منذ ثلاثة أيام, أي يوم الأحد 21 أغسطس توجت ثورة الشعب الليبي العظيم في 17 فبراير بالانتصار, وشاهد العالم كله مئات الألوف من أبناء الشعب الليبي العظيم في ميادين التحرير في طرابلس وبنغازي وغيرها من مدن ليبيا وهم يحتفلون ويبتهجون بسقوط الطاغية واستعادة حريتهم وكرامتهم.
وفي واقع الأمر, فإن القذافي يستحق عن جدارة- أن يسجل في موسوعة جينيس للأرقام القياسية إذا جاز وصفه فيها.
إن القذافي الذي استولي علي الحكم في ليبيا عام 1969 (بعد إنقلاب من اسماهم بالضباط الأحرار) علي وشك أن يكمل في سبتمبر القادم- أثنين وأربعين عاما في حكم ليبيا, ولكن ذلك لحسن حظ الشعب الليبي أخيرا- لن يحدث, وسوف يشرق سبتمبر القادم علي الشعب الليبي بدون قائد ثورة الفاتح, ولا نظامه الهزلي!
غير أن القذافي ذ- اب! ذ- لحاكم (غير ملك) في التاريخ!
والقذافي أيضا, يمكن أن يسجل ضمن أكثر حكام التاريخ جهلا وحماقة, ولكن ما يميزه عن الكثير منهم أنه لم يدرك ابدا جهله وحماقته, بل كان يكتب ويؤلف متوهما أنه بالفعل يكتب ويؤلف. والشائع لدينا أنه مؤلف الكتيب التافه الشهير الكتاب الأخضر, ولكنه صاحب عدد من المؤلفات, التي تشير مجرد عناوينها إلي الغثاء الذي تحتويه. فالقذافي ألف كلا من:
القرية القرية, والأرض الأرض, وانتحار رائد الفضاء, وتحيا دولة الحقراء, واسراطين: الكتاب الأبيض, وملعونة عائلة يعقوب ومباركة ايتها القافلة, وعشية الخلعة والشجرة الملعونة, فضلا عن السجل القومي, الذي يتضمن أحاديثه وخطبه وحواراته ولقاءاته السياسية والصحفية, وقد صدر منه عن المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر (!!), حتي الآن, 36 جزء.
غير أن حماقة القذافي السياسية تتجاوز بكثير حماقته الثقافية. فمن سوء الحظ, ومن نكد الدنيا علي ليبيا وعلي العرب, أن جمال عبدالناصر امتدح القذافي وثورته, بل لقد اشاع هو أن عبدالناصر أسماه أمين القومية العربية وكان هذا فيما يبدو دافعا لمشروعاته الوحدوية العديدة التي سعي إلي تحقيقها علي نحو هزلي غريب, بعد أن تعثر ميثاق طرابلس الوحدوي بين مصر والسودان وليبيا في ديسمبر علي 1969, بدء من اتحاد الجمهوريات العربية في أبريل 1971 بين ليبيا ومصر وسوريا, مرورا ب الوحدة الاندماجية بين ليبيا ومصر, والمسيرة الوحدوية إلي مصر في يوليو 1973, ومحاولة إقامة الوحدة الليبية التونسية في أبريل 1974, ومع الجزائر في ديسمبر 1975 ثم مع المغرب في 1984!
وعندما يئس القذافي من انصياع العرب لمشروعاته الوحدوية, اتجه بشكل كامل ومفاجئ نحو إفريقيا, واستخدم الأموال الليبية لإغراء البلدان الإفريقية للإنضمام إلي تجمع الساحل والصحراء الذي ضم في عضويته23 دولة! وعمل القذافي علي تحويل منظمة الوحدة الإفريقية إلي الاتحاد الإفريقي مستهدفا بناء الولايات المتحدة الإفريقية منفقا علي ذلك كله ببذخ وسخاء شديدين!
