4 أيام عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    «التعليم»: مصروفات المدارس تشمل الكتب بالكامل.. وتقسيطها على 4 دفعات    ارتفاع سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 17 سبتمبر 2025    سعر التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    سعر السمك البلطي والسردين والجمبري في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    وفاة اللواء خالد العزازى مستشار رئيس هيئة قناة السويس للإعلام والعلاقات العامة    عماد الدين حسين: كلمة رئيس الوزراء تؤكد أن مصر تجاوزت الأصعب واقتصادها بدأ يجني الثمار    رئيس أركان جيش الاحتلال ل نتنياهو: القوات تعمّق الآن «إنجازًا» سيقرب نهاية الحرب    «من يزرع القتل لا يجني إلا الرعب».. تفاعل مع فيديو متداول لجنود إسرائيليين يرمون أدوية الاكتئاب داخل الكنيست    ريال مدريد «المنقوص» يهزم مارسيليا في دوري الأبطال    توتنهام يفوز على فياريال.. وقرة باج يتجاوز بنفيكا في دوري أبطال أوروبا    كاراباك يصعق بنفيكا بثلاثية تاريخية في عقر داره بدوري الأبطال    تدريبات بدنية فى مران الزمالك استعدادا للإسماعيلي    ما زال الحبل السري متصلا بها.. أنثى حوت أوركا تحاول إنعاش طفلها الميت (فيديو)    ارتفاع الرطوبة.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس في محافظات الوجه البحري    ضرب وسحل وألفاظ خادشة.. الأمن يفحص فيديو اعتداء أشخاص على شاب وسيدة بالهرم    هل يجوز استخدام الروبوت في غسل الموتى؟.. "الإفتاء" تُجيب    5 مشروبات قبل النوم لخفض التوتر والكوليسترول الضار    اجتماع سوري إسرائيلي مرتقب في باكو    ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 108 خلال هجمات الاحتلال اليوم    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: النيل مسألة وجودية لمصر    وزير الري: ندرة المياه لا تسمح بزراعة الصحراء بالقمح لتحقيق الاكتفاء الذاتي    داليا عبد الرحيم تكتب: ثلاث ساعات في حضرة رئيس الوزراء    ننشر خريطة موعد بدء الدراسة للتعليم الابتدائي بمدارس الفيوم تدريجيًا.. صور    يوفنتوس ينتزع تعادلًا دراماتيكيًا من دورتموند في ليلة الأهداف الثمانية بدوري الأبطال    4 لاعبين مصريين يتأهلون لنصف نهائي بطولة مصر المفتوحة للاسكواش    جوبريال يكمل قوة منتخب الشباب الضاربة فى معسكر تشيلي    الهلال يحقق فوزًا صعبًا على الدحيل في دوري أبطال آسيا للنخبة    على باب الوزير    فلسطين.. قوات الاحتلال تعتقل من بلدة دير أبو ضعيف    وزير الدفاع السعودي وقائد القيادة المركزية الأمريكية يبحثان تعزيز التعاون الدفاعي    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شاب طافية بنهر النيل في الوراق    "جزمجى" يقتل زوجته طعنا بسكين بسبب خلافات أسرية فى المحلة    ضبط ومصادرة 2 طن طحينة بمصنع بدون ترخيص بالمنيرة    الحماية المدنية تخمد حريق منزل في سرابيوم بالإسماعيلية    إصابة شاب بصعق كهربائي بجوار مزرعة إبراهيم العرجاني في أبو صوير    مي عز الدين تهنئ محمد إمام بعيد ميلاده: «خفة دم الكون»    وقت مثالي للبحث في تحسين الدخل.. برج الجدي اليوم 17 سبتمبر    ضغوط العمل لا تطاق.. حظ برج القوس اليوم 17 سبتمبر    قبول الآخر.. معركة الإنسان التي لم ينتصر فيها بعد!    