وزير الصحة: الدولة ملتزمة بالاستثمار في رأس المال البشري وتعزيز البحث العلمي    مصروفات المدارس الخاصة صداع في رأس أولياء الأمور.. والتعليم تحذر وتحدد نسبة الزيادة    محافظ شمال سيناء يتفقد أعمال تطوير بوابة العريش وبفتتح مقراة الصالحين لتحفيظ القران الكريم (صور)    ارتفاع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 18سبتمبر 2025    اسعار الفاكهة اليوم الخميس 18 سبتمبر فى سوق العبور للجملة    الرئيس السيسي يُوافق على بروتوكول اتفاق لتجنب الازدواج الضريبي مع الإمارات    المشاط: اتفاقية الشراكة من أجل التنمية تضع أساسًا للتعاون المستدام بين مصر وإسبانيا    ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجهين البحري والقبلي    الإقليمي للأغذية والأعلاف يختتم البرنامج التدريبي الصيفي لطلاب الجامعات المصرية    صادرات الصين من المعادن النادرة تسجل أعلى مستوى منذ 2012    لليوم الثاني على التوالي.. انقطاع الإنترنت والاتصالات عن مدينة غزة    وزير الخارجية بالرياض للتشاور والتنسيق حول ملفات التعاون المشترك    بعد قليل.. بدء منتدى رجال الأعمال المصرى الإسبانى بحضور الملك ورئيس الوزراء    ملف إنساني يتجاوز خطوط النار.. تقرير أمريكي يتهم روسيا بتجنيد الأطفال    القناة 12 العبرية: لقاء ويتكوف وديرمر في لندن محاولة أخيرة لإحياء مفاوضات غزة    مودرن سبورت "الجريح" يصطدم بصحوة إنبي في الدوري    نيوكاسل يستضيف برشلونة في دوري أبطال أوروبا    تفاصيل مواد الصف الثالث الثانوي العام 2025 وفق القرار الوزاري الجديد    مواعيد القطارات المكيفة والروسية بين القاهرة والإسكندرية وطرق الحجز    الحالة المرورية اليوم، تباطؤ في حركة سير السيارات بمحاور القاهرة والجيزة    بعد ساعات من هربه.. القبض على قاتل زوجته بمساكن الأمل في ضواحي بورسعيد    مستشفى قنا تستقبل ضحايا مشاجرة دامية داخل قرية الحجيرات    نشرة مرور "الفجر ".. زحام بميادين القاهرة والجيزة    28 سبتمبر محاكمة عاطلين في حيازة أسلحة نارية ومخدرات بعين شمس    بالفيديو.. ناقد فني يكشف عن 6 أفلام مصرية تتألق بمهرجان الجونة 2025    وفاة الإعلامية اللبنانية يمنى شري عن 55 عامًا بعد صراع مع المرض    خواكين فينيكس وخافير بارديم وإيليش يدعمون الحفل الخيرى لدعم فلسطين    تبدأ ب 5500 جنيه.. ليلة موسيقية ساحرة لعمر خيرت في قصر عابدين    الضيقة وبداية الطريق    القائمة الكاملة لأفلام مهرجان الجونة السينمائي 2025 (صور)    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    «متحدث الصحة»: نقص الكوادر الطبية مشكلة عالمية    قبل بدايته| استشاري مناعة توضح أهم المشروبات الساخنة في الشتاء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    الرئيس السيسي يصدر 3 قرارات جمهورية جديدة.. تعرف عليها    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للموظفين حسب أجندة العطلات الرسمية للرئاسة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الخميس 18 سبتمبر 2025    موقف نسائي محرج خلال زيارة دونالد ترامب وزوجته ميلانيا إلى بريطانيا    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الخميس 18/9/2025 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    سيميوني: تمت إهانتي طيلة 90 دقيقة.. لكن عليّ أن أتحلى بالهدوء    محمود وفا حكما لمباراة الأهلي وسيراميكا.. وطارق مجدي للفيديو    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    غزل المحلة يحتج على حكم مباراته أمام المصري: لن نخوض مواجهة حكمها محمود بسيوني    التاريخ يكرر نفسه.. تورام