إبراهيم بن غراب المصري السكندري تدرج في مناصب الدولة حتي وصل إلي الحاكم الفعلي في عهد السلطانين برقوق وفرج. ويرجع نسب إبراهيم بن غراب إلي القاضي سعد الدين إبراهيم بن عبدالرازق بن غراب . وكان جده قبطيا من أعيان الإسكندرية, وأعلن إسلامه في عهد السلطان المنصور علاء الدين بن شعبان وزاع صيته لثرائه وحكمته وسداد رأيه فأسند إليه السلطان نظارة الإسكندرية. ولما توفي اسند السلطان الملك الصالح زين الدين نظارة الثغر إلي ابنه عبدالرازق المولود في الإسكندرية. وقد أنجب عبدالرازق غلامين: ماجد وإبراهيم, وكان الأمير جمال الدين محمود في زيارة للإسكندرية وشاهد الصبي إبراهيم وأعجب بذكائه وبراعته في علم الحساب وسرعة البديهة فحمله معه من الإسكندرية إلي القاهرة وكان ذلك في عهد السلطان برقوق حيث كان الأمير محمود يتحكم في دواوين الدولة وتنفذ كلمته في تصريف أمور المملكة. واعتني بالصبي إبراهيم وقربه منه ونال حظوة عن باقي الحاشية. وأسند إليه كتابه وتسجيل كل أمواله وقد أثار ذلك أحقاد زملائه والأمراء المماليك ووشوا به لدي الأمير وكاد يطرده لولا حسن تصرف إبراهيم مما جعله موضع ثقة السلطان برقوق فولاه ديوان المفرد سنة 798 ه وكان عمره 20 عاما وهي أول وظيفة عسكرية يتولاها. وفي عام 800 ه تولي نظارة الجيش ورفض أن يتناول راتب الوظيفة, وأظهر مكارم الأخلاق فاصطفاه السلطان وجعله من جملة أوصيائه ولما تولي السلطان فرج واستقرت الأمور لإبراهيم بن غراب استدعي أخوه من الإسكندرية وأسند إليه رئاسة الوزارة فكان هو وأخوه يتوليان سائر أمور الدولة وأصبح له ديوان مثل الأمراء وخاطبه الناس وكاتبوه كأنه أمير. ولما ثار الأمراء علي السلطان فرج وخلعوه من ولايته الأولي ونادوا بأخيه عبدالعزيز الطفل الصغير سلطانا, خبأ إبراهيم السلطان فرج في داره إلي أن استقرت الأمور واعاد السلطنة إلي السلطان فرج مرة ثانية فألقي السلطان مقاليد الدولة إلي ابن غراب وجعله من أكابر الأمراء وكان ابن غراب يفاخر انه( اقام دولة وازال دولة ثم ازال ما اقام ولو شاء لأخذ الملك لنفسه). وقد انتابه المرض وهو في مقتبل العمر ولاقي الكثير من الرعاية أثناء مرضه من كل رموز الدولة وتوفي في رمضان سنة 808 ه وعمره 30 عاما وكانت جنازته من الأمور المشهورة في ذلك الوقت. وقد أنشأ ابن غراب مدرسة خارج أسوار القاهرة( بشارع بورسعيد حاليا) في مواجهة جامع( فاضل باشا حاليا) بين قنطرة سنقر. وقد اقتطعت أجزاء كثيرة من المدرسة بعد ردم الخليج ليتحول إلي شارع الخليج المصري( بورسعيد حاليا) والجزء الباقي تشغله هيئة الآثار الإسلامية, وقد ذكرت ذلك الدكتورة سعاد ماهر في دراساتها الإسلامية.