تعاني مدينة العلمين والمناطق المجاورة لها بالساحل الشمالي الغربي منذ عام1924 من الألغام, التي زرعها الحلفاء في الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها أكثر من20 ألف مواطن بين موتي وإصابات بعاهات مستديمة, خاصة الأطفال. وعندما تفاقمت المشكلة عقد مؤتمر عالمي بجنيف عام95 لإزالة الألغام ولكن دون جدوي, وشهدت السنوات العشر الأخيرة مجهودات لاستصلاح أجزاء من أراضي المنطقة لزراعتها بعد إزالة الألغام, والشيء الخطير والمزعج الذي لا يعلمه إلا القليل وجود ثلاثة ملايين لغم زرعت قبل المعركة بمناطق متعددة أطلق عليها أروفين روميل قائد القوات الألمانية بالعلمين حدائق الشيطان, ووصفها الانجليز والايطاليون بأرض الموت لاحتياجها الي تقنية عالية لإزالة الألغام بها.وتعاني قرية سواني سمالوس بمدينة الضبعة حاليا رعبا شديدا من خطر الألغام بعد انفجار أحدها في طفل صغير في أثناء رعيه الغنم, أدي الي فقد كفة يده وعينه اليسري وتشوه أجزاء من جسمه لتعيش أسرته البسيطة وأهل قريته في حزن ورعب دائمين. مأساة إنسانية جسدها عصر يوم15 يناير الماضي عندما خرج الطفل جمال علي شايخ من مدرسته بعد أداء امتحان المادة الأولي للترم الأول من العام الدراسي بالصف الأول الإعدادي, وفور وصوله لمنزله خلع ملابس المدرسة وارتدي ملابس العمل مصطحبا قطيعا من الأغنام بالأجر لتغذيتها علي عشب صحراء قرية سواني سمالوس التابعة للضبعة مقابل أجر ضئيل خمسة جنيهات طوال اليوم لإعانة والده الذي لا يملك من حطام الدنيا إلا حرفة رعي الغنم لتوفير كفاف العيش لزوجته وابنه المعاق ووالدته المسنة التي تعيش معه في منزل صغير يشبه الكهوف.ومرت فترة قصيرة ينشد فيها الطفل الأغاني البدوية مسليا نفسه بالصحراء حتي شعر بالجوع ولكن شدة البرد القارص بالصحراء حولت رغيف العيش الذي معه الي قطعة من الثلج, وهداه تفكيره الي جمع بعض الحطب القليل أشعله بثقاب من الكبريت للتدفئة وتسخين الرغيف دون أن يعلم ما يخفيه له القدر من وجود لغم تحت النار, وفور اشتعالها انفجر اللغم قبل تسخين الرغيف ليمنعه من تناول طعامه ويسلبه كف يده وعينه اليسري واصابته بتشوه وجروح متعددة بالفخذ والساقين, كما جاء بتقرير مستشفي جامعة الاسكندرية ليخيم الحزن علي الأسرة البسيطة.