«الزراعة» : منتجات مبادرة «خير مزارعنا لأهالينا» الغذائية داخل كاتدرائية العباسية    بعد إنقاذها من الغرق الكامل بقناة السويس.. ارتفاع نسب ميل سفينة البضائع "لاباتروس" في بورسعيد- صور    المصري يفوز على الطيران بهدفين نظيفين استعدادًا لمباراة الداخلية بالدوري    حفل ختام برنامج «دوى» و«نتشارك» بمجمع إعلام الغردقة    أزمة الضمير الرياضى    مونفيس يودع بطولة مدريد للتنس مبكرا    هاني شاكر يحيي حفل عيد الربيع في دار الأوبرا (تفاصيل)    «سعيد بوجودى في هذا الصرح العظيم».. الملك السابق أحمد فؤاد يزور مكتبة الإسكندرية صور    منى الحسيني ل البوابة نيوز : نعمة الافوكاتو وحق عرب عشرة على عشرة وسر إلهي مبالغ فيه    وزارة التخطيط وهيئة النيابة الإدارية يطلقان برنامج تنمية مهارات الحاسب الآلي    المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل منعت دخول المساعدات لغزة منذ بدء العدوان    خبير سياسات دولية: اللوبي الإسرائيلي ما زال يضغط على الولايات المتحدة (فيديو)    جمعة فى مؤتمر رابطة العالم الإسلامى بالرياض: نرفض أى محاولة لتهجير الشعب الفلسطينى وتصفية قضيته    سيناء من التحرير للتعمير    تنمية شاملة بعد عقود من الإهمال| مشروعات زراعية وصناعية وبنى تحتية فى كل شبر من أرض الفيروز    تحرير سيناء.. «قصة كفاح نحو البناء والتنمية» ندوة بمجمع إعلام قنا    البورصة المصرية.. أسعار الأسهم الأكثر ارتفاعًا وانخفاضًا اليوم الأربعاء 24-4-2024    مباراة حسم لقب الدوري الفرنسي.. مبابي يقود باريس سان جيرمان أمام لوريان    إخماد حريق نشب داخل مصنع بالوراق    ارتفع صادرات الصناعات الهندسية ل1.2 مليار دولار بالربع الأول من 2024    البورصة تقرر قيد «أكت فاينانشال» تمهيداً للطرح برأسمال 765 مليون جنيه    عاجل.. تنبيه مهم من البنوك لملايين العملاء بشأن الخدمات المصرفية    تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "شقو"    عناوين مكاتب تطعيمات الحج والعمرة بمحافظة كفر الشيخ ومواعيد العمل    عاجل من الصحة بشأن منع هذه الفئات من الخروج في الموجة الحارة (فيديو)    فوز مصر بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    العروسة في العناية بفستان الفرح وصاحبتها ماتت.. ماذا جرى في زفة ديبي بكفر الشيخ؟    طلاب كولومبيا: لن ندخل في مفاوضات مع إدارة الجامعة    هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية: تلقينا بلاغ عن وقوع انفجار جنوب شرق جيبوتي    أوراسكوم للتنمية تطلق تقرير الاستدامة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات    قريبا.. مباريات الدوري الإسباني ستقام في أمريكا    عيد الربيع .. هاني شاكر يحيى حفلا غنائيا في الأوبرا    حكم الاحتفال بشم النسيم.. الإفتاء تجيب    هل هناك أذكار وأدعية تقال في الحر الشديد؟.. رد واضح من الإفتاء    أدعية التوفيق والتيسير في الدراسة.. الأخذ بالأسباب مفتاح النجاح    إجازة شم النسيم 2024.. موعدها وعدد أيامها بعد قرار مجلس الوزراء بترحيل الإجازات    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    