بدون شك تمر الدولة المصرية هذه الأيام بمفترق طرق، حيث عهد جديد يقوم على الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية بعد عقود طويلة من العبودية والاستبداد والظلم وعدم المساواة فى كل أمور الحياة، ولكى يتحقق هذا الحلم لابد من فرسان يمتلكون القدرة على امتلاك زمام المبادرة والإنجاز، لأن إدراك هذا الحلم أمر ليس سهل المنال، وبالفعل لا تدخر القيادة السياسية جهدا فى البحث عن هؤلاء الفرسان لتضعهم على أول الطريق للمضى قدما فى تطوير وتحديث أدوات الارتقاء بالمجتمع فى أقل فترة ممكنة. هكذا، جاء تعيين الدكتور حازم الببلاوى كنائب لرئيس الوزراء للشئون الاقتصادية ووزير للمالية فى هذا السياق، فهذا العالم الجليل هو أحد كبار خبراء الإدارة والاقتصاد الذين طالما أعلنوا رفضهم للسياسات الاقتصادية التى مارستها حكومات الحزب الوطنى المنحل المتعاقبة لما فيها من إضرار بالغ بالصالح العام، ومن ثم كان قرار اختياره لهذا المنصب الرفيع بمثابة فرصة سانحة لكى يبدأ فى تطبيق أفكاره الاقتصادية المتعلقة بالنهوض بالاقتصاد المصرى إلى واقع ملموس. برنامج الببلاوى/U/ «ترشيد الانفاق.. التمسك بالشفافية فيما يتعلق بالموازنة العامة، والتأكيد على وحدة وعمومية الموازنة، وتفعيل آليات الرقابة على الاتفاق، وتفعيل دور الدولة كمنظم للسوق، وأن الاقتصاد يجب أن يعتمد على عوائد الصادرات وليس على عوائد قناة السويس والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج».. وغير ذلك الكثير من الأفكار التى يقوم عليها برنامج د. الببلاوى لعلاج الخلل الهيكلى الذى يعانى منه الاقتصاد المصرى نتيجة غياب الرؤية الاستراتيجية عن كل خطط التنمية التى عكفت الحكومات المتعاقبة خلال العقود الماضية على تطبيقها. وهنا يثار العديد من التساؤلات، أولها، هل تلقى أفكار د. الببلاوى الرائعة على المستوى النظرى نجاحا عند إنزالها إلى أرض الواقع؟ هل يتمسك الببلاوى بما سبق وأعلنه من أفكار خاصة بالرأسمالة كما يجب أن تكون أم يتراجع بعض الشىء عند التطبيق؟ لماذا يتخوف بعض أنصار وزير المالية الأسبق د. يوسف بطرس غالى من مقدم د.الببلاوى إلى الوزارة؟ ماذا يرى الخبراء فى قرار تعيين الببلاوى نائبا لرئيس الوزراء للشئون الاقتصادية وزيرا للمالية؟ وبماذا ينصحونه لمواجهة التحديات التى تنتظره فى مختلف قطاعات الدولة؟ رؤية ثاقبة/U/ فى البداية تدلل السيرة الذاتية للدكتور حازم الببلاوى على أنه خبير اقتصادى من الطراز الرفيع بما يمتلكه من خبرة موسوعية اكتسبها خلال مشوار حافل بالعمل الجاد، فلقد ولد الاقتصادى الشهير فى أكتوبر عام 1936، وتقلد العديد من المناصب داخل وخارج مصر، كان آخرها مستشار صندوق النقد العربى بأبو ظبى، وقبل ذلك ب 6 سنوات عمل فى منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، ومن نوفمبر 1983 إلى يناير 1995 شغل منصب رئيس مجلس إدارة البنك المصرى لتنمية الصادرات. وتذهب سيرة الببلاوى الذاتية إلى أنه بعد حصوله على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام 1957، وحصوله على دكتوراه الدولة فى العلوم الاقتصادية جامعة باريس عام 1964، تم تعيينه مدرسًا ثم أستاذاً بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية حتى عام 1982، وعمل لمدة عام منذ 1966 حتى1967 مستشارًا لوزير التخطيط المصرى، كما عمل منذ عام 1976 حتى عام 1980 مستشارًا لوزير المالية فى