بكام الفراخ.....اسعار الفراخ البيضا والبلدى اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    رئيس الوزراء يتفقد مشروعات حياة كريمة بقرى مركز شبين القناطر بالقليوبية    سعر طن الأرز اليوم..... تعرف على اسعار الأرز اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    بتنسيق أمريكي.. مؤتمر في الدوحة حول "قوة غزة" الدوحة الثلاثاء المقبل    السياحة والآثار توضح الحقائق بشأن ما أُثير مؤخرا حول المتحف المصري الكبير    أول تعليق من أحمد السقا بعد حذف فيسبوك فيديو دعمه لمحمد صلاح    الأعلى للثقافة: كشف أثري جديد يعيد فتح ملف عبادة الشمس ويؤكد القيمة العالمية لجبانة منف    نائب وزير الصحة تبحث مع «يونيسف مصر» اعتماد خطة تدريب شاملة لرعاية حديثي الولادة    صرف مساعدات تكافل وكرامة عن شهر ديسمبر الإثنين المقبل    وزيرة التضامن تبحث نتائج المرحلة الرابعة من مبادرة «ازرع» مع رئيس الطائفة الإنجيلية    إسرائيل تشن حملة اقتحامات واعتقالات واسعة في الضفة الغربية    مطاردة من القبر.. صور جديدة من تركة إبستين تقلق الكبار وأولهم ترامب.. صور    آخر مستجدات تطور العلاقات الاقتصادية المصرية الفرنسية بقيادة السيسي وماكرون    الزمالك يعود للتدريبات اليوم استعدادًا لمواجهة حرس الحدود    موعد مباراة برشلونة وأوساسونا في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    وزير الرياضة يطلق نصف ماراثون الأهرامات 2025    مواعيد مباريات اليوم السبت 13- 12- 2025 والقنوات الناقلة    بمشاركة مصطفى محمد.. نانت يتلقى هزيمة مذلة أمام أنجيه بالدوري الفرنسي    جهود مكثفة لرفع مياه الأمطار من شوارع مدينة كفرالزيات بالغربية    طقس غير مستقر حتى 18 ديسمبر.. الأرصاد تكشف خريطة الظواهر الجوية للأيام المقبلة    إصابة 4 أشخاص من أسرة واحدة بالاختناق إثر تسرب غاز بدمنهور    وزير الصحة ينعي طبيبة توفيت في حادث انقلاب سيارة بسفاجا    بيت الطين يتحول إلى قبر بالدير.. مأساة أسرة كاملة فى جنوب الأقصر    للشباب.. فرص عمل جديدة في عدد من الشركات الخاصة    رئيس الوزراء يتفقد مكتبة مصر العامة ومستشفى شبين القناطر المركزى    محافظ أسيوط يفتح بوابة استثمارات هندية جديدة    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    افتتاح أيام قرطاج السينمائية بفيلم "فلسطين 36" للمخرجة آن مارى جاسر    السكك الحديدية تعتذر للركاب لهذا السبب    الصحة: فاكسيرا توقع بروتوكول تطوير المعامل المركزية للرقابة على الإنتاج    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    بسبب الكاتيل.. التحريات تكشف ملابسات حريق مستشفى الموظفين في إمبابة    خسوف كلي للقمر يتزامن مع رمضان 2026.. اعرف موعد وتفاصيل القمر الدموي    هشام أصلان في معرض جدة للكتاب: الهوية كائن حي يتطور ولا يذوب    معرض جدة للكتاب ينظم ندوة عن تحويل الأحداث اليومية البسيطة إلى قصص ملهمة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك بدقه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    "إفشال مصر" .. خطة كُتب لها النهاية    مقررة أممية: تكلفة إعادة إعمار غزة يجب أن تسددها إسرائيل وداعموها    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    " سلبيات الأميّة الرقمية وتحديات الواقع ومتطلبات سوق العمل ".. بقلم / أ.