رئيس جامعة أسيوط يفتتح المعرض والحفل السنوي للأقسام العلمية بكلية التربية النوعية    البنوك تحقق أرباحا بقيمة 152.7 مليار جنيه خلال 3 أشهر    في أول هجوم نهارا.. إسرائيل تعلن إطلاق إيران صواريخ نحوها وتفعيل حالة التأهب في عدة مناطق    كريم رمزي: مروان عطية نجح في ايقاف خطورة ميسي    توقعات بتأثيرات سلبية على سلاسل الإمداد العالمية بسبب الضربات الإسرائيلية الإيرانية    محافظ المنيا عن امتحانات الثانوية العامة: اليوم الأول مر بلا شكاوى    دينا نبيل عثمان رئيسًا لقناة النيل الدولية Nile TV    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بسبب وفاة شقيقها: الله يرحمك يا روحي    دعاء دخول امتحان الثانوية العامة لراحة القلب وتيسير الإجابة    تجديد تعيين جيهان رمضان مديرا عاما للحسابات والموازنة بجامعة بنها    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    تأجيل نهائي كأس أمير الكويت لأجل غير مسمى بسبب أحداث المنطقة    محافظ الشرقية يستقبل أسقف ميت غمر ودقادوس وبلاد الشرقية والوفد الكنسي المرافق    المصرف المتحد الأفضل للحلول الاستثمارية في مصر خلال 2025    إحالة أوراق المتهم بخطف طفل وقتله لسرقة دراجته في الشرقية إلى المفتي    ضبط 4 أطنان سلع مجهولة المصدر في حملة تموينية مكبرة بمركز ومدينة بسيون    مدبولى: مخطط طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    ما يقرب من 2 مليون.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "المشروع X"    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل.. دمار واسع ومخاوف من موجة هجمات جديدة    فيلم "شرق 12" يشارك في الدورة الثامنة من أيام القاهرة السينمائية    مكتبة الإسكندرية تطلق أحدث جوائزها للمبدعين الشباب    استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 508 آلاف طن قمح منذ بدء موسم 2025 بالمنيا    لطلبة الثانوية العامة.. تناول الأسماك على الغداء والبيض فى الفطار    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    بالأرقام.. كل ما قدمه أحمد زيزو في أول ظهور رسمي له بقميص الأهلي في مونديال الأندية    ماشى بميزان فى سيارته.. محافظ الدقهلية يستوقف سيارة أنابيب للتأكد من الوزن    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    النواب يحذر من تنظيم مسيرات أو التوجه للمناطق الحدودية المصرية دون التنسيق المسبق    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعى بكليات الجامعة ومعاهدها    محافظ أسيوط: استمرار حملات تطهير الترع لضمان وصول المياه إلى نهاياتها    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    انقلاب ميكروباص يقل 14 من مراقبي الثانوية العامة وإصابة 7 بسوهاج    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد الثاني من بؤونة بكنيسة العذراء والشهيدة مارينا بالعلمين (صور)    دراسة: لقاح كوفيد يحمى من تلف الكلى الشديد    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    التعليم العالى: المؤتمر ال17 لمعهد البحوث الطبية يناقش أحدث القضايا لدعم صحة المجتمع    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    تعرض مقر وزارة الدفاع الإيرانية في طهران لهجوم إسرائيلي    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أسرار القرآن 340‏
وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين [‏الانبياء‏:85]‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 04 - 2010

هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في مطلع الربع الأخير من سورة الأنبياء‏,‏ وهي سورة مكية‏,‏ وآياتها اثنتا عشرة ومائة‏(112)‏ بعد البسملة‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم لاستعراضها سير عدد من أنبياء الله‏.‏ ويدور المحور الرئيس لسورة الأنبياء حول قضية العقيدة الإسلامية شأنها في ذلك شأن كل السور المكية ومن ذلك الإيمان بالله تعالي ربا واحدا أحدا‏,‏ فردا صمدا‏,‏ بغير شريك‏,‏ ولا شبيه‏,‏ ولا منازع‏,‏ ولا صاحبة ولا ولد‏,‏ والإيمان بملائكة الله وكتبه ورسله‏,‏ دون أدني تفريق واليقين بحتمية الآخرة وبما فيها من بعث‏,‏ وحشر‏,‏ وحساب‏,‏ وجزاء‏,‏ وخلود إما في الجنة أبدا‏,‏ أو في النار أبدا‏,‏
وتبدأ سورة الأنبياء بالإشارة إلي غفلة الناس عن الحساب في الآخرة‏,‏ وفي ذلك تقول‏:‏
بسم الله الرحمن الرحيم
اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون‏,‏ ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون هية قلوبهم وأسروا النجوي الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون‏,‏ قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم‏,‏ بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون‏)‏
‏(‏ آلأنبياء‏:1‏ 5)‏
وهذه الآيات تضرب لنا مثلا علي غفلة الناس عن حقيقة الآخرة وما فيها من بعث‏,‏ وحشر‏,‏ وحساب‏,‏ وجزاء‏,‏ وخلود إما في الجنة أو في النار‏,‏ وذلك بانصراف كفار قريش عن رسول الله صلي الله عليه وسلم واتهامهم إياه بالسحر‏,‏ والشعوذة‏,‏ والشعر‏,‏ والافتراء‏,‏ والكذب شرفه الله عن كل ذلك وهي نفس التهم التي لايزال كفار ومشركو اليوم يلقون بها علي سيرة هذا الرسول الخاتم صلي الله عليه وسلم ,‏ وقد عاب كفار ومشركو قريش علي خاتم النبيين بشريته‏,‏ وطالبوه بعدد من المعجزات الحسية كالتي جاء بها سلفه من الأنبياء والمرسلين‏,‏ ناسين أو متناسين ما لقيه هؤلاء من تكذيب علي الرغم من تأييد الله لهم بالعديد من المعجزات الحسية‏,‏ وناسين أو متناسين أن جميع أنبياء الله كانوا بشرا مختارين مصطفين‏,‏ مما يدحض اعتراضهم علي بشرية الرسول الخاتم صلي الله عليه وسلم وبارك عليه وعلي أنبياء الله اجمعين ,‏ وناسين أو متناسين أن الله تعالي قد أهلك كفار ومشركي الأمم السابقة عليهم فلم يعتبروا بهلاكهم‏.‏
ثم أكدت الآيات في سورة الأنبياء أنه لو أعرض أهل الأرض جميعا عن طاعة خالقهم وعبادته بما أمر‏,‏ فإن الملائكة لايستكبرون عن الخضوع الدائم لجلال الله ولا عن المداومة علي تسبيحه وتمجيده وحمده بلا انقطاع‏.‏
كذلك استشهدت سورة الأنبياء بعدد من الآيات الكونية علي عظمة الخالق سبحانه وتعالي وإبداعه في خلقه‏,‏ وعلي وحدانيته المطلقة فوق جميع ماخلق‏,‏ وعلي تنزيهه سبحانه وتعالي عن جميع صفات خلقه وعن كل وصف لايليق بجلاله من مثل ادعاء الشريك أو الشبيه أو المنازع‏,‏ أو الصاحبة والولد‏,‏ وهو تعالي رب كل شيء ومليكه
