"المهندسين" تكرم مراكز التدريب والمحاضرين المعتمدين -تفاصيل الحفل    وزير الرى يلتقي المدير التنفيذي لمصر بمجموعة البنك الدولي لاستعراض مجالات التعاون المشترك بين الوزارة والبنك    وزير الاستثمار يبحث سبل تعزيز الشراكة بين مصر ومجموعة البنك الدولي    شوارع بلا ظل.. أهالي الأقصر يطالبون بخطة عاجلة لتجميل وتشجير الطرق    تراجع المبيعات وتغيير اللوجو.. الدماطي يعلن "انقسام دومتي"    البنك الأهلي المصري يبرم بروتوكول تعاون مع شركة أجروفود لتجارة الأقطان وإنتاج التقاوي    كييف تعلن إسقاط 59 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    السيسي وتميم يؤكدان أهمية تشكيل جبهة موحدة لحماية الأمن القومي العربي    الاحتلال يكثف إجراءاته بالضفة.. مئات الحواجز والبوابات الحديدية    زلزال بقوة 3.2 ريختر يهز المدية جنوب العاصمة الجزائرية    وزير الخارجية البولندي يوضح حقيقة الطائرات المسيّرة التي اخترقت أجواء بلاده    أسامة جلال: نحلم بمواجهة باريس سان جيرمان    ميدو: حالة الأهلي الفنية تحتاج تدخل الأمم المتحدة.. مش قرار رابطة    مزراوي: هناك إيجابيات رغم خسارة ديربي مانشستر    أبرزها مواجهة الزمالك والإسماعيلي، مواعيد مباريات الجولة السابعة من الدوري المصري    دفاع المتهمة بقتل 6 أطفال ووالدهم بدلجا يشكك في رواية الزوجة الأولى للمجني عليه: استخدمت نفس المبيد سابقا    الأرصاد: انخفاض في درجات الحرارة بدءا من الثلاثاء    محافظ الغربية: مدارس المحافظة جاهزة في أبهى صورة لاستقبال العام الدراسي الجديد    من الإسكندرية لأسوان.. قصور الثقافة تنشر البهجة في اليوم المصري للموسيقى    مصر تفوز بجائزة الآغا خان العالمية للعمارة 2025 عن مشروع إعادة إحياء إسنا التاريخية    تعليق مفاجئ من آمال ماهر على غناء حسن شاكوش لأغنيتها في ايه بينك وبينها    الدكتور هشام عبد العزيز: الرجولة مسؤولية وشهامة ونفع عام وليست مجرد ذكورة    رئيس الوزراء يُتابع طرح الفرص الاستثمارية المتاحة في قطاع الصحة    وزير داخلية لبنان: إحباط تهريب 6.5 مليون حبة كبتاجون و700 كيلو جرام حشيش للسعودية    "التوازن النفسي في عالم متغير" ندوة بالمجلس القومي للمرأة    المستشار محمد عبد المجيد يكتب : رصاصة في قلب أمريكا    الإعلان عن مسابقة للتعاقد مع 964 معلم مساعد حاسب آلي بالأزهر الشريف    قبل الشراء .. تعرف علي الفرق بين طرازات «آيفون 17» الجديدة    نشر الوعي بالقانون الجديد وتعزيز بيئة آمنة.. أبرز أنشطة العمل بالمحافظات    قيمة المصروفات الدراسية لجميع المراحل التعليمية بالمدارس الحكومية والتجريبية    الأوقاف تعلن المقبولين للدراسة بمراكز إعداد محفظي القرآن الكريم    إسماعيل يس.. من المونولوج إلى قمة السينما    الفريق أسامة ربيع ينعى 4 مرشدين رحلوا خلال عام 2025    ترامب يهدد بإعلان «حالة طوارئ وطنية» في واشنطن لهذا السبب    «الرعاية الصحية»: منصة إلكترونية جديدة تربط المرضى بخبراء الطب بالخارج    