«القومي للطفولة» يستعرض جهود حماية الصغار من العنف والتحرش    سؤال في النواب لاتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة ظاهرة الردش ومخلفات البناء    تباين أسعار الخضار والفاكهة اليوم الأربعاء 24 ديسمبر 2025    وزير الداخلية التركي يعلن مقتل جميع ركاب طائرة رئيس الأركان الليبي    مد غزة بمساعدات غذائية وطبية وشتوية ضمن قوافل زاد العزة ل 101    كأس أمم أفريقيا 2025، الجزائر والسودان في مواجهة عربية صعبة    أمم إفريقيا - لاعب الجزائر: لا نريد الحديث عن النسختين الماضيتين.. ومحرز سيتجاوز الانتقادات    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 24 ديسمبر والقنوات الناقلة    منتخب كوت ديفوار يفتتح مشوار الدفاع عن لقب كأس أمم إفريقيا 2025 أمام موزمبيق    الأرصاد: انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة الساعات المقبلة    27 ديسمبر أولى جلسات محاكمة سائق ميكروباص في واقعة دهس شاب بالزاوية    كان مأهولًا بالسكان| انهيار عقار مكون من 4 طوابق بمنطقة إمبابة بالجيزة    بسبب الإقبال الشديد.. مقاعد طوارئ بقطارات «الثالثة المكيفة»    وزير التعليم: خطة شاملة لتطوير التعليم الفني وإدخال البرمجة والتابلت بالمدارس    حماية المستهلك بالأقصر تقود حملة رقابية تضبط صاحب معرض أجهزة بدون مستندات    تشييع جثمان طارق الأمير من مسجد الرحمن الرحيم.. اليوم    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    دعم الأمن والاستقرار بالمنطقة    «السخيري»: الفوز الافتتاحي كان ضروريًا.. والهدف المئوي يحمل قيمة خاصة    سعر الدولار اليوم الأربعاء 24 ديسمبر 2025    «الإحصاء»: تسجيل 259697 حالة طلاق خلال عام 2024    بزيادة 27% عن 2025| تركيا تقرر رفع الحد الأدنى للأجور الشهرية    نموذج لشراكة الدولة والمجتمع المدنى    نقيب العلوم الصحية: خبراء الأشعة المصريون فى ألمانيا «أون لاين»    وزير الري: مياه النيل قضية أمن قومي ولن نفرط في قطرة مياه واحدة    وزير العمل: صرف 200 ألف جنيه لأسرة المتوفى و20 ألفًا للمصاب بحادث طريق الواحات    السفارات المصرية في 18 دولة تفتح أبوابها لاستقبال الناخبين في انتخابات مجلس النواب    رئيس دولة التلاوة    محمد إمام يكشف كواليس مشهد عرضه للخطر في «الكينج»    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع الاتحاد الرياضي للجامعات بحضور صبحي    طريقة عمل شوربة العدس الأحمر بجوز الهند والزنجبيل    حماية بكرامة    بدون أدوية| كيف تقلل مدة نزلات البرد؟    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    بعد قليل، الجنايات تواصل سماع المرافعات في قضية سارة خليفة و27 متهمين آخرين    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 24ديسمبر 2025 فى المنيا....اعرف مواقيت صلاتك بدقه    أسعار الأسمنت اليوم الأربعاء في محافظة الغربية    بو نجاح: مواجهة السودان صعبة.. ومن الجماهير المطالبة بالتتويج بالكأس    تايلاند تحدد شروطا قبل بدء محادثات الأمانة العامة للجنة الحدود مع كمبوديا اليوم    زفاف جيجي حديد وبرادلي كوبر في 2026    أسعار الذهب تواصل الارتفاع في بداية تعاملات الأربعاء 24 ديسمبر    أمريكا وإيران تتبادلان الانتقادات في الأمم المتحدة بشأن المحادثات النووية    8.46 مليار مشاهدة في أسبوع، رقم قياسي جديد لمسلسل Stranger Things 5    تنسيق مصري إماراتي لإطلاق برامج شبابية مشتركة وماراثون زايد الخيري في مصر    شقيقة ميسي تتعرض لحادث سير خطير في الولايات المتحدة    قناة ON تستعد لعرض مسلسل «قسمة العدل»    تفجير جديد يهز العاصمة الروسية موسكو.. وشرطيان فى حالة حرجة    بوتين يرفض أى خطط لتقسيم سوريا والانتهاكات الإسرائيلية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 24 ديسمبر    فيديو | «ربنا كتبلي عمر جديد».. ناجية من عقار إمبابة المنهار تروي لحظات الرعب    الصحة: نجاح عملية استبدال صمام قلب لمسن فوق 90 عاما بمبرة مصر القديمة    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    ارتفاع حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال على غزة إلى 70،942 شهيدًا و171،195 مصابًا    رئيس شعبة المصورين: ما حدث في جنازة سمية الألفي إساءة إنسانية    فايزر تحقق في حادث خلال تجربة علاج جديد لمرضى سيولة الدم    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأملات في الشأن السوداني
الانفصال بشرف
نشر في الأخبار يوم 29 - 11 - 2010

قديماً كان يوجد فريق كرة قدم كثير الهزائم، وكان دائماً ما يخسر البطولات والمنافسات، وفي كل مرة يتعرض فيها لهزيمة يقول الصحافيون الموالون له إن فريقهم انهزم بشرف. ولم أدرك وقتها معني شرف الهزيمة، ولكن عندما سمعت أحد المحللين السياسيين السودانيين يتحدث عن الانفصال بشرف تذكرت قصة الهزيمة بشرف، وحاولت الربط بينهما، وكان المتحدث يعني بذلك أن تكون نتيجة استفتاء تقرير مصير جنوب السودان مائلة إلي الانفصال بدرجة معقولة، كأن يختار 60٪ من الجنوبيين الانفصال، بينما يصوت 40٪ لخيار الوحدة. ورغم أن هذا التوصيف قرب إلي المثال، وسهل من الربط بينه وبين القول القديم (الهزيمة بشرف) إلا أن الواقع الذي نعيشه اليوم، والحال الذي آلت إليه أوضاعنا في السودان، والملامح التي بانت من بدايات عملية التسجيل للاستفتاء لا توحي بأن يكون الانفصال بشرف علي هذا النحو الذي ذكر.
