محافظ الإسكندرية يتفقد إزالة التعديات على أراضي الدولة بالطريق الزراعي -صور    تفاصيل زيارة وزير الري ل "مشروع تنمية جنوب الوادى"    أكسيوس: قطر تطالب باعتذار إسرائيلي لاستئناف وساطتها في المفاوضات    سوريا: اشتباكات بين الجيش وقوات قسد وأنباء عن إصابات    ترامب يطالب فنزويلا بقبول السجناء من أمريكا ويحذّر من ثمن لا يمكن حسابه    تحرك عاجل من الأهلي ضد حكم تقنية الفيديو في مباراته أمام سيراميكا كليوباترا    بعد 6 وقائع.. القبض على عاطل تخصص في السرقة ب"كسر الباب"    واقعة "ذبح سائق ترسا".. حبس المتهم 15 يومًا على ذمة التحقيقات    بعد انفصالها عن أحمد مكي.. 20 صورة ل مي كمال الدين    فستان لامع ورشاقة ملفتة..نجلاء بدر تنشر صور من تكريمها في جوائز دير جيست 2025    مودريتش يقود ميلان أمام أودينيزي في الدوري الإيطالي    الأربعاء.. «بروفة» حفل افتتاح بطولة العالم لأندية كرة اليد بالعاصمة الإدارية الجديدة    وزيرة التضامن تشهد احتفالية تخرج طالبات كلية رمسيس للبنات    سامسونج تطلق الدورة السابعة من برنامج «الابتكار» لتأهيل الشباب المصري رقمياً    وزير الشئون النيابية يشارك في حفل استقبال العام الجامعي الجديد بجامعة حلوان    تفاعل كبير مع ورشة هشام سليمان وسامح الصريطي في التمثيل ضمن فعاليات بورسعيد السينمائي    كارول سماحة تفجر مفاجأة عن وفاة زوجها وليد مصطفى    «نور مكسور».. بداية مشوقة للحكاية الأخيرة من مسلسل «ما تراه ليس كما يبدو»    سوريا.. قسد تستهدف بقذائف الهاون محيط قرية شرق حلب    زمالك 2009 يهزم المقاولون العرب بهدف نظيف في بطولة الجمهورية    اليابان: قوات أمريكية تواصل التدريب على نظام الصواريخ المضادة للسفن    أنغام تطرح أحدث أغانيها بعنوان سيبتلى قلبى بتوقيع تامر حسين وعزيز الشافعى    الحبكة المقدسة.. الدين في السينما الغربية    اللواء إبراهيم هلال ل"الساعة 6": حل القضية الفلسطينية يحتاج قرارات مُلزمة    مواقيت الصلاة اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا    عالم أزهري يوضح سبب ذكر سيدنا إبراهيم في التشهد    مع بداية العام الدراسي| مستشار الرئيس: الوضع الوبائي مستقر.. ولا داعي للقلق    على هامش فعاليات مؤتمر ومعرض هواوي كونكت 2025.. وزير الصحة يلتقي مسئولي «ميدبوت» للتعاون في تطوير التكنولوجيا الطبية والجراحة الروبوتية ( صور )    وزير فلسطيني سابق: إسرائيل لم تعد تتمتع بدعم حقيقي سوى من ترامب    بمشاركة رامي ربيعة.. «هاتريك» لابا كودجو يقود العين لاكتساح خورفكان بالدوري الإماراتي    الأقصر تستعد لتنفيذ تجربة «صقر 162» لمجابهة الأزمات والكوارث    تجديد حبس التيك توكر محمد عبدالعاطي محمد 45 يومًا    غياب عربي عن القائمة.. تعرف على أكثر الدول طلبًا لتذاكر كأس العالم 2026    محمود محيي الدين: يجب أن يسير تطوير البنية التحتية التقليدية والرقمية جنبًا إلى جنب    أكاديمية الشرطة تنظم دورة لإعداد المدربين في فحص الوثائق    9 كليات بنسبة 100%.. تنسيق شهادة قطر مسار علمي 2025    لتحسين البنية التحتية.. محافظ القليوبية يتابع الانتهاء من أعمال رصف الطرق بمدن المحافظة    استجابة ل البوابة نيوز.. الفيوم تكثف رقابتها على المواقف لعدم التلاعب بتسعيرة الركوب    الدوري الإنجليزي.. محمد قدوس يقود تشكيل توتنهام ضد برايتون    مؤتمر فليك: سنحضر حفل الكرة الذهبية من باب الاحترام.. ويامال سيتوج بها يوما ما    "بحضور لبيب والإدارة".. 