يعيد ما فعله كريسبو منذ 23 عاما ويقود إنتر للتفوق على أياكس    بعد تعرضه لوعكة صحية.. محافظ الإسماعيلية يزور رئيس مركز ومدينة القصاصين الجديدة    جمال شعبان ل إمام عاشور: الأعراض صعبة والاستجابة سريعة.. و«بطل أكل الشارع»    مسلسل حلم أشرف الموسم الثاني.. موعد عرض الحلقة الثانية والقنوات الناقلة    فائدة 100% للمرة الأولى.. أفضل شهادة إدخار بأعلى عائد تراكمي في البنوك اليوم بعد قرار المركزي    صراع شرس لحسم المرشحين والتحالفات| الأحزاب على خط النار استعدادًا ل«سباق البرلمان»    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    ب 3 طرق مش هتسود منك.. اكتشفي سر تخزين البامية ل عام كامل    مواقف وطرائف ل"جلال علام" على نايل لايف في رمضان المقبل    الشرع: السلام والتطبيع مع إسرائيل ليسا على الطاولة في الوقت الراهن    حكم مباراة الأهلي وسيراميكا كليوباترا في الدوري المصري    "أصحاحات متخصصة" (1).. "المحبة" سلسلة جديدة في اجتماع الأربعاء    «يورتشيتش» يعلن قائمة بيراميدز لمواجهة زد في دوري نايل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منى الطحاوى: فاروق حسنى رمز لكل شىء متناقض
نشر في اليوم السابع يوم 14 - 10 - 2009

باعتبارها واحدة من أكثر الشخصيات إثارة للجدل، لذلك كان الحوار معها مختلفا، فبعد فترات صمت طويلة أمام مهاجميها اكتفت خلالها بالكتابة فى صفحات الجرائد والمواقع الأجنبية للتعبير عن رأيها، ورغم الحرية المتوفرة لها بسبب إقامتها فى الخارج كما يرى البعض، تمنت أن تصل وجهة نظرها للشعوب والدول العربية دون زيف أو تشويه.
فى الوقت الذى تمنح فيه الجماعات والمنظمات الإسلامية فى الغرب الكاتبة الصحفية "منى الطحاوى" مديرة تحرير القسم العربى لمنظمة أخبار المرأة الدولية فى نيويورك لقب "قائدة مستقبل الإسلام"، تطالب بعض الأصوات المصرية بتكفيرها وإهدار دمها بسبب مقالاتها الجريئة التى نشترها جريدة واشنطن بوست مؤخرا، والخاصة بموقفها من الحجاب والنقاب واعتراضها على قرار جامعة "يال" برفض الأخيرة نشر الصور المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، وأخيرا مقالها الخاص بعدم أحقية الوزير فاروق حسنى لتولى منصب مدير عام منظمة اليونسكو، وانتقاده لها بأنها ليست مصرية وليست لديها رائحة مصر وبرأيها هذا لا تهاجم شخصا بل تهاجم وطنا بأكمله.
حول تلك الآراء وكم الانتقادات الموجهة إليها كان لليوم السابع معها هذا الحوار..
تفتخرى دائما بوطنيتك لذلك توقعنا انضمامك لصفوف مؤيدى حملة فاروق حسنى الأخيرة فى الخارج.. ولكن جاء موقفك على العكس تماما فما السبب وراء ذلك؟
تمنيت كثيرا أن يفقد فاروق حسنى مساعيه للوصول إلى منصب مدير عام منظمة اليونسكو، وادعى أن لديه تأييدا وشعبية قوية تأهله للفوز، ولكن ثبت عدم صحة ذلك، وتبين هذا منذ الجولة الأولى وعندما ذهبت عنه الأصوات لصالح منافسته، ليتأكد العالم أنه لا يتمتع بتأييد أو شعبية ولا حتى يصلح لرئاسة اليونسكو.
ذكرتى فى مقالك الأخير بصحيفة "واشنطن بوست" أن الوزير فاروق حسنى لا يستحق هذا المنصب.. لماذا؟
فاروق حسنى رمز لكل شىء متناقض وكل شىء مخالف للمبادئ التى تدعو إليها اليونسكو سواء ثقافة أو علوم أو حرية فكر وتعبير وعدم استحقاقه لهذا المنصب يرجع لعدة أسباب:
أولا: فاروق حسنى وزيرا للثقافة ما يقرب من 22 عاما وهى أطول فترة وزارية فى تاريخ مصر، فى ظل نظام استمر هو الآخر ما يقرب من 28 عاما كأقدم فترة رئاسية فى تاريخ مصر الحديث، ومن يستمر هذه المدة كلها فى منصبه لا يصلح أن يكون مؤيدا للحياة الثقافية والعلمية والحرية الفكرية، بل يكون من مؤيدى وأنصار السلطة الأبدية.
