تقدم مجموعة من العاملين بالشركة القابضة للغازات الطبيعية ببلاغ جديد رقم2984 للدكتور المستشار عبد المجيد محمود النائب العام ضد المهندس سامح فهمي وزير البترول السابق يتهمونه بإهدار المال العا م بتفريطه في الغاز المصري باسعار زهيدة وبيعه الاصول المصرية في عدد من الحقول اما لمستثمرين اجانب أو مصريين, حيث وضعت وزارة البترول نفسها في مأزق شديد بدءا من عام2005, حيث ان حصة مصر من البترول لم تعد تكفي الاستهلاك فبدأت تستورد من الكويت وتشتري كميات متزايدة من حصة الشريك الأجنبي مما أدي إلي حاجة هيئة البترول للاستدانة من البنوك. وأكد البلاغ الذي تقدم به العاملون بالهيئة وعلي رأسهم الدكتور أيمن عبد الحميد جاهين مدير عام بالشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية اهدار الوزير السابق سامح فهمي المال العام بعد ان لجأ للحل الوحيد المتاح وهو بيع الاصول المصرية في حقول البترول ببيعه نصف حقل جيسوم الذي كان مملوكا لمصر لشركة كويتية مع مستثمر مصري, كما قام ببيع نصف حقل أبو قير البحري, ومنذ سنوات ببيع ثلث إنتاج الشركة العامة للبترول حتي عام2011 ثم توجه جهوده أخيرا بالتنازل عن نصيب مصر في حقول شمال الإسكندرية وغرب البحر المتوسط للشركاء الاجانب دون أي مقابل, كما رفع سعر شراء الغاز من الشركاء الأجانب. وأوضح المبلغون ان تبديد الغاز الطبيعي بتصديره باسعار زهيدة ادي إلي نقص امدادات الغاز الطبيعي بالسوق المحلية والذي تجلي بوضوح في ازمة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة بانحاء الجمهورية الصيف الماضي, فضلا عن معاناة القطاع الصناعي الذي يواجه نقصا حادا في امدادات الغاز الطبيعي مما دفع المستثمرين إلي المطالبة ان يتم السماح لهم بتدبير احتياجاتهم سواء من الغاز أو المنتجات البترولية عن طريق الاستيراد من الخارج, الامر الذي اجبر المسئولين بقطاع البترول علي الخضوع لشروط كل من شركتي بريتش بتروليم الإنجليزية وار دبليو آية الألمانية بشأن تعديل اتفاقات البحث والإنتاج بحقول شمال الإسكندرية وغرب البحر المتوسط, والتي بموجبها تنازلت مصر نصيبها في الحقول, اصبح كامل إنتاج الحقول من نصيب المستثمرين الأجانب الذين سيقومون ببيع الإنتاج لمصر بسعر4.1 دولار/ وحدة حرارة بريطانية كحد اقصي, في سابقة هي الأولي من نوعها, وهي كارثة أخري بكل المقاييس, فضلا علي ان هذه التعديلات ستفتح الباب لتعديلات مماثلة لبقية الشركاء الأجانب. ويقول الدكتور أيمن جاهين ان الشيء المؤسف هو اساليب الخداع والتضليل التي اتبعت لتمرير تلك التعديلات الكارثية بمجلس الشعب الصيف الماضي وتسويقها علي انها انجاز كبير يحقق لمصر فوائد عظيمة, ففي تقريره الذي استعرضه وزير البترول السابق تحت قبة البرلمان لتمرير تلك التعديلات الكارثية مجلة البترول العدد الثامن2010, ذكر ان سعر شراء الغاز من الشركاء الأجانب في ضوء الاتفاقات القديمة قبل تعديلها كان سيصل إلي نحو10.5 دولار/ وحدة حرارة بريطانية نظرا لعدم وجود سقف سعري, في حين انه في ضوء التعديلات المقترحة فان سعر الشراء من الشريك الأجنبي سيتراوح مابين3 إلي4.1 دولار كحد اقصي نظرا لوجود سقف للاسعار, كذلك اشار التقرير إلي ضعف معدل العائد الذي يحققه الشركاء الأجانب والذي يبلغ نحو5% مما يعوق تنمية الحقول, وان التعديلات المقترحة سوف تتيح للشركاء معدل عائد يبلغ نحو8.6% مما يشجعهم علي تنمية الحقول, كذلك اشار التقرير إلي المزايا المحققة لمصر بشأن تحمل الشركاء لجميع الاستثمارات المطلوبة لتنمية الحقول دون اي استرداد للتكاليف فضلا عن تحملهم لجميع عناصر المخاطرة, وان مصر لن تتحمل اي شيء علي الاطلاق منتهي التضليل. ويوضح جاهين ان الشريك الأجنبي في ظل اتفاقات اقتسام الإنتاج المعمول بها منذ عشرات السنين كان يحصل علي حصة من الإنتاج نحو40% لاسترداد نفقاته ويطلق علي هذه الحصة تحديدا غاز الاسترداد بالإضافة إلي نحو15% من الانتاج كعائد علي استثماراته نظير المخاطر التي تحملها, فما الجديد إذن؟ الجديد أنه تم التنازل عن حصة مصر في الحقول, بل وتم زيادة سعر الشراء من الشريك الأجنبي علي عكس ما يزعمون, هذا هو الجديد وهذه هي الحقيقة التي تم اخفاؤها بكل أسف عن الشعب, كيف يزعمون أن الشريك الأجنبي سيقوم بالإنفاق دون أي استداد للتكاليف, في حين أنه بموجب تلك التعديلات, فقد استولي الشريك الأجنبي علي كامل انتاج الحقول من الغاز بعد أن كان يحصل علي جانب من الانتاج لاسترداد نفقاته. أما بخصوص سعر شراء الغاز من الشركاء الأجانب قبل وبعد التعديلات ومعدل العائد الذي يحققه الشركاء الأجانب, فهذه طرفة في حد ذاتها, لأنها تنطوي علي لغز محير, إذ كيف يؤدي تخفيض سعر شراء الغاز من الشركاء إلي زيادة معدل العائد علي استثماراتهم؟ بعبارة أخري كيف يمكن أن يرتفع معدل العائد الذي يحصل عليه الشركاء بموجب التعديلات الأخيرة من5% إلي8.6% في الوقت الذي تنخفض فيه ايراداتهم المتمثلة في سعر شراء الغاز من الشركاء من10.5% دولار إلي4.1 دولار كحد أقضي! فهذه من العجائب, ومع ذلكفقد هلل السادة نواب الشعب لتلك التعديلات وأشادوا بكفاءة المفاوض المصري في التفريط في نصيب مصر من الحقول! وأضاف جاهين أنه تأكيدا لزيف هذه الادعاءات, فقد أوردت نشرة دولية متخصصة في شئون الغاز حول العالمInternationalGasReport تقريرا عن تلك التعديلات( العدد رقم654 بتاريخ2 أغسطس2010 ص18) ذكرت فيه نقلا عن وود ماكينزي التي تعد أكبر مؤسسة في العالم في مجال بحوث واستشارات الطاقة والتعدين والمعادن, أن هذه التعديلات تمثل تحولا جوهريا عن نظام اقتسام الانتاج المعمول به في مصر, وأن هذه التعديلات سترفع تكلفة انتاج الغاز بالنسبة لمصر, مما سيزيد معه الأعباء, الضغوط المالية علي الحكومة المصرية نظرا للدعم الحكومي الموجه للطاقة. كما أوردت النشرة نقلا عن وود ماكينزي أنه في ضوء هذه التعديلات فإن المستثمر الأجنبي الذي سيحصل علي كامل الانتاج سوف يرتفع معدل العائد الداخلي علي استثماراته من نحو8.2% إلي15.2% وذلك خلافا لما تم زعمه تحت قبة البرلمان, بأن العائد سيكون في حدود8.6% بدلا من5%, الشيء المريب والمؤسف أيضا أنه من واقع التغطية الإعلامية لوقائع تلك الجلسة( مجلة البترول العد الثامن2010) التي شهدت إقرار تلك التعديلات فإنه لم تتم الاشارة إلي التعديل الذي يقضي بتنازل مصر عن حصتها في الحقول وحصول الشريك الأجنبي علي كامل انتاج الحقول من الغاز, في حين أن تلك النقطة تحديدا والخاصة بحصول الشريك الأجنبي علي كامل انتاج الحقول قد تم الاشارة إليها بوضوح في النشرة الدولية للغاز المشار إليها. والسؤال هنا, ألم يكن من الأجدي أن تستغل مصر هذه الظروف وتدخل في مفاوضات لإبرام تعاقدات طويلة الأجل لاستيراد الغاز الطبيعي, وتصرف النظر مؤقتا عن انتاج الغاز خاصة أن معظم احتياطات مصر من الغاز الطبيعي( حوالي81%) تقع في المياه العميقة بالبحر المتوسط ذات التكاليف والمخاطر الباهظة, وأن الأسواق العالمية تشهدا فائضا في امدادات الغاز الطبيعي لسنوات قادمة, وأن توفر هذا الاحتياطي للأجيال القادمة حين تسمح الظروف وقتها باستخراج وانتاج الغاز نتيجة لتغير اقتصاديات انتاجه سواء من حيث انخفاض تكلفة الانتاج نتيجة للتطور التكنولوجي أو ارتفاع قيمته بالأسواق العالمية عن مستوياته المتدنية حاليا, علما بأن أسعار الغاز الطبيعي بالولايات المتحدة تراوحت ما بين ثلاثة إلي أربعة دولارات علي مدار العامين الماضيين. محمد الشاذلي