وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    الفريق أول عبد المجيد صقر يلتقى وزير دفاع جمهورية إيطاليا    أول فيديو عن استعدادات السفارة المصرية لاستقبال الناخبين    وزير الأوقاف: مبادرة "صحح مفاهيمك" مشروع وطني شامل في مواجهة التطرف والإرهاب    الذهب يتعافى من أدنى مستوى في شهر وسط تجدد الضبابية التجارية    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات البنية الأساسية والتطوير بمدن بالصعيد    سعر الدولار اليوم الخميس 31 يوليو 2025    أسعار الفراخ في البورصة اليوم الخميس 31 يوليو    خلال زيارته لواشنطن.. وزير الخارجية يشارك في فعالية رفيعة المستوى بمعهد "أمريكا أولًا للسياسات"    مصر تواصل إغاثة غزة بقافلة المساعدات الإنسانية الخامسة    روسيا تعلن سيطرتها على بلدة تشاسيف يار في شرق أوكرانيا    اليوم.. الإسماعيلي يواجه سموحة في البروفة الأخيرة استعدادًا للدوري    موعد مباراة آرسنال وتوتنهام الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    عزام يجتمع بجهاز منتخب مصر لمناقشة ترتيبات معسكر سبتمبر.. وحسم الوديات    شوبير يكشف تفاصيل حديثه مع إمام عاشور بشأن تجديد عقده مع الأهلي    مصرع ربة منزل بطلقات نارية في ظروف غامضة بقنا    هل تظلم الطالب على نتيجة الثانوية العامة يخفض درجاته.. التعليم توضح    «كايلا» ابنة دنيا سمير غانم تخطف الأنظار في العرض الخاص ل«روكي الغلابة»    فريق عمل "Just You" ثالث حكايات "ما تراه ليس كما يبدو" يحتفل بانتهاء التصوير    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    الكشف على 889 مواطنًا خلال قافلة طبية مجانية بقرية الأمل بالبحيرة    مليون خدمة طبية خلال أسبوعين خلال حملة 100 يوم صحة    حسين الجسمي يطرح "الحنين" و"في وقت قياسي"    تحرير 168 مخالفة تموينية بمركز مغاغة وضبط 2.5 طن سكر مدعّم قبل بيعه في السوق السوداء    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    ضبط 276 عاملا أجنبيا بدون ترخيص في منشآت بمحافظة البحر الأحمر    وزير الخارجية يلتقي السيناتور "تيد كروز" عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي    أخبار مصر: قرار ضد ابنة مبارك المزيفة، العناية الإلهية تنقذ ركاب قطار بالغربية، انخفاض الذهب، مفاجأة صفقات الزمالك دون كشف طبي    المهرجان القومي للمسرح يكرّم الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    طقس اليوم الخميس 31-7-2025.. انخفاض درجات الحرارة واضطراب بالملاحة    دون إصابات.. خروج قطار عن القضبان بعد الاصطدام برصيف محطة السنطة بالغربية    تويوتا توسع تعليق أعمالها ليشمل 11 مصنعا بعد التحذيرات بوقوع تسونامي    انخفاض حاد في أرباح بي إم دبليو خلال النصف الأول من 2025    عقب زلزال روسيا | تسونامي يضرب السواحل وتحذيرات تجتاح المحيط الهادئ.. خبير روسي: زلزال كامتشاتكا الأقوى على الإطلاق..