رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 4 أشخاص    تراجع سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه اليوم 16 أكتوبر    وزير المالية يزف أخبارًا سعيدة للمستثمرين لتخفيف الأعباء | فيديو    ارتفاع جماعى لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة نهاية الأسبوع    وزير الخارجية يلتقى رئيس اتحاد الغرف الصناعية والتجارية الهندية    بفائدة 15%.. مبادرة حكومية لتوفير 90 مليار جنيه تمويلات للصناعة والزراعة    محافظ الجيزة يتابع استعدادات انطلاق المهرجان الدولي الثامن للتمور المصرية بالواحات البحرية    السفيرة «نبيلة مكرم» تتفقد المساعدات الإغاثية لغزة وتشيد بالمؤسسات المشاركة    «الهلال الأحمر المصري»: 400 شاحنة مساعدات تستعد للانطلاق نحو غزة    فنزويلا تدين العمليات السرية الأمريكية: انتهاك للقانون الدولي    بروكسل تستعد لإعادة تفعيل بعثتها المدنية عند معبر رفح    الإدارة الأمريكية: تركيا مستعدة للمشاركة في البحث والإنقاذ بغزة    الاحتلال الإسرائيلى يقتحم عدة مناطق فى بيت لحم    مدرب شباب المغرب يتحدث عن الإنجاز التاريخي بعد التأهل لنهائي المونديال    سعد شلبي: لا ديون على الأهلي ونسعى لفرع جديد.. ونستهدف عقود الرعاة بالدولار    محمد صلاح يغادر الغردقة متجهاً إلى لندن لاستئناف مشوار ليفربول    تحرير 316 محضرًا للمخابز والأسواق خلال حملات تموينية بأسيوط    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة والعظمى تسجل 27 درجة مئوية    السيطرة على حريق نشب فى بدروم بقنا    سقوط عصابة فرض السيطرة بعد الاعتداء على طفل بحلوان    الجريدة الرسمية تنشر قرار الداخلية برد الجنسية المصرية ل23 شخصا    «ممنوع عنها الزيارة».. عمرو ياسين يكشف تطورات الحالة الصحية لزوجته    «إلهام شاهين عن مهرجان الجونة»: أجمل تجمع فني    مصر والسعودية تبحثان تعزيز التعاون الصحي المشترك وتوطين الصناعات الدوائية    وزارة الصحة تنصح بتلقى لقاح الانفلونزا سنويا لهذا السبب    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    أغذية الشتاء الذهبية.. 10 أطعمة تمنحك الطاقة والمناعة والدفء    اليوم.. محاكمة أوتاكا بتهمة نشر فيديوهات خادشة لطليقته هدير عبد الرازق    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. تنظيم قوافل دعوية بالفيوم تناقش «مخاطر التحرش وآثاره»    مصرع 4 وإصابة 3 في حادث تصادم سيارتي نقل جنوب أسوان    «الري»: مشروع مشترك بين مصر والأردن وتونس والمغرب لتحلية المياه لإنتاج الغذاء    انخفاض جديد ل الدولار الأمريكي اليوم الخميس 16-10-2025 أمام بقية العملات الأجنبية عالميًا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 16كتوبر 2025    ترامب يعتزم لقاء مودي خلال قمة آسيان    كوريا الجنوبية.. عودة خدمة "يوتيوب" للعمل بشكل طبيعي بعد انقطاع مؤقت    محافظ الغربية ووزير الاوقاف يشهدان احتفالية مولد السيد البدوي    محسن صالح: شخصية الخطيب ستتغير في الولاية المقبلة للأهلي    امتداد لتاريخ من الحضور الوطني تحت القبة.. وجوه سياسية وفنية وإعلامية ضمن المعيّنين ب«الشيوخ»    تجهيزات مسرح النافورة لفعاليات مهرجان «الموسيقى العربية» ال33    دوري المحترفين.. «وي» يواجه الترسانة في الجولة التاسعة    في العمرة.. سهر الصايغ تشارك جمهورها أحدث ظهور لها أمام الكعبة    ترامب: نزع سلاح حركة حماس لا يحتاج إلى الجيش الأمريكي    ننشر أسماء مرشحي انتخابات النواب 2025 بالفيوم بعد غلق باب الترشح    الأخبار السارة تأتي دائمًا من بعيد..    