العملات الرقمية وراء تعرض شاب للاحتجاز داخل شقته بمدينة 6 أكتوبر    استقرار حالة أخصائى التدليك فى إنبي بعد تعرضه لأزمة صحية عقب مباراة الأهلي    كارلوس ألكاراز في الصدارة.. ترتيب التصنيف العالمي لكرة التنس    بدء صرف «تكافل وكرامة» عن شهر سبتمبر الجارى ب4 مليارات جنيه    جامعة أسيوط تعقد الاجتماع النهائي للجنة تحكيم الدورة الثالثة لجائزة الجودة والتميز 2025    رضوى هاشم: اليوم المصرى للموسيقى يحتفى بإرث سيد درويش ب100 فعالية مختلفة    دورة تكريم أمينة خليل.. الأفلام المشاركة في مسابقة «ميدفست» السينمائي بنسختها السابعة    محافظ الوادي الجديد: اعتماد 4 مدارس من ضمان جودة التعليم بالخارجة وباريس    درونز وقناصة و"الوحش".. بريطانيا تستقبل ترامب بأكبر عملية تأمين منذ التتويج    أول هدف وفوز وهزيمة.. 4 أمور حدثت لأول مرة فى الجولة السادسة بالدورى    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 126 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    صحة الإسماعيلية تنظم احتفالا باليوم العالمى لسلامة المريض الموافق 17 سبتمبر    أيمن الشريعي: الأهلي واجهة كرة القدم المصرية والعربية.. والتعادل أمامه مكسب كبير    وزير الصحة يترأس اجتماع «التأمين الشامل» لمناقشة التطبيق التدريجي بالمحافظات    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : هذا ما تعلمناه؟؟    أسعار الذهب اليوم في مصر.. عيار 21 يسجل 4900 جنيه للجرام    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : شكرا سيدى إبراهيم البحراوى    ما حكم قتل القطط والكلاب الضالة؟ دار الإفتاء المصرية تجيب    فلكيًا بعد 157 يومًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 في مصر    بقبلة رومانسية.. سيلينا جوميز تشعل السجادة الحمراء في حفل إيمي ال 77    استئناف محاكمة عنصر إخواني بتهمة التجمهر في عين شمس| اليوم    بالأسماء.. إصابة 4 من أسرة واحدة في البحيرة بعد تناول وجبة مسمومة    لقاء الخميسي في الجيم ونوال الزغبي جريئة.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاولات كسر مصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 02 - 2010

ما الذي فعلته مصر أو المصريون لتستحق عليه كل هذه المحاولات التي تستهدف كسرها وزعزعة استقرارها وإثارة العداء من حولها ونشر الفوضي بين ربوعها؟ والسيناريو واحد‏,‏ حملات إعلامية بالغة الشراسة تعتمد علي المغالطات وتزييف الواقع وتوجيه الاتهامات المسيئة والتصاعد بها إلي حد التخوين والخروج علي الدين والقومية والوقوف إلي جانب أعداء الأمة والملة‏,‏ ومظاهرات في عواصم ومدن عربية ذات توجهات وأهداف معروفة وواضحة‏,‏ ولا بأس من إحراق الأعلام المصرية وما يرتبط بذلك من طقوس‏,‏ واعتصام العشرات أمام أبواب السفارات والقنصليات المصرية بالخارج‏,‏ والهجوم أحيانا عليها واقتحامها‏.‏