24 صور ترصد افتتاح حديقة نادي الزمالك الجديدة    محافظ الأقصر يكرم عمال النظافة: "أنتم أبطال زيارة ملك إسبانيا" (صور)    «الكازار» تعتزم إطلاق مشروعات جديدة بمجال الطاقة المتجددة في مصر    تحت شعار «عهد علينا حب الوطن».. بدء العام الدراسي الجديد بالمعاهد الأزهرية    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    سؤال برلماني لوزير التعليم بشأن تطبيق نظام البكالوريا.. ويؤكد: أولادنا ليسوا فئران تجارب    فيديو قديم يُثير الجدل بالشرقية.. الأمن يكشف كذب ادعاء مشاجرة بين سيدتين    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    أطعمة صحية لوجبة عشاء الأبناء خلال الدراسة    خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية مع انطلاق العام الدراسي الجديد    كتائب القسام تنشر صورة وداعية للمحتجزين الإسرائيليين    مصرع تاجري مخدرات في حملة أمنية بقنا    كسوف الشمس 2025 في السماء.. تفاصيل موعد البداية والنهاية ووقت الذروة (الساعة)    «الداخلية»: ضبط 3 متهمين بالنصب على صاحب محل بانتحال صفة بالقاهرة    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    مدير مدرسة بكفر الشيخ يوزع أقلام رصاص وعصائر على تلاميذ الصف الأول الابتدائي    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو استراتيجية ثقافية جديدة‏1‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 03 - 2011

عانت الثقافة المصرية فيظل سياسات وزارة الثقافة السابقة‏,‏ من غياب مجموعة من العناصر اللازمة لأية ثقافة كيتنهض اجتماعيا‏;‏ سواء علي مستوي غياب استراتيجية ثقافية لها سياسات واضحة فيظل الشرط الحضاريالمعيش‏,‏ أو علي مستوي ترديأحوال الكتاب والمبدعين المادية والثقافية‏..‏ وقد كان لعدد كبير من المثقفين‏,‏ قبل ثورة‏25‏ يناير المجيدة‏,‏ موقف معروف وواضح من سياسات الدولة فيمشروع مصر الثقافي‏,‏ وقد عبرت عن هذا الموقف مع زملاء وأكاديميين وشعراء وإعلاميين وروائيين ومترجمين ومسرحيين وأكاديميين‏,‏ لهم حضورهم الإبداعياللافت‏,‏ والتزامهم الوطنيالرفيع‏,‏ فيبيان صدر باسم المثقفين المستقلين من عدة أشهر‏,‏ وهو بيان أثار ضجة آنذاك‏,‏ وأنشأ حوارا ثقافيا تشعبت روافده‏,‏ حول مفهوم الثقافة والمثقف‏,‏ وشكلت وقتها لجنة تحضيرية لعقد مؤتمر باسم المثقفين المستقلين‏,‏ أردنا فيه أن نضع رؤيتنا حول مستقبل مصر الثقافي‏,‏ بادئين بنقد السياسات الثقافية‏,‏ كينحدد بداية من نحن وماذا نريد؟