إجلاءات وإنذارات في أمريكا وآسيا.. وترامب يحث الأمريكيين على توخي الحذر بعد الزلزال    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    هاريس ستدلي بشهادتها في الكونجرس بشأن الحالة العقلية لبايدن والعفو عن 2500 شخص    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بشمال سيناء    لولا دا سيلفا: تدخل واشنطن في النظام القضائي البرازيلي غير مقبول    ملعب الإسكندرية يتحول إلى منصة فنية ضمن فعاليات "صيف الأوبرا 2025"    معتقل من ذوي الهمم يقود "الإخوان".. داخلية السيسي تقتل فريد شلبي المعلم بالأزهر بمقر أمني بكفر الشيخ    قناة السويس حكاية وطن l حُفرت بأيادٍ مصرية وسُرقت ب«امتياز فرنسى»    "ابن العبري".. راهب عبر العصور وخلّد اسمه في اللاهوت والفلسفة والطب    بدء تقديم كلية الشرطة 2025 اليوم «أون لاين» (تفاصيل)    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    طريقة عمل سلطة الفتوش على الطريقة الأصلية    بسبب خلافات الجيرة في سوهاج.. مصرع شخصين بين أبناء العمومة    موعد مباراة الزمالك اليوم وغزل المحلة الودية.. هل توجد قنوات ناقلة لها؟    اتحاد الدواجن يكشف سبب انخفاض الأسعار خلال الساعات الأخيرة    المهرجان القومي للمسرح المصري يعلن إلغاء ندوة الفنان محيي إسماعيل لعدم التزامه بالموعد المحدد    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    «الصفقات مبتعملش كشف طبي».. طبيب الزمالك السابق يكشف أسرارًا نارية بعد رحيله    أول تصريحات ل اللواء محمد حامد هشام مدير أمن قنا الجديد    لحماية الكلى من الإرهاق.. أهم المشروبات المنعشة للمرضى في الصيف    ختام منافسات اليوم الأول بالبطولة الأفريقية للبوتشيا المؤهلة لكأس العالم 2026    إغلاق جزئى لمزرعة سمكية مخالفة بقرية أم مشاق بالقصاصين فى الإسماعيلية    أسباب عين السمكة وأعراضها وطرق التخلص منها    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منى الطحاوى: فاروق حسنى رمز لكل شىء متناقض
نشر في اليوم السابع يوم 14 - 10 - 2009

باعتبارها واحدة من أكثر الشخصيات إثارة للجدل، لذلك كان الحوار معها مختلفا، فبعد فترات صمت طويلة أمام مهاجميها اكتفت خلالها بالكتابة فى صفحات الجرائد والمواقع الأجنبية للتعبير عن رأيها، ورغم الحرية المتوفرة لها بسبب إقامتها فى الخارج كما يرى البعض، تمنت أن تصل وجهة نظرها للشعوب والدول العربية دون زيف أو تشويه.
فى الوقت الذى تمنح فيه الجماعات والمنظمات الإسلامية فى الغرب الكاتبة الصحفية "منى الطحاوى" مديرة تحرير القسم العربى لمنظمة أخبار المرأة الدولية فى نيويورك لقب "قائدة مستقبل الإسلام"، تطالب بعض الأصوات المصرية بتكفيرها وإهدار دمها بسبب مقالاتها الجريئة التى نشترها جريدة واشنطن بوست مؤخرا، والخاصة بموقفها من الحجاب والنقاب واعتراضها على قرار جامعة "يال" برفض الأخيرة نشر الصور المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، وأخيرا مقالها الخاص بعدم أحقية الوزير فاروق حسنى لتولى منصب مدير عام منظمة اليونسكو، وانتقاده لها بأنها ليست مصرية وليست لديها رائحة مصر وبرأيها هذا لا تهاجم شخصا بل تهاجم وطنا بأكمله.
حول تلك الآراء وكم الانتقادات الموجهة إليها كان لليوم السابع معها هذا الحوار..
تفتخرى دائما بوطنيتك لذلك توقعنا انضمامك لصفوف مؤيدى حملة فاروق حسنى الأخيرة فى الخارج.. ولكن جاء موقفك على العكس تماما فما السبب وراء ذلك؟
تمنيت كثيرا أن يفقد فاروق حسنى مساعيه للوصول إلى منصب مدير عام منظمة اليونسكو، وادعى أن لديه تأييدا وشعبية قوية تأهله للفوز، ولكن ثبت عدم صحة ذلك، وتبين هذا منذ الجولة الأولى وعندما ذهبت عنه الأصوات لصالح منافسته، ليتأكد العالم أنه لا يتمتع بتأييد أو شعبية ولا حتى يصلح لرئاسة اليونسكو.