الكويت ومديرًا للبحوث الاقتصادية بالمالية الكويتية. وعن أفكاره يمتلك د. الببلاوى رؤية اقتصادية ثاقبة تجعل منه الأجدر فى هذه الآونة على تولى مسئولية الخروج بالاقتصاد المصرى من المأزق الذى يعيشه نتيجة تبعات ثورة 25 يناير الاقتصادية التى يصفها بقوله فى تصريحات سابقة لتوليه المسئولية: خسائر الثورة الاقتصادية التى تربو على 100 مليار جنيه يمكن تعويضها فى المستقبل إذا ما تحسن الوضع السياسى، وتم إعمال الرقابة والمساءلة والشفافية، إلا أن ذلك مرهون بعدم الإفراط فى استرضاء الشعب بالتعويضات والعلاوات حتى لا يؤدى ذلك إلى زيادة عجز الموازنة، ولا أعتقد أن هناك احتمالا لانهيار اقتصادى، وإن كان هناك بالضرورة بعض الخسائر بقطاع السياحة. وأضاف أنه بالنسبة للاستثمارات الأجنبية، فبالرغم من أن هناك احتمالا لخروج بعض الأموال، فإنه فى الغالب سيكون وضعاً مؤقتاً، وتعود الاستثمارات بعد ذلك وربما بأحجام أكبر عندما يتحقق الاستقرار السياسى والأمنى، مشيرا إلى أن هذه الخسائر هى بمثابة الاستثمار لمستقبل أعتقد أنه سيكون مشرقاً، إذا استطاعت مصر أن تضع أسس نظام سياسى واقتصادى سليم وكفء ونزيه، فهذه مكاسب تبرر أى تكاليف. وفى متناول توصيفه لبرنامج جاد للحكومة للتعامل مع هذا الوضع، قال د.الببلاوى إن الكرة ما تزال فى ملعب القائمين على إقرار الأمن، وأنه لا يعتقد أن المشكلة العاجلة هى مشكلة إجراءات اقتصادية، وانما هى مشكلة استعادة الاستقرار السياسى والأمنى، موضحا أن تحقيق ذلك يكون باتخاذ الإجراءات السياسية المناسبة لتوفير الثقة للمواطنين بأن أهداف الثورة محل رعاية، وأنها لن تتعرض للاختطاف أو التجاهل، بالتالى فالمسألة الملحة الآن سياسية وأمنية، وأن المشكلة الاقتصادية لا يمكن التعرض لها ما دامت المشكلة السياسية والأمنية غير مستقرة. ولفت إلى أن أكثر المجالات التى شهدت فساد.. بيع أراضى الدولة، وعمليات الخصخصة، وطرق وكيفية إرساء المشروعات الكبرى، كذلك هناك جهات عرفت عنها درجات عالية من الفساد مثل المحليات وتجارة البترول والغاز، مؤكدا أن وقف التعامل مع إسرائيل يحظى باهتمام كبير من الأوساط العالمية فلا أعتقد أنه سيكون من أولويات السياسات القادمة، التى تواجه مشاكل هائلة فى سبيل وضع أسس نظام ديمقراطى جديد، وإصلاح العديد من المؤسسات القائمة. تعطيل الإنتاج/U/ وشدد على أن الاحتجاجات سيكون لها تأثير على تعطيل الإنتاج، وبالتالى فإنها ستؤثر على الإنجاز الاقتصادى فى المدة القصيرة، والحل يحتاج لإعادة النظر فى هياكل الأجور والرواتب بشكل عام، لاستعادة الثقة لدى المواطن بأن الحكومة جادة فى الوصول إلى حلول إصلاحية عامة، مشيرا إلى أن الملاحظ على الموازنة أنها بالغة التعقيد والتداخل والمرادفات بحيث لا يستطيع أحد أن يعرف تماماً ماذا حدث، ولذلك فإن أولى خطوات الإصلاح هى إعادة النظر فى شكل الميزانية والتأكد من عموميتها، وأن تكون بنودها واضحة ولا يجوز التغيير فيها إلا بموافقة من البرلمان. وفيما يتعلق بمشكلة الدين العام أوضح د. الببلاوى أنه هذه المشكلة كبيرة وحجم الدين العام كبير جداً، لذلك فإنه هناك حاجة ماسة إلى إعادة النظر بشكل كامل فى أولويات الإنفاق وترشيدها بشكل جوهرى وفعال، كذلك فإن النجاح فى تحقيق الاستقرار السياسى والاقتصادى سيساعد على مزيد من الاستثمار من الداخل والخارج فى فترة ليست بعيدة بالضرورة، وهناك شروط لذلك من أهمها كما قلت عودة