الحروب التقليدية تبدأ بالتمهيد النيراني بإطلاق القذائف الصاروخية سواء كانت من منصات علي الأرض أو من الغواصات والطائرات, أما الحروب المستقبلية أو حروب السايبر كما يطلق عليها فهي غير تقليدية حيث يسبقها إصابة الدولة المعادية بالشلل حتي قبل إطلاق رصاصة واحدة عن طريق إسقاط شبكات الاتصالات وإغلاق الطرق وتفجير المصانع وتعطيل المستشفيات وإبعاد الصواريخ عن مسارها.. كل هذا من خلال اختراق أجهزة الكمبيوتر للمؤسسات المدنية قبل العسكرية. في شهر ابريل الماضي اتهمت إيران كل من إسرائيل والولاياتالمتحدة بالمسؤلية عن اختراق أجهزة الكمبيوتر في مفاعل بوشهر النووي وزرع فيروس ستاكسنت الذي لم يؤثر فقط علي مفاعلات إيران النووية لكنه غير شكل الحرب الحديثة, فمنذ سنوات يشهد العالم عمليات اختراق لمنظومات الكترونية معقدة ليس لاهداف عسكرية فقط لكن أيضا لاغراض اقتصادية أو إعلامية أو حتي إجرامية لكن في أعقاب الستاكسنت أدرك العالم مدي فداحة ما يواجهه من تهديدات والأمر لا يتعلق بالأمور العسكرية فقط لكنه يتجاوز ذلك إلي أمور مدنية لإلحاق الضرر وإصابة دول كاملة بالشلل عن طريق لوحة المفاتيح( الكيبورد) ومن لا يسارع باستيعاب ذلك لن يصمد في أي مواجهة, فالروس مهدوا للهجوم علي جروزني عام2008 بهجوم سايبر وحركة حماس في غزة قالت أن عملية الرصاص المصبوب بدأت بعد هجوم الجيش الإسرائيلي علي منظومة الاتصالات وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بها, وفي بداية هذا العام كشفت وزارة الدفاع الأمريكية( البنتاجون) عن أن إسرائيل أقامت وحدات خاصة لحروب السايبر وتضم مجموعة مختارة لا تهبط علي الأهداف أو تشن هجوما بالذخيرة هنا أو هناك لكن مهمتها التسلل إلي شبكات الكمبيوتر واختراقها بهدف التشويش عليها أو سرقة معلومات أو تدميرها, أيضا رئيس جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية الأسبق' عاموس يادلين' يتفاخر في كل محاضراته بالفرق أو الوحدات التي تشكلت تحت قيادته لحروب السايبر ومنذ حوالي شهرين قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بزيارة لافراد وحدة السايبر التابعة للجيش وفي نهاية الزيارة كلف العميد البروفيسور' إسحق بن يسرائيل' الذي يتولي رئاسة المجلس القومي للأبحاث والتطوير بالاشراف علي وضع السياسة الإسرائيلية في مجال حرب الشبكات إضافة إلي التشريع والميزانية الخاصة بها, وفي بداية شهر مايو الجاري تلقي بنتانياهو تقريرا شاملا عكف علي إعداده70 من أفضل علماء إسرائيل ومنهم البروفيسور' عيدي شامير' الخبير الدولي في مجال الشفرة والذي ساهم في تطوير شفرات حماية المؤسسات المالية الكبري في العالم و' بنحاس بوكريس' القائد السابق للوحدة8200 التابعة للمخابرات العسكرية. وهذا التقرير يوصي بإقامة سلطة مركزية تراقب حماية السايبر وسن تشريع يلزم الجهات المعرضة لخطر الاختراق التكنولوجي بالمساهمة المالية في عمليات التأمين والحماية, ومن ناحية أخري فإن الأمر يتطلب وضع مجموعة من الاتفاقيات والنظم الدولية للتعاون لأنه بدون تعاون قد تحدث مواجهات بطريق الخطأ علي سبيل المثال كما تقول صحيفة يديعوت أحرونوت فقد يهاجم هاكر صيني إسرائيل عن طريق وسيط في الولاياتالمتحدة فإذا لم يكن بين الدولتين اتفاق تعاون وتبادل معلومات فقد تهاجم إسرائيل أمريكا واتفاق كهذا قائم بالفعل بين خمس دول هي الولاياتالمتحدة ونيوزيلاندا واستراليا وبريطانيا وكندا. وطبقا لما كشفت عنه فوكس نيوز فإن الفيروسات التي هاجمت منظومة تخصيب اليورانيوم الإيرانية تنسب لوسيطين الأول في الدانمارك والثاني في ماليزيا والإيرانيون هنا يستطيعون اتهام الدانمارك بتنفيذ عمل عدائي ضدهم لكن قوانين الحرب العادية لا تنطبق علي ساحة حروب السايبر. وفي خطة العمل السنوية للجيش الإسرائيلي والتي تبدأ العام المقبل يظهر موضوع حرب السايبر كأحد الأمور الأساسية تماما مثل التسلح بالغواصات والطائرات وبتعليمات من وزير الدفاع إيهود باراك وفي مايو2010 تم وضع عدة سيناريوهات لهجوم الكتروني علي أجهزة الكمبيوتر ووسائل الاتصال.. والحرب المقبلة كما يقول المحلل العسكري الإسرائيلي' أليكس فيشمان' سوف تبدأ بهجوم لشل فاعلية المنظومات الالكترونية التي تتحكم في المنشآت الحيوية مثل البنوك وشبكات الاتصال والكهرباء والمياه والطاقة والمواصلات وأجهزة الكمبيوتر في الوزارت الهامة بهدف خلق حالة فوضي شاملة ومن لا يمتلك منظومات حماية فعالة سيكتشف أن كل المؤسسات والمنشآت التي تدار بالكمبيوتر سوف تنهار لذا فإن جمع المعلومات المخابراتية لا يتركز فقط علي الأهداف العسكرية كما أن الضحايا ليسوا بالضرورة عسكريين فالسلاح الديجيتالي يتولي تعطيل المنشآت الحيوية. وفي التاسع والعشرين من نوفمبر عام2010 تم اغتيال عالم نووي إيراني في طهران وإصابة عالم آخر بعد ذلك بيومين توقفت شبكة الاتصالات الإسرائيلية سيلكوم عن العمل لعدة ساعات وقيل وقتها إن ذلك بسبب عطل فني فهل هناك علاقة بين الحادثين ؟ وهل كان ذلك بالفعل عطلا فنيا أم أن الأمر يتعلق بعنصر خارجي أراد أن يبين لخبراء الكمبيوتر في إسرائيل أنهم ليسوا بمفردهم علي ساحة الحرب التكنولوجية, الغريب أنه بعد عدة أسابيع وفي الخامس والعشرين من يناير2011 سقطت أيضا شبكة بيزيك للاتصالات وانقطعت الخدمة عن العملاء لعدة ساعات وإذا كان البعض في إسرائيل يتحدث عن عطل فني فإن هذا يمكن أن يكون أيضا اختراقا لتلك الشبكة ويقدر بعض الخبراء أن ما بين30% و50% من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في إسرائيل مصابة بفيروسات, وبعد حادث اسطول الحرية التركي في نهاية مايو2010 تعرض حوالي ألف موقع إسرائيلي للإختراق من جانب هاكرز أتراك وأثناء عملية الرصاص المصبوب علي غزة تعرضت منظومات كمبيوتر حكومية إسرائيلية للاختراق والصين كما يقول الخبير الإسرائيلي الدكتور' يانيف لويتين' هي أكثر الدول تقدما في مجال اختراق الشبكات.