منذ أيام أعلن المهندس عاطف عبد الحميد وزير النقل عن بدء العمل في المرحلة الثانية في الخط الثالث لمترو الأنفاق, والتي كان من المقرر بدء العمل بها في يناير الماضي, إلا أن أحداث الثورة أجلت أعمال الإنشاء التي من المفترض أن تنتهي في نهاية عام.2013 تنفيذ الخط الثالث يتطلب حفر أنفاق بطول40 كم تقريبا, وقد تم الانتهاء من أعمال المرحلة الأولي من القبة للعباسية, والتي من المخطط افتتاحها في أكتوبر المقبل, ونتذكر ذلك الهبوط الأرضي الذي وقع في منطقة باب الشعرية أثناء أعمال الحفر وتكرر مرتين, ليكشف بعدها الجهاز المركزي للمحاسبات عن تقرير يوضح الأسباب, جاء فيه أنه تم إلغاء عمليات حقن التربة, وإلغاء الساتر الخرساني وتقليل حديد التسليح, والغرض هو توفير عشرات الملايين, رغم أنه كان من الممكن منذ البداية توفير عشرات المليارات. هذا ما تؤكده دراسة للمهندس عمرو رؤوف الذي كان قد تقدم بأربعة بلاغات بتهمة إهدار المال العام, وقد استدعي أخيرا من قبل نيابة الأموال العامة للتحقيق في بلاغه الأخير الذي قدمه منذ أسابيع. يقول المهندس عمرو إنه وفقا لتقديرات عام2004, عندما كان طن الحديد ب2400 جنيه, وطن الأسمنت ب180 جنيها, فإن تكلفة حفر نفق بطول1 كم هي مليار جنيه, بينما يتكلف إنشاء خط مترو سطحي لنفس المسافة50 مليون جنيه فقط, أي ما يعادل5% من تكلفة إنشاء نفق, ومع ذلك تقرر إنشاء مترو نفقي في الخط الثالث وتفضيله علي السطحي والكوبري, الذي يتكلف100 مليون للكيلو دون أسباب منطقية. ويستند المهندس عمرو إلي الأرقام ليوضح حجم الأموال المهدرة, فيقول: إنشاء خط مترو طوله20 كم يتكلف مليار جنيه لو كان سطحيا, في حين يتكلف20 مليارا لو كان مترو أنفاق, وبطريقة أخري فإن تكلفة خط أنفاق طوله20 كم تكفي لإنشاء20 خط سطحي بطول400 كم, من شأنها أن تحل مشكلة المرور نهائيا في القاهرة بل وتربطها بالمدن الجديدة. ويضيف رؤوف: ليت الأمر اقتصد علي تفضيل مترو الأنفاق علي المترو السطحي, بل يستمر مسلسل إهدار المال العام, حيث تم تجاهل وجود خط سطحي موجود بالفعل هو خط مترو النزهة, الذي يبدأ من رمسيس وينتهي عند مساكن الشيراتون خارج أسوار المطار, ويمكن مده محطة واحدة إلي داخله, وتبلغ تكلفة إعادة تحديث هذا الخط وعزله عن المرور وتجديده علي أحدث وأسرع طراز700 مليون جنيه للخط بأكمله, أي أقل من تكلفة حفر كيلو متر واحد من الأنفاق, وهو بالمناسبة ما تم في إنشاء الخط الأول من المترو( المرج حلوان), حيث تم الاستفادة من الخط السطحي القائم بالفعل. ويعود رؤوف مرة أخري للعبة الأرقام فيقول: إذا كانت تكلفة خط مترو أنفاق سطحي طوله20 كم مليار جنيه, وكان عدد الركاب مليون يوميا بإيراد مليون جنيه, أي365 مليون جنيه سنويا, سيغطي تكاليفه في ثلاث سنوات, أما لو كان مترو أنفاق, ستكون تكلفته20 مليار, كما ذكرنا من قبل أي سيغطي تكاليفه في60 سنة, إلا إذا تم رفع سعر التذكرة إلي20 جنيها ليغطي تكاليفه في ثلاث سنوات. ويتساءل رؤوف: بعد أن كشف تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن أسباب الهبوط الأرضي الذي حدث في باب الشعرية بسبب التوفير في حديد التسليح وغيرها من العمليات الإنشائية توفيرا للأموال, فهل نثق بعد ذلك في سلامة الجزء الذي تم انجازه من الخط عندما يتم تشغيله, أم نفاجأ بانهيار جديد يكلفنا الآلاف من الأرواح. ويشير المهندس عمرو رؤوف في دراسته أيضا إلي أن المكتب الفرنسي سيترا الذي أعد الدراسة الخاصة بالخط الثالث للمترو, اقترح أيضا حفر أربعة خطوط أخري بتكلفة97 مليار جنيه, رغم وجود أربعة خطوط مترو سطحية قائمة بالفعل, يمكن إعادة بنائها وتحديثها بتكلفة4 مليار جنيه فقط.