الشفافية لكل بنود الإنفاق، وأن تكون هذه البنود واضحة. وطالب بأن تكون كل ما يتم تطبيقه من قرارات اقتصادية قائمة على استراتيجيات واضحة لمستقبل مصر الاقتصادى، على أن تأخذ هذه الاستراتيجية فى الاعتبار ثلاثة عناصر، أولها، سياسة سكانية واعية، وثانيا، الحاجة الماسة للتصنيع القائم على زيادة الإنتاجية بالاستخدام المتزايد للتكنولوجيا الحديثة، وثالثا، الارتقاء بالتعليم بمختلف مجالاته، ويرتبط بذلك البحث العلمى والتطوير التكنولوجى، وإذا نجحت مصر فى وضع مثل هذه الرؤية فقد تنتقل وتحقق قفزة اقتصادية هائلة فى ثلاثة عقود. السير على الدرب/U/ وعقب توليه المسئولية، جاءت تصريحات د.الببلاوى لتؤكد أنه متمسك بنهجه الاقتصادى الرأسمالى، مشيرا إلى أن الأمن قبل الحرية، وقبل الرخاء و قبل كل شىء، وبدون عدالة لا تتحقق الكفاءة، وإن كمية الأموال المنهوبة والثراء الفاحش للبعض لا يدل على أن مصر بلد غنى، ولكن يعنى وجود سوء توزيع رهيب، وأنه لا يمكن أن يكون الفرق فى القدرات بين الاشخاص ألف ضعف، وبالتالى لا يعقل أن يكون مرتب موظف 700 مرة ضعف موظف آخر. وأوضح أنه من الضرورى أن يعتمد الاقتصاد على الصادرات وليس على قناة السويس والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج، مشددا على أن مصر ملتزمة باقتصاد السوق وبتوفير مناخ يسمح للمستثمرين بالتنبؤ بالمستقبل على نحو جيد، وأنه لا يستبعد إمكانية الاقتراض من صندوق النقد الدولى أو غيره من المؤسسات الدولية ما دام يحقق ذلك الصالح العام، وأن الحكومة حريصة على اتخاذ كل الإجراءات والسياسات اللازمة لرفع الدخول وتحسين مستوى معيشة الأسر، وأنه سيتم إلزام الجهات العامة بالمضى قدمات لتقليص الإنفاق على المستشارين وإلزامهم بألا تزيد فترة الاستعانة بخدماتهم على 8 أشهر فقط فى العام. ولفت الببلاوى إلى أن فلسفة عمل الحكومة فى الفترة المقبلة سوف تقوم على ركيزة أساسية، وهى المصارحة مع المجتمع، وعدم الإعلان عن أى خطوة، أو قرار قبل دراسته من جميع الجوانب، فضلا عن استمرار سياسة الحوار المجتمعى حول جميع القضايا فى إطار شراكة حقيقية بين الحكومة والمجتمع، مع إبراز قصص النجاح الحقيقية، والتى تزخر بها مصر، مؤكدا أنه لا يمكن تجاوز حقيقة أن اقتصاد السوق يسود العالم، إلا أن ذلك لن يمنعنا من إقامة اقتصاد يتناسب ومقدرات المجتمع، لأن هناك نماذج اقتصادية عدة تندرج تحت اقتصاد السوق لكنها تختلف كثيرا فيما بينها. وألمح إلى أن اقتصاد السوق معناه الاعتقاد فى الملكية الخاصة وحرية التعاقد ودولة القانون، وأن يستطيع الفرد اتخاذ القرار فى الإنتاج والاستهلاك، وفى هذا الإطار فإن الحكومة القوية ضرورة، لأنه فى هذا النظام لابد أن تقوم الدولة بوضع الحدود على السوق لحماية المصالح العامة ولحمايتها هى نفسها من انحرافاتها وتجاوزاتها وتشوهاتها، التى قد لا تعطى المنافسين الصغار الفرصة، مشيرا إلى أن الدولة مسئولة فى إطار اقتصاد السوق عن العدالة الاجتماعية وعن القيام بالاستثمارات طويلة الأجل، التى لا يستطيع القطاع الخاص القيام بها. مقاومة القدامى/U/ ومما سبق يبدو جليا أن المقاومة التى يبديها بعض تلامذة مدرسة وزير المالية الأسبق د.