لماذا تواجه مصر ويواجه المصريون كل هذا؟ وهل فقدت مصر هيبتها إلي الدرجة التي تسمح بتطاول كل هؤلاء المتطاولين؟ هل هانت مصر إلي حد تشجيع الآخرين علي العمل دون كلل لكسرها‏,‏ وكسر إرادتها‏,‏ ومحاصرتها بالفوضي والضغوط؟ أم أن يد مصر أصبحت أقصر من أن تطول كل هذه القوي؟ أم أن أمنها الوطني فقد أهميته وبالتالي تجرأ الآخرون عليه وبدأوا في تنظيم خلايا إرهابية داخل مصر مثلما فعل حزب الله؟
إن اختلاف الأهداف والمصالح والسياسات لا يمكن أن يكون مبررا لما يجري‏.‏ لقد اختارت مصر طريق السلام بعد أن حققت انتصارها الكبير في معركة أكتوبر‏1973.‏ ولقد حاولت بإخلاص أن تقنع الآخرين بضرورة السلام وشرحت ظروفها والظروف الدولية والإقليمية التي تفرض هذه المسيرة‏,‏ ولكن الكل تقاعسوا بل وعجزوا عن تقدير الأمر بصورة صحيحة فهل تدفع مصر ثمن اختيارها للسلام؟ أم ندفع نحن ثمن عجز القيادات المسئولة عن الفهم والتقدير؟
ثم لقد التحق العرب‏,‏ كل العرب بعد ضياع وقت ثمين بقطار السلام‏,‏ وبدأت دول عربية تستجدي السلام من إسرائيل والولايات المتحدة‏,‏ فلماذا هذا الإصرار علي العمل بكل همة لكسر مصر وإرادتها؟
لقد تمكنت مصر من استعادة سيادتها علي كل ترابها الوطني‏,‏ فما هو الخطأ في ذلك؟ هل كانوا يريدون أن تستمر مصر في الحرب من أجلهم؟ هل كان المطلوب أن يعمل الجيش المصري في خدمة الآخرين‏,‏ ولو تحول إلي جيش من المرتزقة لا يتقاضي أي مقابل من العرب حتي ولو كان الشكر؟
وكما أصبح واضحا ومؤكدا كحقائق تاريخية‏,‏ إن مصر تحملت أعباء هائلة من أجل القضية الفلسطينية التي ليست قضية مصرية‏,‏ وقد أدي هذا الانغماس إلي نزيف اقتصادي وبشري أدي في النهاية إلي تحول مصر من دولة من دول العالم الثاني إلي دولة تقف علي مشارف العالم الرابع‏,‏ أما بشريا فقدمت كل قرية مصرية عددا من الضحايا أكثر مما قدمته دول عربية كثيرة‏.‏
كان أهل الحكم في هذه الدول يتحدثون عن الحرب ولا يحاربون‏.‏ أما مصر فكانت تحارب ولا تتحدث‏,‏ والآن يتصدر المتحدثون الساحة‏,‏ وتتعرض مصر للأذي‏.‏
ولكن ولكي توضع الأمور في نصابها‏,‏ إن الفلسطينيين هم أصحاب القضية‏,‏ ولقد ذهبت منظمة التحرير الممثلة لكل الفلسطينيين كما تقول أدبياتهم إلي اوسلو ووقعت اتفاق سلام مع إسرائيل‏.‏ وبدأ مشوار السلام الفلسطيني الإسرائيلي‏.‏ فهل المطلوب أن تكون مصر ويكون المصريون أكثر فلسطينية من الفلسطينيين؟
وإذا ما اختلفت الرؤي الفلسطينية‏,‏ وانقلبوا بعضهم علي بعض ونشبت الحرب بينهم واحتدمت الصراعات‏,‏ فما هو المطلوب مصريا؟ هل تنحاز مصر إلي هذا أو ذاك؟ ومن المنطقي ألا تنحاز مصر إلي طرف من الأطراف‏,‏ وألا تسمح لطرف أن يؤثر في قرارها‏,‏ فلا حماس أيا كانت ورطتها وورطة أهل القطاع قادرة علي تصدير المشكلة إلي مصر‏,‏ ولا مصر مستعدة لرهن قرارها لأي طرف أيا كانت الضغوط التي تتعرض لها‏.‏
ومن الجدير بالذكر أن مصر مرت بعدة مراحل في علاقتها بالمنطقة والحفاظ علي هيبتها والدفاع عن مصالحها منها‏:‏
