الاسلام جعل الأمة أسرة واحدة وكل فرد فيها حارسا علي صيانتها وسلامتها, لم يقصر النصح علي طائفة بعينها ولم يحصر الاصلاح في هيئة بذاتها. ولكن الاسلام جعل التقويم من حق كل فرد في المجتمع فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم انصر أخاك ظالما أو مظلوما. قالوا يارسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما, قال تأخذون علي يديه ولأن الأمة وحدة متضامنة يشترك جميع أعضائها في المسئولية عن صلاح المجتمع وتحمل تبعات انتشار الفساد ولذلك أمروا بأن يأخذوا علي يد الظالم ويقفوا لصد ظلمه والحد من طغيانه حتي لايصبهم العذاب تطبيقا لقوله تعالي واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وفي هذا كما يقول الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الاسلامية تهديد لمن يري الظلم والفساد ويسكت عنه لأن كل من يستطيع الأخذ علي يد الظالم ثم لايفعل فهو عند الله آثم وشريك في الظلم ومسئول أمام الله عن عدم المقاومة عملا بقول الله سبحانه ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا وقد حث رسول الله عليه السلام علي أن يكون المؤمن قويا يدفع لاضعيفا يضطهد كما قال النبي المؤمن القوي خير وأحب عند الله من المؤمن الضعيف ومن أساليب العقاب للظالمين والطغاة في الاسلام الاستعانة بالرأي العام لأن غضبة الجماعة سوط من سياط الله يعذب به من يشاء, ويقوم به من يشاء وقد استخدم رسول الله هذا في غزوة تبوك حين تخلف الثلاثة من الصحابة فجعل النبي من وسائل تقويمهم مقاطعة الرأي العام لهم خمسين يوما حتي ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم واستيقظت ضمائرهم فقبل الله توبتهم, وقد تبين أنه لانجاة للمرء من الخسران إلا بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر لأن الأمة إذا كان علماؤها مداهنين وساستها منافقين وقادتها خائنين وعامتها لاهين فإنه لامحالة أن يستولي عليها الباطل ويطمع فيها الظالم ويستبد بها الطاغية ويستذلها المفسد وينزل بها العذاب, ويضيف الشيخ محمود عاشور عضو مجمع البحوث الاسلامية أن القرآن تحدث في أول سورة نزلت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث قال تعالي فيها كلا إن الانسان ليطغي أن رآه استغني وفي هذا بيان لسر الطغيان وهو الغني ووفرة المال والثروة, ولعلاج ذلك الداء قال تعالي إن الي ربك الرجعي ليذكر الله عز وجل ذلك الانسان الطاغية بالفناء والرجوع الي ربه لمحاسبته علي ماارتكبه يوم لاينفع مال ولابنون, وقد ذكر القرآن الكريم قصص الطغاة والمفسدين ومنهم أصحاب الجنة وقارون الذي كان من قوم موسي عليه السلام وفرعون وأصحابه ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد كما ضرب القرآن الأمثال في محاربة الطغيان والمن علي الضعفاء والمضطهدين, لأن نظام الاسلام الاجتماعي إنما يهدف الي حفظ المساواة ورفع الظلم, كما حذر من الارتباط والصلة بالظالمين ومصاحبتهم وتعظيمهم تصديقا لقول الله سبحانه ولاتركنوا الي الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لاتنصرون وبهذا رسم الاسلام كيفية التفريق بين الحق والباطل.