يوسف بطرس غالى داخل ديوان عام الوزارة أو غيرها من الوحدات الحسابية فى مختلف وزارات الحكومة أمر منطقى له ما يبرره، فالتعقيد والغموض الذى طالما تمسكوا بها فى بنود الموازنة أمر لن يقبله الببلاوى، وكذلك سياسات الاستعانة بالمستشارين فى كافة قطاعات الوزارة ممن يحصلون على مرتبات مليونية، وكذلك لن يقبل هذا الوافد الجديد الأسلوب المترهل الذى تدار به المصالح الإيرادية كالضرائب والجمارك، وكيف أن القانون يهدر يوميا برفض تنفيذ الأحكام وخلافه. وكذلك جاءت تصريحات د. الببلاوى الرافضة لتبعية أموال صناديق التأمينات الاجتماعية لوزارة المالية لتكون بمثابة صدمة لأنصار فكر «غالى» الذى كانت يسعى دوما لضمان بقاء هذه الأموال تحت قبضة الدولة لتكون متنفسا لها فى وقت الأزمات، إلا أن هذا الفكر لا يلقى قبولا لدى الوافد الجديد للوزارة الذى يهدد مصالح الكبار فى إبقاء الوضع على ما هو عليه، وبذات التصور يأتى الإصرار على فتح ملف الصناديق والحسابات الخاصة، التى تدر نهرا من المال على كبار موظفى الحكومة سواء فى وزارة المالية أو غيرها من الوزارات ودواوين المحافظات، وبالتالى فإن الإصرار على ضمها لحساب الخزانة يهدد مصالح هؤلاء الأباطرة الكبار. تفاؤل الخبراء/U/ لكن على الجانب الآخر، يقف خبراء الاقتصاد ورجال المال ليعلنوا تفاؤلهم بمقدم د. حازم الببلاوى نائبا لرئيس الوزراء للشئون الاقتصادية ووزيرا للمالية لما يجدونه فى هذا الشخص من قدرة على الإمساك بزمام الأمور فى هذه الفترة العصيبة بما يتوافر لديه من رؤية ثاقبة وخبرة طويلة من العمل داخل وخارج مصر، تمكنه من تحقيق ما سبق وأعلن عنه من تحقيق العدالة الاجتماعية والتخصيص الأمثل للنفقات وبتطبيق الأساليب العلمية فى الموازنة ودخول جميع ايرادات الدولة فى الموازنة العامة، وأخيرا الغاء الصناديق الخاصة. «أكثر ما يبعث الطمأنينة فى نفوس خبراء الاقتصاد من تعيين د. الببلاوى هو سعيه الجاد لإقرار آليات سيادة القانون» هكذا أكد د. محمود عبد الحى مدير معهد التخطيط القومى الأسبق، مشيرا إلى أنه متفاؤل لكونه واثقا فى قدرات د. الببلاوى إلا أنه يطالبه بضرورة اتباع أساليب المكاشفة والمصارحة فى التعامل مع المجتمع، لحثه على زيادة الانتاجية بالاعتماد على القدرات المحلية المتوافرة بما يسمح بالتوظيف الرشيد، فإنه لا مجال فى ظل هذه الظروف المتأزمة للبحث عن سبل تمويل تقليدية كالاستدانة من الخارج أو الحصول على الدعم، وأن الأمر يستوجب خطة استثمارية يتم تمويلها من خلال توفير الانفاق العام واعتماد سياسة تقشفية. واتفق د. عبد الحى مع نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية فيما يتعلق بضرورة الاستمرار فى دعم اقتصاد السوق شريطة أن يتولى رجال الأعمال أصحاب المليارات والملايين دورهم لتقديم المعاونة والمساندة لزيادة الاهتمام بالتنمية البشرية ورفع مستوى التعليم، لكى يتم تأهيل الشباب بشكل يمكنهم من الدخول إلى سوق العمل كطاقة إيجابية، مؤكدا أهمية دور الدولة فى تحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية وضبط الأسواق، لأن الرأسمالية لا تقيد يد الدولة لتحقيق العدالة وتوفير الحماية ومواجهة كافة صور الاحتكار. توجه واضح للحكومة/U/ وأكد د. ابراهيم على أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن الببلاوى من مدرسة الاقتصاد الحر ولديه تصور جيد عن مشكلات الاقتصاد المصرى، وتوليه تشكيل الوزارات الاقتصادية سيساهم فى إيجاد توجه واضح للحكومة بعد أن كان مجتمع الأعمال يشعر بالقلق فى الفترة السابقة بسبب تضارب تصريحات بعض الوزارء حول السياسات الاقتصادية ومنها مصير شركات القطاع العام التى تم بيعها لعدد من رجال الاعمال سواء العرب او المصريين. وأشار إلى أنه هناك سياسات اقتصادية عاجلة ينتظرها مجتمع الأعمال من الببلاوى كتقديم رؤية واضحة عن موقف الدولة من عمليات تخصيص الأراضى قبل الثورة وسرعة محاكمة الفاسدين فى هذا المجال لإغلاق هذا الملف وطمأنة الاستثمار. فيما قال د. على حافظ منصور أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة إن إفكار د.