القرار الحاسم الذي أصدره الرئيس حسني مبارك بحظر بيع الفنادق سواء تاريخية أو غير تاريخيه لقي ارتياحا من مختلف الأوساط باعتباره قرارا يضمن عدم التفريط في هذه الثروة. فالبيع ليس حلا مع وجود بدائل أخري, وكذلك فإن الغلق ليس حلا.. فما هي الصورة المتوقعة بعد هذا القرار؟ طرحنا السؤال علي رئيس مجلس ادارة الشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما علي عبدالعزيز والذي أوضح في البداية أن هناك ثلاثة فنادق تم بيعها بشكل كامل هي شيراتون القاهرة وميريديان القاهرة وشيراتون الغردقة.. وكانت البداية بفندق ميريديان القاهرة الذي تبلغ مساحته22 ألف متر وتم بيعه في أول اغسطس1990 مقابل70 مليون دولار وكان ذلك نظرا لعدم وجود موارد مالية يمكن ضخها لتحديث وتطوير الفندق بحيث يكون قادرا علي منافسة الفنادق العالمية الكبري وبالتالي كان القرار بالبيع في ذلك الوقت وفي سنة1992 تم بيع شيراتون الغردقة(88 فدانا) مقابل15 مليون دولار.. ولنفس السبب فكلا الفندقين تم بيعهما لمستثمر سعودي واحد.. أما الفندق الثالث وهو شيراتون القاهرة فقد تم بيعه لشركة استثمارات ليبية مقابل47 مليون دولار سنة..1996 إلا أن هذا الفندق لا توجد به أي مشكلات علي الإطلاق بل بالعكس تم تطويره وتحديثه.. أما الأمر المؤسف فهو ما حدث لفندق شيراتون الغردقة حيث تم اغلاقه تماما منذ18 عاما وكذلك تم إغلاق ميريديان القاهرة منذ سنة2003 أي منذ ما يزيد علي7 سنوات.. وللأسف تحول كل منهما إلي خرابة دون وجود سبب منطقي لهذا الاغلاق سوي ما يتردد من قبل المستثمر السعودي( المشتري) بأنه يرغب في بيع ميريديان القاهرة مقابل ما يزيد علي مليار دولار!! وإن كان هذا لم يحدث وسواء اتفقنا أو اختلفنا حول هذه الصفقة فنحن نقول ليته بالفعل قام بالبيع لصالح جهة متخصصة لديها الفهم والوعي الكامل في مجال التطوير والتحديث للفنادق حتي يمكن ضخ الحياة مرة أخري إلي شرايين هذا الفندق الذي يحتل مساحة وموقعا ليس له مثيل والمطل علي نيل القاهرة الساحر.. خسائر الإغلاق * هنا نعود لنسأل ماذا ستقول لغة الأرقام لو قمنا بترجمة هذا الواقع المرير لها؟ { يجيب علي عبدالعزيز قائلا إن هذا الوضع قد أضاع علي الدولة خلال هذه السنوات من الاغلاق ما يزيد علي3 مليارات دولار.. ناهيك عن فرص العمل والتشغيل. ولابد أن يتبادر إلي الذهن سؤال ملح أين كان دور الجهات المسئولة والمختصة طوال هذه السنوات.. ولماذا لم يتم اتخاذ موقف حازم تجاه هذا العبث وانتظرنا18 عاما لنبدأ الآن في التحرك الايجابي؟ الإجابة تأتي علي لسان رئيس الشركة القابضة للسياحة والفنادق مؤكدا أنه كانت هناك جهود متواصلة بالفعل واجتماعات مستمرة مع السفير السعودي ووزير الاستثمار أكدنا خلالها الرغبة في حماية الاستثمار السعودي علي أرض مصر واستعدادنا الكامل للمساعدة في هذا الصدد وضرورة أن يكون هناك تحرك ايجابي في اتجاه تشغيل الفندقين.. ولكن كل هذه الجهود لم تسفر عن نتائج ايجابية ملموسة.. ففي كل اجتماع يتم تقديم مخططات للتطوير ولكن أرض الواقع لا تشهد شيئا!! وفي24 أكتوبر2009 تم توقيع بروتوكول مع