وزير الري يشارك في الاحتفال بمرور 50 عامًا على البرنامج الهيدرولوجي الدولي لليونسكو    محافظ الدقهلية يتابع نتائج لجان المرور على المنشآت الصحية بمركزي المطرية والمنزلة    وزير الري: لا مساس بنقطة مياه مصرية    دمياط: فصل المياه في بعض المناطق منتصف الليل حتى الثامنة صباحا    ننشر قائمة الدول المشاركة في قمة شرم الشيخ للسلام بحضور قادة أكثر من 20 دولة    كييف تعلن إسقاط 103 طائرات مسيرة روسية خلال الليل    باكستان تغلق نقاط عبور حدودية مع أفغانستان في ظل اشتباكات عنيفة    مصر تدين الهجوم على مركز لإيواء النازحين بمدينة الفاشر السودانية    طائرة نيجيريا تتعرض لحادث في ظروف غامضة    محمد صبحي يفوز ببرونزية وزن 88 كجم ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    تقرير.. ليفاندوفسكي يغلق بابه أمام اللعب في الدوريات العربية    جاكبو يقود تشكيل منتخب هولندا ضد فنلندا في تصفيات كأس العالم 2026    ضبط شخص يروج لبيع أدوات تستخدم فى الأعمال المنافية للآداب عبر مواقع التواصل الاجتماعى    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل تاجر الذهب في البحيرة لجلسة 10 نوفمبر    الخريف.. موسم الانتقال والحنين بين دفء الشمس وبرودة النسيم    تأجيل محاكمة 56 متهما بنشر أخبار كاذبة    تأجيل إستئناف المتهم الثاني ب " أحداث ميدان لبنان " ل 8 نوفمبر    مهرجان القاهرة السينمائي يكرم المخرجة المجرية إلديكو إنيدي بجائزة الهرم الذهبي في دورته ال46    على الصعيد المهنى والعاطفى.. حظك اليوم وتوقعات الأبراج الأحد 12 أكتوبر    فى أول زيارة منذ انتخابه مديرا عاما لليونسكو.. وزير الخارجية يستقبل خالد العناني    روبي تشعل باريس وتعلن نفاد تذاكر حفلها قبل إنطلاقه بساعات    قبل عرض أولى بطولاته.. أبرز أعمال أحمد صلاح حسني في السينما والتلفزيون    منذ الألفية الثانية قبل الميلاد.. إفلاطون بنار بتركيا يتحدى الجفاف    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    نائب وزير الصحة يحيل إدارة مستشفى الأحرار التعليمي بالشرقية للتحقيق ويوجه بإجراءات عاجلة    نائب وزير الصحة يترأس اجتماعا للإعداد للنسخة 3 من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    الخريف موسم الانتقال... وصراع المناعة مع الفيروسات الموسمية    رئيس جامعة بنها ووكيل الأزهر يفتتحان ندوة "الإيمان أولا"    بعد قرار الرئيس، هل يختلف نائب الشيوخ المنتخب عن المعين؟    قافلة دعوية برعاية «أوقاف مطروح» تجوب مدارس الحمام لتعزيز الانتماء ومحاربة التنمر والتعصب    ما حكم زيارة مقامات الأنبياء والأولياء والصالحين؟ الإفتاء تفسر    وزير الدفاع يشهد تخريج دفعات جديدة من الكليات العسكرية (صور)    شعبة القصابين: تراجع شراء اللحوم 20%.. والجزارون يتجهون لفتح مطاعم لبيع «الحواوشي»    «يونيفيل» تعلن إصابة أحد عناصرها بقنبلة إسرائيلية في جنوب لبنان    "إي آند مصر" تطلق مبادرة "صحة مدارسنا"    سويلم يلتقى نائب وزير البيئة والزراعة السعودى ضمن فعاليات أسبوع القاهرة الثامن للمياه    "سلامة الغذاء" تنفذ 51 مأمورية رقابية على السلاسل التجارية في أسبوع    آلاف المتظاهرين يخرجون إلى شوارع العواصم الأوروبية دعمًا للشعب الفلسطينى    