ذكرتى فى مقالك الأخير بصحيفة "واشنطن بوست" أن الوزير فاروق حسنى لا يستحق هذا المنصب.. لماذا؟
فاروق حسنى رمز لكل شىء متناقض وكل شىء مخالف للمبادئ التى تدعو إليها اليونسكو سواء ثقافة أو علوم أو حرية فكر وتعبير وعدم استحقاقه لهذا المنصب يرجع لعدة أسباب:
أولا: فاروق حسنى وزيرا للثقافة ما يقرب من 22 عاما وهى أطول فترة وزارية فى تاريخ مصر، فى ظل نظام استمر هو الآخر ما يقرب من 28 عاما كأقدم فترة رئاسية فى تاريخ مصر الحديث، ومن يستمر هذه المدة كلها فى منصبه لا يصلح أن يكون مؤيدا للحياة الثقافية والعلمية والحرية الفكرية، بل يكون من مؤيدى وأنصار السلطة الأبدية.
ثانيا: فاروق حسنى يقول إنه فنان!! لكن الفن يزدهر بالحرية والمناقشة والخروج عن المألوف وأمور كثيرة اختنقت فى ظل هذا النظام الديكتاتورى ووزرائه.
ثالثا: ماذا فعل فاروق حسنى منذ أن تولى رئاسة وزارة الثقافة؟؟ ظهر فترة ينتقد الحجاب والمحجبين وفترة يؤيد رأى الإخوان المسلمين بمنع الأفلام والكتب الإباحية، وفترة يأمر بحرق الكتب اليهودية ويطلب بعد ذلك بترجمتها!! فأنا لا أفهم موقفه ولا حقيقة مبادئه، كيف يمكن لفنان أن يأمر بحرق كتب يهودية بغض النظر عن مؤلفيها؟ ألا يعد هذا تناقضا لقيم الفن وقيم كل من يقدر أهمية الثقافة، كيف يمكن لفنان حقيقى أن يمنع كتبا أو أفلاما ويفرض عليها الرقابة؟ ألا يعتبر هذا تناقضا لشخص يمثل الثقافة، الشىء الوحيد الذى نجح فاروق حسنى فى تمثيله هى "الرقابة" والاستجابة لنداء الجماعات الدينية المتطرفة بمنع الكتب والأفلام وبدلا من المحاربة لمزيد من حرية الرأى والتعبير خنق بتصرفه هذا الحرية والفن فى عهده لذلك فهو لا يستحق أن يصل لمنصب اليونسكو.
ولكن البعض يؤكد أن هناك قوى يهودية أمريكية تكتلت ضده فى الخارج لإبعاده عن منصبه؟ المرتقب ؟؟
لا أفضل أن نلجأ دائما لنظرية المؤامرة للابتعاد عن جوهر القضية الحقيقى والمسألة الرئيسية هنا هى أن فاروق حسنى لم يكن المرشح المناسب لرئاسة اليونسكو وهناك كثير من المصريين أفضل منه، وهو لا يمثل المصريين كما يدعى بل يمثل النظام الحاكم.
ومن المحزن أن يقدم النظام هو ووزراؤه أنفسهم على أنهم ممثلين للشعب المصرى، ويطالبون بمزيد من الدعم، فالمصريون لا يستحقون هذا منهم، ومصر غنية بحضارتها وتراثها الذى أنجب لها أثارا وفنانين لا يقدرون بثمن بعيدا عن هذا النظام، وعن وزير يفرض الرقابة ويمنع تداول الكتب والأفلام.
ولكنك ذكرتى فى مقالك بصحيفة "واشنطن بوست" أن الغضب من الرسوم المسيئة للرسول (ص) كان مبالغا فيه وأكثر تعقيدا، ألا يعد هذا أيضا لجوءا لنظرية المؤامرة؟
هذا بعيد تماما عن نظرية المؤامرة، فكلنا نعلم وقت نشر الصور المسيئة فى الصحف فى نهاية سبتمبر 2005، ووقت اندلاع المظاهرات العنيفة وإحراق السفارات فى يناير 2006، فلماذا هذا الوقت الطويل لإعلان الغضب، ألا يؤكد هذا أن الأنظمة المختلفة استغلت تلك الرسوم لتظهر أنها أفضل من يدافع عن الإسلام والرسول محمد (ص) أكثر من الجماعات الإسلامية نفسها، ففى مصر على سبيل المثال يعتبر الإخوان المسلمين أكبر جبهة معارضة للنظام فى البرلمان المصرى، ورغم ذلك لا يريد النظام أن يجعلهم هم المدافعون الأساسيون، وتحولت المسألة لعملية منافسة يفوز بها من يدافع عن الرسول أكثر.