يوفنتوس يتعادل 4-4 مع دورتموند في أجمل مباريات دوري أبطال أوروبا    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    فرنسا تدين توسيع العملية الإسرائيلية بغزة وتدعو إلى وضع حد للحملة التدميرية    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    حتى لا تعتمد على الأدوية.. أطعمة فعالة لعلاج التهاب المرارة    يؤثر على النمو والسر في النظام الغذائي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم عن الأطفال    ليست كلها سيئة.. تفاعلات تحدث للجسم عند شرب الشاي بعد تناول الطعام    مهرجان الجونة يكشف عن برنامج مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بالدورة الثامنة    بعد طرح البرومو الرسمي.. هذا هو موعد عرض فيلم فيها ايه يعني    بالزي الفرعوني.. نجمة "تايتانيك" كيت وينسلت أمام الأهرامات بالذكاء الاصطناعي    فني صحي طنطا يتصدر قائمة تنسيق الثانوية الصناعية 3 سنوات بحد أدنى 99.5%.. النتيجة كاملة    رئيس الوزراء: الأعاصير الإقليمية تكشف حكمة الرئيس السيسي    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    طريقة تجديد بطاقة الرقم القومي إلكترونيًا 2025    مهرجان الجونة السينمائي يمنح منة شلبي جائزة الإنجاز الإبداعي في دورته الثامنة    أمين الفتوى: الشكر ليس مجرد قول باللسان بل عمل بالقلب والجوارح    اليوم.. انتهاء العمل بمكتب تنسيق القبول بجامعة الأزهر وغلق تسجيل الرغبات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النوع الأدبي وقبول الآخر
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 02 - 2010

تميل نظريات الأنواع الأدبية أو الفنية التقليدية إلي الاتفاق علي وضع قواعد للسلوك الإبداعي‏,‏ ثم تحاول بعد ذلك أن تفسر تجليات كل نوع‏,‏ علي أساسها‏,‏ وهو سلوك تسبب في إقصاء الكثير من الأعمال الإبداعية التي لم تلتزم بهذه القواعد‏. إما بسبب فرط تجريبيتها‏,‏ أو بسبب بدائيتها من وجهة نظر نظرية الأنواع الأدبية السائدة‏.‏
وقد خضعت تجليات الأنواع الأدبية والفنية‏-‏ في تاريخ تطورها الغربي الخاص‏-‏ إلي سياق تراكمي‏,‏ نما في مجتمعات‏,‏ تقاربت فيها ظروفها المعرفية والتقنية‏,‏ وكانت مستويات نضوجها العلمي والاجتماعي‏,‏ وأنماط إنتاجها الاقتصادي متقاربة إلي حد بعيد‏,‏ وهذا ما منح سمات الأنواع الأدبية الأوروبية سمة الثبات‏,‏ وجعل التعامل معها يأخذ سمت التفوق والسيادة‏,‏ ذلك برغم خضوع هذه السمات في مراحل نموها إلي أسس تاريخية ونسبية‏;‏ سواء في خصائصها الفنية‏,‏ أو في شكول إنتاجها وتلقيها‏,‏ لكن شيوعها علي نحو عالمي‏,‏ قد أضعف الوعي بحقيقتها النسبية‏,‏ كون هذه التجليات الأدبية أو الفنية التي قام علي أساسها تأسيس نظرية الأنواع الأدبية السائدة‏,‏ قد حددت من منظريها الغربيين بناء علي معاينة واقع موضوعي‏,‏ ومعطي تاريخي‏,‏ أفرزته بيئة ثقافية بعينها‏,‏ فما يظل مميزا في بيئة ثقافية ما‏,‏ قد يكون نسبيا‏,‏ ولا يلتفت إليه في بيئة أخري‏,‏ لأنه يظل مرتبطا بسياقه المعرفي‏,‏ ومشدودا إلي مكانه الذي أنبته‏,‏ بناء علي نمط إنتاجه الاقتصادي‏,‏ ومحيطه الثقافي المحلي‏,‏ إلي غير ذلك من محددات تاريخية تحققت فيها تجلياته‏.‏