لا أستطيع أن أقطع بأن الحركة الشعبية كانت تضمر الانفصال قبل وقت بعيد، ولا أستبعد أن تكون الأحاديث الانفصالية في وقت سابق كانت مجرد كروت ضغط تريد الحركة أن تجني من ورائها أكثر ثمار ممكنة. ومثل هذه السياسة معروفة في فقه الأحزاب، ولقد أدمنت الحركة الشعبية ممارستها، ولقد حققت عبرها مكاسب عديدة، ولعل بعض ما تحقق للحركة الشعبية ولجنوب السودان عموماً في اتفاقية نيفاشا يعود لمثل هذه السياسة التي كانت تلجأ إليها الحركة الشعبية، مستغلة حرص الحكومة وحزبها المؤتمر الوطني علي تحقيق السلام في البلاد. ولكن الآن الأمر قد خرج من يد الحركة الشعبية، فالتعبئة المكثفة التي استخدمتها لحشد تأييد الجنوبيين وانحيازهم لخيار الانفصال، جعلت من التصويت للانفصال موقفاً وطنياً. والجنوبيون لم يعودوا يسمون الانفصال باسمه الذي ورد في كتاب اتفاقية السلام، ولكنه عندهم (استقلال) ولا يوجد أحد في الدنيا يمكن أن يصوت لغير الاستقلال. ولو عدنا لما جري في السودان في منتصف خمسينيات القرن الماضي، لوجدنا المثال واضحاً. فالاتحاديون كانوا يدعون لاستمرار الوحدة مع مصر، ولكن عندما وضع الاتحاد مع مصر في مواجهة استقلال البلاد، قاد الاتحاديون استقلال السودان، ورفع علم الاستقلال زعيم الاتحاديين الرئيس الراحل إسماعيل الأزهري. وبقي قيادة استقلال السودان هو أكبر انجاز للحركة الاتحادية السودانية.
وذات الشيء يحدث الآن بالنسبة للجنوب بعد أن سوقت الحركة لما تسميه استقلال الجنوب والذي تعني به التصويت لخيار الانفصال في صناديق استفتاء تقرير مصير جنوب السودان. فيصعب علي أي جنوبي أن يصوت لغير الانفصال الذي أوهمه إعلام الحركة الشعبية أنه استقلال وليس انفصال. ونتيجة لهذا الحشد الاعلامي السالب، فليس من المتوقع أن تكون هزيمة الوحدة بشرف، ولن تكون النسب متقاربة بين الوحدة والانفصال. ويكفي أن الذين سجلوا للاستفتاء من الجنوبيين الذين يعيشون في شمال السودان حتي لحظة كتابة هذا المقال مساء الأحد 82/11/0102م لم يبلغوا الخمسين ألف شخص، وذلك من نحو أكثر من مليوني مواطن من جنوب السودان يعيشون في شمال البلاد. وهذا الامتناع تم بتحريض من الحركة الشعبية التي لا تريد للجنوبيين في الشمال أن يشاركوا في الاستفتاء لأنها لا تضمن التزامهم بأمرها، وانصياعهم لتوجيهاتها. فإذا كان نفوذ الحركة الشعبية بهذه القوة في الشمال، فهو قطعاً أقوي في الجنوب، حيث لا يتوقع أن يصوت عدد يذكر للوحدة. وإن لم يكن ذلك قناعة بالانفصال، فسيكون خوفاً من سلطان الحركة الشعبية وجيشها. فالانفصال بشرف لن يكون متاحاً، ولنبحث عن الانفصال الآمن.
وكما ذكرت في مقال سابق أن الانفصال الذي دعونا وسعينا لتجنيب البلاد مخاطره، وصار بما تيسر له هو الأقرب، لم يأت من فراغ، وهو خيار دستوري وضعته الاتفاقية خياراً بديلاً للوحدة، إذا لم يرتضها الجنوبيون ليكون سبباً لاستدامة حالة السلام التي أوجدتها اتفاقية نيفاشا. ولذلك فإن أي خيار ينتج عن الاستفتاء يجب أن يحافظ علي السلام. وأية محاولة للالتفاف علي أي خيار، أو فرضه بغير منطق فإنه يعرض حالة السلام للخطر. ولقد رصد المؤتمر الوطني مجموعة من الخروق التي أحدثتها الحركة في عملية التسجيل. ومثل هذه الخروق تهدد السلام، كما يهدده الافراط في التفاؤل.
ورغم أن سعادتي بالوحدة إذا قدر الله لها أن تتعزز بالاستفتاء ستكون بلا حدود، مثلها مثل شقائي بالانفصال إذا صار، لكنني أتوقع في مثل هذه التعبئة غير المتوازنة أن تقوم ثورة كبري وسط الجنوبيين في جنوب البلاد إذا أسفرت نتيجة التصويت عن غلبة الوحدويين. ولأن هذا الخيار خيار الوحدة يبقي وارداً ولو بنسبة ضئيلة، فمن الأفضل التوازن في التعبئة الاعلامي فيما تبقي من زمن حتي نهييء الناس لقبول أية نتيجة ينتج عنها الاستفتاء، وحدة أو انفصال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.