في العصر الملكي الذي سبق‏23‏ يوليو‏1952,‏ كانت القوة الناعمة وسيلة مصر في حماية وتعظيم مصالحها وفرض هيبتها علي الجميع‏,‏ فبالتعليم والفن والأدب والثقافة والعلم مارست تأثيرها‏.‏ خلال هذه المرحلة لم يكن البترول قد تعاظم دوره‏,‏ لذا كانت معظم الدول تعتمد علي الدعم الخارجي‏,‏ خاصة من مصر‏.‏ وحفظ الجميع لمصر دورها‏,‏ والأهم أن نهضة مصر التي بدأت مع بداية القرن التاسع عشر أثرت بشكل إيجابي في المنطقة وكانت الحضارة تبعث بإشعاعها إلي المنطقة ككل وتدفع بها علي طريق التقدم‏.‏
في المرحلة اليوليوية‏,‏ بدأ الانقسام بين ما سمي الدول الثورية والدول الرجعية‏.‏ ولم يتورع الثوريون عن إثارة الاضطراب بالدول الرجعية والتآمر والعمل من أجل وصول انقلابيين إلي قمة السلطة‏.‏
وكانت المؤامرات ومساندة القوي الانقلابية والمتمردة والمعارضة‏,‏ واغتيال الخصوم‏,‏ واختطاف البعض واحضارهم في صناديق من أماكن إقامتهم إلي العواصم الثورية خاصة القاهرة‏,‏ وسيلة فعالة لإقناع الآخرين بإظهار الاحترام للدول الثورية علنا علي الأقل وعدم التعرض للمصريين‏.‏
ولكن الوحدة المصرية السورية عام‏1958,‏ وماجري من انفصال عام‏1961,‏ وسياسة المغامرات الخارجية والتورط المصري في اليمن ابتداء من خريف عام‏1962‏ والهزيمة المروعة في يونيو‏1967,‏ أدت إلي انكسار القوي الثورية وتراجعها وعجزها عن اتمام مشاريعها الثورية واضطرارها لمد اليد للدول التي قالوا إنها رجعية بحثا عن الدعم والمساعدة‏.‏
وخلال هذه الفترة‏,‏ أدت الظروف الاقتصادية والسياسية والأوضاع التي ترتبت علي سياسات اقتصادية سيئة إلي بدء خروج المصريين للعمل في الخارج خاصة في العالم العربي‏.‏ ويوما بعد يوم زاد حجم هذه العمالة‏,‏ ونتيجة لزيادة نسبة البطالة في مصر فقد تحولت هذه العمالة إلي ورقة ضغط علي النظام المصري‏.‏ أي كلما غضبت هذه الدول من مواقف أو سياسات مصرية‏,‏ كانت تلجأ لعقاب مصر عن طريق ترحيل هذه العمالة أو طرد نسبة منها‏.‏
مرحلة ما بعد أكتوبر ومشوار السلام‏,‏ وكان واضحا أثناء قمة بغداد العربية التي قررت عزل مصر وتجويعها عقابا لها علي مسيرتها السلامية‏,‏ أن الأمر يتجاوز كل ما يرتبط باتفاقية السلام هناك طموح صدام حسين للسيطرة علي المنطقة وبسط نفوذه‏,‏ وبدء بروز الدور العراقي وتحولت هذه السياسة إلي منهج عمل لكل القوي التي يمكن أن تستفيد من تحجيم مصر وتقزيم دورها والاساءة إلي أهلها‏.‏ وتصور البعض سهولة مثل هذا الطريق‏.‏
والآن‏,‏ هل المطلوب أن تلجأ مصر إلي أساليب المرحلة الأولي من العصر اليوليوي لردع الجميع؟ وهذا غير مطروح ولكن التذكير به للذكري‏,‏ لأن المطلوب الحقيقي من كل حكومة مصرية أن تلجأ لأسلوب المعاملة بالمثل‏,‏ وأن تكون مستعدة لمثل هذه السياسة فمصالح مصر وهيبتها وكرامة أهلها لا يمكن أن تظل مستباحة‏.‏ ولتكن نقطة البداية‏,‏ هذا الاستنفار المصري لحماية المصريين بالخرطوم‏.‏ المهم أن هذا الاستنفار أدي إلي تعاظم شعبية القيادة وكل عناصر السلطة‏.‏
المزيد من مقالات عبده مباشر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.