الثقافة رافد اساسي من روافد المعرفة والتنوير, خاصة الابداع والتفوق, وقد عانت الثقافة والمثقفون الحقيقيون من التمهيش ومحاولات الاقصاء من النظام السابق مما اثر بالسلب علي مناحي الحياة الثقافية والعلمية والفكرية. وابعاد الشعب عن قضايا مجتمعه الثقافية ومحاولة إلهائه في امور اخري غير جوهرية تشتت ذهنه في السطور التالية نرصد في حوارنا مع الناقد الادبي الكبير الدكتور حامد أبوأحمد عضو مجلس ادارة اتحاد كتاب مصر هموم وتحديات الحركة الثقافية قبل ثورة25 يناير ومحاولة استشراف مستقبل مصر الثقافي بعد الثورة, وغيرها من القضايا المهمة, وفيما يلي نص الحوار: كيف تقيم تجليات الثورة الإبداعية؟ أود أن اقول ان الثورة كانت لها تجليات سابقة عليها, وتجليات جاءت اثناءها, وتجليات بعدها, فهناك كثير من الكتاب والشعراء والمسرحيين تنبأوا في اعمالهم بأن الثورة اتية لامحالة,ومنهم علي سبيل المثال المرحوم ادريس علي في رواية تحت خط الفقر ورواية اخري حول هذا الموضوع وكانت تتناول الاوضاع في ليبيا ولكنها صودرت, وهناك ايضا سعيد سالم في روايته الشيء الآخر أشار إلي أن هناك عصابة تحكم مصر مكونة من20 او40 شخصا وتحدث عن العجر المطلق لدي الناس تجاه هذه العصابة, وهناك اعمال اخري كثيرة في الشعر من كل الاجيال الشعرية, دعت اي التغيير, وانا شخصيا اصدرت روايتي الاخيرة في اخر ديسمبر قبل الثورة بشهر بعنوان الشهاب وهي سيرة ذاتية تدعو الي الثورة ونشرتها علي نفقتي الخاصة, أما اثناء الثورة فظهرت تجليات ابداعية كثيرة جدا جدا ومعظمها كانت تلقائية, وتعبر عن عبقرية الشعب المصري, ووجدناها في الاشعار والنكت مرة اخري تتصدر المواجهة السياسية وكذلك الكاريكاتير وهو حالة من الابداع التلقائي, وكان يعجبني جدا في ميدان التحرير السير خلف طفل يقود مظاهرة ويحفظ هتافات منظومة بها جرس موسيقي وتلقائية رائعة, امابعد الثورة فكل الشعراء الكبار والشباب كتبوا عن الطاغية والطغيان والنظام الفاسد والحرية والعدا لة وعبقرية الشعب المصري الذي اطاح بالطاغية واذنابه, ومازالت هذه التجليات تتفاعل في الساحة الثقافية حتي الآن, وأعتقد أنها سوف تظل كنزا من كنوز الابداع. تري من بطل الثورة الحقيقي ؟ البطل الحقيقي للثورة هم الشباب ولهم كل التحية والتقدير, وأري ان الثورة كان لها مقدمات منذ فترة مثل الاحتجاجات والمظاهرات لحركات كفاية و6ابريل والجمعية الوطنية للتغيير وغيرها لكن التفجير الحقيقي للثورة جاء علي يد الشباب, وانااعترف بأن الشباب هو المفجر الحقيقي للثورة ولابد ان نرفع لهم القبعة. كيف تفسر خروج41 حزبا من رحم الثورة؟ هذا دليل علي الحرية والرغبة في التنافس الديمقراطي الشريف, وليخرج100 حزب او اكثر لكن في النهاية كما هو حادث في العالم كله سوف يكون هناك حزبان كبيران او خمسة احزاب تتنافس في الوصول للسلطة تنافسا ديمقراطيا شريفا وهذا مايحدث في العالم كله. هل أنت مع الدولة المدنية ام الدينية ؟ انا مع الدولة المدنية, الدو لة الدينية مرفوضة تماما, وليس هناك دولة دينية في الاسلام, فالاسلام يترك للناس تدبير شئونهم بأنفسهم وفقا للمصالح المرسلة, والدولة المدنية الحديثة تعني المواطنة الحقيقية والاحتكام للدستور في العلاقة بين الحاكم والمحكوم,والعدا لة الاجتماعية والمساواة والحريةوهذه هي القيم الحقيقية في الاسلام. هل تؤيد دولة رئاسية ام برلمانية ؟ أؤيد دولة رئاسية برلمانية, بمعني ان تكون سلطات الرئيس محدودة وسلطات البرلمان والحزب الفائز الذي يشكل الحكومة اوسع من سلطات رئيس الجمهورية, وتكون هناك حكومة ومعارضة حقيقية. كيف تري دور المبدعين في مساندة الثورة؟ المبدعون هذا وقتهم, فلقد همشهم النظام الفاسد السابق كثيرا, وانتهي هذا العصر الذي كانت فيه الثقافة مهمشة وآن للمبدعين الآن ان ينطلقوا بإبداعاتهم وتجلياتهم الفكرية في شتي مناحي الحياة الثقافية, وعلي المثقفين ان يكون لهم دور في الاعلام ومصر مليئة بالمثقفين والمبدعين الكبار المشهورين عربيا وعالميا ومشهود لهم بالكفاءة. تري هل ستنجح الثورة المضادة؟ لن تنجح الثورة المضادة فالنظام سقط واذناب النظام سقطوا, والتاريخ لن يعود للوراء,وحتي وان استمرت الثورة المضادة فإن مصر تغيرت تماما, وماقبل25 يناير مختلف تماما عما بعده والناس لديها وعي والشباب واعي تماما ولن يكون هناك ديكتاتور يحكمنا, ومصر مابعد الثورة ذاهبة الي الطريق الصحيح, والجيش المصري له دور كبير جدا في انجاح الثورة لانه جيش وطني بخلاف الجيش الليبي, وانا مدين للجيش وانا امشي في الشارع آمنا, فالجيش منع النظام من قهر المتظاهرين. كيف تري مستقبل الثقافة في مصر ؟ طوال الثلاثين عاما الماضية كان النظام الحاكم يضرب الثقافة والمثقفين ضربا متعمدا, لانه كان يعتقد بأن الثقافة خطر علي النظام, والخطر الذي جاءهم من الثوار لم يكن في حسبانهم علي الاطلاق وصدق الله العظيم: ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ولانهم كانوا يخافون من الثقافة فكانوا يحاولون ألا تكون هناك ثقافة وكانوا يتخوفون من التعليم فتردي كثيرا, وكانوا يتصورون ان البلد لو ظلت متدهورة في الصحة والتعليم والثقافة فإن البلاد سوف تظل في قبضتهم ومستكنة لهم. ولقد نشأت انا وجيلي علي جيل الرموز الحقيقية في المجتمع امثال عباس محمود العقاد وطه حسين ولويس عوض ويوسف ادريس ويحيي حقي وتوفيق الحكيم وغيرهم من نجوم المجتمع, لكن نظام مبارك جعل نجوم المجتمع من اهل الفن فقط او اصحاب الثقافة الضحلة او العلماء غير الحقيقيين اضافة الي المنافقين والانتهازيين والطفيليين الذين كانوا يسرقون كل شيء وكل هذا قضي علي الجانب الفكري والثقافي والديني ايضا ووصل المجتمع الي حالة من الانهيار لامثيل لها. من ترشح لرئاسة الجمهورية ؟ مع كل احترامي لجميع المرشحين والذين سيترشحون في الفترة المقبلة إلا ان الاسماء لاتهمني, وكل مايشغلني حاليا ان تتم الاجراءات صحيحة, بحيث تؤدي إلي مجتمع ديمقراطي حقيقي, يكون رئيس الجمهورية فيه منتخبنا ومعبرا عن ارادة الشعب ايا كان اسمه.