مراجعة الخريطة الحزبية(2) لا يكفي أن نكرر القول بأن الديمقراطية هي الأحزاب وأنه لا ديمقراطية بدون أحزاب وإنما ينبغي أن نقول بأنه لايمكن الحديث عن ديمقراطية حقيقية لمجرد وجود عدد كبير من الأحزاب وإنما الديمقراطية الحقيقية تبدأ بوجود ديمقراطية داخل الأحزاب نفسها بدءا من المراحل الأولي لتأسيسها ووصولا إلي اختيار كوادرها القيادية. وإذا كنا نقول- والقول صحيح- بأن إطلاق حرية إنشاء الأحزاب في مصر يمثل تحولا تاريخيا في مسيرة الحياة الديمقراطية فإن من الضروري أن تجري الأحزاب بمبادرة ذاتية من داخلها تحولات وتغيرات تتلاءم مع الواقع الجديد الذي أفرزته ثورة25 يناير علي سطح السياسة المصرية. أريد أن أقول إننا بعد أن انتقلنا هذه النقلة التاريخية بإزالة كل القيود علي إنشاء وتكوين الأحزاب فإن من الضروري أن ينهج كل حزب في داخله ذات النهج بفتح الأبواب أمام بروز قيادات جديدة بحيث تكون كوادر كل حزب بالانتخاب الحر المباشر علي كل المستويات التنظيمية. لقد آن الأوان لكي تصبح عناوين الديمقراطية داخل الأحزاب عناوين محسوسة وملموسة لدي الناس وليست مجرد أطر وتشكيلات حزبية علي الورق أو بضعة مقاعد في البرلمان أو مجموعة صحف تنطلق بالصياح والصراخ فقط. والحقيقة أن الناس لن تتسابق علي دخول الأحزاب بالدرجة الكافية من أجل الإسهام في تنشيطها وتفعيل دورها وإثبات وجودها علي الساحة إلا إذا توفر لهم حد أدني من المصلحة الذاتية أبسطها مصلحة الشعور بأنهم في مجتمع يتماثل مع قول رسول الله صلي الله عليه وسلم:' الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي علي عجمي إلا بالتقوي والعمل الصالح'. وإذا كانت الديمقراطية تمثل للنخب السياسية حق ممارسة الحرية وتداول السلطة فإنها تمثل للشريحة الكبري من المواطنين الكفاية والعدل والمساواة... وكما قال الفيلسوف الفرنسي جوستاف لوبون فإن الديمقراطية عند عامة الناس شئ وعند المثقفين شئ آخر... فأول ما يفهمه العامة من الديمقراطية هو المساواة في حين أن كل ما يعني المثقفين من الديمقراطية هو الحرية وما يعني السياسيين من الديمقراطية هو اعتلاء السلطة. وفي اعتقادي أنه ليس صعبا ولا مستحيلا علي الأحزاب أن تحقق في المرحلة المقبلة معادلة الحرية والمساواة وحلم الوصول للسلطة لتضمن لنفسها مكانا علي الخريطة السياسية. خير الكلام: النجاح لا يطرق أبواب من يخاصمون الأمل! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله