4 دوائر.. ننشر تمثيل المرأة في قوائم مجلس الشيوخ القادم    موعد إجازة رأس السنة الهجرية.. تعرف على خريطة الإجازات حتى نهاية 2025    حزب العدل: انتهينا من قائمة مرشحينا للفردي بانتخابات مجلس الشيوخ    33 يومًا من الزهد الروحي.. رحلة صوم الرسل في الكنيسة القبطية    القصة الكاملة| ماذا حدث في عيادة قنا وسبب رفض الكشف الطبي على الحالة؟    وزير النقل يتفقد محطة مصر والمترو لمتابعة استعدادات عودة المواطنين من إجازة العيد    فرق صندوق تحيا مصر بالأقصر يوزعون لحوم الأضاحى على الأسر المستحقة.. صور    من الشهر المقبل.. تفاصيل زيادة الأجور للموطفين في الحكومة    سفير ألمانيا بتل أبيب يعلن نقل نشطاء السفينة "مادلين" إلى إسرائيل    44 شهيدا بنيران جيش الاحتلال في مناطق عدة بغزة منذ فجر اليوم    العاهل الأردني: منح الفلسطينيين كامل حقوقهم هو السبيل الوحيد لاستقرار المنطقة    الأمين العام لحلف "الناتو" يدعو إلى زيادة قدرات الحلف الدفاعية الجوية والصاروخية بنسبة 400%    بسخرية.. مقدم كوميدي أمريكي شهير يعلّق على خلاف ترامب وماسك (فيديو)    الاحتلال يواصل هدم المنازل في مخيم طولكرم تزامنا مع مواصلة عدوانه لليوم ال134 تواليا    أبرزهم ليفاندوفسكي، انخفاض القيمة التسويقية للاعبي برشلونة    محافظ الغربية يتابع فعاليات "العيد أحلى بمراكز الشباب" في رابع أيام عيد الأضحى    الداخلية تكشف حقيقة ادعاء سيدة باقتحام أشخاص لمسكنها بكفر الشيخ والتعدي عليها وأسرتها    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين فى حادث بالدقهلية    في ختام العيد.. شوارع السويس هادئة والشواطئ والفنادق تكتظ بالزوار    آخر موعد لتقديم الأضحية.. وسبب تسمية أيام التشريق    شهيد الشهامة.. جهاز العاشر يقيم عزاء للسائق خالد عبد العال الأربعاء المقبل    إصابة عامل بحروق نتيجة صعق كهربائي بمزرعة في الدقهلية    محافظ بورسعيد يوجه التضامن الاجتماعي لإنقاذ 3 أطفال تم إلقاؤهم في الشارع    مناقشة جدلية بين إلهام شاهين وإحدى متابعيها بسبب فريضة الحج.. اعرف القصة    بعد الحج.. تفاصيل حفل أحمد سعد في نادي الشمس    مواعيد عمل المتاحف والمواقع الأثرية في عيد الأضحى 2025    خاص| محامي المؤلفين والملحنين: استغلال "الليلة الكبيرة" في تقديم تريزيجيه غير قانوني    ما حكم صيام الإثنين والخميس إذا وافقا أحد أيام التشريق؟.. عالم أزهري يوضح    طريقة عمل الفخذة الضانى فى الفرن بتتبيلة مميزة    في عيد الأضحى.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول الكرشة؟    اعتماد كامل لعيادات الأطفال أبو الريش من هيئة الاعتماد والرقابة الصحية    وكيل صحة القليوبية يتفقد المركز الطبي العام ببنها في آخر أيام عيد الأضحى    ارتفاع كميات القمح الموردة لصوامع وشون الشرقية    التحالف الوطنى بالقليوبية يوزع أكثر من 2000 طقم ملابس عيد على الأطفال والأسر    الجامعات المصرية تتألق رياضيا.. حصد 11 ميدالية ببطولة العالم للسباحة.. نتائج مميزة في الدورة العربية الثالثة للألعاب الشاطئية.. وانطلاق أول دوري للرياضات الإلكترونية    الأربعاء.. عرض "رفرفة" ضمن التجارب النوعية على مسرح قصر ثقافة الأنفوشي    متحدث حزب شاس الإسرائيلي: سنصوت يوم الأربعاء لصالح حل الكنيست    دار الإفتاء تنصح شخص يعاني من الكسل في العبادة    تزامناً مع ترؤس "جبران" الوفد الثلاثي لمؤتمر العمل الدولي بجنيف.. 8 حيثيات تؤكد امتثال مصر للمعايير الدولية    تجديد حبس أجانب بتهمة الاتجار في الآيس بمدينة نصر    حقبة تشابي ألونسو.. ريال مدريد يبدأ استعداداته لكأس العالم للأندية 2025    «إيه المستوى ده؟!».. خالد الغندور ساخرًا من لاعبي الأهلي بعد لقاء باتشوكا    د.عبد الراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "13 " .. حقيقة الموت بين الفلسفة والروحانية الإسلامية    غرق طفلة وإصابة شقيقتها ووالدتها إثر انهيار سقف ترعة في العدوة بالمنيا    ياسمين صبري تساعدك في التعرف على الرجل التوكسيك    وزيرة البيئة تتوجه إلى نيس بفرنسا للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات UNOC3    ترامب يتعثر على درج الطائرة الرئاسية.. وروبيو يتبع خطاه    احتفالات مبهجة بثقافة الشرقية فى عيد الأضحى ضمن برنامج "إبداعنا يجمعنا"    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بمبادرة الكشف المبكر عن السرطان    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 9-6-2025 صباحًا للمستهلك    وداع بطعم الدموع.. الحجاج يطوفون حول الكعبة بقلوب خاشعة    استعدادا لامتحان الثانوية 2025.. جدول الاختبار لطلبة النظام الجديد    «بخلاف كون اللقاء وديا».. ريبيرو يكشف سبب عدم الدفع بتشكيل أساسي ضد باتشوكا    القناة الناقلة لمباراة كرواتيا وجمهورية التشيك في تصفيات كأس العالم أوروبا    «عايز يضيف».. ريبيرو يتحدث عن انضمام زيزو إلى الأهلي    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا‏....‏والحركات الثورية في العالم العربي
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 04 - 2011

في سنوات الخمسينيات والستينيات راجت الأقاويل والكتابات عن ثورات العالم الثالث التي وقفت وراءها قوي عالمية مثل أمريكا من اجل ملء الفراغ بقوي مضمونة التوجهات بعد إنهيار الإمبراطوريات الاستعمارية القديمة وبالتالي كان التصور الأقرب هو وقوف القوي العالمية الجديدة المتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية وراء حكم العسكر في دول عديدة من بينها مصر مثلما جاء في أدبيات دبلوماسيين من الغرب والشرق ثم ظهر المعسكر الشيوعي وخرج داعما رجاله في انظمة متسلطة علي النموذج السوفيتي في الشرق الأوسط وامريكا اللاتينية وغ وقد ظل العالم الغربي أسير تلك الأفكار عن ضرورة وقوف قوي كبري وراء التغيير في المناطق المحورية للمصالح الكبري وبالقطع في القلب منها الشرق الأوسط والعالم العربي.الثورة الإيرانية علي النقيض لم يثبت ضلوع القوي الغربية فيها بل جاءت عودة الإمام الخميني من منفاه في فرنسا ليركب الثورة الشعبية ضد الشاه ولم يكن انصاره هم القوام الحقيقي للثورة بل أحزاب يسارية وليبرالية عانت من قمع النظام السابق في طهران.ورغم ما سبق ظلت تلك التفسيرات هي الأكثر تأثيرا وهيمنة علي النقاش العالمي ولا مجال للثقة في طموحات شعوب تريد نظاما سياسيا سليما ينبع من داخلها وليس بترتيبات خارجية!
فما هو السياق العالمي غير التقليدي الذي نضجت فيه تجربة الثورات العربية, وهل بالضرورة الولايات المتحدة طرفا فاعلا في وسط الجدل الدائر حول ماهية الثورتين الشعبيتين في مصر وتونس اللتين أطاحتا بالنظامين الحاكمين في أسابيع قليلة, كان من الضروري أن تخرج أصوات تثير الجدل حول جهات تقف وراء الموجة الثورية العاصفة خاصة في بلد هي بمثابة القلب في العالم العربي وتمتع نظامها الأمني تحت حكم الرئيس السابق حسني مبارك بسمعة إرتقت إلي المستوي الدولي من حيث القدرة علي وأد الحركات المعارضة واستخدام أساليب محكمة في الإستجواب ونزع الإعترافات بما لا يقارن في بلدان أخري.وقد أثار موقع'ويكيليكس'للوثائق السرية الجدل قبل ايام حول إمكانية إرتباط حركات ثورية في مصر والعالم العربي بمؤسسات امريكية معروفة بالإسم, وبعضها يعمل علانية في القاهرة منذ سنوات في التخطيط لإنتفاضات ضد الأنظمة الحاكمة في دول بعينها مثل مصر وأن شباب الحركات الثورية شاركوا في برامج تدريب وورش عمل لثقل قدراتهم في الفترات التي سبقت الإقدام علي ثورة25 يناير. تلك البرقيات الدبلوماسية المنزوعة من السياق تقدم صورة مغلوطة في حوادث كبري مثل الثورة المصرية حيث يمكن التعليق علي المنطق الدي يستخدمه البعض في نقاط محددة وهي:
الأمر الأول أن ورش العمل وبرامج التدريب ليست وليدة اللحظة أو عملا سريا فقد ارتبطت منظمات أمريكية وأوروبية كثيرة بمنظمات ومعاهد ومراكز محلية تعمل علي ترسيخ أفكار الحكم الجيد وحقوق الإنسان والديمقراطية تحت سمع وبصر أجهزة الدولة المختلفة علي مدار سنوات, وشهد عمل تلك المنظمات والمعاهد قفزات نوعية نتيجة اكتساب خبرات دولية ورفع مستوي الإحتكاك بالخارج في الأعوام العشرين الأخيرة منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وموجة المد الديمقراطي في أوروبا الشرقية التي قدمت دروسا مهمة في مقاومة السلطة الغاشمة والحكومات المستبدة وليس تقديم المصالح الوطنية علي طبق من ذهب او فضة لمصالح الدول الكبري في الغرب.
والأمر الثاني ان الحكومات المستبدة تستخدم شماعة جاهزة لدمغ كل من يتعاون في المجال الحقوقي والديمقراطي العالمي بخدمة الأجندات الخارجية بينما في واقع الأمر هناك أنظمة كانت تستفيد من برامج المؤسسات الغربية من خلال إغراق المجتمع المدني بمؤسسات موالية للحكومات المستبدة وهو النمط الذي برع في التسويق له فلاديمير بوتين رئيس الوزراء الحالي في روسيا عندما تفتق ذهن رجاله علي انشاء منظمات أهلية'تؤمم'المجتمع المدني لمصلحة السلطة وكانت النتيجة هي الحالة الراهنة في روسيا التي تراجعت فيها الممارسة الديمقراطية الحقيقية لمصالحة الكيانات المرتبطة بحزب السلطة.وقد كانت تلك الخطة سارية المفعول في مصر قبل ثورة يناير بعد تنامي الحركات والمنظمات الأهلية المثيرة لقلق النظام السابق.
والأمر الثالث أن عنصر المفاجأة الذي واكب عملية سقوط حسني مبارك في مصر وزين العابدين بن علي في تونس يشير إلي إرتباك كبير في دوائر صناعة القرار في واشنطن ودول غربية أخري حيث اتضح عدم الإستعداد الكافي لاختفاء نظام موال وظهور نظام جديد وبالتالي لم تكن الولايات المتحدة تحديدا في وضع يسمح بالإمساك بأوراق اللعبة حيث كان التصور-علي مدي سنوات-أن دعم المجتمع المدني في دول بعينها لايخرج عن تقديم خبرات وهو دعم لايخرج عن نطاق تغيير قواعد الممارسة السياسية نحو مزيد من الانفتاح وتحسين حقوق الإنسان في إطار النظام الموجود في السلطة وليس اقتلاع الأنظمة الموالية, ووفقا للدبلوماسيين الأمريكيين المتعاملين مع الملف المصري لم تكن هناك خريطة واضحة للحركات الشبابية قبل الثورة ولم تكن عملية رصد المجموعات المنتشرة علي موقع'الفيس بوك'تلقي الاهتمام أو التقدير المناسب نتيجة عدم وجود حقيقي لتلك الحركات في الواقع السياسي أو الشارع المصري والإرتكان إلي أن الأفكار الثورية الخلاقة تخرج من الغرب وليس من مجتمعات تطورها السياسي أقل بكثير من المجتمعات المتقدمة.