رام الله: مستوطنون يقتحمون خربة سمرة بالأغوار الشمالية    إصابة 5 فى تصادم سيارة ملاكى وتوك توك وتروسكيل بطريق برج نور أجا بالدقهلية    هانى العتال عن تعيينه فى مجلس الشيوخ: شرف كبير أنال ثقة الرئيس السيسي    ختام جولة مشروع "المواجهة والتجوال" بمحافظة جنوب سيناء.. صور    الضرائب: الفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني شرط أساسي لإثبات التكاليف ورد ضريبة القيمة المضافة    محافظ المنوفية يدشن فعاليات المبادرة الرئاسية للكشف عن فيروس سي بمدرسة المساعي الجديدة بنات بشبين الكوم    تنفيذ ورش تدريبية مجانية لدعم الحرف اليدوية للمرأة في الأقصر    الرئيس السيسى يتابع مع شركة أباتشى الموقف الاستكشافى للمناطق الجديدة    الداخلية تضبط أكثر من 106 آلاف مخالفة مرورية في 24 ساعة    وزير الصحة يشهد حفل توزيع جائزة «فيركو» للصحة العامة في ألمانيا    رحيل فارس الحديث النبوى أحمد عمر هاشم.. مسيرة عطاء فى خدمة السنة النبوية    مدارس التكنولوجيا تعيد رسم خريطة التعليم الفنى    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    ترشيح هذه الفنانة للوقوف أمام محمد فراج في أب ولكن    سفارة قطر بالقاهرة تعرب عن بالغ حزنها لوفاة ثلاثة من منتسبي الديوان الأميري في حادث    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    نجم الأهلي السابق: توروب سيعيد الانضباط للأحمر.. ومدافع الزمالك «جريء»    استبعاد معلمي الحصة من حافز ال 1000 جنيه يثير الجدل.. خبير تربوي يحذر من تداعيات القرار    خالد جلال: جون إدوارد ناجح مع الزمالك.. وتقييم فيريرا بعد الدور الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم يحاكم الفرعون!

لاشك أن مشاعر وخواطر كثيرة ومثيرة سوف تنتابنا جميعا نحن المصريين ونحن نشاهد اليوم الرئيس السابق حسنى مبارك ماثلا فى قفص الاتهام، فى سابقة هى الأولى فى تاريخ مصر الطويل! فالمصريون القدماء أيام الفراعنةألهو وقدسوا حاكمهم .. والمصريون المحدثون قتلوه! أما مصر الجديدة مصر ثورة 25 يناير مصر الديمقراطية فلا تؤله الحاكم ولا تقتله .. ولكنها تحاكمه محاكمة عادلة. فتلك هى أعلى مراحل النضج السياسي! حقا، لقد سبق أن شهد العالم محاكمات كثيرة لرؤساء سابقين، لاشك أن أقربهما وأهمهما أثنتان:
الأولى محاكمة الرئيس اليوجوسلافى السابق سلوبودان ميلوسوفيتش عام 1999، والثانية محاكمة الرئيس العراقى صدام حسين عام 2005. الأولى أى محاكمة ميلوسوفيتش تمت أمام «المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة» التى أنشأتها الأمم المتحدة فى مايو 1993 على غرار محكمتى نورمبرج وطوكيو اللتين سبق أن شكلهما الحلفاء بعد هزيمة ألمانيا واليابان عقب الحرب الثانية عام 1945 لمحاكمة المسئولين الألمان واليابانيين الذين أرتكبو جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
أما الثانية محاكمة صدام حسين فقد تمت أمام المحكمة الجنائية المختصة فى العراق، بتهم إنتهاك حقوق الإنسان التى وجهت إليه بسبب ما تعرضت له بلده »الدجيل« العراقية عام 1982 من قمع وانتهاك لحقوق الإنسان بعد تعرض موكب صدام حسين فى أثناء مروره بتلك البلده لمحاولة أغتيال فاشلة، نظمت فى حينها من جانب «حزب الدعوة».