بلطجة وترويع الناس.. تأجيل محاكمة 4 تجار مخدرات بتهمة قتل الشاب أيمن في كفر الشيخ - صور    تضامن الغربية: الكشف على 146 مريضا من غير القادرين بقرية بمركز بسيون    خدماتها مجانية.. تدشين عيادات تحضيرية لزراعة الكبد ب«المستشفيات التعليمية»    حزب الحركة الوطنية يناقش خطة عمل المرحلة المقبلة والاستعداد لانتخابات المحليات    مديريات تعليمية تعلن ضوابط تأمين امتحانات نهاية العام    نصيحة الفلك لمواليد 24 إبريل 2024 من برج الثور    الصين تعلن انضمام شركاء جدد لبناء وتشغيل محطة أبحاث القمر الدولية    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    حقيقة حديث "الجنة تحت أقدام الأمهات" في الإسلام    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    دماء على «فرشة خضار».. طعنة في القلب تطيح بعشرة السنين في شبين القناطر    نقيب «أسنان القاهرة» : تقديم خدمات نوعية لأعضاء النقابة تيسيرا لهم    تقديرات إسرائيلية: واشنطن لن تفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"    أيمن الشريعى: لم أحدد مبلغ بيع "اوفا".. وفريق أنبى بطل دورى 2003    هل يجوز أداء صلاة الحاجة لقضاء أكثر من مصلحة؟ تعرف على الدعاء الصحيح    الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق مستقل بشأن المقابر الجماعية في غزة    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    للقضاء على كثافة الفصول.. طلب برلماني بزيادة مخصصات "الأبنية التعليمية" في الموازنة الجديدة    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    بشير التابعي: أتوقع تواجد شيكابالا وزيزو في التشكيل الأساسي للزمالك أمام دريمز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل في مصر معارضة؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 02 - 2010

هل كل من انتقد أداء الحكومة‏,‏ أو أعلن العصيان علي قانون جائر‏,‏ أو سلط الأضواء علي خطأ ما يعتبر كاتبا معارضا‏..‏ وإذا كانت كل الأشياء كما يري البعض علي ما يرام‏,‏ وأنه ليس في الإمكان أفضل مما نحن فيه‏,‏ فما جدوي وجود أجهزة مثل الجهاز المركزي للمحاسبات وهو مؤسسة حكومية ولماذا تقدم الرقابة الإدارية تقاريرها حول عمليات النهب والسرقة والاعتداء علي المال العام‏,‏ وهل يمكن أن نعتبر هذه المؤسسات قوي معارضة للحكومة والحزب الوطني‏..‏ وقبل هذا كله هل في مصر معارضة حقيقية مثل كل دول العالم المتقدم أم أننا مازلنا حتي الآن في الخطوة الأولي من طريق طويل يسمي الديمقراطية‏..‏
حين يطالب الإنسان بأبسط حقوقه في حياة كريمة تتوافر فيها الضروريات في الخبز والسكن والدواء والتعليم هل نعتبر ذلك تجاوزا‏..‏ وإذا طالب الإنسان بحقه في الحرية في أن يعبر عن رأيه حتي لو اختلف معه الآخرون هل يعتبر معارضا‏..‏ وإذا أصدرت الحكومة قانونا جائرا رغم موافقة السلطة التشريعية عليه ورأي المواطن أن من حقه أن يناقش هذا القانون هل يعتبر هذا المواطن خارجا علي القانون‏..‏ وإذا كشفت الصحافة جرائم اللصوص والمرتشين والمتاجرين بالمناصب هل يعتبر ذلك خروجا علي تقاليد صاحبة الجلالة‏..‏
