(قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك علي كل شيء قدير). في يوم13 فبراير وقبل اجتماع مجلس وزر اء حكومة تصريف الأعمال المصرية برئاسة الفريق أحمد شفيق, تم رفع صورة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك,الذي ظل يحكم مصر وجاثما علي صدور وأنفاس المصريين30 عاما,ووضع مكانها لوحة الله جل جلاله. عندما شاهدت هذه اللقطة علي الفضائيات قلت: سبحان الله, هذه نهاية كل حاكم فاسد, لم يتذكر يوما أن الملك لله سبحانه وتعالي,وأنه لم يكن يوما يعمل بكلام الله, الذي يؤتي الملك من يشاء, وينزعه ممن يشاء,أو أنه كان يعلم, ولكنه أغمض العين, وأصم الآذان, فأحب السلطة وسعي لها, وعمل علي استمرارها في يده, ولولي عهده من بعده, ونسي أنه ليس بملك,وأن الشعب المصري لا يورث, وليست مصر تركة ورثها هو ليورثها لأسرته, التي بغت وعاست في البلاد فسادا. لم يكفهم أنهم عاشوا كما يعيش الملوك في يدهم السلطة التي اشتروا بها كل شيء,حتي تعاظمت أملاكهم وثرواتهم, التي فاقت ثروات كبري العائلات المالكة,ولو أنهم كونوها, من تجارة أو عمل مشروع ما حسدناهم عليها, ولكنهم كونونها بطرق غير مشروعة, فسنوا بين دعائم الحكم في مصر طوال مدة ولايات مبارك,سنة الإثراء غير المشروع علي حساب إفقار المصريين, ونهب ثروات مصر وتبديدها. حتي أصبح كل المسئولين المصريين يضربون علي دف الثروة والسلطة,حتي غدت المباركية نهج حكم ناهب طارد, مستبد, وتم في ثلاثة عقود زرع هذا النهج في جسد الإدارة المصرية, حتي صار شعارا رفعه كل وزير ومسئول في مصرنا, التي بليت بهذا الحاكم الذي لم يراع ابدا مصلحة شعبه,وخاصة بعد أن انحرف عن سيرة بداياته, التي توقعنا أن تنقل البلاد إلي عهد الديمقراطية الحقة, والنمو والرخاء, الذي كان قد وضع له البدايات الرئيس الراحل أنور السادات. وأنا شاهد علي تلك البدايات,لأنني من جيل عاصر حكم ناصروتشبعت أيامه يأماني القومية والتحرر والوحدة العربية, وتلمست انفراجة الرخاء وعشت أيام الانتصار في عهد السادات, وحلمت بديمقراطية ورخاء وعدالة اجتماعية أوسع مع بداية حكم مبارك, وللحقيقة فقد بدأ الرجل عهده بداية كانت مبشرة, عندما أفرج عن المعتقلين من كافة ألوان الطيف السياسي المصري, الذين اعتقلهم السادات في خريف سبتمبر الغاضب,ووعد مبارك بإصلاحات ديمقراطية حقيقية, وما زلت أتذكر كلماته في خطبه الأولي, عندما قال أنه لن يحكم أكثر من ولايتين, وأن الكفن ليس له جيوب. ولكن لعن الله تلك البطانة الفاسدة, وذلك الإعلام المفسد المضلل, الذي حول الحاكم إلي زعيم, بل أله, كاد الإعلاميون صحافة وتليفزيون أن يعبدونه من دون الله سبحانه وتعالي, فسوقوه للناس علي أنه الأول والآخر, هو بطل أكتوبر, هو الحكيم والخبير, في يده الحل والعقد, لاحياة لمصر أو المصريين بدونه, إن غاب عنهم غابت شمسهم, وراحوا يقيمون له قداس النصر في كل مناسبة يتغنون بمناقبه, فركبته العظمة, وأصبح مجنونا بها, ومن حوله بطانة فاسدة, زينت له الباطل,وأحكمت خطتها لتحويل مصر من جمهورية إلي ملكية حتي وإن كان ذلك تحت مسمي الجمهورية. وقد وجد ذلك هوي عند مبارك وأسرته, ودعمته أميركا وإسرائيل وكافة القوي الغربية التي وجدت في بقاء نظامه أهم ضمانة لسياساتهم وأمن الحليفة إسرائيل حتي ولوكان ذلك علي حساب أمن المصريين أنفسهم, وعلي حساب كل القيم والمباديء التي قامت من أجلها ثورة23 يوليو,التي محاها مبارك بأطماعه وأطماع أتباعه, الذين عاشوا في ظله وتحولوا إلي سوس ينخر في عظام مصر كلها. نسي كل هؤلاء أن مصر كنانة الله, وأن في مصر طاقة إبداع خلاقة, ومارد لم يضعونه في حساباتهم وهم الشباب الذين اغتالوا أحلامهم,ونسوا الله فأنساهم أنفسهم,حتي هب الشاب,وأسقطوه, وتحقق وعد الله جل جلاله, واختفت صورة مبارك.