غير أن كلتا المحاكمتين كان لهما بلاشك- بعد دولى هو الذى كان حاسما فى إجرائها: فمحاكمة صدام حسين تمت أمام محكمة تشكلت بقرار من «مجلس الحكم» فى العراق الذى كان تحت هيمنة «سلطة الائتلاف» الموحدة وحاكمها «يول بريمر» وكان العراق فى ذلك الوقت دولة محتلة حسب تعريف الأمم المتحدة للحالة فى العراق. أما محاكمة ميلوسوفيتش فكانت دولية صريحة بحكم أساس وطبيعة تكوينها ذاته.
غير أن محاكمة حسنى مبارك اليوم هى محاكمة وطنية مصرية بحتة، وهى فى الواقع جزء لا يتجزأ من وقائع وسمات تفرد ثورة 25 يناير العظيمة ..
فمن حق شعب مصر أن يسائل وأن يحاكم حسنى مبارك ورجاله على الفساد وسواء الإدارة الذى شهدته مصر فى عهدهم، الذى أدى إلى إنحدارها إلى مستويات وأوضاع متدنية على كافة الأصعدة بدءا من التفاوت الاجتماعى والاقتصادى الفادح، والتلاعب بإرادة الشعب فى الاستفتاءات والإنتخابات المزورة إلى التدهور المشين فى التعليم والإسكان والصحة والبيئة، وحتى ذبول وضع مصر ومكانتها سواء العربية أو الإقليمية أو الدولية!
ومن حق شعب مصر أن يسائل وأن يحاكم مبارك على الموقف المشين من ثورة وثوار 25 يناير وقتل المئات من المواطنين المصريين الأبرياء الذين كان ذنبهم الوحيد هو الخروج ضمن ملايين الشعب المصري- إلى ميادين مصر وشوارعها للتظاهر ضد النظام وفساده ورجاله تحت شعار لم يكن مصادفة أنه كان يتكرر دائما بلا كلل ولا ملل، أي: سلمية .. سلمية.
ولقد نفى مبارك فى التحقيقات الأولية التى أجريت معه كلتا التهمتين: الفساد، وقتل المتظاهرين ولكن عليه أن يواجه فى ساحة العدالة أدلة الاتهام التى سوف توجه إليه وأن يواجه حكم القانون ولا شيء غير القانون!. ومن المثير هنا أن نستذكر ما قاله د. نبيل العربى (الأمين العام للجامعة العربية) فى شهر مارس الماضى من أن مبارك رفض التوقيع على اتفاقية محكمة الرؤساء التابعة للمحكمة الجنائية الدولية، عندما عرضها عليه وزير خارجية سابق «رفض العربى ذكر أسمه!» غير أن مشهد اليوم (مشهد محاكمة مبارك) يستدعى إلى ذهنى خواطر وتأملات معينة:
أولها أن حسنى مبارك هو نموذج لبعض القادة الذين لعبت الصدفة أو الحظ الدور الأهم فى حياتهم، على نحو يفوق بشدة أمكانياتهم وقدراتهم! وليست لدى أى معلومات أو ملاحظات على أسباب توليه قيادة كلية الطيران فى عهد عبدالناصر، وتوليه قيادة القوات الجوية فى عهد السادات، ولكنى أستطيع أن اتصور أنه لم يسع إلى أن يكون نائبا للرئيس، ولم يسع لأن يكون رئيسا! فاختياره نائبا للرئيس كان فقط بقرار منفرد من الفرعون السابق له (أنور السادات) الذى استدعاه عام 1975 ليخبره بقرار تعيينه نائبا للرئيس! وليس هناك من النخبة المصرية من لم يسمع عن الحكاية المشهورة التى رواها مبارك بنفسه أكثر من مرة عن الهواجس والخواطر التى دارت فى ذهنه عندما استدعاه السادات لمقابلته. فهو نفسه قال أنه كان يتوقع إما أن يتم تعيينه رئيسا لشركة مصر للطيران، أو أن يكون سفيرا لمصر فى بريطانيا (بلد الاكسلانسات!). ذلك كان أقصى ما فكر فيه حسنى مبارك من مناصب يمكن أن يتم اختياره لها! ووفقا للروايات التى نسبت إليه فقد ظل بعدها بعض الوقت غير مدرك لمغزى وأهمية المنصب الجديد الذى أسند إليه.