يتصارع مع أية محاولة جديدة لمعالجة نظرية الأنواع الأدبية‏,‏ في ثقافتنا العربية‏,‏ عدد من الصعوبات‏,‏ أهمها ثبات الجهد التنظيري في مسألة الأنواع الأدبية علي اجتهادات الأنواع الأدبية الأوروبية الكلاسيكية الراسخة‏,‏ دون الاهتمام بغيرها من نصوص وتجليات أدبية وفنية تنتمي إلي ثقافات غير أوروبية‏,‏ بحيث إننا لا نعدو الحق إذا قلنا إن قوانين النوع القائمة‏,‏ وأصوله‏,‏ قد اعتمدت علي إرث تاريخي غربي‏,‏ قام التنظير فيه علي التحديق إلي ذاته الإبداعية‏,‏ دون غيرها‏,‏ أكثر من اعتماد هذه القوانين علي استقراء أفقي‏,‏ يتسع لتجليات أكبر عدد ممكن من الأنواع في بيئاتها الثقافية العديدة‏,‏ من أجل تحديد الثوابت المشتركة بين مختلف أساليب النوع الأدبية أو الفنية‏,‏ علي اختلافها الثقافي‏,‏ واختلافاتها الأسلوبية‏,‏ وهو استقراء ضروري لتحديد شعرية نظرية صحيحة لمسألة النوع الأدبي‏,‏ ونقصد بالشعرية هنا تلك‏'‏ المحاولة التي نقوم من خلالها بتفسير التأثيرات الأدبية عن طريق وصف تقاليدها‏,‏ وقراءة العمليات التي تجعلها ممكنة‏,‏ وهي عملية مرتبطة في نظر عدد من النقاد بالبلاغة‏'‏ التي اهتمت بدراسة وسائل اللغة الإقناعية والتعبيرية‏,‏ منذ العصور الكلاسية‏;‏ أي تقنيات اللغة والفكر‏,‏ التي يمكن أن تكون مستخدمة لتشييد الخطابات التأثيرية‏',‏ كما يذهب إلي ذلك الناقد البنيوي الأمريكي جوناثان كللر‏(1944).‏
وبالرغم من صعوبة تجريد واقع التجربة الأدبية‏,‏ أو الفنية من سياقها التاريخي‏,‏ فإنني أري أن نزع أولولية الخصوصية الثقافية من مفهوم النوع يقودنا إلي علم دراسة النوع من منظور كلي‏,‏ أكثر اتساعا وشمولا‏,‏ فوجود نموذج عام للنوع‏,‏ لا يعني إلغاء ما يسمي الخصوصية الثقافية‏,‏ بقدر ما يعني التعرف علي حدود اشتغال هذه الخصوصية علي المستوي الجمالي‏!‏
علي جانب آخر‏,‏ كثر ما نظر إلي النوع من مستواه النصي‏,‏ دون أن يوضع في الحسبان أهمية عامل التلقي في تحديد هوية النص الأدبي‏,‏ هذا برغم أهمية دور التلقي في أية دراسة علمية للنوع‏,‏ فلكل متلق نص‏,‏ أما المكتوب فنص واحد‏,‏ فضلا عن أن ما يظن أنه أصل تفسيري أو تأويلي يكون محملا بمئات التأويلات الكامنة الأخر‏,‏ التي قد تغير درجة الانتماء النسبي‏,‏ باختلاف زمان التلقي‏,‏ ومكانه‏,‏ وهذا ما يمنح الحكم علي انتماء عمل أدبي أو فني ما إلي نوع بعينه نسبيته المتغيرة‏,‏ بسبب تغير منظور كل نوع علي المستوي الزمني التعاقبي عند تلقيه‏,‏ وهو أمر يثبت خطأ التعويل علي سمات النص الأدبي أو الفني الجمالية وحدها‏,‏ بمنأي عن زمان تلقيها ومكانه‏..‏