وتؤكد سورة الأنبياء أن كل نفس ذائقة الموت‏,‏ وأن الدنيا ما هي إلا دار ابتلاء بالخير والشر‏,‏ وأن جميع المخلوقين عائدون حتما إلي بارئهم ليوفي كل واحد منهم حسابه‏.‏
وتواسي الآيات في سورة الأنبياء خاتم الأنبياء والمرسلين صلي الله عليه وسلم بأن جميع من جاءوا قبله من أنبياء الله ورسله قد لاقوا من كفار أقوامهم مثل مالاقي ولايزال يلاقي هو من التكذيب والسخرية والاستهزاء‏.‏ وقد نال جميع المكذبين بدين الله والمستهزئين برسله من العذاب في الدنيا نكالا من الله تعالي الذي توعدهم بالعذاب المقيم في الآخرة‏.‏
واستعرضت سورة الأنبياء قصص عدد من هؤلاء المصطفين الأخيار وعدد من الصالحين الأبرار الذين منهم كل من موسي وهارون‏,‏ إبراهيم الخليل وابن أخيه لوط‏,‏ نوح‏,‏ داود وابنه سليمان‏,‏ أيوب‏,‏ إسماعيل‏,‏ إدريس‏,‏ ذو الكفل‏,‏ يونس‏,‏ وزكريا الذي رزقه الله تعالي علي الكبر ابنا صالحا‏(‏ هو يحيي‏),‏ والسيدة مريم العذراء البتول وولادتها بمعجزة كبري لابنها المسيح عيسي ابن مريم‏(‏ عليهم جميعا من الله السلام‏),‏ وبهذا الاستعراض لعدد كبير من الأنبياء والصالحين سميت السورة باسم سورة الأنبياء كذلك تحدثت سورة الأنبياء عن سد يأجوج ومأجوج‏,‏ وعن الإشعار بقرب فتحه‏,‏ وتدافع هذا الخلق العجيب للخروج من ورائه‏,‏ وانتشارهم في كل فج من أجل الإفساد في الأرض‏,‏ وخروجهم هو من العلامات الكبري للساعة التي تصف الآيات في ختام سورة الأنبياء شيئا من أهوالها‏,‏ ومن عذاب الكفار والمشركين ونجاة المؤمنين
وتؤكد سورة الأنبياء في الآيات الأخيرة منها أن الرسول الخاتم صلي الله عليه وسلم قد أرسله الله تعالي رحمة للعالمين‏,‏ داعيا الناس جميعا إلي التوحيد الخالص لله الخالق بعد أن كان أهل الأرض جميعا قد ضيعوا رسالة السماء‏,‏ وغرقوا إلي آذانهم في أوحال الشرك والضلال‏,‏ وملأوا الأرض جورا وظلماء‏,‏ وأغرقوها في بحار من الدماء والأشلاء‏,‏ ولذلك ختمت هذه السورة المباركة بقول ربنا تبارك وتعالي موجها الخطاب إلي خاتم أنبيائه ورسله قائلا له‏:(‏ وما أرسلناك إلا رحمة للعاملين‏,‏ قل إنما يوحي الي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون‏,‏ فإن تولوا فقل آذنتكم علي سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ماتكتمون‏,‏ وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلي حين‏,‏ قل رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان علي ماتصفون‏)[‏ الأنبياء‏:107‏ 112]‏
والآية الأخيرة من سورة الأنبياء ابتهال من رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي ربه يقول فيه‏:‏ يارب احكم بيني وبين المكذبين بالحق الذي أنزلته علي وبعثتني به‏,‏ وأنت يارب المستعان علي مايصف هؤلاء الكفار والمشركون من الشرك بجلالك والتكذيب بدعوتي‏,‏ وبذلك تختم سورة الأنبياء التي استهلت بتحذير الناس أجمعين من اقترب وقفة الحساب بين يدي رب العالمين‏.‏
هذا‏,‏ وقد سبق لنا استعراض أوجه الاعجاز الإنبائي والتاريخي في ذكر القرآن الكريم لعدد من انبياء الله ومنهم الذين أوردت سورة الأنبياء جانبا من سيرة كل منهم‏,‏ وتوقفنا عند كل من انبياء الله ذو الكفل‏,‏ واليسع‏,‏ وإلياس الذين نورد هنا وجه الإعجاز الإنبائي والتاريخي في ذكر كل منهم في كتاب الله‏.‏
