ظهرت الآن، نتيجة تنسيق المرحلة الثانية، لينك موقع التنسيق الرسمي    تعرف على ضوابط الإعلان عن الفائزين بانتخابات الشيوخ وهذه شروط الإعادة    الأعلى للإعلام: 20 ترخيصا جديدا لمواقع وتطبيقات إلكترونية    بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، "الحجر الزراعي" يطلق سلسلة تدريبات لتعزيز قدرات الفاحصين    يرتفع الآن.. سعر اليورو مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025 في البنوك    الماكريل ب220 جنيهًا.. أسعار الأسماك بسوق العبور اليوم الثلاثاء    وزير الإنتاج الحربي وسفير الهند بالقاهرة يبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك    تفاصيل وقف العمل الميدانى لعمال النظافة أوقات الذروة بالموجة الحارة    يديعوت أحرونوت تكشف عن الشخص المرشح ليكون حاكم غزة    ترامب ينشر الحرس الوطني ل «إنقاذ» واشنطن.. وهيومن رايتس ووتش تنتقد (تفاصيل)    وزير التعليم العالي ينعى على المصيلحي: «كان قامة وطنية بارزة»    "زاد العزة" تواصل إدخال المساعدات المصرية إلى القطاع رغم العراقيل    أكاديمية الشرطة تنظم دورة تدريبية لطالبات كلية الشرطة للتدريب على فحص وثائق السفر    أكثر الفرق تتويجًا باللقب، أرقام بايرن ميونخ في السوبر الألماني    ضبط 3 أشخاص لقيامهم بأعمال الحفر والتنقيب عن الآثار ببولاق أبو العلا    «الداخلية»: ضبط 358 قضية مخدرات و258 سلاح ناري وتنفيذ 83 ألف حكم خلال 24 ساعة    ضبط (7) أطنان دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    معتز التوني يستضيف هشام ماجد في أحدث حلقات "فضفضت أوي"    استمرار مسلسل "Harry Potter" الجديد لمدة 10 سنوات    «جربت الجوع سنين».. عباس أبوالحسن يهاجم محمد رمضان بعد صورته مع لارا ترامب    تعرف على شخصيات أبطال فيلم درويش وطبيعة أدوارهم قبل طرحه فى السينمات    صحة الدقهلية تختتم الدورة الأولى لإعادة تدريب فرق مكافحة العدوى بالمستشفيات    تحرير (131) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    محمد الشناوي يوضح موقفه من الرحيل وحقيقة مفاوضات الزمالك وبيراميدز    وزير الري يستقبل سفراء مصر الجدد في جنوب السودان وكينيا ورواندا    ارتفاع التفاح.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    انخفاض أسعار 4 عملات عربية خلال تعاملات اليوم    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    الأرصاد: استمرار الأجواء شديدة الحرارة وتحذير من اضطراب الملاحة البحرية    غرق سيدة وصغير في نهر النيل بسوهاج    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    منتخب الناشئين يواجه الدنمارك في مباراة قوية ب مونديال اليد    26 من زعماء الاتحاد الأوروبي: أوكرانيا يجب أن تتمتع بالحرية في تقرير مستقبلها    3 شهداء و7 إصابات برصاص الاحتلال قرب نقطة توزيع المساعدات وسط القطاع    الأربعاء.. القومي لثقافة الطفل يقدم أوبريت وفاء النيل على مسرح معهد الموسيقى العربية    14 أغسطس.. تامر عاشور يحيي حفلًا غنائيًا في العلمين الجديدة    وزير الإسكان يعقد اجتماعا مع الشركات المنفذة لمشروع حدائق تلال الفسطاط    "لوفيجارو": الصين في مواجهة ترامب "العين بالعين والسن بالسن"    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية تكرم المشاركين في ملتقى القادة الأول    وزير الصحة