وفى سوريا كانت الأنظمة السورية تعلم جيدا ماذا سيحدث ورغم ذلك سمحت به، وفى السعودية أيضا أولى الدول التى دعت لمقاطعة الدنمارك لتكون فقط أفضل المدافعين عن الرسول باعتبارها مقر الإسلام ومن أكثر المواقع قداسة!! واليوم أين تلك المنظمات المدافعة عن الإسلام من الاهتمام بالمسلمين والقضايا والقيم الإسلامية الحقيقية التى نقلها لنا الرسول الكريم الذين يتظاهرون بالدفاع عنه، فالرسول أعطانا أمثلة عديدة للتعامل مع الانتقادات والكراهية بالحوار والصبر وليس العنف والتخريب.
وتقول الباحثة الدنماركية "جيتى كلاوسن" أستاذة العلوم السياسية بجامعة برانديز عن الرسوم التى هزت العالم "السؤال هنا لماذا هذا الوقت الطويل بين نشر الرسوم وبدأ اندلاع ثورات الغضب التى لم تكن عفوية تماما، بل مدبرة من قبل هؤلاء أصحاب المصالح فى انتخابات الدنمارك ومصر، ومن قبل أيضا المتشددين الإسلاميين الذين يسعون إلى زعزعة استقرار حكومات كل من باكستان وليبيا ونيجيريا"، ولا تريد كلاوسن بنشر تلك الرسوم فى كتابها الأخير أن تثير العرب والمسلمين أو تزعزع مكانة الإسلام لأنها بمنتهى البساطة تعتبرها كتلك الرسوم الكاريكاتورية المعادية للسامية والتى نشرت عام 1930، وتشجع على كراهية اليهود، وجامعة "يال" بقرارها هذا أعطت فرصة للجماعات المتطرفة لمزيد من العنف.
إذا تحدثنا بخصوص اعتراضك على قرار جامعة "يال" بعدم نشر الصور المسيئة رغم علمك أنها أشعلت نيران الغضب فى قلوب المجتمعات الإسلامية، فهل أنت مع نشر هذه الرسوم من الأساس؟؟
قبل الإجابة على سؤالك بخصوص موقفى من الرسومات الدنماركية المسيئة للرسول، أود أن أذكركم بأن هناك جريدة مصرية نشرت فى عدد لها بتاريخ أكتوبر 2005 واحدة من تلك الرسوم، ونشرت إحدى الجرائد اللبنانية فى يناير 2006 عمودا أقول فيه إن غضب المسلمين وتظاهرهم جاء بشكل مبالغ فيه، ولم يحدث على سبيل المثال أن قمنا بغضب مماثل بشأن المسلمين المحتجزين فى معتقلات جونتنامو، ونشرت أيضا مقالا فى صحيفة "انتيرناشونال هيرالد تريبيون" فى فبراير 2006 أدعم فيه حق الصحف الدنماركية فى نشر الصور المسيئة للرسول وأدعم فيه أيضا حق المجتمعات الإسلامية فى الاحتجاج والتعبير عن رأيها بعيدا عن المظاهرات العنيفة التى قام بها جماعة من المتطرفين تحت ستار الإسلام والتى تعتبر أكثر إساءة للرسول وللإسلام من تلك الرسوم المسيئة، وطالبت بالتصدى لهؤلاء المتطرفين الذين يهولون من حجم القضية.
وما سر هذا الهجوم المفاجئ مؤخرا فى رأيك؟؟
لا يوجد فرق بين ما نشرته فى فبراير 2006 وما نشرته مؤخرا فى جريدة واشنطن بوست فى أغسطس 2009، بل بالعكس حرصت على تقديم حجج مشابهة لمقالى القديم، أدعم فيها حق الصحف الألمانية بنشر الصور المسيئة للرسول وأدعم حق الشعوب الإسلامية فى الاعتراض عليها، ولكن السبب الحقيقى وراء ما أثير حول مقالى الأخير أن الخدمة الإخبارية التى تقدمها "أمريكا باللغة العربية" ومقرها فى واشنطن العاصمة نشرت فى تقرير إخبارى لها أجزاء من مقالى مثيرة للجدل، وتجاهلت الحجة التى أقدمها وأظهرتنى مؤيدة للوبى الصهيونى بسبب اعتراضى على قرار جامعة يال، ولم تكتف بذلك بل نشرت تلك القصص الإخبارية فى مختلف الوسائل والصحف العربية، وقدمت ترجمة مشوهة ومزيفة لرأيى الحقيقى تهدف من خلاله لإضفاء طابع الإثارة فى وجهات نظرى لذلك جاء تهديدى بالقتل والدعوى لتكفيرى.