ثانيا: فاروق حسنى يقول إنه فنان!! لكن الفن يزدهر بالحرية والمناقشة والخروج عن المألوف وأمور كثيرة اختنقت فى ظل هذا النظام الديكتاتورى ووزرائه.
ثالثا: ماذا فعل فاروق حسنى منذ أن تولى رئاسة وزارة الثقافة؟؟ ظهر فترة ينتقد الحجاب والمحجبين وفترة يؤيد رأى الإخوان المسلمين بمنع الأفلام والكتب الإباحية، وفترة يأمر بحرق الكتب اليهودية ويطلب بعد ذلك بترجمتها!! فأنا لا أفهم موقفه ولا حقيقة مبادئه، كيف يمكن لفنان أن يأمر بحرق كتب يهودية بغض النظر عن مؤلفيها؟ ألا يعد هذا تناقضا لقيم الفن وقيم كل من يقدر أهمية الثقافة، كيف يمكن لفنان حقيقى أن يمنع كتبا أو أفلاما ويفرض عليها الرقابة؟ ألا يعتبر هذا تناقضا لشخص يمثل الثقافة، الشىء الوحيد الذى نجح فاروق حسنى فى تمثيله هى "الرقابة" والاستجابة لنداء الجماعات الدينية المتطرفة بمنع الكتب والأفلام وبدلا من المحاربة لمزيد من حرية الرأى والتعبير خنق بتصرفه هذا الحرية والفن فى عهده لذلك فهو لا يستحق أن يصل لمنصب اليونسكو.
ولكن البعض يؤكد أن هناك قوى يهودية أمريكية تكتلت ضده فى الخارج لإبعاده عن منصبه؟ المرتقب ؟؟
لا أفضل أن نلجأ دائما لنظرية المؤامرة للابتعاد عن جوهر القضية الحقيقى والمسألة الرئيسية هنا هى أن فاروق حسنى لم يكن المرشح المناسب لرئاسة اليونسكو وهناك كثير من المصريين أفضل منه، وهو لا يمثل المصريين كما يدعى بل يمثل النظام الحاكم.
ومن المحزن أن يقدم النظام هو ووزراؤه أنفسهم على أنهم ممثلين للشعب المصرى، ويطالبون بمزيد من الدعم، فالمصريون لا يستحقون هذا منهم، ومصر غنية بحضارتها وتراثها الذى أنجب لها أثارا وفنانين لا يقدرون بثمن بعيدا عن هذا النظام، وعن وزير يفرض الرقابة ويمنع تداول الكتب والأفلام.
ولكنك ذكرتى فى مقالك بصحيفة "واشنطن بوست" أن الغضب من الرسوم المسيئة للرسول (ص) كان مبالغا فيه وأكثر تعقيدا، ألا يعد هذا أيضا لجوءا لنظرية المؤامرة؟
هذا بعيد تماما عن نظرية المؤامرة، فكلنا نعلم وقت نشر الصور المسيئة فى الصحف فى نهاية سبتمبر 2005، ووقت اندلاع المظاهرات العنيفة وإحراق السفارات فى يناير 2006، فلماذا هذا الوقت الطويل لإعلان الغضب، ألا يؤكد هذا أن الأنظمة المختلفة استغلت تلك الرسوم لتظهر أنها أفضل من يدافع عن الإسلام والرسول محمد (ص) أكثر من الجماعات الإسلامية نفسها، ففى مصر على سبيل المثال يعتبر الإخوان المسلمين أكبر جبهة معارضة للنظام فى البرلمان المصرى، ورغم ذلك لا يريد النظام أن يجعلهم هم المدافعون الأساسيون، وتحولت المسألة لعملية منافسة يفوز بها من يدافع عن الرسول أكثر.