المستثمر السعودي يقضي بضرورة اتخاذ اجراءات جادة نحو الانتهاء من تطوير فندق ميريديان القاهرة واعادة تشغيله مرة أخري خلال فترة زمنية أقصاها5 سنوات وكان تحديد هذه الفترة بناء علي طلب المستثمر نفسه كما قام المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة والقائم بأعمال وزير الاستثمار حاليا بتشكيل لجنة قانونية لبحث مشكلة شيراتون الغردقة وتقديم تقرير له عما ستصدره هذه اللجنة.. وان كان المدي الزمني المحدد للمستثمر أيضا للإنتهاء من تطويره واعادة تشغيله هو عامان. * وبالقطع هنا لابد لنا أن نبادر بالسؤال فمن المعروف أن فندق فلسطينبالإسكندرية كان قد تم بناؤه في سنة1964 خلال5 شهور فقط دون أن يكون هناك أي أساس مسبق لهذا البناء.. فكيف نوافق علي خمس سنوات لاعادة تشغيل فندق قائم بالفعل.. ألا يعد ذلك تكرارا متعمدا لمسلسل المراوغات من قبل المستثمر السعودي.. وما هو الدور الرقابي الذي يمكن القيام به في حالة المخالفة؟! { وهنا يجيب علي عبدالعزيز قائلا إننا لم نرغب في القيام بدور المتعنت مع المستثمر وبالتالي تمت الموافقة علي هذه المهلة.. وبالفعل قد تم تسليم فندق فلسطين خلال هذه الفترة الزمنية المشار إليهاTurnkey أي تسليم مفتاح.. وقد تمسكنا بحقنا. في المتابعة والرقابة المستمرة طوال هذه الفترة علي الرغم من أن المستثمر السعودي يرفض هذه الأحقية في المتابعة من جانبنا.. وبالفعل فقد اتخذنا خطوات ايجابية في هذا الصدد أسفرت عن عدم وجود أية إجراءات في اتجاه إعادة التشغيل مرة أخري للفندق علي الرغم أيضا من أن الشركة السعودية كانت قد تقدمت بخطة تتضمن الانتهاء من أعمال التطوير وإعادة التشغيل خلال18 شهرا.. إلا أننا نتوقع الا تقل المدة عن24 شهرا وعلي أي الأحوال فالحد الأقصي هو5 سنوات.. ونحن نؤكد أحقيتنا في التفتيش والمراقبة بشكل دوري قد يكون شهريا من خلال لجنة قامت الشركة القابضة للسياحة والفنادق بتشكيلها وفي حالة اكتشاف المخالفة فستكون تلك هي الطامة الكبري ولكن لكل حدث حديث.. * وهنا نتوقف لنتساءل ماذا يعني ذلك؟ { تأتي الإجابة علي لسان علي عبد العزيز قائلا إن وزارة السياحة لديها آلياتها وأدواتها فهي تبدأ بتوجيه ثلاثة إنذارات وإذا لم تتم الاستجابة( بناء علي التقارير التي تقدمها اللجنة) فسوف يكون لديها الحق في سحب ترخيص تشغيل الفندق وتخفيض درجة منه.. الاستثمار الفندقي * بعد هذه التجربة المثيرة للجدل.. ما هي الدروس المستفادة منها؟ { يجيب: قبل الحديث عن الدروس المستفادة فلنتحدث أولا عن الوجه المضئ للاستثمار الفندقي وهو الشق الذي يجب أن نقفله فالصورة ليست قاتمة بالقطع فهناك علي سبيل المثال سيتي ستارز وفير مونت نايل سيتي والفور سيزونز ونايل بلازا وشيراتون القاهرة, حيث يتم تجديده وهو يعمل بكامل طاقته.. كذلك فقد قمنا ببيع أرض سيدي عبد الرحمن في مزايدة أرسيت علي شركة إعمار دبي مقابل مليار و200 مليون جنيه وقام المستثمر بضخ15 مليار جنيه في المرحلة الأولي وتم الانتهاء منها.. وكذلك أرض بولاق تم بيعها لشركة ديار القطرية وهي نماذج ناجحة ومشهود لها باتخاذها خطوات جادة