الببلاوى قادرة على دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام فى حال إذا ما اعطت له الفرصة كاملة، لأنه استطاع باقتدار من خلال كتاباته أن يضع يديه على نقاط الضعف الحقيقية التى تعانيها سياسات الحكومات المتعاقبة الاقتصادية التى يمكن أن تسأل عن تردى الوضع الاقتصادى فى مصر، وبالتالى فإن بقاء هذا الخبير الاقتصادى المرموق فى موقعه ينتظر أن يترتب عليه نتائج إيجابية. وأضاف أن دفع عجلة التنمية أمر مرهون بزيادة الاهتمام بالاقتصاد الإنتاجى بدلا من اتباع سياسات داعمة لاقتصاد ريعى هش لا يستطيع أن يقف فى وجه الأزمات الاقتصادية، التى أصبحت سمة متلازمة لبنية الاقتصاد العالمى، مطالبا بضرورة زيادة المخصص فى الموازنة العامة للاستثمارات العامة لما يمكن أن يترتب على ذلك من زيادة معدلات التشغيل وبالتالى تدنى معدلات البطالة، فضلا عن أهمية اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة العجز المزمن فى الموازنة وزيادة حجم الدين العام لما يمثلانه من خطورة بالغة على بنية الاقتصاد. واتفق د. منصور مع تأكيدات د. الببلاوى الخاصة بأنه من الضرورى أن يكون الاعتماد الأساسى للاقتصاد على الصادرات وليس الريع المتحقق من السياحة وقناة السويس، مشددا على أهمية اتخاذ السياسات الاقتصادية القائمة على استراتيجيات جادة لترجمة هذه الأفكار إلى واقع ملموس حيث يستوجب زيادة الصادرات الاهتمام بالمنظومة الانتاجية فى الاقتصاد المصرى سواء كان هذا الانتاج مرتبط. بالقطاع الزراعى أو الصناعى، علما بأن الاهتمام بالتصنيع هو الأمر الأكثر قدرة على تحقيق طفرات فى العائد من التصدير. إعادة فتح ملف الدعم/U/ أما د. أمنية حلمى الباحث فى المركز المصرى للدراسات الاقتصادية فأوضحت أنه من الضرورى أن تكون أهم أولويات المجموعة الاقتصادية فى حكومة شرف الثانية هى الحد من العجز فى الموازنة العامة للدولة، والذى من المتوقع ان يصل إلى 10% من اجمالى الناتج المحلى من خلال مراعاة التوازن ما بين الايرادات والنفقات، مؤكدة أن الاقتراض الخارجى غير مرغوب فيه خلال الوقت الحالي، فضلا عن أن التوجه إلى الاقتراض من المصادر المحلية ينطوى على خطورة بالغة لكونه يؤدى إلى نفاد السيولة من السوق، والتى من المفترض أن توجه إلى مشروعات تنموية تزيد من فرص العمل وليست إلى تمويل العجز فى الموازنة. وكشفت أن د. الببلاوى أصبح مطالبا الآن بإعادة فتح ملف دعم الطاقة، الذى ينفق عليه أموال طائلة تقترب فى الموازنة الأخيرة من 100 مليار جنيه يذهب الجزء الأكبر منها إلى غير مستحقيه، وبالتالى فإن الأولى إعادة توجيه هذه المليارات لدعم الفئات التى تعيش تحت خط الفقر والقريبة منه، والتى تقدر نسبتها بنحو40% من المجتمع، لافتة إلى أن الحكومة مطالبة أيضا باتخاذ سياسات تؤدى إلى الانتعاش الاقتصادى بدفع عجلة الانتاج، ووضع جداول زمنية للخروج من المأزق السياسى الذى يعيشه الشارع المصرى، الذى يلحق اضرارا بالغة بسمعة السوق المصرى فى الخارج.