ولكن ألا تؤسس تلك الرسوم وغيرها من التصرفات الاستفزازية حالة صدام الثقافات بدلا من اللجوء للغة الحوار؟؟
لم تسبب الصور المسيئة لى ولكثيرين غيرى أى إهانة أو إساءة على عكس آخرين أزعجتهم تلك الرسوم، وعلى الرغم من أنهم لم يروها بعد!!، ومن حق الصحف الدنماركية أن تنشر تلك الرسوم، فأنا ضد الرقابة وضد فرض قيمنا الدينية على الآخرين، وعندما جاءت إحدى الصور تمثل النبى وهو يرتدى عمامة مليئة بالقنابل جاءت كتعليق على حالة العنف التى يستخدمها المسلمين تحت ستار الإسلام، ولسوء الحظ جاءت بعدها المظاهرات العنيفة بين صفوف الشعوب الإسلامية لتثبت أن حالة العنف التى صوروها موجودة بالفعل.
ولا أعتقد أن هناك صداما حضاريا أو ثقافيا، ولكن الصدام الحقيقى موجود بين هؤلاء المتطرفين مسلمين ومسحيين ويهود وبيننا نحن نابذين العنف والمؤمنين بلغة الحوار، واستغلت الجماعات اليمينة المتطرفة فى أوروبا تلك الرسوم لتعزيز كراهيتهم للمسلمين واستغلتها الجماعات الإسلامية لتعزيز كراهيتها للغرب ودعت لمزيد من العنف، وعقب نشر الصور المسيئة دعى مجموعة من المسلمين أعضاء البرلمان الدنماركى لتشكيل منظمة بعنوان "المسلمين الديمقراطيين" لتكون صوت المسلمين الذين لم يغضبوا كل هذا الغضب من الصور المسيئة للرسول والممثلة لهم!!، وهناك ملايين من المسلمين نابذيين العنف مؤيدين العدالة والرحمة، ولكن لسوء الحظ أصواتهم لا تظهر دائما بين أصوات هؤلاء المتعصبين الذين يجرحون بتصرفاتهم إخوانهم المسلمين أكثر من أى شخص آخر.
ألا ترين أن موقفك هذا قد يكون أكثر إيلاما للعرب والمسلمين من رسم الرسوم نفسها؟
موقفى واضح تجاه تلك الرسوم منذ عام 2006 ولن يتغير وعبرت عنه فى مختلف الصحف، وهناك مسلمون غيرى لم يغضبوا أو يشعروا بالإهانة ولكنهم يهانون حقا من جراء أعمال العنف التى يكون المسلمين طرفا فيها، ونشعر أيضا بمزيد من الغضب نتيجة انتهاك حقوق الإنسان والجرائم التى ارتكبت تجاه المسلمين من قبل الحكومات الإسلامية وغير الإسلامية على حد سواء.
أؤمن تماما بعظمة رسولنا الكريم وعظمة الإسلام الذى ظل أكثر من 1400 سنة، ولا يحتاج منا إلى شهادة أو دفاع فهو قوى وسيظل قويا، ولكن المسلمين الذين يزج بهم فى السجون ويهاجمون بسبب أرائهم هم حقا الذين فى حاجة لدفاعنا، ومن المؤسف أن تتسبب الجماعات الإسلامية المتطرفة فى قتل أكثر من 200 مسلم نتيجة أعمال العنف، ولو كان النبى محمد حيا لأحزنه هذا العنف أكثر من الرسوم نفسها.
ما حقيقة تهديدك بالقتل عقب نشر مقالك الأخير؟
بعد تداول ونشر الصحف المصرية والمواقع الإخبارية التقارير التى نشرتها خدمة "أمريكا باللغة العربية"، تلقيت تهديدا بقتلى على البريد الإلكترونى الخاص بى، وأبلغت المباحث الفيدرالية فى نيويورك وتوصلت إلى شخص يدعى (أحمد سعيد) مقيم بمحافظة الجيزة، ومازال التحقيق فى القضية، ولكننى متأكدة أنه لم يقرأ مقالى الأصلى فى جريدة واشنطن بوست بل انساق وراء الترجمة المحرفة والمشوهة التى تبثها المواقع الإخبارية والبعيدة تماما عن الحقيقة.