والقذافي أيضا يمكن إدراجه ضمن أكثر الحكام استبدادا ودموية! حيث طرح ما تصور أنه نظرية سياسية في الحكم تقوم علي الديمقراطية المباشرة, من خلال ما أسماه ب المؤتمرات الشعبية الأساسية (بدلا من السلطة التشريعية) واللجان الشعبية (بدلا من السلطة التنفيذية) شارحا لهذا كله في الكتاب الأخضر تحت عنوان النظرية العالمية الثالثة تمييزا لها عن الاشتراكية والرأسمالية. والمذهل أن القذافي قدم نظريته تلك علي أنها خلاصة التجارب الإنسانية, والتي جسدها في اللجان الثورية التي لا تسعي للوصول إلي السلطة, ولكنها كانت تضم في الواقع عملاء النظام الذين كانوا مخبرين وجواسيس علي الشعب, وأداة لحكم بوليسي مقيت, لم يتورع أبدا عن التنكيل بالمعارضين, وإعدامهم, أو الاخفاء القسري لهم. وكان القذافي قد استهل حكمه في ليبيا بعمليات إعدام علنية, نصبت فيها المشانق التي تتدلي منها جثث أعداء الثورة أمام المواطنين في طرابلس وغيرها من المدن الليبية! وهو ما دفع آلاف المثقفين والمفكرين الليبيين للهجرة من ليبيا, طالما ظل القذافي حاكما فيها!
غير أن إبداع القذافي في الفساد السياسي لا يدانيه إبداع ويضيق المقال عن رصده, ولكن تكفي هنا الإشارة إلي توريث القذافي السلطة لإبنائه, وتوزيعها عليهم مقترنة بثروات هائلة ونفوذ بلا حدود!
فقد عرفت سوريا بشار الأسد الذي ورث حافظ الأسد, وعرفت مصر جمال مبارك الذي كان علي وشك أن يرث أباه حسني مبارك, أما القذافي فقد كان له ثمانية أولاد, وابنة واحدة كل منهم كانت له ثرواته, ومناصبه وامتيازاته الهائلة! وهم محمد, وسيف الإسلام, والساعدي, وهانيبال, والمعتصم, وخميس وسيف العرب وأخيرا عائشة. وكل منهم له أولا اقطاعيته الاقتصادية ودوره أو نفوذه السياسي, والكثير منهم له فضائحه (مثل الساعدي الذي اشتبك مع الشرطة الإيطالية بسبب السكر وتعاطي المخدرات, وهانيبال الذي أعتقل في سويسرا هو وزوجته بتهمه ضرب خادمته, فشن القذافي بسبب ذلك هجوما علي سويسرا متهما أياها بمعاداة الإسلام, ومهددا بسحب الاستثمارات الليبية منها)!
وأخيرا.. هل يمكن لحاكم علي وجه الأرض أن ينافس القذافي في السفه وتبديد ثروة بلاده, متجردا من الحد الأدني من أي مسئولية سياسية أو أخلاقية؟ هل ننسي تعويضات الطائرة الأمريكية التي أتهم القذافي باسقاطها فوق بلدة لوكيربي في اسكتلندا, والتي أضطر لتعويض ضحاياها بما يقدر ب20 مليون دولار لكل منهم فضلا عن تعويض شركة الطيران باجمالي 2.7 مليار دولار؟
وهل تتذكر قضية الممرضات البلغاريات اللاتي اتهمهن العقيد (ومعهم طبيب فلسطيني) بحقن أطفال بنغازي بفيروس الإيدز ثم تم العفو عنهن بعد أن أشاع القذافي أن بلغاريا دفعت نصف مليار دولار كتعويض, والأغلب أن العقيد نفسه كان هو الذي حول أموال تلك الصفقة لتعاد إليه في مسرحية غريبة؟
أما أولئك الذين يتهم القذافي بخطفهم بدءا من الإمام موسي الصدر, وحتي الوزير المناضل منصور الكخيا الذي اختفي من القاهرة- فإن حكاياتهم سوف تتكشف علي الأغلب- في المستقبل القريب, ضمن الفضائح الذي سيكشفها سقوط العقيد! ليس فقط لإدانته, وإنما لإدانة كل من تعانوا معه من نظم فاسدة مستبدة!
المزيد من مقالات د:أسامة الغزالى حرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.