من أوجه الإعجاز الإنبائي والتاريخي في ذكر القرآن الكريم لعبدالله ونبيه ذي الكفل
جاء ذكر عبدالله ونبيه‏(‏ ذي الكفل‏)‏ مرتين في القرآن الكريم علي النحو التالي‏:‏
‏(1)‏ وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين‏)‏
‏(‏الأنبياء‏:85)‏
‏(2)‏ واذكر اسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار‏)‏
‏(‏ص‏:48)‏
وعلي ذلك فإن القرآن الكريم لم يشر إلي‏(‏ ذي الكفل‏)‏ إلا في زمرة عدد من أنبياء الله مما يؤكد نبوته‏,‏ ولكن أين بعث؟ ومن كان قومه؟ وكيف كان تفاعلهم مع دعوته‏,‏ وماذا كان جزاء المصدقين منهم له‏,‏ وعقاب المكذبين بدعوته؟ كل هذه التساؤلات لم يجب عليها كتاب الله لا إجمالا ولا تفصيلا‏,‏ ومن هنا فإننا نتوقف عن الدخول في التفاصيل التي لم يرد عنها شيء في الكتاب أو السنة لأن أغلبها من الاسرائيليات التي لا سند لها‏.‏
وذكر بعض المؤرخين إمكانية أن يكون‏(‏ ذو الكفل‏)‏ هو‏[‏ حزقيل أو حزقيال‏(Ezekiel)‏ الذي ورد إسمه بأحد كتب الأولين ولكن حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم يشير إلي أن‏(‏ حزقيل‏)‏ هو مؤمن آل فرعون الذي أسرع إلي موسي بن عمران محذرا من فرعون وجنده‏,‏ وقد أمر فرعون بقتله‏,‏ وجاءه‏(‏ حزقيل‏)‏ ناصحا بالخروج من أرض مصر حتي يمكنه النجاة بنفسه‏.‏ وفي ذلك يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم :‏ سباقوا الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين‏:‏ حزقيل مؤمن آل فرعون‏,‏ وحبيب النجار صاحب‏(‏ يس‏),‏ وعلي بن أبي طالب‏.‏
كذلك قال بعض المؤرخين إن‏(‏ ذا الكفل‏)‏ هو أحد أبناء أيوب عليه السلام ,‏ وقالوا إن اسمه في الأصل هو‏(‏ بشر‏),‏ وأن الله تعالي بعثه بعد أيوب‏,‏ وسماه‏(‏ ذا الكفل‏)‏ لأنه تكفل بعدد من الطاعات غير المفروضة فوفي بها‏,‏ وقالوا إن مقامه كان ببلاد الشام‏,‏ وإن ادعي آخرون أن إقامته كانت في بلاد بابل من أرض العراق‏.‏ وأهل دمشق يتناقلون أنه مدفون في جبل قاسيون المطل علي مدينتهم العامرة‏,‏ دون دليل ثابت علي ذلك‏.‏
وعلي كل حال فإن مجرد ورود اسم‏(‏ ذي الكفل‏)‏ في القرآن الكريم يعتبر وجها من أوجه الاعجاز الإنبائي في كتاب الله‏,‏ وعلي علماء الآثار أن يجدوا في البحث عن اثار هذا النبي الصالح إثباتا لسبق القرآن الكريم بالاشارة إليه‏.‏
من أوجه الاعجاز الانبائي والتاريخي في ذكر القرآن الكريم لعبدالله ونبيه إلياس
جاء ذكر عبدالله ونبيه إلياس عليه السلام ثلاث مرات في القرآن الكريم وذلك علي النحو التالي‏:‏
‏(1)(‏ وزكريا ويحيي وعيسي وإلياس كل من الصالحين‏)(‏ الأنعام‏:85)‏
‏(2)(‏ وإن إلياس لمن المرسلين‏)(‏ الصافات‏:123)‏
‏(3)(‏ سلام علي الي ياسين‏)(‏ الصافات‏:130)‏
ويذكر ابن كثير أن‏(‏ إلياس‏)‏ و‏(‏إل ياسين‏)‏ هما اسمان لشخص‏,‏ واحد هو النبي إلياس عليه السلام وذلك انطلاقا من حقيقة أن العرب يلحقون حرف النون بعدد من أسماء أو يبدلونه بأحد أحرف الاسم‏.‏
ويقول عدد من المؤرخين أن عبدالله ونبيه إلياس من ذرية النبي هارون أخي النبي موسي بن عمران عليهما السلام وأنه كان قد أرسل إلي أهل بعلبك وهي مدينة قديمة كان الرومان قد بنوها في إقليم البقاع من وسط أرض لبنان‏,‏ وذلك في حدود سنة‏(64)‏ قبل الميلاد في أثناء احتلالهم لتلك البلاد‏.‏