أقول ذلك تعقيبا علي بعض الآراء الغريبة التي تتحدث دائما عن شيء يسمي المعارضة‏..‏ ويطلقون ذلك علي كل كاتب لا يسبح بحمد الحكومة ولا يسجد أمام قراراتها السماوية ويطلب منها الصفح والغفران حتي لو أخطأت وتجاوزت وفعلت كل ما يتنافي مع العدالة والأمانة والشفافية‏..‏
كيف نقول إن فلانا كاتب معارض وماذا تعني المعارضة في رأي هؤلاء‏..‏
هل كل من يطالب بحقوق المواطنين يعتبر معارضا‏..‏ حتي ولو لم يكن عضوا في حزب أو تنظيم أو جبهة سياسية فبماذا نسميه‏..‏ هل كل من يخرج علي القطيع أو يغني خارج السرب نراه متجاوزا‏..‏
إن هذا الخلط في المواقف والآراء يجعلنا دائما في حالة ارتباك دائم أمام مجتمع فقد الكثير من المعايير والقيم التي تحكم السلوكيات والمواقف‏..‏
لا أعتقد أننا بهذا الفهم الخاطيء ندرك المعني الحقيقي للمعارضة‏..‏ ليس لدينا تلك الأحزاب القوية ببرامجها وجماهيرها وافكارها حتي ندعي أن لدينا معارضة سياسية حقيقية‏..‏ لا يوجد في مصر حزب حقيقي معارض‏..‏ ولا توجد في الأحزاب المصرية الحالية تلك الكوادر التي يمكن أن تتشكل منها حكومة أو يخرج منها تيار فكري أو سياسي أو تستطيع أن تحرك الجماهير في اتجاه معين‏..‏
في دول الديمقراطيات الحقيقية توجد أحزاب تحكم ولكن الأهم من الأحزاب الحاكمة هو الأحزاب المعارضة‏..‏ وإذا كانت هناك حكومة حزبية في السلطة فهناك حكومة ظل تنتظر دورها في الشارع‏..‏ أن لها صحافتها القوية‏..‏ ولها أعضاء في البرلمان ولها برامج تنتظرها الجماهير‏..‏ وقبل هذا كله هي أحزاب لها تأثيرها الكبير في الشارع حيث تستطيع أن تحركه في أي وقت وفي أي اتجاه‏..‏
هذه الأحزاب لها مدارسها الفكرية التي يتخرج فيها الوزراء والمسئولون والقادة وهي قادرة دائما علي أن تجدد شبابها بقيادات ودماء جديدة‏,‏وهذا هو الفرق بين مجتمع يحكمه تداول السلطة وآخر يعاني من جمودها‏..‏ وهذه الأحزاب المعارضة تنتظر دائما الفرصة لتصل إلي الحكم لتنفذ برامجها ولهذا نراها دائما في حالة استعداد في أي لحظة لتمسك بعجلة القيادة‏..‏ وفي هذا الإطار يكون لهذه الأحزاب كتابها ومفكروها الذين يعبرون عن توجهات هذه الأحزاب ولا يمكن أن نطلق عليهم كتابا معارضين لأنهم في الحقيقة أكبر من أشخاصهم أنهم يمثلون فكر أحزاب قوية تتحدث باسم الجماهير‏..‏
وفي مصر لا يوجد شيء من ذلك كله‏..‏ ولهذا من الخطأ أم نقول إن هذا كاتب معارض يتحدث باسم حزب معين حيث لا حزب ولا معارضة‏..‏ ولكن هناك كاتبا تلقي كتاباته صدي لدي المواطنين لأنه يعبر عن أشياء قريبة منهم‏...‏ ومن المؤسف أن تسمع من يقول أن كتاب المعارضة في مصر لا يجدون شيئا حسنا علي الإطلاق أنهم يتصيدون أخطاء الحكومة‏..‏ وحتي لو كان هذا الأمر حقيقة فلماذا نسكت عن الأخطاء‏..‏ برغم أن المسئولين هم أحق الناس بمراجعة أخطائهم وهم الأولي بكشفها وعلاجها أمام المواطنين‏..‏
كيف نطلق لقب كاتب معارض علي كل من يكشف تجاوزات أو كوارث ويطالب الحكومة بمواجهتها والبحث عن حلول لها‏..‏ ما أكثر المواقف التي كان من الضروري مواجهتها والبحث عن أسبابها‏..‏ وقد شارك في هذه المواقف عشرات الكتاب الذين أبدوا أراء أو طرحوا فكرا أو أثاروا قضية ولا أعتقد أنهم فعلوا ذلك من باب المعارضة من أجل المعارضة أنهم أشخاص حريصون علي مصالح هذا الوطن وتحركهم دوافع وطنية صادقة لمطاردة الفساد والمفسدين‏..‏
