3 مراحل بطول يتجاوز 50 كيلومترا.. تفاصيل مشروع مترو الإسكندرية    عاجل - حماس تبلغ الوسطاء بموافقتها على المقترح الجديد لوقف النار في غزة    الدوري المصري على صفيح ساخن .. 14 حالة إيقاف وغرامات 343 ألف جنيه ونقل 6 مباريات    مكتشف لامين يامال ل في الجول: اللاعب يستحق الكرة الذهبية.. وهو الأكثر متعة    تعرف على مواد الصف الأول الثانوي في البكالوريا المصرية    سعر الذهب اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025 في مصر.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    «جبران»: اختبارات جديدة للمرشحين للعمل بالأردن في مجالات الزراعة    «ردًا على المفاجآت المدوية».. قناة الأهلي تكشف مستجدات قضية الدوري في المحكمة الرياضية    ضياء رشوان: مقترح وقف إطلاق النار فرصة كبيرة لإسرائيل لإيقاف تداعيات غير مسبوقة داخلها    منافسة ثنائية وصدام مستحيل.. موسم شاق ينتظر عمر مرموش في السيتي (تحليل)    رومانو: بعد إصابة لوكاكو.. نابولي يخاطب مانشستر يونايتد من أجل مهاجمه    قبل لقاء زيلينسكي وقادة أوروبيين.. ترامب: حرب روسيا وأوكرانيا هي حرب بايدن «النعسان»    فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يكشف تعاطي سائق نقل ذكي المخدرات وضبطه بالقاهرة    تقصير أم نفاق؟ أمين الفتوى يجيب على سؤال حول الفتور فى العبادة    إيهاب توفيق وفرقة كنعان الفلسطينية يضيئون ليالي مهرجان القلعة الدولي للموسيقى والغناء    مدينة إسنا تجرى إصلاحات شاملة لطريق مصر أسوان الزراعى الشرقى    إيقاف محمد هاني مباراة وتغريمه.. عقوبات الجولة الثانية من الدوري    أسامة السعيد: الموقف المصرى تجاه القضة الفلسطينية راسخ ورفض للتهجير    المسلماني ونجل أحمد زويل يزيحان الستار عن استديو زويل بماسبيرو    يتضمن 20 أغنية.. التفاصيل الكاملة لألبوم هيفاء وهبي الجديد    محافظ الوادي الجديد يعتمد النزول بسن القبول بالصف الأول الابتدائي بالمدرسة الرسمية الدولية    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد دار إيواء المستقبل (صور)    الأعلى للإعلام يعلن انطلاق الدورة التدريبية ال61 للصحفيين الأفارقة    «بيطري قناة السويس» تُطلق برامج دراسات عليا جديدة وتفتح باب التسجيل    تووليت وكايروكي يحيون ختام مهرجان العلمين الجديدة (أسعار التذاكر والشروط)    تعرف على الفيلم الأضعف في شباك تذاكر السينما الأحد (تفاصيل)    وكيل الأزهر: مسابقة «ثقافة بلادي» نافذة لتعزيز الوعي ونقل صورة حقيقية عن مصر    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    الرقابة المالية: 3.5 مليون مستفيد من تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر حتى يونيو 2025    هل يتم تعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا ؟.. اقتراح جديد في البرلمان    اختبارات للمرشحين للعمل بالأردن في مجالات الزراعة.. صور    الليلة.. عروض فنية متنوعة ضمن ملتقى السمسمية بالإسماعيلية    "العدل": على دول العالم دعم الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم    نسف للمنازل وقصف إسرائيلي لا يتوقف لليوم الثامن على حي الزيتون    وزير الأوقاف ناعيا الدكتور صابر عبدالدايم: مسيرة علمية حافلة بالعطاء في خدمة اللغة العربية    مصرع عامل وطفل فى انهيار منزل بدار السلام بسوهاج    حبس المتهمين