بعض المهام المتأخرة تراكمت عليك.. حظ برج الدلو اليوم 16 أكتوبر    أسعار التذاكر بعد حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    أكتوبر.. فصلُ الانتصارات المصرية    .. ورضي الله عن أعمال الصالحين الطيبين لاغير    مشكلة الميراث    أوسكار يجتمع مع حكام تقنية الفيديو بعد عودته من تشيلي    أحمد الجندي: هدفي ذهبية أولمبياد لوس أنجلوس.. وظروف طارئة منعتني من التواجد بقائمة أسامة أبوزيد في نادي الشمس    شوقي غريب يرشح 6 لاعبين من منتخب الشباب ل حسام حسن    بعد استبعادها من القائمة الوطنية.. أمين مستقبل وطن بسوهاج تقدم استقالتها "مستند"    بعد تراجع الدولار.. هل تنخفض أسعار الدواء في مصر؟    غادة عبد الرازق تعود بقوة في رمضان 2026 ب«عاليا»    هل يجوز شراء شقة بنظام التمويل العقاري بقصد الاستثمار؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الألعاب الإلكترونية المدرة لأرباح مالية حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار الخلافات والتحالفات وإدارة ميدان التحرير
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 07 - 2011

هنا ميدان التحرير‏..‏ حيث المدينة الفاضلة التي يتطهر فيها المصريون من كل الذنوب والأفعال التي يكرهونها‏,‏ مستنكرين كل السقطات التي تحدث علي أرض المحروسة‏،هنا الجمعية العمومية لشعب مصر بأكمله مسلميه وأقباطه، , مثقفيه وعماله وفلاحيه, حيث القادمون من كل مكان للتعبير عن مطالبهم وذويهم.. لقد فاق ميدان التحرير المصري في شهرته الهايدبارك في انجلترا والتايم سكوير في نيويورك, والساحة الحمراء في موسكو, وليس مستغربا أن يطلق الفرنسيون اسمه علي أحد ميادين مدينة تانت ميدجان التحرير..
لا أحد في العالم الآن لا يعرف ميدان التحرير, فمئات الكاميرات تعلق في كل الأرجاء المحيطة به لتنقل منه علي الهواء مباشرة, والأهم من كل ذلك تفاصيل الحياة وكواليس الأحداث في الميدان الأشهر..
الأهرام عاشت63 ساعة متواصلة لتنقل للقاريء تفاصيل ما يدور بين جنبات المكان الذي يحكم مصر الآن.. حكايات وأحداث ولقطات إنسانية تستدعي الرصد والتنويه بكل الدقة والاستماع لكل وجهات النظر.
مع سقوط شمس الخميس الماضي7 يوليو قررت أن أعيش التجربة بعين الصحفي والمحقق وعندما دقت عقارب الساعة الثامنة بدأت بعض السيارات تدخل الي الميدان محملة باللافتات والحبال والمواسير والأعلام والأقمشة, وكان النصيب الأكبر من هذه الأشياء تخص شباب حركة6 ابريل الذين تمركزوا في قلب الميدان المعروف باسم الصينية, وبعد أن أنزل الشباب والعمال مكونات الخيام وبعض قطع الموكيت والفراشات بدأت حركات تجميع ونصب الخيام وتغطية المظلة الكبري وعمل الأعلام الكبري, وكان الشباب والفتيات يعملون وكأنهم في مصنع والوقت يطارهم.. عددهم يتزايد يلتفون حول صينية الميدان بعد أن حلقوهاه بالحبال المشددة ووقف بعض الشباب لمنع أي شخص لا يعرفونه من الدخول أو علي الأقل يتحققون من شخصيته, ومع حلول الساعة الحادية عشرة كانت هذه الدائرة صينية الميدان في أبهي صورها.. لافتات تحدد مطالب المليونية وكميات ضخمة من بيان مطبوع يحمل عنوان الثورة أولا.. والبيان موقع من 13حركة وائتلاف وتحالف ورابطة وخمسة أحزاب أولها المصري الديمقراطي الاجتماعي..
حاولت أفهم كيف تنظم وتعد كل هذه الأمور وأين يجري الترتيب لها ومن هم فاعلو الخير الذين يدفعون الأموال لإنجاز هذه الأعمال العظيمة.. وكنت أتمني أن أجد أجوبة مقنعة لدي الشباب الذين يديرون المكان.. لكنهم كانوا يقولون كلمة واحدة نحن نجمع تبرعات من أنفسنا ونفرض غرامات علي من يقصر في أداء دوره, وآخرون قالوا: هناك بعض القيادات توفر لنا الدعم المالي, وبعيدا عن الكلام حول تدبير النفقات المالية وما يدور حوله يري شباب حركة6 ابريل أن هناك من يطلقها للنيل من سمعة الحركة التي كانت صاحبة الريادة في تحريك الشارع المصري منذ سنوات سابقة.
ثلاثي الخلافات
وبينما كنت أتحدث في قلب الميدان مع شباب حركة6 ابريل, انطلقت نحونا قذائف من الطوب والحجارة وكانت الساعة تجاوزت العاشرة والنصف وتلتها انفعالات شبابية وأصوات عالية كشفت عن خلافات حول من يحتل مكان الصدارة في الميدان, ومن يدير المنصة الرئيسية وكانت الخلافات تدور بين ثلاثي( حركة6 ابريل) ويساندها حزب الجبهة وآخرين والاخوان المسلمين من طرف ثان, ثم مجموعة الدكتور ممدوح حمزة والجمعية الوطنية للتغيير, ولأن شباب6 ابريل كانوا قد استقروا في قلب الميدان وأحاطوا خيامهم مسبقا بالحبال واللجان الشعبية فلم يستطع أحد الاقتراب من حصونهم, خاصة أن الخلاف علي مكان المنصة لم يكن مهما بقدر ما كان يهمهم الاعتصام في قلب المكان لأنهم قرروا مسبقا الاستمرار في الاعتصام, بل كشف بعضهم عن سيناريو التصعيد المتوقع والذي يتمثل في اقالة حكومة شرف واتخاذ موقف ضد المجلس العسكري قد يصل الي أقصي حد.
ومع حلول منتصف ليلة الجمعة اشتد الخلاف بين أنصار ممدوح حمزة والجمعية الوطنية للتغيير والاخوان المسلمين, فعندما ذهب الإخوان الي الاتجاه المؤدي لميدان الفلكي محاولين السيطرة علي المكان, تكتل ضدهم الشباب الآخرون مرددين.. لا أحزاب ولا إخوان, وعندما حدثت احتكاكات خفيفة ردد الاخوان شعار إيد واحدة.. إيد واحدة وظلوا يرددون هذا الشعار كلما تجددت الاحتكاكات وعندما لم يجد أنصار الاخوان حلا طالبهم الدكتور أسامة مندوب الاخوان في اللجنة التنسيقية بالتراجع باتجاه مجمع التحرير, وبدا عادل عفيفي مندوب الاخوان في اللجنة التنسيقية معترضا وعندما سألته عن سبب اعتراضه قال لي: هذا مكان الاخوان وأنا سبق لي عمل 12 منصة في هذا المكان في كل المليونيات السابقة, وفجأة يأتي الدكتور ممدوح حمزة وبعض رجاله والجمعية الوطنية لأخذ هذا المكان, وزاد الأمر أن شباب الحركات واليسار طالب الإخوان بعدم عمل منصة لأنهم قاموا بتغيير وجهة نظرهم كما أنهم كانوا يرفضون هذه المليونية.