وملموسة نحو التنمية السياحية الحقيقية علي أرض مصر.. أما إذا عدنا الي الحديث عن الدروس المستفادة فهي بداية تعبر عن نفسها في صورة قرار حاسم وقاطع اتخذه سيادة الرئيس حسني مبارك بعدم بيع أي فندق سواء تاريخيا أو غير تاريخي علي الإطلاق.. وبالفعل فقد كنا علي وشك القيام ببيع فندق نايل هيلتون إلا أننا أوقفنا صفقة البيع قبل اتمامها و تسلمته شركة رينز كارلتون وهي من أفخر شركات الفنادق العالمية لإدارته ونقوم نحن بتمويل تجديده بمبلغ قيمته140 مليون دولار وسوف يتم افتتاحه في يوليو سنة2012, فالتجربة أثبتت أنه كان من الأجدي أن نبقي علي هذه الفنادق التي تم بيعها مع تزويد طاقتها وأن تظل ملكا للدولة ويتم تجديدها وتطويرها فإن العائد منها سريع للغاية.. وهو ما قمنا به بالفعل حيث تم رصد مبلغ قدره3.5 مليار جنيه لتجديد الفنادق الحالية من أسوان الي الإسكندرية.. وتم انفاق2 مليار جنيه حتي الآن والمبلغ المتبقي هو مليار ونصف مليار جنيه.. والوضع الأفضل أن نظل نحن الملاك للفنادق مع تسليمها لشركات أجنبية تقوم بإدارتها معنا علي أن تكون شركات عالمية متخصصة في إدارة الفنادق وهي تحصل علي حصة من الدخل وفقا للتعاقد معها.. وهو ما سيحدث بالفعل مع فندق شبرد حيث سوف يتم إغلاقه اعتبارا من أول يوليو سنة2011 لمدة تتراوح ما بين18 24 شهرا لتطويره وتحديث بتكلفة قدرها60 مليون دولار, وكذلك الحال مع فندق كتراكت في أسوان حيث تم إغلاقه في أبريل الماضي ليتم تطويره خلال24 شهرا.. وهو الأمر نفسه الذي سوف يتبع مع فندق مينا هاوس أو بروي وميريديان دهب ووينتر بالاس والأقصر بالأقصر.. وغيرها من الفنادق التي تم أو سوف يتم الآن تطويرها باستثمارات حكومية تم رصدها بهدف تحقيق طفرة في أدائها الفندقي تنافس بها الفنادق العالمية مع إسنادها لشركات أجنبية تدعم تحقيق هذا الهدف.. أما الأراضي فيتم منحها لشركات جادة لديها القدرة علي التطوير وضخ أموال خارجية دون الاعتماد علي القروض المحلية.. الطاقة الفندقية * وبعيدا عن الاستثمارات والحديث عن التطوير والتحديث.. هل الطاقة الفندقية في مصر كافية أم أنها في حاجة الي مزيد من الإضافة والتدعيم؟ { يرد رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما قائلا إن الطاقة الفندقية تحتاج الي مضاعفتها بالفعل حيث تحتاج في القاهرة الي ما يقرب من10 آلاف غرفة فندقية كما أننا نحتاج الي دعم الطاقة الفندقية في الصعيد وهو ما نتخذ إجراءات بصدده الآن حيث يتم انشاء فندق في البلينا في سوهاج.. ولا شك أننا لن نتردد في اغتنام أي فرصة يمكن لقطاع الأعمال العام أن يستثمر فيها وفقا للجدوي الاقتصادية للمشروع فهناك علي سبيل المثال مشروع شراكة للبناء مع مستثمر عربي في محافظة الأقصر.. وأخيرا طالب رجال الأعمال العرب في مؤتمرهم المنعقد منذ فترة وجيزة في مصر بفتح أبواب الاستثمار لهم في مجال السياحة, وبالقطع نحن نرحب بهم فالمشروعات ستظل في أيدينا ولن ينفرد المستثمر بطبيعة الحال بالعوائد وحده.. ومناطقنا السياحية جميعها استراتيجية وهي جاذبة وعلي استعداد لإقامة تنمية سياحية واعدة علي أرضها..