وفى سوريا كانت الأنظمة السورية تعلم جيدا ماذا سيحدث ورغم ذلك سمحت به، وفى السعودية أيضا أولى الدول التى دعت لمقاطعة الدنمارك لتكون فقط أفضل المدافعين عن الرسول باعتبارها مقر الإسلام ومن أكثر المواقع قداسة!! واليوم أين تلك المنظمات المدافعة عن الإسلام من الاهتمام بالمسلمين والقضايا والقيم الإسلامية الحقيقية التى نقلها لنا الرسول الكريم الذين يتظاهرون بالدفاع عنه، فالرسول أعطانا أمثلة عديدة للتعامل مع الانتقادات والكراهية بالحوار والصبر وليس العنف والتخريب.
وتقول الباحثة الدنماركية "جيتى كلاوسن" أستاذة العلوم السياسية بجامعة برانديز عن الرسوم التى هزت العالم "السؤال هنا لماذا هذا الوقت الطويل بين نشر الرسوم وبدأ اندلاع ثورات الغضب التى لم تكن عفوية تماما، بل مدبرة من قبل هؤلاء أصحاب المصالح فى انتخابات الدنمارك ومصر، ومن قبل أيضا المتشددين الإسلاميين الذين يسعون إلى زعزعة استقرار حكومات كل من باكستان وليبيا ونيجيريا"، ولا تريد كلاوسن بنشر تلك الرسوم فى كتابها الأخير أن تثير العرب والمسلمين أو تزعزع مكانة الإسلام لأنها بمنتهى البساطة تعتبرها كتلك الرسوم الكاريكاتورية المعادية للسامية والتى نشرت عام 1930، وتشجع على كراهية اليهود، وجامعة "يال" بقرارها هذا أعطت فرصة للجماعات المتطرفة لمزيد من العنف.
إذا تحدثنا بخصوص اعتراضك على قرار جامعة "يال" بعدم نشر الصور المسيئة رغم علمك أنها أشعلت نيران الغضب فى قلوب المجتمعات الإسلامية، فهل أنت مع نشر هذه الرسوم من الأساس؟؟
قبل الإجابة على سؤالك بخصوص موقفى من الرسومات الدنماركية المسيئة للرسول، أود أن أذكركم بأن هناك جريدة مصرية نشرت فى عدد لها بتاريخ أكتوبر 2005 واحدة من تلك الرسوم، ونشرت إحدى الجرائد اللبنانية فى يناير 2006 عمودا أقول فيه إن غضب المسلمين وتظاهرهم جاء بشكل مبالغ فيه، ولم يحدث على سبيل المثال أن قمنا بغضب مماثل بشأن المسلمين المحتجزين فى معتقلات جونتنامو، ونشرت أيضا مقالا فى صحيفة "انتيرناشونال هيرالد تريبيون" فى فبراير 2006 أدعم فيه حق الصحف الدنماركية فى نشر الصور المسيئة للرسول وأدعم فيه أيضا حق المجتمعات الإسلامية فى الاحتجاج والتعبير عن رأيها بعيدا عن المظاهرات العنيفة التى قام بها جماعة من المتطرفين تحت ستار الإسلام والتى تعتبر أكثر إساءة للرسول وللإسلام من تلك الرسوم المسيئة، وطالبت بالتصدى لهؤلاء المتطرفين الذين يهولون من حجم القضية.
وما سر هذا الهجوم المفاجئ مؤخرا فى رأيك؟؟
لا يوجد فرق بين ما نشرته فى فبراير 2006 وما نشرته مؤخرا فى جريدة واشنطن بوست فى أغسطس 2009، بل بالعكس حرصت على تقديم حجج مشابهة لمقالى القديم، أدعم فيها حق الصحف الألمانية بنشر الصور المسيئة للرسول وأدعم حق الشعوب الإسلامية فى الاعتراض عليها، ولكن السبب الحقيقى وراء ما أثير حول مقالى الأخير أن الخدمة الإخبارية التى تقدمها "أمريكا باللغة العربية" ومقرها فى واشنطن العاصمة نشرت فى تقرير إخبارى لها أجزاء من مقالى مثيرة للجدل، وتجاهلت الحجة التى أقدمها وأظهرتنى مؤيدة للوبى الصهيونى بسبب اعتراضى على قرار جامعة يال، ولم تكتف بذلك بل نشرت تلك القصص الإخبارية فى مختلف الوسائل والصحف العربية، وقدمت ترجمة مشوهة ومزيفة لرأيى الحقيقى تهدف من خلاله لإضفاء طابع الإثارة فى وجهات نظرى لذلك جاء تهديدى بالقتل والدعوى لتكفيرى.
