قبل أن يكون وزيرا للمالية في حكومة الدكتور شرف الثانية يمكن تعريف الدكتور حازم الببلاوي بالمفكر الإقتصادي صاحب الرؤية, فهو وإن كان من المؤمنين بفكر الإقتصاد الحر فأنه أيضا من المهمومين بفكرة العدالة الإجتماعية.. وفور توليه منصبه الوزاري الجديد إحتلت تصريحاته مساحة مهمة من الإهتمام خاصة تلك التي تناولت تصوراته لوضع حدا أقصي للرواتب للعاملين بالقطاع الحكومي والعام والبنوك العامة, وقد تسببت هذه التصريحات في حالة من القلق داخل العديد من الأوساط خاصة المصرفية منها, فإذا سلمنا جدلا بأن قيادات البنوك العامة التي قبلت مهمة الإنقاذ برواتب تقل كثيرا عن تلك التي كانوا يتقاضونها خلال عملهم ببنوك أجنبية أو خاصة خارج وداخل مصر من واعز تفضيل المصلحة العامة والوطنية عن المصالح الخاصة الضيقة, ورغبة منهم في المشاركة بجهدهم وعلمهم في صناعة التاريخ المصرفي المصري الحديث والذي حول البنوك المصرية من بنوكا تعاني من الديون المتعثرة والخسائر الكبيرة إلي بنوك تتمتع بالصحة والعافية بعد تطهيرها من هذه الديون ووضع المخصصات الملائمة لها إضافة إلي ضوابط للعمل المصرفي ومنح الإئتمان تمنع ظهور كوارث جديدة. فإنهم بالتأكيد لن يقبلوا تخفيض رواتب الخبراء الذين إستجلبوهم لمساعدتهم في تحقيق عملية التحول وزيادة الأرباح.. البنوك العامة في مصر تمثل ما يقرب من50% من حجم السوق من الودائع والقروض, كما أنها تستحوذ علي النسبة الغالبة من العاملين في القطاع المصرفي. هذه البنوك وحدات إقتصادية لها لوائحها وقوانينها وتتبع البنك المركزي وينظم عملها قانون البنك المركزي والبنوك ومن ثم كان لابد من سؤال الدكتور الببلاوي لوضع النقاط علي الحروف, وفي إتصال تليفوني هنأته خلاله بمنصبه الجديد سألته عن حقيقة هذه التصريحات فأجاب بكل وضوح أنه كان يقصد العاملين في القطاع الحكومي وليس الوحدات الإقتصادية التي تنظمها قوانينها ولوائحها, هكذا قطع الدكتور الببلاوي الشك باليقين وأوضح المعني المقصود من تصريحاته. وقد أعادت كلمات الدكتور الببلاوي لقلبي الطمأنينة, صحيح أن حكومات ما قبل الإنتخابات البرلمانية والرئاسية في حكم المؤقته, أو ما يطلق عليها حكومات تسيير الأعمال, ولكن خطورتها أنها تحدد مسار الدفة للمستقبل, فإذا مالت عن الخط المطلوب فهذا معناه سنوات إضافية ضائعة لإصلاح المسار.. فمتي يمكن لمصر أن تنطلق وأن تستقر علي قواعد من القانون والدستور والديمقراطية؟.. طال الأمد منذ1952 وحتي الآن. المزيد من أعمدة نجلاء ذكري