نحن هنا امام عمل مميز يعكس الروح المصرية التي تلون بها ميدان التحرير علي مدي18 يوما شهدت ولادة ثورة بيضاء اشاد بها العالم تحتل فيه الصورة موقع البطولة. اختارت المصورة كريمة خليل عبر كتابها رسائل من التحرير لتعبر عن الثورة المصرية من خلال ما جمعته من صور التقطتها بنفسها بالاضافة الي ما التقطه مصورون آخرون, لتختار منها ما يعكس تلك الحالة الفريدة التي سيطرت علي ميدان التحرير في محاولة لتقديم قراءة مختلفة للثورة عبر ما رفعه الثوار من شعارات ولافتات عكست مشاعر الإحباط التي خلفها نظام بائد حكم مصر لمدة30 عاما, كما انها لم تغفل ايضا شعارات ولافتات الاحتجاج المبتكرة التي ابتدعها المصريون باختلاف انتماءاتهم واعمارهم في الميدان حتي وان تلون الكثير منها بخفة الدم المصرية وسلاح السخرية الذي استخدمه المصريون بدون ترخيص منذ بدء الثورة. عن تلك التجربة تقول خليل لقد كنت منذ بداية الثورة لم أعد وانضم للميدان إلا يوم292 يناير وابهرني ما رأيته هناك وما ابتكره الشعب المصري تعبيرا عن مشاعره المختلفة ورغبته في الحرية, وجذبتني بشدة لافتة رفعها احد الاشخاص كتب عليها كنت بخاف وبقيت مصري فشعرت انه لابد من توثيق ما اراه فاستخدمت الكاميرا لالتقاط وتوثيق كل تلك المشاهد الانسانية واللافتات والشعارات, فكنت امضي يومي بكامله في الميدان. وفي النهاية تجمع لدي مئات الصور وبالطبع وجدت آلاف الصور الاخري التي قام بالتقاطها مصورون آخرون وبعض الاصدقاء حتي اصبح لدي7000 صورة, وكان من الصعب جدا ان اختارها جميعا واضعها في كتاب خاصة ان مثل هذا العمل سيتطلب جهدا كبيرا من اكثر من شخص وسيحتاج وقتا طويلا لاخراجه علي مستوي الجودة المطلوب, بالاضافة الي تتبع حقوق الملكية الفكرية لتلك الصور واستئذان مصوريها. لذا فضلت ان اقوم بتقليص العدد الي150 صورة فقط شارك فيها معي35 مصورا حرصت من خلالها علي ان اعكس التنوع الذي تميز به الميدان اثناء الثورة سواء فيما يتعلق بالفئات والشرائح العمرية المختلفة التي وجدت بالميدان او الانتماءات الدينية والسياسية, فهناك الإخوان والسلفيون والاقباط وبالنسبة للسيدات كان هناك المحجبات وغير المحجبات ومن ترتدي النقاب. التنوع في اللافتات والشعارات التي رفعها المصريون في الميدان عكس مشاعر مختلفة مثل الغضب والعزيمة والصمود والإحباط والحماس والسخرية والحزن, خاصة تلك التي رفعها اهالي شهداء الثورة ومصابيها. وعن اكثر اللافتات التي تأثرت بها في الميدان تصف خليل لقطة لاسرة مكونة من5 افراد, الاب والأم واطفالهما الثلاثة يقفون متجاورين كل منهم يرفع لافتة كتب عليها كلمة واحدة فقط ليشكلوا معا في النهاية جملة واحدة جئنا لنقبل أقدام شباب الثورة. والكتاب الذي نفدت طبعته الأولي بعد3 اسابيع فقط وتم اصدار طبعة ثانية منه تنوعت فيه اللقطات ما بين اللافتات الورقية وتلك التي كتبت علي خامات اخري كالكارتون والقماش او حتي عبارات الاحتجاج التي كتبها المصريون علي جباههم وايديهم او علقوها علي رءوسهم مثل كلمة ارحل التي تصدرت المشهد اثناء الثورة كمطلب رئيسي وغيرها من العبارات التي عكست كسر حاجز ا لخوف الذي ساد لعقود. نعم نجحت الثورة ورحل مبارك وبقيت تلك الصور وما تحتويها من لافتات وشعارات كشاهد علي عظمة هذا الشعب وسجل للاجيال القادمة حتي تتمسك بروح الميدان التي اثبتت ان مصر تتسع لنا جميعا, فقط اذا ما تركنا اختلافاتنا جانبا وتوحدنا للحفاظ عليها. تحرير: كريمة خليل صدر عن دار نشر الجامعة الأمريكية