اجتماع عاجل
الخلاف انتهي عقب اجتماع عاجل جري تدبيره في أحد المقاهي المجاورة للميدان شارك فيه ممثلان للاخوان والدكتور ممدوح حمزة وآخرون من حركة 6 ابريل وبعض الائتلافات, ويبدو أن اللقاء لم يسفر عن شيء وحاول الإعلامي حسين عبدالغني تقريب وجهات النظر ولكن الدكتور المستشار محمد فؤاد جادالله نائب رئيس مجلس الدولة والخبير الدولي في حقوق الإنسان اقترح أن تكون منصة الإخوان هي منصة الميدان الرئيسية وبقية المنصات الأخري تترك للشباب وهذا الكلام لم يروق للتيارات الأخري, فظهرت في الميدان ثلاث منصات كبري الأولي للاخوان المسلمين والثانية لممدوح حمزة والثالثة لحزب الجبهة وأنصار البرادعي, وبدأت كل مجموعة تحيط مكانها بالشباب خوفا من هجوم الآخرين لكن روح المصريين وسر ميدان التحرير الباتع هما الذين وحدا الجميع تحت شعارات الثورة أولا ومصر ولا اخوان ولا أحزاب, وبرغم جولة الدكتور محمد البلتاجي القيادي البارز في الإخوان في الميدان وحديثه الي الشباب إلا أنه قوبل بعاصفة حادة من الانتقادات لموقف الإخوان حتي قال له بعض الشباب انتم جئتم لسرقة جهد الثوار ولكن البلتاجي رد بهدوء.. نحن كلنا مصريون وميدان التحرير ليس ملكا لأحد ولا يحق لأحد إدارته.
وفعلا اتفق الشباب علي التمسك بوحدة الميدان وساهم في تلطيف الجو مرور موكب الالتراس الأهلاوي بعد فوزهم بدرع الدوري, ومع حلول الليل بدأ الشباب يتدفق علي الميدان وبعد أن صلي المعتصمون الفجر في المكان كانت اللافتات تزين المكان وبعد طلوع الشمس بدأ القادمون من المحافظات البعيدة يصلون فهناك ثلاثة يحملون حقائب سفرهم قدموا من سوهاج ليدخلوا الاعتصام, لكن الحاج فارس سيد عبدالحافظ جاء وبرفقته 16 آخرون من قرية بني حسين محافظة أسيوط, وهم يرتدون الجلباب الصعيدي ويحملون مطالبهم الصعيدية مكتوبة علي كرتونة وعندما سألته لماذا أتيت من الصعيد: أجابني بفصاحة: نحن الآن متهمون بالسلبية وبرغم أننا نعيش في بلاد مهمشة خدميا وإعلاميا إلا أن إحدي السيدات وصفتنا بأننا نمثل حزب الكنبة وهي تقصد أننا لا نتحرك وهذا ظلم للصعيد وأهله, خاصة أن الصعيد مازال يعيش تحت قيادة ووطأة رموز الفساد ومازال مثلا محمد عبدالمحسن صالح الذي يمثل أكبر رمز لفساد الحزب الوطني في أسيوط يسيطر علي كل شيء, ومازال المسئولون في أسيوط يتعاملون مع الناس بتعال ولا يوجد عندنا أي وسائل إعلام تعبر عن أحوالنا خاصة أننا نعيش الفقر المدقع, لذلك أتينا هنا الي ميدان التحرير لنعبر عن الملايين من الصعايدة الذين لا تساعدهم ظروفهم علي المجيء الي الميدان..
