أخفقت الجهود للتوصل الي ضوابط ومعايير الولاء للثورة والفصل بين أنصارها واتباع الفكر الجديد الذي إدعاه وابتدعه الحزب اللاوطني وجعله شعارا ومنهجا لسياساته التخريبية. فشلت الجهود لضعف قدراتنا في التعرف علي هذا النوع من التفرقة بين صدق الانتماء وتحكم الأهواء.. بين أصحاب المباديء ومدعيها.. بين مرضي الميكيافيلية العاشقين لذواتهم وأسوياء الوطنية إعلاء للمصالح العليا. هذا الفشل الذي دام سنوات طويلة في غياب الديمقراطية أدت الآن الي خلافات وصدامات كانت آخر ساحاتها منتديات الحوارات الوطنية والقومية.. والمؤسف أن هذه الخلافات إحتدت وتكررت في كثير من المحافظات التي جمعت منتدياتها ومؤتمراتها تجمعات عديدة من شباب الثائرين وكبارهم من جانب وبعضا من كوادر اللاوطني ربما عن نوايا ساذجة من دعوا الي تلك الحوارات وبأمل أن يتحقق توافقا وتجانسا في منظومة فكر جديدة دون وعي أننا لم نزل نعيش أجواء ملتهبة بحمية الثوار وتطلعاتهم المنطقية والمشروعة وعن تعطش بعد حرمان طويل لتغييرات مفعمة بالنقاء الذي لايتوقعونه صافيا لوجود من يصفونهم بشوائب ماض ثاروا عليه وأدانوا رموزه.. وماحدث أن هذه الاشتباكات الحرارية القصيرة أسفرت احتجاجات وإنسحابات وأدت الي اتساع الشقاق وخلفت للأسف جبهات وإئتلافات قوية من التعاطف الخطير بين الرموز. المرفوضة ومن دعوهم الي تلك المؤتمرات أليسوا جميعا من رحم الماضي وأدمنوا التعامل الوثيق فيما بينهم؟ لذلك فمعركة الثوار ضد الماضي الحي لم تزل مشتعلة في أرجاء المحروسة وهي تمضي في غير صالحهم.. فلمن نوجه التحذير؟ فشبابنا يفتقدون الحماية والتفاهم مع من يحكمون ويتحكمون ويتولون شئون وطنهم. وهكذا نغفل حقيقة مؤلمة وهي أن سنوات العقم السياسي أفرزت كوادر فاسدة ومنحرفة في جميع مجالات الحياة وأختلطت بهم قله تورطت معهم. لكن وبعيدا عن الفئتين الفاسدين والمتورطين هناك جبهة التغيير سواء من قاوموا وصمدوا وناهضوا هذا الفكر البائد ومعهم من قنعوا واكتفوا بسلبيتهم وبالتعاون المحدود في تسيير الخدمات الهامشية بعيدا عن ملوثات الفساد ثم شبابنا الواعد وحشود شعبنا الثائر سواء من فجروا الثورة العظيمة أو باركوها وسعدوا بها.. وهكذا أنجبت الحيرة السؤال الصعب: كيف نختار.. وبمن نثق؟! الاجابة بسيطة والتعرف علي مواصفات ومعايير التقييم الجديدة والنظيفة سهلة وإن كانت بحاجة الي شجاعة: أولها استبعاد من احتل بالتزوير مجالسنا الشعبية والمحلية ومعهم صناعهم من كبار أو من كانوا كبارا من ساسة مركزيين وقادة محليين.. كذلك تنحية فلولهم من نقابيين وذوي الأردية الرئاسية لكيانات وتجمعات تجارية وصناعية وهم في الحقيقة من حيتان الحزب العفن وأعفاء هؤلاء جميعا من مواقع العمل المؤثر أيضا من نرصدهم ونعرفهم بالمتسلقين الذين حصدوا مناصب أو جنوا مغانم من أراض اغتصبوها أو هبات اقتنصوها. وأما الإعلاميون فالمصلحة تقتضي إقصاء من أفرطوا في امتداح النظام وكانوا أبواقا لرموزه سواء عن قناعة أو نفاق.