‏*‏ حين بدأ الحديث عن كارثة توزيع الأراضي في مصر وما حدث فيها من أخطاء وتجاوزات وعمليات نهب تجاوزت كل الحدود في كل المناطق تقريبا‏..‏ لم يكن ذلك مجرد كتابات لأقلام معارضة ولكنها كانت دفاعا عن ثروة وطن ومستقبل أجيال ضد عصابات نهبت هذه الثروة بحماية من السلطة والقوانين ومازالت آثارها حتي الآن‏..‏ وكلنا نعلم الجرائم التي ارتكبت في نهب الثروة العقارية وهي ملك لكل المواطنين‏.‏ما حدث في المدن الجديدة وفي الساحل الشمالي وفي المناطق السياحية في شرم الشيخ والغردقة حتي وصلت التجاوزات إلي الصحاري البعيدة‏..‏ لا يمكن أن يقال إن ذلك كان أمرا طبيعيا بل هو كارثة بكل المقاييس ولا أعتقد أن هناك شخصا واحدا يمكن أن يدافع عن هذه التجاوزات أو أن يقف في صفها لأنها تتنافي مع كل الأعراف والقيم‏..‏
‏*‏ عندما تتكشف بعض الجرائم مثل قضية سياج و‏400‏ مليون جنيه تدفعها الحكومة من مال هذا الشعب تعويضا له نتيجة أخطاء جسيمة ارتكبها المسئولون عن توزيع الأراضي أو رفضوا تنفيذ أحكام القضاء أو التلاعب في المال العام‏..‏ حين يتم الكشف عن مثل هذه الجريمة أيا كان المسئول عنها فإن ذلك لا يمكن أن يحسب كموقف مؤيد أو معارض‏..‏ إنها جريمة لا ينبغي ألا يختلف عليها أحد سواء كان مؤيدا أم معارضا أنها كارثة بكل المقاييس وسيدفع الجميع ثمنها‏..‏
‏*‏ عندما يثور الشارع المصري رافضا قانون الضريبة العقارية بكل ما فيها من تجاوزات وأن يطالب بإعفاء السكن الخاص في هذا القانون‏..‏ ألا يعتبر ذلك حقا للموطنين في أن يعبروا عن رأيهم من خلال الصحافة وأصحاب الرأي حتي ولو كان القانون قد صدر ووافق عليه مجلس الشعب‏..‏
‏*‏ عندما تجتاح تلال الزبالة البيوت وتهدد الصحة العامة‏..‏ وعندما لا يجد المواطن الماء النظيف أو رغيف الخبز أو العلاج في المستشفي او التعليم في المدرسة أو يموت من أجل الحصول علي أنبوبة بوتاجاز‏,‏ حين يطالب المواطن بحقه في هذه الخدمات هل يعتبر معارضا‏..‏ وهل قبول أكوام الزبالة وإغلاق المخابز واختلاط مياه الشرب بالمجاري قضايا يمكن أن يدافع عنها أحد وهل يمكن أن يدافع المسئولون في الحزب الوطني عن هذه الكوارث‏..‏
‏*‏ وحين تطرح الحكومة مئات المشروعات في برنامج الخصخصة للبيع دون دراسة أو متابعة ونري المشروعات الكبري وهي تباع بأقل من أسعارها ونجد العمال في الشوارع بلا عمل‏..‏ ونجد مصانع الأسمنت والحديد والمواد الكيماوية والأسمدة وغيرها من السلع الاستراتيجية وقد أصبحت ملكا لمجموعة من الأشخاص يحتكرون الأسعار والأسواق والبشر هل يمكن أن يكون ذلك عملا مشروعا او نشاطا طبيعيا أليس من حقنا أن نطالب بمحاكمة المسئولين عن بيع هذه المشروعات حتي لو كانوا في قبورهم‏..‏
‏*‏ وحين يهرب المئات من رجال الأعمال بأموال البنوك ونطالب الحكومة بالكشف عن هذه الجرائم ومطاردة هؤلاء الهاربين في أبعد نقطة في الكون لاسترداد أموال الشعب هل يحتاج ذلك إلي مواقف معارضة أم أننا جميعا ينبغي أن نقف في خندق واحد مهما يكن حجم الخلافات بيننا‏..‏