د.أحلام الحسن ..رئيس القسم الثقافي.. إستشاري إدارة أعمال وإدارة موارد بشرية    الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة تفتح ملف العدالة والتعويضات نحو مقاربة شاملة لإنصاف أفريقيا    محكمة بوليفية تأمر بسجن الرئيس السابق لويس آرسي 5 أشهر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    إفتتاح مؤسسة إيناس الجندي الخيرية بالإسماعيلية    اليوم.. نظر دعوى للإفراج عن هدير عبدالرازق بعد شهرين ونصف من الحبس    منهم الأيتام وأبناء المطلقة، أطفال يحق لهم الحصول على معاش شهرى    ترامب: الضربات الجوية على أهداف في فنزويلا ستبدأ قريبًا    تدريب واقتراب وعطش.. هكذا استعدت منى زكي ل«الست»    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    ليتشي يتخطى بيزا بهدف في الدوري الإيطالي    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    تعيين الأستاذ الدكتور محمد غازي الدسوقي مديرًا للمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية    أحمد حسن: بيراميدز لم يترك حمدي دعما للمنتخبات الوطنية.. وهذا ردي على "الجهابذة"    إشادة شعبية بافتتاح غرفة عمليات الرمد بمجمع الأقصر الطبي    الإسعافات الأولية لنقص السكر في الدم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النوع الأدبي والتحديق إلي الذات‏" 3 "‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 01 - 2010

قامت أوروبا بعد ثورتها الصناعية‏,‏ بغزو العالم‏,‏ فاستعمرت دولا عديدة من قارتي إفريقيا وآسيا‏,‏ ومنها مواطن حضارات قديمة‏,‏ فضلا عن أمريكا وأستراليا‏,‏ بحثا عن مناطق نفوذ من جهة‏,‏ وعن ثروات‏,‏ وأسواق جديدة بسبب تراكم إنتاجها الصناعي من جهة أخري‏.‏ وكان من شواهد هذا الغزو‏,‏ ما نهبه الأوروبيون من هذه المستعمرات‏,‏ وهو شاهد فاضح علي أكبر عملية سرقة في التاريخ البشري‏,‏ ففي مرحلة الرأسمالية التجارية‏,'‏ المرحلة الميركانتيلية‏',‏ بين نهاية القرن الخامس عشر‏,‏ وبداية القرن الثامن عشر‏,‏ وبعد اكتمال حركة الكشوف الجغرافية‏,‏ وظهور الدول القومية‏,‏ استمر نقل كميات الذهب والفضة‏,‏ وسرقتها من إفريقيا‏,‏ وأمريكا اللاتينية‏,‏ وآسيا‏,‏ إلي القارة الأوروبية‏,‏ تلك الكميات التي أسس عليها نظام قاعدة الذهب بعد ذلك‏,‏ فمن الثابت أنه خلال الفترة الممتدة ما بين‏(1500‏ 1800)‏ م‏,‏ كان رصيد دول القارة الأوروبية من الذهب يقدر بحوالي‏(10‏ 4)‏ مليار مارك ذهبي‏,‏ وهذا يعني أن ما يمثل نسبة‏60%‏ من رصيد هذه الدول‏,‏ قد نهب من المستعمرات الجديدة‏,‏ كما يذهب إلي ذلك‏-‏ مقتبسا‏-‏ الاقتصادي المصري رمزي زكي في كتابه‏'‏ التاريخ النقدي للتخلف‏'.‏