وبينما كنت أتحدث مع الحاج فارس الصعيدي في وسط جموع كبيرة من الناس هتف صعيدي آخر بما يحفظ من شعر قائلا:
ارفع صوتك يامن كنت من الأحرار
ارفع صوتك فأمامك الطاغية منهار
كم من أعوام مضت ما رأينا فيها إلا مرار
وقد انتهي عصر مبارك وفرعون وهامان
ولم تكن أسيوط فقط فهناك مجموعات أخري من أسوان وسوهاج والشرقية والاسكندرية وغيرها لكن الذي كان مؤثرا تعرض الشاب وليد نجاح لمحاولة مداهمة بسيارة في الميدان وعندما تنبه الناس لهذه السيارة هربت باتجاه كوبري قصر النيل تريد إفساد الليلة.
عريس بين المعتصمين
كان حفل زفاف الشاب محمود عبدالتواب الحاصل علي بكالوريوس تجارة علي عروسه داليا مجدي خريجة آداب عين شمس لافتا للنظر, حيث تجول بعد الساعة الواحدة ليلا بين المعتصمين وقوبل بترحاب كبير وتحديدا من شباب الفيس بوك الذين بدت ملامحهم واضحة في الميدان وقد وصفهم لي عاطف صاحب نصبة شاي بأنهم أجمل شباب الميدان وأكثرهم ثقافة وأدبا في التعامل وأنهم يعطونه أكثر من حقه.. وعاطف أصبح يأتي يوميا بعدة الشاي سواء كان هناك اعتصام أو مظاهرة أو لم يكن فهناك رواد يطلبون المشروبات يوميا.. أما محمد الذي اعتاد الوقوف بثلاجة المياه المعدنية والغازية فهو الأسعد بهذه الثورة لأنه كان يكسب ألف جنيه علي الأقل في المليونيات الماضية ويتوقع أن يحقق أضعاف هذا المبلغ في جمعة الثورة أولا لأن الحر كان شديدا.
الذي عاش ليلة الجمعة بحلوها ومرها وجمالها حتي وقت صلاة الجمعة وما بعدها, يتأكد له فعلا أن ميدان التحرير ينجح في تطهير المصريين من كل الأفعال والسلوكيات التي يكرهونها فالذين كانوا يتشاكلون بالليل علي قيادة الميدان امتثلوا بالنهار الي رغبة مئات الآلاف في الميدان لدرجة أن الذي يتجاوز لا يسمح له بالبقاء علي المنصة, لكنه كان واضحا للجميع أن هناك ثلاث جهات تدير الميدان الأولي عرفت شكلا بأنها تابعة للجنة التنسيقية للثورة, لكن الجميع في الميدان كان يعرف أنها مركز تجمع الاخوان المسلمين ومؤيديهم, وقد كانت هي المنصة الأكبر والأعلي صوتا, كما أنه كان أسفلها عامرا بالعصائر والمياه والمأكولات التي تلقي بين الحين والآخر علي الجماهير وأحيانا بصورة غير لائقة.. ومن هذه المنصة تحدث قادة الإخوان الذين حضروا ومنهم الدكتور عبدالرحمن البر دياب والكابتن نادر السيد والدكتور محمد البلتاجي والمستشار محمود الخضيري والمستشار زكريا عبدالعزيز والدكتور محمد سليم العوا وجورج اسحق وآخرين, ركزوا جميعهم علي مطلب واحد يتمثل في سرعة المحاكمات وإسقاط الفساد وتطهير الداخلية من رموز الفساد وغيرها.. وفي نفس الوقت كانت منصة البرادعي يديرها مجموعة من الشباب يقودهم الدكتور عمرو حمزاوي الذي وقف متحدثا أكثر من مرة, بينما كان يتحدث علي منصة الدكتور ممدوح حمزة بعض الشباب والإعلاميين وغيرهم مثل وائل الابراشي.
