يستخدم فن المسرح علميا في العلاج النفسي لكثير من الحالات الدقيقة فيما يعرف بالسيكودراما.. الجديد في هذا العرض أن السيكودراما.. كأسلوب من أساليب العلاج أصبح موضوعا مثيرا ورائعا في مسرحية شيزلونج التي يقدمها مسرح الشباب من خلال ورشة فنية للابداع يشرف عليها المخرج الشاب الموهوب محمد الصغير ويقدم فيها تحليلا لكل عيوب المجتمع والأمراض السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي نخرت عظام الوطن الطبيب النفسي المعالج قام بدوره سامح عبد السلام فيما يشبه الراوي الذي يقدم لوحات العرض ويتحاور مع مرضاه محاولا الغوص في أعماقهم وكشف المشاكل التي يعانون منها. وقدم وليد هندي دور مريض الكرة العاشق لنادي الزمالك والمنهزم نفسيا دائما بسبب الاحباط والاخفاق في الفوز بالبطولات, وقدم بسام عبدالله مشكلة مريض الصيني المفزوع من انتشار البضائع الصينية وسيطرتها علي السوق وضياع الفرصة دائما في المنافسة علي الصناعة الوطنية, وقدم مصطفي خاطر دور المريض بالماضي وهي حالة موجودة بالفعل تجعل عددا كبيرا من المسنين بل والشباب يرفضون كل ما هو حديث ويعشقون كل ما هو قديم او منتم في نظرهم للزمن الجميل, ومثلت رانيا عبد المنصف دور الفتاة المريضة بالوحدة والخوف من الناس نتيجة كثرة سخريتهم من بدانتها وقامت ريهام سامي بدور المريضة السادية التي تسعد بتعذيب الآخرين, ولعبت سارة درزاوي دور المريضة بالشعور بالذنب والاستغفار طوال الوقت والخوف المرضي من ارتكاب أي ذنب, وأدي محمد خطاب شخصية المريض الموسوس وحمدي التايه مريض الكرامة, واسماعيل السيد المريض المكتئب الذي يعاني من الوحدة, وتألق حمدي أحمد ومحمد أنور في شخصيتي زيطة وزمبليطة وهما نموذجان لمرضي الثرثرة والنميمة ومعهما مجموعة من الوجوه الموهوبة في التمثيل والأداء الحركي والغناء منهم ياسمين فهمي وعمرو بهي ورامز سامي وبلال علي وأجمل ما في عرض شيزلونج هو التجديد الدائم للمسرحية والتفاعل مع الأحداث السياسية والاجتماعية, فمن خلال المرض النفسي وحالة الفضفضة يمكن التعليق علي ما يدور في الشارع دون خروج عن الاطار العام للمسرحية.. بل هذا الارتجال المحسوب جزء من خصوصية العرض وتميزه وجزء من عمل ورش الابداع الجماعي, كان العرض قبل الثورة رائعا في تعريته لأمراض المجتمع ولحالة انعزال الناس ومعاناتهم علي كل المستويات واكتسب العرض بعد الثورة جماليات مختلفة اذ انفتحت فجأة ابواب الحرية واصبح ما كان يقال تلميحا يمكن التصريح به واجتهدت مجموعة شيزلونج في إضافة لوحات جديدة ومختلفة تناسب مناخ الثورة, وهم مجموعة موهوبة ورائعة تستحق الاستمرار والمساندة.