ولكن ألا تؤسس تلك الرسوم وغيرها من التصرفات الاستفزازية حالة صدام الثقافات بدلا من اللجوء للغة الحوار؟؟
لم تسبب الصور المسيئة لى ولكثيرين غيرى أى إهانة أو إساءة على عكس آخرين أزعجتهم تلك الرسوم، وعلى الرغم من أنهم لم يروها بعد!!، ومن حق الصحف الدنماركية أن تنشر تلك الرسوم، فأنا ضد الرقابة وضد فرض قيمنا الدينية على الآخرين، وعندما جاءت إحدى الصور تمثل النبى وهو يرتدى عمامة مليئة بالقنابل جاءت كتعليق على حالة العنف التى يستخدمها المسلمين تحت ستار الإسلام، ولسوء الحظ جاءت بعدها المظاهرات العنيفة بين صفوف الشعوب الإسلامية لتثبت أن حالة العنف التى صوروها موجودة بالفعل.
ولا أعتقد أن هناك صداما حضاريا أو ثقافيا، ولكن الصدام الحقيقى موجود بين هؤلاء المتطرفين مسلمين ومسحيين ويهود وبيننا نحن نابذين العنف والمؤمنين بلغة الحوار، واستغلت الجماعات اليمينة المتطرفة فى أوروبا تلك الرسوم لتعزيز كراهيتهم للمسلمين واستغلتها الجماعات الإسلامية لتعزيز كراهيتها للغرب ودعت لمزيد من العنف، وعقب نشر الصور المسيئة دعى مجموعة من المسلمين أعضاء البرلمان الدنماركى لتشكيل منظمة بعنوان "المسلمين الديمقراطيين" لتكون صوت المسلمين الذين لم يغضبوا كل هذا الغضب من الصور المسيئة للرسول والممثلة لهم!!، وهناك ملايين من المسلمين نابذيين العنف مؤيدين العدالة والرحمة، ولكن لسوء الحظ أصواتهم لا تظهر دائما بين أصوات هؤلاء المتعصبين الذين يجرحون بتصرفاتهم إخوانهم المسلمين أكثر من أى شخص آخر.
ألا ترين أن موقفك هذا قد يكون أكثر إيلاما للعرب والمسلمين من رسم الرسوم نفسها؟
موقفى واضح تجاه تلك الرسوم منذ عام 2006 ولن يتغير وعبرت عنه فى مختلف الصحف، وهناك مسلمون غيرى لم يغضبوا أو يشعروا بالإهانة ولكنهم يهانون حقا من جراء أعمال العنف التى يكون المسلمين طرفا فيها، ونشعر أيضا بمزيد من الغضب نتيجة انتهاك حقوق الإنسان والجرائم التى ارتكبت تجاه المسلمين من قبل الحكومات الإسلامية وغير الإسلامية على حد سواء.
أؤمن تماما بعظمة رسولنا الكريم وعظمة الإسلام الذى ظل أكثر من 1400 سنة، ولا يحتاج منا إلى شهادة أو دفاع فهو قوى وسيظل قويا، ولكن المسلمين الذين يزج بهم فى السجون ويهاجمون بسبب أرائهم هم حقا الذين فى حاجة لدفاعنا، ومن المؤسف أن تتسبب الجماعات الإسلامية المتطرفة فى قتل أكثر من 200 مسلم نتيجة أعمال العنف، ولو كان النبى محمد حيا لأحزنه هذا العنف أكثر من الرسوم نفسها.
ما حقيقة تهديدك بالقتل عقب نشر مقالك الأخير؟
بعد تداول ونشر الصحف المصرية والمواقع الإخبارية التقارير التى نشرتها خدمة "أمريكا باللغة العربية"، تلقيت تهديدا بقتلى على البريد الإلكترونى الخاص بى، وأبلغت المباحث الفيدرالية فى نيويورك وتوصلت إلى شخص يدعى (أحمد سعيد) مقيم بمحافظة الجيزة، ومازال التحقيق فى القضية، ولكننى متأكدة أنه لم يقرأ مقالى الأصلى فى جريدة واشنطن بوست بل انساق وراء الترجمة المحرفة والمشوهة التى تبثها المواقع الإخبارية والبعيدة تماما عن الحقيقة.