كان حجم الغضب حينها قد وصل إلي حد لا يمكن قبوله‏,‏ وذلك فيظل مجموعة من الكوارث‏,‏ نذكر منها هذا النهب المنظم لآثار مصر‏,‏ والسرقات المستمرة التيتورط فيها مسئولون كبار فيالوزارة‏,‏ وعلي رأسها قضية الآثار الكبري‏,‏ فضلا عن نهب دار الكتب والوثائق القومية علي مدار العقدين الأخيرين‏,‏ وحريق المسافر خانة‏,‏ وحريق بنيسويف الذيراح ضحيته عشرات المسرحيين‏,‏ وحريق المسرح القومي‏,‏ بالإضافة إلي سوء سياسات المؤسسات الثقافية التيأدت إلي الإجهاز علي المسرح المصري‏,‏ فضلا عن غياب إنتاج سينمائييليق باسم مصر الفني‏,‏ وندرة المجلات الأدبية المتخصصة‏,‏ فمعظم إنتاجنا النقديوالثقافييذهب إلي الدوريات العربية والأجنبية‏,‏ مثله فيذلك مثل جزء كبير من فننا وتراثنا التشكيلي‏,‏ وغياب مراكز ثقافية مشعة لها دور فاعل فيمحلياتها‏,‏ هذا بالإضافة إلي مهازل الترشيح والاختيار لجوائز الدولة‏,‏ ومهرجانات المجالس المحنطة للمجلس الأعلي للثقافة التيلا يحضرها أحد‏,‏ وقضايا الفساد المتتابعة لكبار موظفيالوزير وحاشيته‏...‏إلخ‏.‏ وها نحن نشهد سرقة مخزنين كاملين للآثار فيظل ما يسمي وزارة الآثار الجديدة‏!‏ وهذا ما أثار سخط الوسط الثقافيالمصري‏,‏ وتساؤلاته‏,‏ وهيوقائع كانت تستوجب محاكمة الوزير وكبار المسئولين‏,‏ لتوافر أركان ما يسمي فيالقانون بالمسئولية التقصيرية‏..‏
وأظن أننيلا أعدو الحق إذا قلت إنه فيالعقدين الأخيرين قد نجحت فئة تكنوقراطية صغيرة‏,‏ فيالتحكم فيواقعنا الثقافيوالإعلاميلمدة عقدين زمنيين علي أقل تقدير‏,‏ منفردين بإدارته‏,‏ وما زال عدد من تلاميذهم‏,‏ يشغلون رئاسة مؤسساتنا الثقافية حتي الآن‏,‏ استخدمتهم المؤسسة كما استخدموها وتلاعبت بهم كا تلاعبوا بها‏.‏
كان من نتائج هذه السياسات الثقافية فشل المؤسسات الثقافية الرسمية القائمة فيإفادة المحتاجين الحقيقيين للمعرفة بكل مستوياتها‏,‏ فضلا عن عجزها عن الاستفادة من العقل الثقافيالعام وتوظيفه فيالتنمية الثقافية الحقة‏,‏ وفيحماية مكتسباتنا المادية وقيمنا التاريخية‏,‏ وكأن شعار مهرجان لكل مواطن هو السبيل الوحيد للتنوير‏!‏ وهذا ليس مستغربا‏,‏ فقد كان هدف الوزير وموظفيه من البداية هو وضع المثقفين فيالحظيرة علي حد تعبيره‏-‏ متوجها بذلك إلي تدجين المثقف‏,‏ لا إلي بناء الثقافة‏..‏
فيظل هذا المناخ الثقافي‏,‏ فقدت مصر جزءا كبيرا من قوتها الناعمة‏,‏ علي المستويين العربيوالدولي‏,‏ وهذا ما دفع بأصوات نقدية مهمة إلي مهاجمة وزارة الثقافة وموظفيها الكبار‏,‏ وهيأصوات مازالت تعبر عن احتياج مجتمعنا الي حركة ثقافية مستقلة قادرة علي مواجهة الفساد الاجتماعي‏,‏ ومحاربة الأميتين الثقافية والتعليمية‏,‏ وقد عبر هذا الاتجاه النقديعن ملامح الأزمة الحقيقية للتوجهات الثقافية آنذاك‏,‏ ولإجراءاتها القائمة علي الجهل بالواقع الثقافيعلي المستويين المصريوالعالمي‏.‏
أما أخطر ما هدد مشروع مصر الثقافي‏,‏ ونال علي نحو شديد السوء منه‏,‏ فكان قيام سياسات مصر الثقافية علي أفراد‏,‏ كانوا يعبرون عن مصالح فئات بأعينها‏,‏ والآن نحن فيأشد الحاجة إلي رؤية استراتيجية واضحة ومتكاملة علي مستوي كلي‏,‏ تستهدف وضع الثقافة المصرية‏,‏ فيمكانها اللائق عربيا ودوليا‏,‏ بعد أن اهتم القائمون علي إداراتها بالشكل والمهرجان والفرد‏,‏ علي حساب المضمون والأثر والجماعة‏.‏