وهل تتوقعين المزيد؟
هذا هو أول تهديد تلقيته، وما أحزننى فعلا هو كم التعليقات التى وجدتها على المواقع الإخبارية المصرية والتى تطالب معظمها بتكفيرى وتحرض على قتلى وإهدار دمى وكل هذا لماذا؟؟ للدفاع عن النبى تحت ستار الإسلام.. هل النبى أمرنا وعلمنا هذا؟؟
هذه التعليقات جعلتنى أعيش فى جو ملىء بالخوف والرعب أكثر من تهديد القتل نفسه، وأطالب تلك المواقع والجرائد المصرية أن يكون هناك إشراف على قسم التعليقات الخاص بها بدلا من تركها لمثل تلك التعليقات السخيفة والقبيحة.
وما رأيك فى قول البعض بأن كل هذا سعى منك للشهرة وتشويه صورة الإسلام أمام الغرب؟
فيما يخص سعى لمزيد من الشهرة فأنا لست بحاجة إليها، بالفعل أكتب فى العديد من الصحف العالمية لسنوات طويلة، وأجرت إذاعة ال"بى بى سى" حوارا معى مؤخرا وكذلك قناة الجزيرة والعربية وأنا معروفة ولا أحتاج لإثارة الجدل لمزيد من الشهرة.. أما فيما يخص تشويه صورة الإسلام فأنا انتمى للعديد من المنظمات الإسلامية هنا وإذا كنت من مشوهى صورة الإسلام فلماذا تدعونى تلك المنظمات للمشاركة فى مؤتمراتها وتلقبنى ب"قائدة مستقبل الإسلام"، ودعتنى جماعات إسلامية فى الولايات المتحدة للمشاركة فيها، وسافرت هذا العام لحضور 4 مؤتمرات إسلامية فى كوالالامبور وماليزيا.. لماذا كل هذا إذا كنت فعلا مشوهة لصورة الإسلام، بل بالعكس انتقادى لجماعتى أو بلدى لا يعنى تشويها لها ولكن إيمانا بأن النقد الذاتى علامة من علامات القوة.
هل سيكون لك نفس الجرأة فى طرح أفكارك إذا كنت فى مصر أم أن الإقامة فى الخارج وفرت لك مساحة أعرض للتعبير عن آرائك وبدون خوف؟؟
مصر مليئة بالصحفيين الشجعان والقادرين على التعبير عن آرائهم بحرية تامة وخاصة هؤلاء العاملين بوسائل الإعلام المستقلة والبعيدة عن سلطة النظام الحاكم، ولست فى حاجة للإقامة فى الخارج للتعبير عن وجهات نظرى، والدليل على ذلك كم الصحفيين الذين زج بهم فى السجون وتعرضوا للمحاكمة، ولكنهم استمروا ودون خوف وأوجه لهم التحية من هنا فهم نموذج للصحفيين القادرين على تحدى السلطة والتكلم بشجاعة رغم محاولات النظام الدائمة لإسكات معارضيه.
وعندما بدأت عملى فى مجال الصحافة اشتغلت مع وكالة الأنباء رويترز وكغيرى من الصحفيين تعرضت لمساءلة أمن الدولة بسبب ما أكتبه، ولكن هذا لم يغير بداخلى شىء وسأكون سعيدة أكثر إذا نشرت تلك الصحف المصرية مقالاتى بصحيفة واشنطن بوست كما هى.