استخدم الأوروبيون في ذلك جميع الوسائل اللازمة لتحقيق أهدافهم‏,‏ وكان نموذجهم عن الإنسان هو نموذج الإنسان القادر علي الإنجاز‏,‏ والفعل‏,‏ حتي لو أدي ذلك إلي استخدام أبشع أشكال القوة‏,‏ والقهر‏,‏ وكان نشر الثقافة الأوروبية‏,‏ بما تحمله من قضايا‏,‏ وعادات‏,‏ وتقاليد‏,‏ وممارسات‏,‏ وسيلة من وسائل دعم هذا الاستعمار‏,‏ فاندثرت ثقافات‏,‏ وطمست خصوصيات‏,‏ وأبيدت شعوب‏.‏
هذه المقدمة لا أراها بعيدة عن القضية التي نتناولها هنا‏,‏ المرتبطة بنظريات الأنواع الأدبية السائدة‏,‏ تلك النظريات التي قامت علي التحديق إلي الذات الإبداعية الأوروبية التي شهدت انتشارا‏,‏ وذيوعا بصفتها أنواعا رفيعة‏,‏ تسعي بقية الأنواع غير الأوروبية إلي تقليدها‏,‏ والالتزام بأصولها‏,‏ وبجمالياتها‏,‏ فعلي مدي ثلاثمائة وخمسين سنة حاولت أوروبا الغربية استيعاب الآخر ثقافيا‏,‏ من خلال السعي إلي إزالة الآخرية عنه‏,‏ وقد نجحت في ذلك إلي حد بعيد‏,‏ حين نشرت أسلوب حياتها‏,‏ وطرائق معيشتها‏,‏ ومفهوماتها‏,‏ وقيمها‏,‏ وسمات أنواعها الأدبية والفنية‏,‏ في مختلف أرجاء العالم‏,‏ وفي البلاد التي استعمرتها بخاصة‏.‏
ربما يرجع هذا النجاح‏,‏ ضمن أسباب أخري‏,‏ إلي سمة محددة للثقافة الأوروبية‏,‏ التي اتصفت علي مدي زمني طويل بأنها سمة للإنسان من حيث هو إنسان‏,‏ ومن ثم فإن ازدهارها صار‏'‏ برهان تفوق الأوروبيين الطبيعي علي غيرهم من شعوب العالم‏'‏ كما يذهب إلي ذلك الناقد الفرنسي‏,‏ البلغاري الأصل‏'‏ تزفيتان تودوروف‏'(1939)‏ فلم يكن الأوروبيون يخشون من أي أخطار علي هوياتهم آنذاك‏,‏ ذلك لأن نشر ثقافتهم علي نطاق عالمي‏,‏ ينطوي علي الدفاع عن هويتهم الحضارية‏,‏ إزاء الخارجين البرابرة‏,‏ وهو الرأي الذي يؤكده الناقد الثقافي الإنجليزي‏'‏ تيري إيجلتون‏'(1943).‏ هكذا ظهرت الثقافة الأوروبية الحديثة‏_‏ علي مدي حقبة زمنية طويلة‏-‏ بصفتها التبرير الأيديولوجي للتوسع الاقتصادي الأوروبي‏,‏ ذلك علي أساس أن أوروبا هي المركز العالمي الحديث‏,‏ أما بقية حضارات العالم وثقافاته‏,‏ فحضارات وثقافات غابرة‏.‏ بل إن ما سمي في كثير من الأحيان بالسياسة الدولية‏,‏ توقف إلي حد كبير علي مسألة تأويل الحديث هذه‏,‏ ورد الفعل تجاهها‏,‏ وهما الجانبان اللذان وضعا بصفتهما معياري التحضر‏!‏ وذلك إبان الربع الأخير من القرن التاسع عشر‏,‏ وأوائل القرن العشرين‏,‏ كما يذهب إلي ذلك عدد من المفكرين الغربيين‏,‏ ممن يرون استمرار هذه النزعة التي تسعي إلي احتواء المجتمعات غير الأوروبية‏;‏ الأفريقية‏,‏ والآسيوية بخاصة‏,‏ في مجتمع دولي‏,‏ أوروبي السمات‏.‏
وأظنني لا أعدو الحق إذا قلت إن مشكلات نظرية النوع من مفهوم حقل الشعريات المقارنة‏,‏ قامت علي نزعة الاحتواء الأوروبية ذاتها‏,‏ ذلك بسبب هذه المركزية الثقافية التي نجحت في فرض شروط تجلياتها الإبداعية‏,‏ وخصائص أنواعها الأدبية والفنية‏,‏ علي الثقافات الأخري وفي الأحوال كلها‏,‏ يمكننا النظر إلي النوع الأدبي بصفته إطارا نظريا يتعامل مع السبل التي يمكن من خلالها أن نصنف عملا ما‏,‏ وننسبه إلي طبقة من الأعمال المرتبطة به‏.‏ ويقع علي عاتق نظرية النوع الأدبي مهمة إقامة هذا التصنيف‏,‏ والحكم عليه بمجرد إنشائه‏.‏
