الوقاية خير من العلاج.. مقولة يجب الأخذ بها لمكافحة الفساد من أجل ردعه وتحجيمه قبل حدوثه في المجتمع، بعد بروز قضية الفساد ومطالبة الشعب المصري بعد ثورة يناير بفتح ملفاتها وملاحقة رموزها، وهو ما تقوم به حاليا أجهزة الدولة الرقابية والنيابة العامة للتحقيق في هذا الكم الرهيب من بلاغات الفساد تمهيدا لإحالتها إلي المحاكم المختصة، ولكن رغم ضرورة تحقيق مطالب الشعب في محاسبة الفاسدين فهل هذه المحاسبة نهاية المطاف، لا بل الأجدر وضع آليات وقواعد وقوانين ونظم تمنع نشوء الفساد مرة أخري وتحد من كافة أنواع استغلال النفوذ بما يحمي المجتمع والاقتصاد القومي في المستقبل من هذا الفساد الأسود وهذا ما فكرت فيه المبادرة المصرية للوقاية من الفساد التي طلقها الدكتور زياد بهاء الدين رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية السابق ومجموعة من الشخصيات البارزة الوطنية وتأتي أهميتها بأنها مبادرة أهلية تقوم علي اقتراح القوانين والنظم واللوائح التي يلزم إصدارها في المرحلة الراهنة للوقاية من الفساد ومنع ظهور صور تعارض المصالح مستقبلا بعد من تأكد وجوده في النظام السابق وما أدي إليه، ووضع القواعد والنظم المعرفة في دول العالم المتقدم من أجل ضمان نزاهة الوظيفة العامة. والمبادرة لا تتناول أي من جوانب جهات التحقيق والملاحقة الجنائية لقضايا الفساد التي تباشرها جهات التحقيق والرقابة والقضاء وإنما تستهدف التكامل معها في ملاحقة ما يمكن أن يتعرض له المجتمع من أوضاع فاسدة، والمساهمة في تحقيق آمال الشعب المصري في مستقبل تسوده العدالة والشفافية والنزاهة، بالإضافة إلي أنها تشمل اقتراحات مثل مشروع قانون لمنع تعارض مصالح الوزراء وكبار المسئولين الحكوميين والعاملين في القطاعات المختلفة بالدولة التي يمكن أن تتعارض فيها المصالح الخاصة مع المنصب العام، ورؤساء المؤسسات المالية المملوكة للدولة والعاملين في كافة القطاعات والمناصب العامة التي يمكن استغلال المنصب فيها، واقتراحا آخر بمراجعة وتحديث نظم الإفصاح عن المصالح القائمة عند بدء تولي الوظيفة العامة والإجراءات من أجل الفصل بين الأعمال الخاصة السابقة ومقتضيات المنصب العام، والإفصاح عما يتقاضاه المسئولين بالدولة من مستحقات مالية ومكافآت وبدلات ومزايا نقدية وعينية وإتاحتها للجمهور، ومراجعة نظام تعيين العاملين بالجهات العامة بعقود استشارية أو بنظم خاصة. وتناولت المبادرة منع الفساد في تمويل الأحزاب السياسية لمنع تعارض المصالح بين العمل الحزبي والعمل الخاص، والفصل بين المصالح الخاصة لأعضاء المجالس النيابية والمحلية وعملهم النيابي، وأيضا للعاملين في قطاع الإعلام سواء المملوك للدولة أو الخاص، وتنظيم العلاقة بين المادة الإعلانية والتحريرية في وسائل الإعلام المختلفة، واقتراح بتعديلات بعض القوانين مثل المناقصات والمزايدات والمشتريات الحكومية وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، وتخصيص وبيع أراضي الدولة والانتفاع بها، وقوانين المنافسة ومنع الاحتكار والتراخيص التجارية والصناعية. فتحية لهذه المبادرة ومديرها الدكتور زياد بهاء الدين ورئيسها الدكتور حسام عيسي والمشاركين معهم المؤسسين والمنضمين حديثا أمثال مرشحي رئاسة الجمهورية الدكتور محمد البرادعي والمستشار هشام البسطويسي.. ونتمنى من الحكومة برئاسة الدكتور عصام شرف تأييدها ووضع مقترحاتها بعد عرضها علي الحوار الوطني المجتمعي حتى تري النور لتكون نجاة من كل فاسد في المستقبل من مقدرات مصرنا الحبيبة. المزيد من مقالات محمد مصطفى