رجال جمال مبارك بوابتان لا ثالث لهما، كان ينفذ منهما كل ساع ومتطلع لاختياره لشغل موقع قيادى فى مصر حسنى مبارك، هما لجنة السياسات فى الحزب الوطنى المنحل التى فصلت على مقاس نجله جمال، والمجلس القومى للمرأة برئاسة «الملكة الأم» سوزان مبارك. المنفذان استقطبا المئات من الرموز الثقافية والاقتصادية والجامعية والنابهين فى مختلف القطاعات، خصوصا الإعلام، ونجحت حاشية جمال مبارك فى تجنيد الكثيرين الذين وظفوا مهاراتهم وقدراتهم الفائقة على تلوين الحقائق والدفاع عن الباطل، لتمهيد الطريق لتولى «الوريث» جمال سدة الرئاسة، ولم يمانع هؤلاء فى التعاون بإخلاص وهمة مع الأجهزة الأمنية، كجزء من ثمن ترقيهم وصعودهم درجات السلم بسرعة الصاروخ. هؤلاء لم يجدوا حرجا ولا غضاضة فى الماضى فى الاستماتة عند تبرير سياسات النظام السابق الفاشلة والمريبة، برغم يقينهم أنها تخاصم تطلعات وأمنيات جموع المصريين، الى أن صعقتهم ثورة الخامس والعشرين من يناير، التى أفقدتهم توازنهم وأصواتهم العالية المزلزلة، لكن سرعان ما استعاد الجناح الاعلامى لجمال مبارك من بينهم أناس من المعارضة والصحافة المستقلة قدرا لا بأس به من اتزانه وقدرته الحركية والتنسيقية، وأطلوا علينا عبر منافذ ومنابر شتى، لتنفيذ خطة محكمة هدفها شق صفوف الجبهة الوطنية، وإشعار المواطن العادى بالندم على إطاحته بمبارك، وأن مصر لم تجن من الثورة سوى الفوضى والتراجع الاقتصادي وانعدام الاستقرار. وما يشعرك بالريبة والخوف من تدابير وخفايا رجال جمال مبارك أن أبواقا إعلامية عرفت بقربها من الوريث خرجت تقريبا فى وقت متزامن تشكك فى الثورة، وتذرف دموع التماسيح على مبارك لما لحق به من تجريح وإهانة لدى محاكمته دون مراعاة لشيخوخته، وانه كان وطنيا أخلص بكل ذرة في كيانه للوطن وضحى لحمايته والارتقاء به. الأعجب أن بعضهم ارتدى الزى الثورى، وصالوا وجالوا فى كتاباتهم ليحدثونا عن دورهم الخفى فى تحريك الثورة، وانتقاد السلطة. فمثلا هذا أحدهم كان يصدعنا ببرنامج سخيف تبثه إحدى الفضائيات، وتخصص فى تبيض وجه نظام مبارك، يكتب عن مثالب حكومة عصام شرف وعدم تجاوبها السريع مع الشارع، وذاك آخر يكتب أن مبارك كان ضحية لأناس حوله خدعوه وضللوه، وانه فضل المكوث على الهرب للخارج، لأنه مقاتل لا يهاب المحن. وهذا ثالث يصرح بلا خجل بأن الرئيس المخلوع لم يصدر أوامر اطلاق النار على الثوار، ثم يصدر بيان غامض المصدر يهدد بأخذ مبارك عنوة، إذا نقل لمستشفى السجن. رجاء لننتبه لما يدبره بليل رجال جمال مبارك. المزيد من أعمدة محمد إبراهيم الدسوقي