علي المستوي اللغوي‏,‏ تفيد كلمة‏'‏ النوع‏'‏ في أصلها العربي‏,‏ معني التذبذب والتقلب‏,‏ وتطلق علي الصنف من كل شيء‏,‏ أما المصطلح الإنجليزي فمزعج‏;‏ ويذهب المنظر الأمريكي‏,‏ التشيكي الأصل‏'‏ رينيه ويلك‏'(1995-1903)‏ إلي أن اصطلاح نوع‏'Genre'‏ كلمة لم تؤسس نفسها في اللغة الإنجليزية بمعناها الأدبي إلا في حقبة متأخرة‏,‏ وقد عالج وجهة النظر هذه المنظر المجري‏'‏ بيتشي تاماش‏'‏ الذي يري أن هناك من يستخدم مصطلح نوع‏'Genre'‏ إشارة إلي ثالوث‏;‏ الشعر الغنائي‏,‏ والأدب الملحمي‏,‏ والدراما‏,‏ بينما يفضل آخرون مصطلح جنس‏''Species,‏ أو شكل‏'Form',‏ أو نمط‏'peTy',‏ ومازال عدد من النقاد يستخدم حتي الآن مصطلح طبقة‏'Class'..‏
وتجدر بي الإشارة إلي ثلاثة تيارات أساسية تتجه إليها معظم التناولات الخاصة بالنوع الأدبي أو الفني‏,‏ يذهب الأول إلي الالتزام بالنسبية الثقافية‏,‏ واحترام خصوصية كل عمل أدبي بناء علي بيئته المحلية‏,‏ الأمر الذي يدفع هذه الخصوصية إلي إطلاقية مخلة‏,‏ وغير عملية‏,‏ أو علمية‏,‏ ويميل التيار الثاني إلي رفض فكرة النوع من أساسها‏,‏ منتقصا من أهمية وجوده‏,‏ مؤمنا بأنه لم يتبق الآن سوي الكتابة‏,‏ وهي رؤية علي الرغم من وجاهتها‏,‏ فإنها تتجاهل صعوبة الهروب من التقسيم اليسير السائد مثلا بين الشعر‏,‏ والنثر غير الشعري‏,‏ أو بين المسرحية‏,‏ والشعر‏...‏إلخ‏.‏ وكما يؤكد المنظر الفرنسي‏'‏ جيرار جينيه‏'(1930)‏ قائلا‏:‏ إن تداخل الأنواع‏,‏ أو الانتقاص من قدرها‏,‏ يمثل في حد ذاته تيارا يقع في نظرية الأنواع نفسها‏,‏ فلا أحد يمكنه أن يهرب من هذا التركيب البسيط‏,‏ أما التيار الثالث‏,‏ فيؤمن بأهمية بقاء قواعد صارمة لكل نوع‏,‏ الأمر الذي يؤدي أحيانا إلي التعامل مع النوع الأدبي‏,‏ وقوانينه المتحولة‏,‏ بصفته مناظرا للنوع البيولوجي‏,‏ وقوانينه الأكثر ثباتا‏,‏ فيتحول بذلك أصل النوع‏,‏ من خلال تجلياته التاريخية‏,‏ إلي النوع ذاته‏,‏ وشواهد امتثال نظرية النظام الأدبي في كثير من قوانينها لنظرية النظام الطبيعي‏,‏ أكثر من أن تحصي في هذا السياق‏,‏ حيث أظهر كثير من الكتابات النظرية التقليدية‏'‏ النوع‏'‏ بصفته شيئا سابقا علي نصوصه أنفسها‏.‏
حدث الشيء ذاته‏,‏ ولكن علي نحو عكسي‏,‏ في المفهومات المرتبطة بالشعر العربي‏,‏ وبتعريفه في ثقافتنا‏.‏ يظهر هذا جليا فيما يطرحه نقاد وشعراء تقليديون من مفهومات عن الشعر‏,‏ تستديم سماته التاريخية‏,‏ في أقدم تجلياتها‏,‏ دون الانتباه إلي ذاك الخفق الشعري الجديد الممتد علي جسد العالم‏,‏ فتعامل هؤلاء مع الخصائص التاريخية القديمة لهذه الأصول بصفتها خصائص شعرية بنيوية‏,‏ لا يقوم الشعر إلا بها‏,‏ برغم أنها لا تزيد علي كونها خصائص جمالية لها شروط إنتاجها‏,‏ وتلقيها‏,‏ وهي شروط تاريخية محصورة بحدود بيئة ثقافية‏,‏ كانت لها سماتها الحضارية الخاصة‏,‏ وسياقاتها اللغوية التاريخية‏,‏ وجغرافيتها التخيلية المختلفة‏,‏ تركت لنا تراثا عظيما دون شك‏,‏ يجب علينا إحياؤه بالإضافة إليه‏,‏ ومجاوزته‏!.‏

المزيد من مقالات د. علاء عبدالهادى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.