وهل تتوقعين المزيد؟
هذا هو أول تهديد تلقيته، وما أحزننى فعلا هو كم التعليقات التى وجدتها على المواقع الإخبارية المصرية والتى تطالب معظمها بتكفيرى وتحرض على قتلى وإهدار دمى وكل هذا لماذا؟؟ للدفاع عن النبى تحت ستار الإسلام.. هل النبى أمرنا وعلمنا هذا؟؟
هذه التعليقات جعلتنى أعيش فى جو ملىء بالخوف والرعب أكثر من تهديد القتل نفسه، وأطالب تلك المواقع والجرائد المصرية أن يكون هناك إشراف على قسم التعليقات الخاص بها بدلا من تركها لمثل تلك التعليقات السخيفة والقبيحة.
وما رأيك فى قول البعض بأن كل هذا سعى منك للشهرة وتشويه صورة الإسلام أمام الغرب؟
فيما يخص سعى لمزيد من الشهرة فأنا لست بحاجة إليها، بالفعل أكتب فى العديد من الصحف العالمية لسنوات طويلة، وأجرت إذاعة ال"بى بى سى" حوارا معى مؤخرا وكذلك قناة الجزيرة والعربية وأنا معروفة ولا أحتاج لإثارة الجدل لمزيد من الشهرة.. أما فيما يخص تشويه صورة الإسلام فأنا انتمى للعديد من المنظمات الإسلامية هنا وإذا كنت من مشوهى صورة الإسلام فلماذا تدعونى تلك المنظمات للمشاركة فى مؤتمراتها وتلقبنى ب"قائدة مستقبل الإسلام"، ودعتنى جماعات إسلامية فى الولايات المتحدة للمشاركة فيها، وسافرت هذا العام لحضور 4 مؤتمرات إسلامية فى كوالالامبور وماليزيا.. لماذا كل هذا إذا كنت فعلا مشوهة لصورة الإسلام، بل بالعكس انتقادى لجماعتى أو بلدى لا يعنى تشويها لها ولكن إيمانا بأن النقد الذاتى علامة من علامات القوة.
هل سيكون لك نفس الجرأة فى طرح أفكارك إذا كنت فى مصر أم أن الإقامة فى الخارج وفرت لك مساحة أعرض للتعبير عن آرائك وبدون خوف؟؟
مصر مليئة بالصحفيين الشجعان والقادرين على التعبير عن آرائهم بحرية تامة وخاصة هؤلاء العاملين بوسائل الإعلام المستقلة والبعيدة عن سلطة النظام الحاكم، ولست فى حاجة للإقامة فى الخارج للتعبير عن وجهات نظرى، والدليل على ذلك كم الصحفيين الذين زج بهم فى السجون وتعرضوا للمحاكمة، ولكنهم استمروا ودون خوف وأوجه لهم التحية من هنا فهم نموذج للصحفيين القادرين على تحدى السلطة والتكلم بشجاعة رغم محاولات النظام الدائمة لإسكات معارضيه.
وعندما بدأت عملى فى مجال الصحافة اشتغلت مع وكالة الأنباء رويترز وكغيرى من الصحفيين تعرضت لمساءلة أمن الدولة بسبب ما أكتبه، ولكن هذا لم يغير بداخلى شىء وسأكون سعيدة أكثر إذا نشرت تلك الصحف المصرية مقالاتى بصحيفة واشنطن بوست كما هى.