وعندما تتغاضي الحكومة عن أخطاء المسئولين فيها ويتغاضي مجلس الشعب عن محاسبة الحكومة ونسمع القصص والحكايات عن نهب المال العام‏..‏ وحين يقف الجهاز المركزي للمحاسبات مطالبا بوضع ضوابط للإنفاق الحكومي ويصرخ فينا بسبب ارتفاع حجم الديون الداخلية والخارجية ويتحدث عن أزمة البطالة وارتفاع الأسعار وعدم تحصيل الضرائب من رجال الأعمال‏..‏ هل مثل هذه القضايا تخص المعارضة وحدها وهل الجهاز المركزي للمحاسبات وهو جهاز حكومي يعتبر جهازا معارضا‏..‏
‏*‏ وحين تحدث تجاوزات سياسية أو ثقافية أو حتي رياضية هل نقبلها ونسكت عنها أم أن الأمانة والمصداقية تتطلب أن ننبه إلي هذه الأخطاء والتجاوزات من أجل تعديل المسار‏..‏ وإصلاح ما يمكن إصلاحه‏..‏
في الكثير من الأزمات مثل الخبز والمياه والنظافة والغاز والزبالة كانت لنا أخطاء وهناك ردود أفعال كانت في غاية السوء من الأجهزة المسئولة سياسيا وثقافيا ورياضيا واقتصاديا هل معني ذلك أن نسكت ونقول ليس في الامكان أفضل مما نحن فيه‏..‏ أو نتهم كل من يتحدث في هذه القضايا بأنه معارض‏..‏
‏*‏ هل يمكن السكوت عما يحدث من وقت لآخر من تجاوزات بين المسلمين والأقباط صارت حديثا للعالم كله في وطن قام تاريخه كله علي هذه الوحدة التي تأصلت عبر مئات السنين‏..‏ هل نخفي رءوسنا في الرمال ونقول لا يوجد شيء علي الإطلاق أم نواجه الحقيقة ونحاول أن نبحث عن أسباب الأزمات وكيف نواجهها‏..‏ وإذا أخطأت أجهزة الدولة في مثل هذه المواقف هل ندافع عن أخطاء أم نبحث عن الحقيقة‏..‏
بعض الزملاء من حملة الأقلام والمباخر يتصورون أن كل من يكشف عن خطأ أو يطالب بمواقف أكثر حسما في مواجهة الأزمات التي يعاني منها المواطنون يعتبر كاتبا معارضا برغم أن المعارضة في حد ذاتها لا تمثل هدفا أو أغراء‏..‏ فهي ضد المكاسب الشخصية ولغة المصالح وما أسهل أن ينضم الكاتب إلي مواكب المنافقين‏,‏ وكذابي الزفة وطوابير المنتفعين بحثا عن صفقة أو منصب أو قطعة أرض فيري الباطل حقا ويري الحرام حلالا‏..‏ ولكن ما أصدق سيدنا عمر رضي الله عنه عندما قال‏'‏ آه منك يا حق لقد أغضبت مني الناس جميعا‏'‏

‏..‏ ويبقي الشعر
لو أننا‏..‏ لم نفترق
لبقيت نجما في سمائك ساريا
وتركت عمري في لهيبك يحترق
لو أنني سافرت في قمم السحاب
وعدت نهرا في ربوعك ينطلق
لكنها الأحلام تنثرنا سرابا في المدي
وتظل سرا‏..‏ في الجوانح يختنق
لو أننا‏..‏ لم نفترق
كانت خطانا في ذهول تبتعد
وتشدنا أشواقنا
فنعود نمسك بالطريق المرتعد
تلقي بنا اللحظات
في صخب الزحام كأننا
جسد تناثر في جسد
جسدان في جسد نسير‏..‏ وحولنا
كانت وجوه الناس تجري كالرياح
فلا نري منهم أحد
مازلت أذكر عندما جاء الرحيل‏..‏
وصاح في عيني الأرق
وتعثرت أنفاسنا بين الضلوع
وعاد يشطرنا القلق
ورأيت عمري في يديك
رياح صيف عابث
ورماد أحلام‏..‏ وشيئا من ورق
هذا أنا
عمري ورق
حلمي ورق
طفل صغير في جحيم الموج
حاصره الغرق
ضوء طريد في عيون الأفق
يطويه الشفق
نجم أضاء الكون يوما‏..‏ واحترق

المزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة