بعد مايقرب من70 عاما ظلت فيها مصر تعاني من وجود ملايين الألغام في منطقة الساحل الشمالي الغربي والتي زرعتها الدول المتحاربة في الحرب العالمية الثانية إلا أن السنوات القليلة القادمة سوف تشهد نهاية لهذه المأساة التي خلقت وراءها آلافا من القتلي والجرحي الذين لا ذنب لهم ومنعت مصر من استغلال هذه المساحة الشاسعة في خطط التنمية. عام2014 هو الموعد المتوقع لاستكمال تطهير هذه المنطقة من الألغام والأجسام الحربية القابلة للانفجار بعد أن تدخلت قواتنا المسلحة بكل ثقلها في تولي عملية تطهير19.7 مليون لغم. في البداية يقول السفير فتحي الشاذلي مدير الأمانة التنفيذية لإزالة الالغام وتنمية الساحل الشمالي الغربي: يعود تاريخ مشكلة الالغام الي المعارك الحربية التي وقعت في الصحراء الغربية خلال الحرب العالمية الثانية لاسيما مايسمي معارك العلمين الاولي والثانية في عام1942 بيد الحلفاء وعلي رأسهم بريطانيا ودولتا المحور ألمانيا وإيطاليا. ومنذ ذلك الحين ولما يزيد علي67 عاما مازال المصريون يدفعون ثمن صراعات لم يكونوا طرفا فيها ولا مسئولين عنها, كما أن أعداء الأمس باتوا حلفاء اليوم وصراعات الماضي أصبحت في طي النسيان وربما تكون مدفونة في الأرض مع الألغام القاتلة والذخائر غير المنفجرة التي خلفوها وراءهم. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية طالبت مصر الدول الثلاث بريطانيا وألمانيا وإيطاليا الذين تسببوا في زرع الألغام بتحمل مسئوليتهم في مواجهة هذه المشكلة وازالة ما زرعوه. وفي عام2000 أوفدت الاممالمتحدة بناء علي طلب مصر بعثة متعددة التخصصات لدراسة المخاطر والتحديات التي تسببت فيها وجود ملايين الأجسام القابلة للانفجار في منطقة الساحل الشمالي الغربي, وقامت البعثة بزيارة ميدانية والتقت كبار المسئولين المصريين المعنيين في المنطقة وفي القاهرة سواء من العسكريين أو المدنيين, وفي التقرير الذي أعدته البعثة عن مهمتها خلصت الي الاتفاق مع التشخيص المصري للموقف, حيث قدرت عدد الالغام والاجسام الحربية القابلة للانفجار المدفونة في مصر بحوالي19.7 مليون لغم ودانة تشغل مسافة تبلغ حوالي683 الف فدان تمتد من غرب الاسكندوية حتي الحدود مع ليبيا وهو لايمثل فقط تهديد الحياة وسلامة المواطنين بل يمنع الاستفادة من22% من مساحة مصر الكلية. ويضيف السفير فتحي الشاذلي وأن وثيقة المشروع القومي لإزالة الالغام رصدت ميزانية تبلغ3.147/795 دولارا امريكيا للمرحلة الأولي ساهمت فيها الحكومة المصرية والبرنامج الانمائي للأمم المتحدة ومكتب الأممالمتحدة لمنع الأزمات وإعادة التأهيل وخدمة الاممالمتحدة للعمل المضاد للألغام والسفارة البريطانية والوكالة البريطانية للتنمية الدولية والحكومتان الألمانية والنيوزيلاندية في تغطية هذه الميزانية. كما قدمت كل من الحكومة الصينية وخدمة الأممالمتحدة للعمل المضاد للألغام مساهمات عينية عبارة عن70 جهاز مكتشف ألغام و10 اطقم تفجير كهربائي من الصين و25 مكتشف قنابل من خدمة الأممالمتحدة. وأعلن الرئيس الإيطالي خلال زيارته للعلمين في أكتوبر2008 ان بلده سيسهم بمليون دولارا أمريكيا من أجل مشروعات التنمية بالساحل الشمالي الغربي. وفي30 يونيو2009 اجرت وزارة التعاون الدولي والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة مراجعة للميزانية لتخفيض رقمها بقيمة المبلغ الذي لم يتم تغطيته ليصبح الاجمالي الفعلي2.376.895 دولار امريكي كما رصدت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مبلغ5 ملايين جنيه مصري كتمويل مواز يخصص لنفقات الأمانة التنفيذية للأغراض المدنية وكذلك أمكن إعادة تخصيص مبالغ من مشروعات التنمية التي تمولها اليابان يبلغ إجماليا14 مليون جنيه مصري وتم بالفعل إتاحة5 ملايين جنيه مصري منها. أنه كانت هناك مقترحات قبل2005 ان تتولي شركات مصرية خاصة ازالة الألغام ولكن نظرا لاعتبارات الأمن القومي تقرر ان يقتصر هذا النشاط علي القوات المسلحة.. وعقد إتفاقية بين الأمانة التنفيذية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة في يناير2009 لتحدد واجبات الطرفين حيث زودت الأمانة القوات المسلحة بالمعدات اللازمة الخاصة بإزالة الألغام من المكتشفات والملابس والخوزات الواقية وسيارات الاسعاف وكرافانات وكمبيوترات ومولدات كهربائية ومصاريف التشغيل والبطاريات وبنزين ودعم للاعاشة. أما الهيئة الهندسية للقوات المسلحة فتوفر الكوادر المدربة وممارسة أعمال التطهير وتتحمل مصاريف التشغيل. وقد تم تطهير وإزالة الالغام من31250 الف فدانا وكان المفترض أن تكون المساحة الثانية المشتبه فيها هي590 الف فدان لكن هذا الرقم غير دقيق لاننا استطعنا اكتشاف ان هناك وسائل غير فنية لتخفيضه.. فالمتبقي ليس هو حصيلة الطرح بين31250 و590 ألف ولكن المتبقي مساحة اقل من الناتج بكثير. إزالة نهائية وحسب تقديرات الامانة التنفيذية لإزالة الالغام فسوف يتم إزالة الألغام نهائيا من مصر بعد حوالي6 سنوات كما اننا في المرحلة الاولي كنا نعمل تحت شعار التطهير من اجل التنمية لكننا سوف نغير فلسفة التعامل مع المشروع نفسه والعمل مع هذا التحدي تحت شعار التطهير أملنة التنمية حيث سيتم تنفيذ مشروعات تنمية بقيمة10 مليارات دولار ومن جهته يوضح اللواء مهندس محروس الكيلاني مدير العمليات والتخطيط ورئيس فرع الالغام بالامانة التنفيذية لازالة الالغام وتنمية الساحل الشمالي الغربي. انه بعد الحرب العالمية الاولي كان المطلوب تعطيل القوات او تقليل حركة تقدم القوات وفكروا في استخدام عبوات من المفرقعات يتم السيطرة عليها يدويا ثمبدأ التفكير في اللغم والذي هو عبارة عن عبوة من المفرقعات مجهزة بحيث يتم تفجيرها بالضغط او الشد بمجرد ملامستها بواسطة فرد او عربة او دبابة. وقد تم انتاج ألغام بعبوات بسيطة سميت ألغاما مضادة للأفراد وتم تطويرها لتكون أكثر خطرا بتزويدها بشظايا معدنية حتي تكون أكثر تأثيرا وتم عمل عبوات اكبر لتقوم بتدمير المركبات والدبابات والمدافع وسميت الغام مضادة للمركبات أو ألغاما مضادرة للدبابات وتم استخدام هذه الانواع بكثافة عالية اثناء سير العمليات في الحرب العالمية الثانية علي الأراضي المصرية. وعلي الجانب الآخر تم اختراع وسائل للكشف عن هذه الألغام وهو ماسمي بمكتشفات الألغام وكانت تعتمد علي كشف الأجسام المعدنية وقد قامت الدول المنتجة للالغام بتطوير منتجاتها من الألغام باستخدام عبوات غير معدنية حتي لاتتمكن مكتشفات المعادن من كشفها. واللغم هو سلاح الدول الفقيرة, فهي تستخدمها لتأمين حدودها للأهداف الحيوية وقد استخدمتها في التسعينيات علي سبيل المثال البوسنة والهرسك والصومال والعراق وأفغانستان, وقد صدر البرتوكول الثاني المعدل للالغام سنة1996 وينص علي عدم استخدام الالغام التقليدية او مايطلق عليها( الغبية) المضادة للافراد واستخدام الألغام الذكية المضادة للافراد ذاتية التفجير وذاتية الإخماد. ويضيف اللواء محروس الكيلاني أن المنظمات الدولية طلبت حظرا كاملا للالغام ونشأت اتفاقية اوتادا والتي كانت وراءها كندا والتي نصت علي الخطر الكامل لانتاج واستخدام وتخزين ونقل الالغام المضادة للافراد بجميع أنواعها. وقد امتنعت الدول الكبري عن دخول اتفاقية اوتادا مثل الصين, الهند, باكستان, روسيا مع انهما اعضاء فيCCW وهي تقنن استخدام الالغام.. لكن كندا ودول اوروبا اشركت الدول الفقيرة والمتضررة من الألغام.. وعلي ذلك فإن اتفاقية اوتادا هي وليد غير شرعي لعدم وجود القوة التنفيذية لتنفيذ القانون. لكنCCW موجودة ولديها قوة القانون.