ذكرتى فى مقالك عن "العنصرية فى مصر" إن الإخاء والتسامح بين المسلمين والأقباط مجرد شعارات وأن المجتمع المصرى يعامل الأقليات السودانية بطريقة غير لائقة، ألا تعتقدين أن هذه الاتهامات يشوبها التعميم وإنها وإن كانت تحدث بالفعل فلا ترقى لمستوى أن تكون ظاهرة عامة؟
قتلت القوات المصرية العديد من السودانيين أثناء محاولاتهم لعبور الحدود السودانية ودخول مصر ولم يلق أحد بالا بالأمر سوى بعض الناشطين وعدد من منظمات حقوق الإنسان ناهيك عن قتلها ما يقرب من 28 فى حادثة المهندسين الشهيرة التى راح ضحيتها أطفال ونساء، ودائما ما تشكو الأقليات السودانية من حالات التمييز والعنصرية التى يواجهونها فى مصر هم وأصحاب البشرة السمراء وتلك الحالات ليست فردية والدليل على ذلك عندما تحدثت فى إحدى مقالاتى عن الإهانة التى تعرضت لها فتاة سودانية أثناء ركوبها مترو الأنفاق فى مصر، وجدت قصصا كثيرة أرسلها لى أصحابها عن المعاملة السيئة التى يلاقونها فى مصر، هذا فيما يخص الأقليات السودانية أما فيما يتعلق بمعاملة الأقباط فالتقارير الإخبارية التى تنشر فى الجرائد المصرية كفيلة أن تثبت أن العلاقة بين المسلمين والمسحيين توترت كثيرا فى السنوات القليلة الماضية، والسبب فى هذا من وجهة نظرى تسييس الدين وتصاعد النزعة المحافظة فى مصر وتزايد نشاط الإخوان المسلمين، كذلك ما يعانيه البهائيون من سوء معاملة وإهدار للحقوق كل هذا يؤكد أن الأقليات الدينية فى مصر تمر بأصعب فتراتها، ونشكو دائما من معاملة المسلمين فى الغرب ولا ننظر لأنفسنا.
وما سبب توقفك عن الكتابة فى الجرائد العربية كالشرق الأوسط والمصرى اليوم.. وهل تعرضتى لضغوط بسبب آرائك ومواقفك؟
تنشر جريدة العرب القطرية حاليا مقالاتى بانتظام ومن المفارقات أننى فى نفس الوقت أكتب أيضا فى إحدى الصحف الدنماركية بشكل مستمر، وهذا ما دفع البعض باتهامى بأننى حصلت على تأييد تلك الصحيفة ومكافأة منها، بسبب آرائى الخاصة بنشر الصورة المسيئة، ولكن ما لا يعلمه الكثيرون أن هذه هى الجريدة الوحيدة التى عارضت تلك الرسوم ورفضت إعادة نشرها، وعندما طلبت جريدة الشرق الأوسط أن أكتب مقالات لها اندهشت كثيرا بسبب آرائى الليبرالية المتعارضة معهم، وبالفعل بدأت فى كتابة عمود ثابت فيها أسبوعيا بداية من عام 2004 حتى أوائل 2006، ثم توقفت الجريدة فجأة عن نشر مقالاتى ولم تعطينى سببا واضحا، ولكن أعتقد أن السبب وراء ذلك هو آرائى الجريئة الخاصة بمصر واعتراضى على نظام الرئيس مبارك، وخاصة بعد انضمامى لصفوف إحدى الحركات المصرية المعارضة عندما عدت للمشاركة فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية وما نشرته بخصوص أيمن نور ومحاكمته كل هذا أعتقد وراء أبعادى عن الكتابة فى الشرق الأوسط.
أما المصرى اليوم كتبت لها مؤخرا مجموعة من المقالات ثم توقفت ولا أعتقد أنهم منعونى من الكتابة وتواصلت مع محرر صفحة الرأى هناك وأخبرنى أنه فى انتظار المزيد من مقالاتى، وأنا على استعداد أن أكتب فى أى جريدة مصرية مستقلة.
كيف دافعتى عن حق الإخوان المسلمين فى المشاركة السياسية تحت شعار التعددية والديمقراطية، فى حين أنها جماعة ترفض مشاركة المرأة والأقباط فى الحياة السياسية ألا يعد هذا تناقضا؟
لا يعتبر تناقضا فهناك فرق بين الدفاع عن حق كل مصرى فى أن يكون ناشطا سياسيا مثلما فعلت مع الإخوان المسلمين والدفاع عن نظامهم السياسى، وهذا من المستحيل أن أفعله، والإخوان المسلمين لا يعارضوا مشاركة الأقباط والمرأة فى الحياة السياسية فى مصر، ولكن يعارضوا فكرة وصولهم لكرسى الحكم وهذا ما أرفضه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.