والأمر الرابع إغفال ما يسمي في الأدبيات الثورية اليوم ب'قوة ضغط الأقران'وهي المستوحاة من تجربة المقاومة الشعبية في صربيا وتسرد الكاتبة الأمريكية تينا روزنبرج في كتابها الجديد'إنضم إلي النادي'قصة ثورة الطلبة في هذا البلد والتي قيل أنها كانت نبراسا لدول أخري من بينها مصر وتقول'في أكتوبر1998 التقت مجموعة من طلاب جامعة بلجراد في مقهي حول الرغبة في اسقاط الرئيس اليوجوسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش. للقيام بذلك فإن المجموعة كانت بحاجة إلي تحفيز الصرب علي النزول الي الشوارع للاحتجاج.جماعة الطلاب التي أطلق عليها'حركة أوتبور' ومعناها المقاومة وجعلوا من أنفسهم منفتحين علي انضمام أي شخص يرغب في المشاركة مع استخدام الموسيقي والنكات والمسرح والقمصان'.وتوضح تينا روزنبرج- كاتبة عمود نيويورك تايمز والحائزة علي جائزة بوليتزر عن كتابها حول أوروبا الشرقية بعد سقوط الشيوعية في الكتاب الجديد الذي يصف قوة الاتصال بين البشر كيف يمكن أن تتحول قوة'ضغط الأقران'في العالم إلي تقديم نماذج لمقاومة الطغاة ليست بالضروة قوة هدامة مثلما يروج في بعض الأوساط المصرية والعربية.
وقد أثمرت حملة أوتبور عن إنضمام الآلاف قبل ظهور الفيس بوك ثم بعد عامين لعبت الدور الرئيسي في سقوط ميلوسيفيتش عام2000 وقد بدأت الحركة نشاطها بفكرة بسيطة وهي وضع صورة للدكتاتور السابق علي'برميل'ثم ترك الناس تركله بمضارب البيسبول في الشارع وهو يتدحرج أمامه في مشهد لا يخلو من رمزية.
وقد نقل الصحفي الأمريكي الشهير نيكولاس كريستوف في مقال بجريدة نيويورك تايمز يوم الأحد الماضي عن قيادات شابة في حركة6 أبريل المصرية أنهم قد حصلوا علي دورات تدريبية نظمتها حركة'أوتبور'الصربية بعد نجاحها ضد الدكتاتور السابق تاكيدا لظاهرة التواصل الإنساني أو الاستفادة من'ضغط الأقران'في سياق عالمي جديد غير مسبوق.وقال احد شباب الحركة أن'الاساليب التي تعلمناها من صربيا هي ما قمنا بتطبيقه في القاهرة'. وأوضح أن الدرس البالغ الأهمية هو أسلوب'قوة اللاعنف'فلو قام شخص ما بضرب المتظاهرين لا يقوم المتظاهرون السلميون بمهاجمته, فلا استخدام لأي أعمال عنف ضد المهاجمين.مجرد التقاط الصور الفوتوغرافية لهم ووضعها علي شبكة الإنترنت. علي وجه الدقة حسب روزنبرج كانت هناك مجموعة تسمي'كانافاس'تابعة للحركة الصربية تقوم علي دعوة وتدريب النشطاء من جميع أنحاء العالم علي المقاومة السلمية للنظم الدكتاتورية.
وقد برع المصريون في تطوير أدوات الثورة السلمية بعد ظهور وانتشار الفيس بوك ثم في عمليات الحشد التي سبقت ثورة25يناير والتي أطلقت من الوهلة الأولي صرخة'سلمية'ولم تنزلق إلي الرد علي الرصاص الحي فكانت قوتها في اللاعنف, نعم كان'دليل جين شارب لإسقاط الطغاة'هو أحد أدبيات الحركة الصربية الشابة وهو الدليل الذي وضعه استاذ مغمور في جامعة بوسطن من خارج المؤسسات الكبري في واشنطن وبعيد عن المنظمات التي تعمل في مجال نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان في واشنطن وهو ما شكل مفاجأة أخري للتيار الرئيسي في أمريكا-حيث كان'دليل شارب'منتشرا بلغات عدة في السنوات القليلة الماضية ومن بينها اللغة العربية.
وتقول روزنبرج إن ضغوط الأقرانPRESSUREPEER نوع من العلاج الاجتماعي..فهو'وسيلة لحمل الناس علي تغيير سلوكهم وإحداث ليس فقط تغيير في السلوك ولكن في كثير من الأحيان تغييرا اجتماعيا علي نطاق واسع وهو تغيير لا يعتمد علي منح الناس معلومات جديدة او استنفار مشاعر الخوف ولكن من خلال منحهم مجموعة من الزملاء الجدد يمكنهم أن يتوحدوا معا من أجل هدف ما'.
تلك بعض ملامح الصورة علي المستوي العالمي..والأجدر أن يلتفت إلي نبل مقصد شعب تحرك في مواجهة حكم فاسد وليس البحث في دفاتر المؤامرات الكونية..وما أكثرها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.