تقدمت مجموعة من العاملين في قطاعات البترول ببلاغ للنائب العام للتحقيق في مخالفات المهندس سامح فهمي وزير البترول السابق وأرفقوا مع البلاغ ما يثبت الاتهامات. ويقول الدكتور أيمن جاهين خبير اقتصاديات البترول الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية إن تبديد الغاز الطبيعي بتصديره بأسعار زهيدة أدي إلي نقص إمدادات الغاز بالسوق المحلية والذي تجلي بوضوح في أزمة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة بأنحاء الجمهورية الصيف الماضي, فضلا عن معاناة القطاع الصناعي الذي يواجه نقصا حادا في إمدادات الغاز الطبيعي مما دفع المستثمرين إلي المطالبة بأن يتم السماح لهم بتدبير احتياجاتهم سواء من الغاز أو المنتجات البترولية عن طريق الاستيراد من الخارج. وأضاف, أنه تم تسويق تلك الكارثة علي أنها إنجاز يحقق لمصر فوائد عظيمة, ففي تقريره الذي استعرضه وزير البترول السابق تحت قبة البرلمان لتمرير تلك التعديلات الكارثية, ذكر أن سعر شراء الغاز من الشركاء الأجانب في ضوء الاتفاقيات القديمة( قبل تعديلها) كان سيصل إلي نحو5.01 دولار/ وحدة حرارة بريطانية نظرا لعدم وجود سقف سعري, في حين أنه في ضوء التعديلات المقترحة فإن سعر الشراء من الشريك الأجنبي سيتراوح ما بين3 إلي1.4 دولار كحد أقصي. كذلك أشار التقرير إلي ضعف معدل العائد الذي يحققه الشركاء الأجانب والذي يبلغ نحو5% مما يعوق تنمية الحقول, وأن التعديلات المقترحة سوف تتيح للشركاء معدل عائد يبلغ نحو6.8% مما يشجعهم علي تنمية الحقول. خسائر فادحة وأوضح جاهين أن الغاز الطبيعي تم تبديده بأسعار زهيدة واستعاضته باستيراد المازوت والسولار بالمخالفة لبديهيات اقتصاديات الطاقة الأمر الذي تسبب في خسائر فادحة انعكست علي تضخم أرقام الدعم التي يشتكون منها, وأشار إلي نقطتين. النقطة الأولي, وهي الخاصة بالتعديلات التي تمت في بداية عهد الوزير الحالي باتفاقيات البحث والانتاج, حيث تم وضع سقف سعري للغاز الطبيعي( المربوط بأسعار خام خليط خليج السويس)56.2 دولار/ لكل مليون وحدة حرارة بريطانية, وهي التعديلات التي طالما زعموا بأنها إنجاز تاريخي غير مسبوق حققت لمصر وفورات بمليارات الدولارات, وأنها وفورات دائمة ومستمرة وفي ازدياد مطرد وذلك نظرا لقيام مصر بشراء حصة الشريك الأجنبي بسعر56.2 دولار في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الزيت الخام لمستويات قياسية دون أن ينعكس هذا أو يؤثر علي زيادة فاتورة شراء مصر لحصة الشريك الأجنبي من الغاز الطبيعي. المثير في الأمر, أنه كان دائما يتم إرجاع الفضل في إجراء تلك التعديلات التاريخية إلي الرئيس مبارك الذي زعموا بأنه هو الذي بادر وطلب ادخال تلك التعديلات لأنه استشعر أن أسعار الزيت الخام سترتفع في المستقبل! وتساءل كيف يمكن أن تحقق تلك التعديلات وفورات لمصر في ذلك الوقت أوائل الألفية الثالثة بزعم تخفيض فاتورة شراء حصة الشريك الأجنبي في الوقت الذي كانت فيه مشكلة مصر هي عدم قدرتها أصلا علي الاستمرار في شراء حصة الشريك الأجنبي نظرا لأن السوق المحلية في ذلك الوقت لم تكن بالحجم الذي عليه الآن ولم يكن قادرا علي استيعاب انتاج الحقول من الغاز, وكانت مصر مضطرة بموجب نص الأخذ أو الدفع بالاتفاقيات لشراء حصة الشريك وهي في باطن الأرض دون القدرة علي تصريفها في السوق المحلية, الأمر الذي فتح الباب لضرورة التصدير ليقوم الشريك الأجنبي بتصدير حصته, وبذلك تتفادي مصر الالتزام بشراء حصة الشريك الأجنبي في باطن الأرض, بل اتجهت مصر وقتذاك للتصدير. أين اذن الوفر المزعوم؟ الحقيقة المؤلمة, أن الشريك الأجنبي وليس مصر مبارك, هو الذي طلب إدخال تلك التعديلات بوضع سقف لسعر الغاز56.2 دولار حتي يتسني له التصدير بعد إضافة تكاليف الإسالة والنقل بأسعار تنافسية لتلك السائدة بالأسواق العالمية في ذلك الوقت. الغاز والزيت وقال إن الحقيقة المفزعة, أنه طيلة السنوات الماضية قد تم إدخال عدة تعديلات علي اتفاقيات البحث والانتاج. فعندما يتعلق الأمر بتصدير حصة الشريك الأجنبي, يتم وضع سقف لسعر الغاز لايتجاوزه بغض النظر أن أسعار النفط والغاز بالأسواق العالمية مما يترتب عليه حصول الشريك علي كميات غاز إضافية دون وجه حق. أما في حالة قيام مصر بشراء حصة الشريك الاجنبي لحاجة السوق المحلية أو للوفاء بالتزامات التصدير, فيتم تعديل الاتفاقيات بزيادة سعر شراء الغاز( كما حدث أكثر من مرة) بل يتم التنازل عن حصة مصر في الحقول لصالح الشريك الاجنبي كما حدث مؤخرا باتفاقيات البحث والانتاج بحقول شمال الاسكندرية وغرب البحرالمتوسط حيث تنازلت مصر عن حصتها بالكامل لصالح بريتش بتروليم بالاضافة إلي زيادة سعر الشراء من الشريك الطريف, انه في كل مرة يتم فيها ادخال تعديلات علي الاتفاقيات سواء بزيادة السعر أو تخفيضه فانها تتم تحت زعم انها تحقق مكاسب عظيمة لمصر! اما النقطة الثانية فهي الخاصة بتصدير الغاز المسال الي اسبانيا علي الرغم من عدم وجود حقول للشركة الاسبانية في مصر حيث تم تزويد مصنع الاسالة بدمياط من الشبكة القومية للغاز المخصصة للسوق المحلية بمعني أنه لم يكن هناك أصلا سبب واحد لانشاء مصنع الاسالة بدمياط لتصدير الغاز لاسبانيا حيث تم تدبير احتياجات المصنع من الشبكة القومية, وفي النهاية تم التصدير لاسبانيا بدولار واحد ان ملف مصنع الاسالة بدمياط به من العجائب ما يتندر به خبراء صناعة الغاز في العالم وأن كل من شارك في هذه الجريمة يدرك تماما حجم الخسائر الناجمة عنه. غاز المنازل أما علي صعيد مشروعات توصيل الغاز الطبيعي للمدن والمحافظات فان بها من العجائب والكوارث ما يكفي لادراجها بموسوعة جينيس العالمية حيث تم اسناد هذه المشروعات الي شركات خاصة تحت زعم تشجيع الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في الوقت الذي لم يكن فيه اصلا اي قوانين او تشريعات لتنظيم مشروعات الشراكة ولا ادري علي اساس تم تقسيم تورتة الغاز الطبيعي علي الشركات الخاصة فهي لم تتم عن طريق المناقصات فضلا عن ان تلك الشركات لم تكن تمتلك اية خبرات فنية او سابقة اعمال في هذا المجال علاوة علي عدم تحملها الاعباء المالية لتلك المشروعات والتي تحملها قطاع البترول بالكامل بالاضافة الي تكبده العمولات السخية التي جنتها تلك الشركات وكان محصلة هذا ان قامت معظم الشركات باسناد تلك المشروعات من الباطن لشركات توصيل الغاز التابعة لقطاع البترول كغاز مصر وتاون جاز وقام البعض الآخر ببيع منطقة الامتياز التي حصل عليها لشركات أخري وحصد أرباح طائلة وكان الخاسر الوحيد هو قطاع البترول. إن هذا الملف يحتوي علي مفاجآت غير مسبوقة, فعلي سبيل المثال نظرا لأن عقود الشراكة السخية بين قطاع البترول والشركات الخاصة تضمن للشريك الخاص حصوله علي حد أدني للعائد علي استثماراته يبلغ18% فقد قام قطاع البترول ببيع أصل يمتلكه( خط غاز الكريمات بني سويف) لشركة وادي النيل بمبلغ68 مليون جنيه, ثم قام قطاع البترول بإعادة شراء الأصل مرة أخري من الشركة بنفس الثمن بالإضافة إلي العمولات الضخمة التي حصلت عليها الشركة بموجب عقود الشراكة نظرا لأن الشركة أصبحت بموجب هذا التصرف العبقري هي التي قامت بالانفاق الاستثماري, وبالتالي أصبح من حقها الحصول علي العمولات الضخمة المضمونة بنصوص الاتفاقية علي مدي سنوات الاتفاقية العشرين, كذلك قام أحد المحظوظين بتوقيع اتفاقية مع قطاع البترول لتوصيل الغاز الطبيعي لمحطة كهرباء النوبارية بتكلفة استثمارية بلغت نحو88 مليون جنيه, قام باستردادها بالكامل من قطاع البترول, بالإضافة إلي حصوله علي عمولات ضخمة بعشرات الملايين سنويا علي مدي سنوات الاتفاقية العشرين.