هناك وهم اسمه هيبة ضابط الشرطة يجب التخلص منه وإرجاع الأمور إلي أصلها وهو هيبة القانون وسيادته لأن هيبة ضباط الشرطة أو حتي وكلاء النيابة والقضاة والمستشارين مستمدة من قيامهم بالتنفيذ العادل للقانون دون محاباة أو تحيز, بالاضافة الي احترام حقوق الأطراف الأخري سواء متهما أو مجنيا عليه. لقد حدث خلط كبير في السنوات الأخيرة بين هيبة القانون واحترام ضابط الشرطة للدرجة التي لم يعد احد يفرق فيها بين الاثنين أو من منهما الأصل والآخر الفرع, وبعد ثورة25 يناير ومارافقها من جرائم واعتداءات من الشرطة علي المتظاهرين المسالمين, وما أعقبها من هجمات علي أقسام الشرطة ومديريات الأمن والسجون, كان من الطبيعي أن يحاول جهاز الشرطة الدفاع عن هيبته الشخصية التي لايزال متمسكا بها, رغم أن تلك الهيبة الزائفة لم تحمه من هجمات الغاضبين. ولعل مظاهرات ضباط الشرطة الأخيرة وظهور بعضهم في لقاءات تليفزيونية كان محاولة لإظهارهم ضحايا, وذلك لاستعادة ثقة الشعب من أجل عودة جهاز الشرطة الذي لايمكن الاستغناء عنه.وبما أن هناك حاجة لعودة الشرطة لأداء دورها في خدمة الشعب الذي يحتاجها بدوره, فيجب عدم الانزلاق إلي مهاترات الاتهامات بالخيانةأو من الجاني ومن المجني عليه لفتح صفحة جديدة من العلاقات بين الجانبين تكون قائمة علي الاحترام المتبادل بين الشرطة والشعب وتقدير كل منهما لدور الآخر. ولضمان أن تكون هذه الصفحة الجديدة بيضاء فعلا وقائمة علي أساس متين لايهتز مستقبلا أولا يتعين علي جهاز الشرطة تقديم اعتذار واضح للشعب المصري عن سقوط قتلي وجرحي خلال ثورة25 يناير, وكذلك الاعتذار عن أي انتهاكات أو إساءات سابقة عليها. وثانيا: بدء تحقيق قضائي, بعيدا عن وزارة الداخلية في الجرائم ضد المتظاهرين السلميين وتقديم من يثبت تورطهم فيها للمحاكمة سواء وزير الداخلية السابق, أو قيادات الوزارة الحاليين أو السابقين, أو حتي وصولا لمستويات أعلي من قيادات النظام السابق. وثالثا: تفكيك جهاز أمن الدولة الحالي بعدما ثبت أنه جهاز لأمن النظام وليس أمن مصر, وإعادة تشكيل جهاز أمن داخلي جديد من خيرة ضباط الشرطة الشرفاء غير الملوثين بدماء الشهداء أو الفساد, علي أن يتشكل هذا الجهاز بمفهوم جديد قائم علي حماية أمن مصر علي أسس من القانون العادل واحترام حقوق الإنسان قولا وفعلا. ورابعا: تغيير شامل لطاقم التدريس في أكاديمية الشرطة, أو إعادة تأهيل العناصر الجيدة منهم وفقا لمفاهيم سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان, والتأكيد علي ان الشعب هو سيد هذه البلاد طالما أنه لم يخالف أي قانون. والخلاصة أن الشرطة ستكتسب ثقة واحترام الشعب طالما أنها تحترمه فعلا وفي خدمته وفقا لشعارها القديم الجديد الشرطة في خدمة الشعب, ولكن المطلبين الأول والثاني ضروريان في هذه المرحلة كبداية لفتح الصفحة الجديدة من أجل مصر وجميع المصريين من الشرطة والمواطنين.