بالتخلص من جثة صديقهم أثناء التنقيب عن الآثار في الشرقية    الصحة العالمية تقدم أهم النصائح لحمايتك والاحتفاظ ببرودة جسمك في الحر    الداخلية تكشف ملابسات مشاجرة بعصى خشبية أمام محل تجاري في الإسكندرية    "كان واقف على الباب".. مصرع شاب سقط من قطار الصعيد بسوهاج    القوات الإسرائيلية تعتقل 33 عاملاً فلسطينيا جنوب القدس    وزير المالية: مستمرون في دفع تنافسية الاقتصاد المصري    الشيخ خالد الجندي: مخالفة قواعد المرور معصية شرعًا و"العمامة" شرف الأمة    رضا عبدالعال: خوان ألفينا سيعوض زيزو في الزمالك.. وبنتايج مستواه ضعيف    أيمن الرمادي ينتقد دونجا ويطالب بإبعاده عن التشكيل الأساسي للزمالك    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    يحتوي على غسول للفم.. كيف يحمي الشاي الأخضر الأسنان من التسوس؟    «الديهي»: حملة «افتحوا المعبر» مشبوهة واتحدي أي إخواني يتظاهر أمام سفارات إسرائيل    أسعار البيض اليوم الإثنين 18 أغسطس في عدد من المزارع المحلية    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    كلية أصول الدين بالتعاون مع جمعية سفراء الهداية ينظمون المجلس الحديثى الرابع    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    إصابة 14 شخصا فى تصادم ميكروباص وربع نقل على طريق أسوان الصحراوى    الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار أستراليا منع عضو بالكنيست من دخول أراضيها 3 سنوات    استقرار أسعار النفط مع انحسار المخاوف بشأن الإمدادات الروسية    نشرة أخبار ال«توك شو» من «المصري اليوم».. متحدث الصحة يفجر مفاجأة بشأن سرقة الأعضاء البشرية.. أحمد موسى يكشف سبب إدراج القرضاوي بقوائم الإرهاب    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أسرار القرآن
يا يحيي خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 02 - 2010

هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في أوائل سورة مريم‏,‏ وهي سورة مكية‏,‏ وآياتها ثمان وتسعون‏(98)‏ بعد البسملة‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم تكريما للسيدة مريم البتول التي أوردت السورة الكريمة معجزة حملها بابنها عيسي دون أن يمسها بشر‏(‏ من أم بلا أب‏)‏ ووضعها إياه طفلا يتكلم وهو في المهد‏.‏ ويدور المحور الرئيسي لسورة مريم حول قضية العقيدة الإسلامية‏,‏ شأنها في ذلك شأن كل السور المكية‏.‏
هذا وقد سبق لنا استعراض سورة مريم وما جاء فيها من ركائز العقيدة‏,‏ والإشارات العلمية‏,‏ ونركز هنا علي أوجه الإعجاز التاريخي والتربوي والعلمي في الآية التي اتخذناها عنوانا لهذا المقال وفي غيرها من الآيات القرآنية الكريمة التي أشارت إلي نبي الله يحيي بن زكريا عليهما السلام‏,‏ وقد عاشا قبل تنزل القرآن الكريم بأكثر من ستمائة سنة‏.‏
من أوجه الإعجاز التاريخي والتربوي والعلمي في ذكر القرآن الكريم لنبي الله يحيي بن زكريا عليهما السلام‏:‏
جاء ذكر نبي الله يحيي بن زكريا عليهما السلام في خمس من آيات القرآن الكريم يمكن تصنيفها علي النحو التالي‏:‏
‏1‏ منها ما جاء يبشر بميلاده‏,‏ وفي ذلك يقول ربنا تبارك وتعالي في محكم كتابه‏:‏
هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء‏*‏ فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيي مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين‏(‏ آل عمران‏:38‏ 39).‏
يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيي لم نجعل له من قبل سميا‏(‏ مريم‏:7).‏
وزكريا إذ نادي ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين‏*‏ فاستجبنا له ووهبنا له يحيي وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين‏(‏ الأنبياء‏:89‏ 90).‏
‏2‏ ومنها ما وضعه ضمن كوكبة الأنبياء المعروفين لنا‏,‏ وفي ذلك يقول رب العالمين‏:‏
وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم علي قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم‏*‏ ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسي وهارون وكذلك نجزي المحسنين‏*‏ وزكريا ويحيي وعيسي وإلياس كل من الصالحين‏*‏ وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا علي العالمين‏*‏ ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلي صراط مستقيم‏(‏ الأنعام‏:83‏ 87).‏
‏3‏ ومنها ما يؤكد منزلة نبي الله يحيي الذي فقهه الله في الدين‏,‏ وعلمه التأويل‏,‏ وفهمه أحكام رب العالمين‏,‏ وهو لايزال في طور الصبا‏,‏ وأمره بأن يعمل بما جاء في التوراة بجد وعزم‏,‏ وطبعه علي التواضع والزهد وسمو النفس‏,‏ وعلي تقوي الله تعالي في السر والعلن‏,‏ وعلي الاجتهاد في العبادة من أجل تزكية النفس‏,‏ وعلي الرفق بالمخلوقين والعطف عليهم‏,‏ والحنان لهم‏,‏ كما جعله الله تعالي كثير البر بوالديه‏,‏ وكثير الإحسان إليهما‏,‏ ولم يجعله متجبرا علي الخلق‏,‏ ولا عاصيا للخالق في شيء‏,‏ لذلك جعل الله تعالي له سلاما وأمنا وحفظا من الأذي لحظة ولادته‏,‏ ويوم وفاته‏,‏ ويوم بعثه حيا‏,‏ وفي ذلك يقول ربنا تبارك وتعالي في محكم كتابه‏:‏
وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا‏*‏ وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا‏*‏ وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا‏(‏ مريم‏:13‏ 15).‏
ويقول المصطفي صلي الله عليه وسلم عن العبد الصالح‏,‏والفتي العابد يحيي بن زكريا عليهما السلام ما يرويه عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما بالنص التالي‏:‏ ما من أحد يلقي الله عز وجل إلا وقد هم بخطيئة أو عملها إلا يحيي بن زكريا فإنه لم يهم ولم يعمل‏.‏
وقال صلي الله عليه وسلم‏:‏ من هوان الدنيا علي الله أن يحيي بن زكريا قتلته امرأة‏.‏
وعن أبي هريرة قال‏:‏ سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول‏:‏ كل ابن آدم يلقي الله بذنب قد أذنبه يعذبه عليه إن شاء أو يرحمه‏,‏ إلا يحيي بن زكريا فإنه كان سيدا وحصورا ونبيا من الصالحين‏,‏ ثم أومأ النبي إلي قذاة من الأرض فأخذها وقال‏:‏ وكان ذكره مثل هذه القذاة‏.‏
وتعددت الروايات عن استشهاد يحيي بن زكريا‏,‏ لكن الثابت أنه قتل دفاعا عن دين الله الحق‏,‏ وما يدعو إليه من التزام بمكارم الأخلاق‏.‏
وعن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه خرج علي أصحابه يوما فوجدهم يتذاكرون فضل الأنبياء‏,‏ قال قائل‏:‏ موسي كليم الله‏,‏ وقال قائل‏:‏ عيسي روح الله وكلمته‏,‏ وقال قائل‏:‏ إبراهيم خليل الله‏,‏ ومضي الصحابة يتحدثون عن الأنبياء‏,‏ فتدخل الرسول عليه الصلاة والسلام حين رآهم لا يذكرون يحيي قائلا‏:‏ أين الشهيد ابن الشهيد؟ يلبس الوبر‏,‏ ويأكل الشجر مخافة الذنب‏,‏ أين يحيي بن زكريا؟‏.‏
