كفان ممسكان ببعضهما, يعني الوحدة, وكف واحد, يعني الانفصال, تلك هي رموز التصويت في بطاقة الانفصال تفصلنا ساعات عن ولادة جديدة في قلب افريقيا, مع تأكيد السودانيين الجنوبيين علي توجههم للتصويت للانفصال, إلا أن هناك العديد من الأمور التي لم تحسم بعد بين الشمال والجنوب, إذن فالانفصال لن يحقق استقرارا إذا ظل هناك خلاف قائم, مما يجعلنا نسلم أن الانفصال لن يؤتي ثماره إلا بالتعايش السلمي بين الجانبين, طالما فشلا في التعايش كدولة واحدة. لقد عاش جنوب السودان يحلم بدولته الخاصة, وكانت الأسباب التي يرتكز عليها الخلاف الجذري في مكوناته الدينية والقيم الاجتماعية والعادات والتقاليد عنها في شمال السودان. واذا نظرنا للانفصال بوصفه الحل للصراع والاختلاف بين الشمال والجنوب, فالجنوب يوجد به العديد من القبائل المختلفة في القيم والعادات والدين, والتي يندلع بينها الصراع بين الحين والآخر, خصوصا بين فروع قبيلتي الدينكا والنويروالتي تقع بينهما اشتباكات بفعل القتال علي المراعي, وقد حدثت تلك الاشتباكات في سبع ولايات من الجنوب من اصل عشر ولايات, كذلك تشكو قبائل جنوبية من هيمنة الدينكا علي المؤسسات الحكومية والتي ينتمي اليها رئيس الحكومة سيلفاكير, وبذلك قد يواجه الجنوب عنفا قبليا بشكل أكبر مما هو عليه الآن. لن تقتصر التحديات الأمنية التي تواجه السودان حال انفصال الجنوب علي هذا فحسب, فعلي رأس هذه التحديات أيضا, النزاع القائم علي منطقة أبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها حاليا فقد كانت نقطة خلاف دائمة في المفاوضات بين الحركة الشعبية التي تطالب بضمها إلي ولاية بحر الغزال والمؤتمر الوطني الذي يري أنها تابعة لولاية جنوب كردفان الشمالية, هذا بالاضافة الي مسألة ترسيم حدود هذه المنطقة والتي لم تحسم بعد. ثمة قضايا أخري ستظهر حال الانفصال والتي نص عليها قانون الاستفتاء: الجنسية, العملة, الخدمة العامة, الوحدات المدمجة والأمن الوطني والمخابرات, الاتفاقيات والمعاهدات الدولية, الأصول والديون, حقول النفط وإنتاجه وتصديره, العقود والبيئة في حقول النفط, المياه, الملكية, فكل هذه القضايا لابد من الاتفاق عليها حتي لا تهدد هي الأخري أمن الشمال والجنوب. ومن المؤكد أن الانفصال سوف يؤدي الي تداعيات اقتصادية أيضا من اهمها حرمان الشمال من عائدات بترول الجنوب, والتي تبلغ قيمتها بصورة عامة60% من موازنة السودان, وان الانفصال. يعني خروج اكثر من نصف هذه النسبة من الموازنة العامة بعد.2011 هناك العديد من المقترحات التي طرحت من أجل معالجة المخاطر المتوقعة من الانفصال من اكثر هذه المقترحات قربا للواقع تطبيق نظام كونفدرالي حيث يعتبر الاتحاد الكونفدرالي تجمع مجموعة من الدول المستقلة تفوض بموجب اتفاق مسبق بعض الصلاحيات لهيئة أو هيئات مشتركة لتنسيق سياساتها, وبذلك يتحقق حلم الجنوب في تأسيس دولة كاملة الصلاحيات وتربطها بالشمال علاقة رأسية لا تمس كافة شئونها, وأيضا يعطي للجنوب الحق الكامل في تقرير المصير, ويحمي مصالح الطرفين والتي تربطهم ببعضهم البعض, وبذلك يكون السودان اتحادا بين الشمال والجنوب, مع احتفاظ كل دولة منهما بالحق في ممارسة السياسة الخارجية اوالتمثيل الدبلوماسي الفعلي, كذلك سيصبح لكل دولة رئيسها واذا مارس أي من الطرفين خرقا للقانون الدولي يتحمل نتائجه وحده, كذلك يعطي الاتحاد الكونفدرالي حقا لكل دولة عضو في الاتحاد الانسحاب متي شاءت لكونها دولة مستقلة, وبذلك تصبح علاقة الشمال بالجنوب علاقة رأس برأس وليس علاقة رأس باطراف مهمشة.