ذكرتى فى مقالك عن "العنصرية فى مصر" إن الإخاء والتسامح بين المسلمين والأقباط مجرد شعارات وأن المجتمع المصرى يعامل الأقليات السودانية بطريقة غير لائقة، ألا تعتقدين أن هذه الاتهامات يشوبها التعميم وإنها وإن كانت تحدث بالفعل فلا ترقى لمستوى أن تكون ظاهرة عامة؟
قتلت القوات المصرية العديد من السودانيين أثناء محاولاتهم لعبور الحدود السودانية ودخول مصر ولم يلق أحد بالا بالأمر سوى بعض الناشطين وعدد من منظمات حقوق الإنسان ناهيك عن قتلها ما يقرب من 28 فى حادثة المهندسين الشهيرة التى راح ضحيتها أطفال ونساء، ودائما ما تشكو الأقليات السودانية من حالات التمييز والعنصرية التى يواجهونها فى مصر هم وأصحاب البشرة السمراء وتلك الحالات ليست فردية والدليل على ذلك عندما تحدثت فى إحدى مقالاتى عن الإهانة التى تعرضت لها فتاة سودانية أثناء ركوبها مترو الأنفاق فى مصر، وجدت قصصا كثيرة أرسلها لى أصحابها عن المعاملة السيئة التى يلاقونها فى مصر، هذا فيما يخص الأقليات السودانية أما فيما يتعلق بمعاملة الأقباط فالتقارير الإخبارية التى تنشر فى الجرائد المصرية كفيلة أن تثبت أن العلاقة بين المسلمين والمسحيين توترت كثيرا فى السنوات القليلة الماضية، والسبب فى هذا من وجهة نظرى تسييس الدين وتصاعد النزعة المحافظة فى مصر وتزايد نشاط الإخوان المسلمين، كذلك ما يعانيه البهائيون من سوء معاملة وإهدار للحقوق كل هذا يؤكد أن الأقليات الدينية فى مصر تمر بأصعب فتراتها، ونشكو دائما من معاملة المسلمين فى الغرب ولا ننظر لأنفسنا.
وما سبب توقفك عن الكتابة فى الجرائد العربية كالشرق الأوسط والمصرى اليوم.. وهل تعرضتى لضغوط بسبب آرائك ومواقفك؟
تنشر جريدة العرب القطرية حاليا مقالاتى بانتظام ومن المفارقات أننى فى نفس الوقت أكتب أيضا فى إحدى الصحف الدنماركية بشكل مستمر، وهذا ما دفع البعض باتهامى بأننى حصلت على تأييد تلك الصحيفة ومكافأة منها، بسبب آرائى الخاصة بنشر الصورة المسيئة، ولكن ما لا يعلمه الكثيرون أن هذه هى الجريدة الوحيدة التى عارضت تلك الرسوم ورفضت إعادة نشرها، وعندما طلبت جريدة الشرق الأوسط أن أكتب مقالات لها اندهشت كثيرا بسبب آرائى الليبرالية المتعارضة معهم، وبالفعل بدأت فى كتابة عمود ثابت فيها أسبوعيا بداية من عام 2004 حتى أوائل 2006، ثم توقفت الجريدة فجأة عن نشر مقالاتى ولم تعطينى سببا واضحا، ولكن أعتقد أن السبب وراء ذلك هو آرائى الجريئة الخاصة بمصر واعتراضى على نظام الرئيس مبارك، وخاصة بعد انضمامى لصفوف إحدى الحركات المصرية المعارضة عندما عدت للمشاركة فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية وما نشرته بخصوص أيمن نور ومحاكمته كل هذا أعتقد وراء أبعادى عن الكتابة فى الشرق الأوسط.
أما المصرى اليوم كتبت لها مؤخرا مجموعة من المقالات ثم توقفت ولا أعتقد أنهم منعونى من الكتابة وتواصلت مع محرر صفحة الرأى هناك وأخبرنى أنه فى انتظار المزيد من مقالاتى، وأنا على استعداد أن أكتب فى أى جريدة مصرية مستقلة.
كيف دافعتى عن حق الإخوان المسلمين فى المشاركة السياسية تحت شعار التعددية والديمقراطية، فى حين أنها جماعة ترفض مشاركة المرأة والأقباط فى الحياة السياسية ألا يعد هذا تناقضا؟
لا يعتبر تناقضا فهناك فرق بين الدفاع عن حق كل مصرى فى أن يكون ناشطا سياسيا مثلما فعلت مع الإخوان المسلمين والدفاع عن نظامهم السياسى، وهذا من المستحيل أن أفعله، والإخوان المسلمين لا يعارضوا مشاركة الأقباط والمرأة فى الحياة السياسية فى مصر، ولكن يعارضوا فكرة وصولهم لكرسى الحكم وهذا ما أرفضه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.