لقد كشفت ثورة‏25‏ يناير المجيدة عن اعتراض الشعب العارم علي الكيفية التياتخذتها السياسات الثقافية والإعلامية والسياسية والاقتصادية فيإدارة مصالح مصر ومواطنيها فيالعهد البائد‏,‏ فيظل فجوة هائلة بين رغبات شعبنا وآماله‏,‏ وقرارات وتوجهات أهملت كثيرا اتجاهات هذا الشعب‏,‏ وتجاهلت ما حملته هذه الاتجاهات من تطلعات مشروعة‏,‏ وآمال‏.‏ هذا باختصار ما أوضحه شباب ثورة يناير المجيدة‏,‏ وهيثورة ثقافية فيأساسها‏,‏ قوضت أركان ثقافة قديمة‏,‏ لقد كانت ثقافة الفيس بوك‏,‏ والشبكة العنكبوتية‏,‏ فيمواجهة ثقافة خيول وحمير وجمال‏!‏ ثقافة حب أمام ثقافة كراهية‏,‏ ثقافة تقوم علي مصادفة منتجة أمام ثقافة مؤامرة منظمة‏.‏ لقد دفعت هذه الثورة بشروط ثقافية جديدة يجب الاهتمام بها‏,‏ والالتفات إلي آلياتها‏,‏ ومقوماتها التقنية والأخلاقية‏.‏
والآن‏,‏ ما أحوجنا الآن إلي استراتيجية ثقافية جديدة‏,‏ يكون لها مهمات واضحة علي المستويين القريب والبعيد‏,‏ استراتيجية تبدأ أولي خطواتها من قراءة كاشفة للبيئتين الداخلية والخارجية للثقافة‏,‏ واضعة استراتيجيتها الكبري‏,‏ وخطتها‏,‏ بدءا من التوصيف الاستراتيجيللمشروع الثقافيالمستقبلي‏,‏ مرورا بالتوظيف الاستراتيجي‏,‏ وانتهاء بمرحلة التقييم والتحكم‏,‏ مع ضرورة أن توليهذه الاستراتيجية اهتماما خاصا إلي أهمية تفكيك المركزية الثقافية البغيضة فيمشروعنا الثقافيالقادم‏,‏ من أجل دفع الحركة الثقافية إلي ممارسة ديمقراطية تحترم الاختلاف‏,‏ وذلك من خلال فهم للثقافة لا يرتبط بالحدود الضيقة للكتابة الأدبية فحسب‏,‏ بل يرتبط بالمثقف بالمعني الاجتماعيللثقافة بصفتها مهمة مجتمع كامل وليست مهمة وزير أو وزارة‏,‏ وذلك من أجل استعادة المثقفين إلي دورهم الاجتماعيالفاعل‏,‏ فيمقاومة ترديالأوضاع الثقافية والاجتماعية التيتمر بها مصر فيهذه المرحلة الخطيرة من تاريخها الثقافي‏.‏
من أجل هذا أري أن هناك ست خطوات جوهرية يجب وضعها فيالحسبان قبل رسم أية سياسات ثقافية جديدة‏.‏ أولاها هو أهمها التفكير الجمعي‏,‏ وذلك عبر الإنصات لآراء أكبر عدد من المثقفين‏,‏ ولانقصد بهذا الوصف هؤلاء الذين نراهم فيكل الصحف‏,‏ ومع كل الحكومات أو السياسات فحسب‏!‏ نحن مهتمون باستعادة المثقفين الحقيقيين إلي دورهم الفاعل فيمواجهة الفساد‏,‏ وترديالأوضاع الثقافية والاجتماعية‏,‏ وثانيها‏,‏ هو أن نبدأ معا وفيتقويم أداء السياسات الثقافية للمؤسسات القائمة‏,‏ وتقويم تأثيرها علي الواقع الاجتماعي‏,‏ فهو المؤشر الوحيد لنجاحها‏,‏ هو أثر الإنفاق الثقافيعلي المستوي الاجتماعي‏.‏ وثالثتها أن نسعي جميعا إلي وضع معني لثقافة مصرية تمثل مجمل عناصر الأمة التاريخية والحضارية‏,‏ ورابعتها‏,‏ أن تهتم الاستراتيجية القادمة بطرح البديل الثقافيمن خلال فهم للثقافة لا يرتبط بالحدود الضيقة للكتابة الأدبية فحسب‏,‏ بل يرتبط بالمثقف بالمعني الاجتماعيللثقافة‏,‏ ذلك لأن الثقافة هيمهمة مجتمع كامل وليست مهمة وزير أو وزارة‏.‏ وخامستها أن يكون من الأهداف الكبري لهذه الاستراتيجية أن تدفع المصريين إلي هوية ثقافية جديدة قادرة علي تحديظرفها الحضاريالمعيش‏,‏ لخلق وعي عام يدفع إلي مستقبل يرغب فيه المجموع‏,‏ بدلا من مستقبل تخلقه المصادفة والظروف‏,‏ ذلك بعد أن درجت الأنظمة السياسية المتتابعة علي التعامل مع الثقافة بصفتها شيئا ثانويا‏,‏ يقع فيآخر سلم الكماليات‏.‏ وللكتابة بقية‏..‏
المزيد من مقالات د. علاء عبدالهادى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.