الدروس المستفادة من عرض القرآن الكريم لقصة نبي الله يحيي بن زكريا‏.‏
من الدروس المستفادة من الإشارات القرآنية الكريمة إلي بعض الأحداث في سيرة نبي الله يحيي بن زكريا عليهما السلام ما يلي‏:‏
‏1‏ إن الله تعالي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء‏,‏ ومن هنا كان التقرب إلي الله بالدعاء هو مفتاح كل خير‏.‏
‏2‏ إن الاستقامة علي أوامر الله هي طوق النجاة للعبد في الدنيا والآخرة‏.‏
‏3‏ إن الهدف من عبادة الله سبحانه وتعالي هو تربية النفس الإنسانية وإشعارها بمراقبة الله‏,‏ وتأكيد حقيقة عبودية العبد لله الخالق البارئ المصور‏,‏ وحقيقة ألوهية الله وربوبيته ووحدانيته المطلقة فوق جميع خلقه في قلب وعقل الإنسان العابد‏,‏ وهذا من أعظم وسائل التربية للإنسان‏,‏ ومن أيسر العوامل الفاعلة في ضبط سلوكه وسط معركة صراعه مع الشيطان‏,‏ والتضارب بين أهل الحق وأهل الباطل علي طول الزمان‏.‏
‏4‏ إن تقوي الله وحسن الخلق والعمل الدءوب علي تزكية النفس‏,‏ وحب الخلق‏,‏ والحنان لهم‏,‏ والعطف عليهم هي من أعظم القربات إلي الله‏,‏ ومن مفاتيح القلوب عند المخلوقين‏.‏
‏5‏ إن الثبات علي الحق والتمسك به والاستعداد للتضحية من أجله هو من منازل الشهادة في سبيل الله‏,‏ فقد أهدر دم نبي الله يحيي بن زكريا عليهما السلام بسبب كلمة حق قالها في بلاط ملك فاجر‏,‏ فاسق‏,‏ ظالم يقال إن اسمه هيرود‏,‏ وبقي ذلك الموقف النبيل من نبي الله يحيي بن زكريا مثلا يحتذي لأهل العلم والدين والالتزام إلي آخر الزمان‏.‏
وهذه الإشارات القرآنية الكونية إلي نبي الله يحيي بن زكريا عليهما السلام‏,‏ والدروس المستفادة منها‏,‏ تمثل وجها من أوجه الإعجاز التاريخي والتربوي والعلمي في كتاب الله‏.‏
ووجه الإعجاز التاريخي يتجسد في صدق الإشارات القرآنية والنبوية عن هذا النبي الصالح‏,‏ فعلي الرغم من التشابه بين ما جاء في القرآن الكريم وما أوردته بعض كتب الأولين عن نبي الله يحيي بن زكريا أو يوحنا المعمدان‏,‏ فإن الفرق بين كلام الله وروايات البشر هو أوضح من الشمس في رابعة النهار‏.‏
وأما الإعجاز التربوي فيتمثل في النقاط الخمس التي أوجزتها آنفا تحت عنوان الدروس المستفادة من عرض القرآن الكريم لقصة نبي الله يحيي بن زكريا عليهما السلام‏,‏ وأما الإعجاز العلمي فيتجسد في إنجاب طفل من أبوين طاعنين في السن مصابين بالعقم‏,‏ يائسين من إمكان النسل مما فتح الباب أمام الأطباء بإمكان علاج تلك الحالات‏,‏ وإن كانت المعجزات خوارق للسنن لا يقوي عليها إلا رب العالمين‏.‏
وواضح الأمر أن ذكر القرآن الكريم لنبي الله يحيي بن زكريا عليهما السلام يشهد بأن هذا الكتاب العزيز لا يمكن أن يكون صناعة بشرية‏,‏ بل هو بيان الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية‏,‏ في نفس لغة وحيه‏(‏ اللغة العربية‏)‏ وحفظه علي مدي أربعة عشر قرنا أو يزيد‏,‏ وتعهد بهذا الحفظ تعهدا مطلقا حتي يبقي القرآن الكريم شاهدا علي الخلق أجمعين إلي يوم الدين بأنه كلام رب العالمين‏,‏ وشاهدا للنبي الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة‏.‏
فالحمد لله علي نعمة الإسلام‏,‏ والحمد لله علي نعمة القرآن‏,‏ والحمد لله علي بعثة خير الأنام صلي الله عليه وسلم‏,‏ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.‏
المزيد من مقالات د. زغلول النجار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.