وكان أهل بعلبك قد أشركوا بالله‏,‏ وعبدوا صنما سموه بعلا‏,‏ ولما بعث الله تعالي إليهم نبيه إلياس يدعوهم إلي عبادة الله سبحانه وتعالي وحده بغير شريك‏,‏ ولاشبيه‏,‏ ولامنازع‏,‏ ولا صاحبة ولا ولد‏,‏ فإن غالبيتهم لم يستجيبوا لدعوته‏,‏ وكذبوا نبوته‏,‏ فأصابهم العقاب في الدنيا‏,‏ ولهم في الآخرة العذاب المهين‏.‏ وأما القلة التي آمنت مع إلياس فكانت من عباد الله المخلصين الذين ثبتهم الله في الدنيا علي دينه‏,‏ ووعدهم بجنة الخلد في الآخرة‏,‏ وجعل الله تعالي لنبيه إلياس الذكر الحسن علي ألسنة من جاؤوا بعده‏,‏ وفي ذلك تقول الآيات‏:‏
‏(‏وإن إلياس لمن المرسلين‏.‏ إذ قال لقومه ألا تتقون‏.‏ أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين‏.‏ الله ربكم ورب آبائكم الأولين‏.‏ فكذبوه فإنهم لمحضرون‏.‏ إلا عباد الله المخلصين‏.‏ وتركنا عليه في الآخرين‏.‏ سلام علي إل ياسين‏.‏ إنا كذلك نجزي المحسنين‏.‏ إنه من عبادنا المؤمنين‏)‏
الصافات‏:123‏ 132.‏
وأوجه الآراء أن إلياس النبي المسمي باسم إيليا‏(Elijah)‏ في العهد القديم‏,‏ والذي ورد ذكره محاطا بسلسلة من الاسرائيات التي لاسند لها
وإشارة القرآن الكريم إلي نبي قديم مثل إلياس عليه السلام يعتبر وجها من أوجه الاعجاز الانبائي والتاريخي في كتاب الله
من أوجه الاعجاز الإنبائي والتاريخي في ذكر القرآن الكريم لعبدالله ونبيه اليسع
جاء ذكر عبدالله ونبيه اليسع عليه السلام مرتين في القرآن الكريم وسط أسماء مجموعة من الأنبياء علي النحو التالي‏:‏
‏(1)(‏ وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا علي العالمين‏)‏
‏(‏الأنعام‏:86).‏
‏(2)(‏ واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار‏)‏
‏(‏ص‏:48).‏
ويذكر عدد من المؤرخين أن اليسع هو ابن عم إلياس عليهما السلام وأنه بعث بعد وفاة إلياس لأهل الشام‏,‏ وقيل إنه عاش في بعلبك أو في بانياس بالقرب من اللاذقية‏,‏ وأنه بعث في قوم شاع بينهم الشرك والالحاد وعبادة الأصنام‏,‏ وانتشرت في مجتمعاتهم الخطايا والاثام والمظالم‏,‏ فبعث الله سبحانه وتعالي إليهم اليسع يدعوهم إلي عبادة الله تعالي وحده بغير شريك ولا شبيه‏.‏ ولا منازع‏,‏ ولاصاحبة ولا ولد‏,‏ وأن ينزهوه تعالي عن جميع صفات خلقه‏,‏ وعن كل وصف لا يليق بجلاله‏,‏ وذكرهم بحساب الآخرة فلم يستمعوا لنصحه‏,‏ ولم يأبهوا بدعوته فعاقبهم الله تعالي في الدنيا وتوعدهم بعذاب الآخرة وهو اشد وأنكي‏.‏
وأرجح الأقوال أن اليسع هو النبي الذي جاء ذكره كتب الأولين تحت مسمي اليشع‏(Elisha)‏ وأنه كان خادما للنبي إلياس‏,‏ وإن كانت القصة قد أحيطت بالاسرائيليات الخارجة عن حدود المنطق‏.‏
وتبقي الاشارة إلي نبي قديم من أنبياء الله هو اليسع عليه السلام في القرآن الكريم وجها من أوجه الاعجاز الانبائي والتاريخي في كتاب الله يشهد لهذا الكتاب العزيز بأنه لايمكن أن يكون صناعة بشرية‏,‏ كما يشهد للنبي الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة‏,‏ فصلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين‏,‏ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.‏

المزيد من مقالات د. زغلول النجار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.