من أجل هذا تأتي أهمية أن نعيد النظر إلي مشكلات النوع الأدبي من خلال آليات التلقي‏,‏ هذا إذا تحرينا أن نفهم نظرية النوع في اتساعها‏,‏ في ظل التعدد التأويلي الذي قد يقبله كل نوع أدبي أو فني من خلال سياقه التاريخي‏,‏ وخصوصيته الثقافية‏,‏ وذلك بسبب قدرة التجليات الأدبية أو الفنية المعاصرة علي قبول أكثر من معيار للانتماء النوعي‏,‏ من هنا يكون التلقي عاملا مهما في تحديد النوع‏,‏ بل إنه أهم عنصر يضمن تلاحم البني الأسلوبية والشعرية في النص‏,‏ وذلك بما يقوم به من تنظيم إدراكنا للنص‏,‏ الأمر الذي يمنح الرسالة الأدبية أو الفنية تماسكها التأويلي والدلالي‏..‏
وبالرغم من شيوع نظريات النوع القائمة علي إرث أوروبي لم يزل يحدق إلي ذاته الإبداعية‏,‏ والنقدية‏,‏ محاولا فرض ثقافته النسبية بصفتها حضارة‏,‏ لها صفة الإطلاق‏!‏ فإن هذه النظريات السائدة لم تزل عاجزة عن استيعاب كل التجليات المتحققة في النصوص الإبداعية والنقدية‏,‏ قديمة كانت أو معاصرة‏,‏ وذلك لاختلاف السمات الجمالية لكل بيئة ثقافية عن بيئة ثقافية أخري‏,‏ هذا فضلا عن وجود تنوع هائل في الأعمال الأدبية والفنية‏,‏ وأساليب إنتاجها‏,‏ ومفهوماتها التي تخرج عن تعريف الأنواع الأوروبية القارة‏,‏ حيث تظل لكل تقسيم نوعي قائم استثناءات كثيرة‏,‏ لا يضمها المفهوم المعتاد للنوع‏.‏ هذا بالإضافة إلي عجز الأطروحات القائمة عن تفسير التغيرات التي تطرأ علي النصوص الأدبية أو الفنية‏;‏ ويظل طرح مسألة النوع بالنسبة إلي أجناس غير أدبية‏,‏ أو نشاطات خطابية شفهية‏,‏ تعتمد علي الفرجة الشعبية‏,‏ في نظريات النوع الكلاسية أمرا نادراعلي الدوام‏.‏
ونذهب هنا إلي أن تشابك آلاف التجليات النصية المعبرة عن نوع واحد‏,‏ في سمات دنيا‏,‏ علي الرغم من اختلاف شكولها الجمالية‏,‏ ومكوناتها الأسلوبية‏,‏ أمر ممكن دائما‏,‏ ويشكل جزءا من نموذج نووي واحد تشترك فيه مختلف الصناعات والشعريات العديدة لنوع ما‏,‏ من هنا يكون سؤالنا مشروعا عن نوع يقوم علي نواة ثابتة‏,‏ نوع نووي يتسم بقبول الآخر‏,‏ يؤسس الطريقة المنهجية لما هو مشترك ومتقاطع بين النصوص الجمالية والأسلوبية العديدة‏,‏ من خلال البحث عن نموذج نوعي يجاوز شعرياته المختلفة‏,‏ ويكون قادرا علي جمع ثوابت هذه النصوص المختلفة وتجلياتها‏,‏ ذات الخصوصيات الثقافية المتعددة‏,‏ في سبحة واحدة‏.‏ الأمر الذي يصعب القيام به إلا عبر الإمساك بالأشكال الكلية للنوع‏,‏ أي الإمساك بالبنية النوعية التي تتشكل عبرها‏,‏ أو انطلاقا منها بقية البنيات‏.‏
وهذا ما يلزم أي اجتهاد تنظيري بإعادة اختبار المفهومات الأولية‏,‏ علي نحو يكون فيه الواقع الأدبي في شموليته مرجعا للفهم‏,‏ وهو السبيل الصحيح‏,‏ وربما الوحيد‏,‏ الذي يمكن من خلاله مراجعة فهمنا لنظرية النوع الأدبي أو الفني‏,‏ وذلك عبر الاهتمام بالأساس المشترك في عديد التجليات الإبداعية المختلفة لكل نوع‏,‏ قياسا علي ثوابت عالمية واسعة في الظاهرة المدروسة‏.‏ أي أن نموذجنا فيما نسميه النوع النووي في حقيقته‏,‏ لا ينفي حقل الشعريات المقارنة‏,‏ ولكنه يحد من نسبيته المطلقة‏!‏ ويحصر الاختلاف‏-‏ من خلال بنية النموذج الكلية‏-‏ في إطاره الجمالي‏,‏ لا البنيوي‏..‏
المزيد من مقالات د. علاء عبدالهادى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.