أما الأحزاب في الميدان, فقد بدت غير مؤثرة في هذه الجمعة برغم وجودهم وبرغم وجود ثلاث منصات لأحزاب الوفد والتجمع والناصري, وكل حزب كان يدفع بقادته للتحدث الي الشباب لكن الأعداد التي كانت تستمع لا تقارن ولا تقترب أبدا من التجمعات الأخري, بل في الوقت الذي يقف فيه حوالي خمسون ألف شخص تحت الشمس المحرقة يستمعون أو يقدمون التحية الي الدكتور سليم العوا هاتفين باسمه كان يقف أمام الوفد نحو ألف شخص وعدة مئات أمام منصات الأحزاب الأخري, أما الأحزاب الجديدة فقد أفرط ممثلوها في توزيع المطبوعات التي تحمل أفكارهم وعناوينهم والتليفونات مع تأكيد كل هذه المنشورات تأييد مطالب الثورة.
بحث في الميدان
أمام مبني الجامعة الأمريكية وجدت مجموعة من الشباب والفتيات يوزعون استمارة بعنوان: التحرير عايز إيه وأمامهم الآلاف من هذه الاستمارة وصناديق زجاجية ويضعون عدة أسئلة منها من هو صانع الثورة؟ ويضعون اختيارات( الشعب الجيش أم الجواسيس) وأسئلة أخري حول المحاكمات وقضايا الفساد وغيرها وعندما سألت عمن يدير هذه المجموعة ويدعي محمد فهمي بكالوريوس تجارة أجابني بأنه عمل بحثي تطوعي لمعرفة مباديء أغلبية الثوار ورفض الافصاح عن أية تفاصيل حول هذا البحث, ومن أعد هذه الورقة المطروحة علي الناس.. خاصة أنهم كانوا حريصين علي الحصول عليها وعمل علامة بقلم فوسفوري علي يد كل من قام بملء البيانات.
في هذه المليونية حمل الكثيرون لافتات تتعلق بقضية الأجور ورفع الكثيرون شعارات العدالة للجميع.. وحد أدني للأجور.. للي عايشين في القبور.. وحد أقصي للأجور للي عايشين في القصور.. بل إن كثيرين لديهم عمليات حسابية تقول بأن كل مواطن مصري كان يسرق منه خمسة دولارات يوميا وأن عقد الغاز لو تم تعديله فسوف تتمكن الحكومة من رفع الأجور بحد أدني ألف جنيه وبرغم أنني لا أدري كيف حسبوها لكن عم فؤاد مصطفي الموظف الذي جاء من أسوان بعد 14 ساعة سفر يتمني زيادة المعاش الخاص به فهو يتقاضي 426 جنيها ولديه أمل أن تعمل الثورة علي زيادة المعاش وهذا كل ما يعنيه.
سألت الدكتور عمرو حمزاوي والناشط جورج اسحق مؤسس حركة كفاية حول امكان اعتصامهما من عدمه, فقال كل منهما علي حدة لن نعتصم ولسنا ضد أن يعتصم الشباب ويعبر عن وجهة نظره وهذا المشهد تكرر أيضا مع قيادات الاخوان فمحسن راضي القيادي الاخواني وآخرون أكدوا عدم اعتصام الاخوان وعدم بقائهم في الميدان بعد الساعة السادسة, لكن قيادات الحركات والتيارات يبدو أنهم لم يتمكنوا من السيطرة علي الشباب الذين أعلنوا استمرار الاعتصام, مؤكدين أن لديهم أجندة للتصعيد مالم تستجب الحكومة والمجلس العسكري لمطالبهم المعروفة لكل الدنيا الآن.. وحول تلميحاتهم بالتصعيد قال شباب حركة6 ابريل لدينا خطوات تدريجية سوف نبدأ بالمطالبة بإقالة الحكومة ونطالب بسحب الصلاحيات من المجلس العسكري, لكن لدينا أملا أن يستجيب لنا المجلس العسكري والدكتور عصام شرف ونفض الاعتصام حتي تتحرك عجلة الاقتصاد.
هذا ما حدث في جمعة8 يوليو ويبقي الاعتصام مستمرا والثورة أولا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.