وتولى مبارك حكم مصر خلفا للسادات- جاء كذلك نتيجة صدفة بحتة عندما أفلت من طلقات الرصاص فى حادث المنصة، وتمكن من الإرتماء على الأرض بسرعة! وعندما نهض من تحت الكراسى ومن وسط الحطام، أصبح بذلك هو الرئيس الجديد لمصر.
ويخطر على بالى ثانيا أن حسنى مبارك كان شخصا متواضع القدرات بشكل ملفت! ففى الحالات المحدودة التى قدر لى فيها اتصال مباشر لدقائق قليلة معه، (أكثرها كان ضمن بعض الكتاب والمثقفين الأخرين خاصة فى السنوات الأولى لحكمه عندما كان يلتقى بالكتاب والمثقفين بمناسبة الافتتاح السنوى لمعرض الكتاب، وهو التقليد الذى عزف عنه فى السنوات الأخيرة، ثم ألغاه تماما) كانت ملاحظاته شديدة السطحية بل والسذاجة. وفى حالات كثيرة كان من الصعب عليه استيعاب أى أفكار غير مباشرة أو فيها بعض العمق أو التعقيد! وكثيرا ما كانت ملاحظاته أو ردود أفعاله على ما يلقى أمامه مثيرة للضحك أو السخرية. ولا أنس هنا ما حدث مع الزميل العزيز الراحل د. محمد السيد سعيد فى لقاء مبارك مع المثقفين بمناسبة افتتاح معرض الكتاب فى يناير 2005 حينما قال د. محمد لمبارك أن لديه مشروع اصلاحيا مكتوبا يريد أن يقدمه له، فقال له مبارك بسخرية واستهتار: الورقة ده حطها فى ... «جيبك»!
ويترتب ثالثا على ما سبق، أى عدم سعى مبارك للمناصب التى حصل عليها، وكذلك قدراته المحدودة، استنتاج أنه بكل تأكيد ما كان سيقدم على أحداث أى تطوير فى النظام السياسي، أو يخالف ما شهده وعرفه من اجراءات أو تقاليد لا ديمقراطية فى توالى السلطة فى مصر. فمبارك لم يشهد، ولم يعرف أسلوبا لترك السلطة فيمن حكموا مصر قبله سوى الموت، أي: وفاة عبدالناصر المفاجئة فى عام 1970، ومقتل السادات فى 1981، أما تقاعد محمد نجيب فلم يكن ينطوى على نموذج جاذب بأى حال. وبعبارة أخرى فإن السيناريو المحتمل الاغلب لو كان مبارك قد بقى فى السلطة هو أن يستمر رئيسا مدى الحياة! فى الوقت الذى يعد فيه أبنه جمال لوراثته بعد أن ترك له حكم البلاد فعليا! هنا فإن التساؤل الذى يثار: هل كانت سوزان مبارك وأبنه جمال يضغطان عليه للتخلى عن السلطة رسميا لجمال؟ أغلب الظن أن ذلك كان يحدث فعلا! ولكن هل كان مبارك سيرضخ لذلك أم أنه كان كما هو معروف عنه يعاند، مفضلا بقاءه الشكلى فى السلطة؟ كلا الاحتمالين كان واردا، ولكن الشئ المؤكد هو أن مبارك وعائلته مارسوا الحكم فى أيامهم الأخيرة- وكأن مصر سارت «عزبة» أو »ملكية خاصة« باستهتار مدهش بإرادة الشعب وجهل عميق بوعية واصراره!
لقد أنهت ثورة 25 يناير هذا كله، وأصبح مبارك اليوم ماثلا أمام محكمة الشعب فى كابوس لم يتصوره هو ولا زوجته ولا أبناه! وليس أمامهم اليوم سوى أن يمتثلوا لإرادة الشعب، ولحكم العدالة، فى مشاهد سوف تبقى حية ماثلة ليس فقط فى اذهان الشعب المصرى وإنما فى اذهان شعوب العالم قاطبة، وفى مقدمتها بالطبع الشعوب العربية وحكامها أيضا.
المزيد من مقالات د:أسامة الغزالى حرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.