يناقش فرص تدريب الكوادر الطبية المصرية في السويد وإمكانية تصدير الأدوية إلى لاتفيا    لجان ميدانية لمتابعة منظومة العمل بالوحدات الصحية ورصد المعوقات بالإسكندرية (صور)    مؤشرات تنسيق المرحلة الثانية، الحدود الدنيا للشعبة الأدبية نظام قديم    حريق هائل بمصنع للأحذية في مؤسسة الزكاة بالمرج (صور)    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    «هلاعبك وحقك عليا!».. تعليق ناري من شوبير بشأن رسالة ريبيرو لنجم الأهلي    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    نتيجة تنسيق المرحلة الثانية علمي علوم.. رابط مباشر    وليد صلاح الدين: أرحب بعودة وسام أبوعلي للأهلي.. ومصلحة النادي فوق الجميع    4 أبراج «في الحب زي المغناطيس».. يجذبون المعجبين بسهولة وأحلامهم تتحول لواقع    مبلغ ضخم، كم سيدفع الهلال السعودي لمهاجمه ميتروفيتش لفسخ عقده؟    موعد مباراة سيراميكا كيلوباترا وزد بالدوري والقنوات الناقلة    قرار هام بشأن البلوجر لوشا لنشره محتوى منافي للآداب    د. آلاء برانية تكتب: الوعى الزائف.. مخاطر الشائعات على الثقة بين الدولة والمجتمع المصري    «مشروب المقاهي الأكثر طلبًا».. حضري «الزبادي خلاط» في المنزل وتمتعي بمذاق منعش    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    هل يشعر الموتى بالأحياء؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فريدة بن يزيد ..تعلمت من شاهين دراسة التفاصيل
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 01 - 2011

المتأمل للمشهد السينمائي المغربي عن قرب سوف يصاب بقدر هائل من الدهشة‏,‏ بحكم تحول هذا البلد صاحب التجارب المتواضعة في دروب الفن السابع إلي قبلة سينمائية عربية بامتياز‏. ويكفي هنا أن نعلم أن المغرب تجني في نهاية كل عام‏2‏ مليار دولار من السينما‏-‏ مايوازي‏7.5‏ من إجمالي الناتج المحلي‏-‏ بفضل مدينة ورزازات التي أصبحت الآن استديو مفتوحا لأفلام هوليود الضخمة بفضل طبيعة ساحرة واختفاء روتين التصوير والتجهيز والمعدات التي تلزم ذلك‏,‏ يضاف إلي ذلك تنظيم مهرجانات دولية تستقطب أكبر النجوم وأبرزها بالطبع مهرجان مراكش الدولي للفيلم والذي كان فرصة لي في دورته العاشرة للحوار مع اثنين من علامات السينما المغربية هما المخرجان‏:‏ عبد الرحمن التازي رائد السينما الوطنية‏,‏ وفريدة بن يزيد صاحبة التجربة العريضة في سينما المرأة‏.‏
الحديث مع مخرجة مثل فريدة بن اليزيد‏,‏ له رونق خاص‏,‏ بحكم مسيرة سينمائية حافلة تمتد منذ سبعينيات القرن الماضي إلي يومنا الحالي‏,‏ جسدت خلالها عدة تجارب هي بمثابة علامات بارزة فيما يسمي ب السينما النسائية‏,‏ أبرزها كيد النساء‏,‏ الحياة البائسة لخوانتيا ناربوني‏,‏ أوخوانيتا بنت طنجة‏,‏ ستر ما ستر الله‏,‏ البكمة‏,‏ النية تغلب‏,‏ ومن هنا يصبح الحديث مع ثاني امرأة مغربية تعمل في الإخراج السينمائي بعد فريدة بورقية‏,‏ ذا متعة خاصة مع صاحبة الخوض في التفاصيل السينمائية التي تعلمتها من مدرسة يوسف شاهين وجسدت من خلال همومها وأحلامها في مجموعة من الشرائط الملونة بطعم الحياة المغربية حظيت فيها قضايا المرأة بنسبة‏60%‏ من أفلامها فإلي التفاصيل‏..‏
‏‏ سيدة بن يزيد‏..‏ بداية ماهي أهم المحطات والبدايات الأولي لمشوارك السينمائي ؟
بداية أنا مخرجة ومنتجة وكاتبة سيناريو‏.‏ ولدت عام‏1948‏ في طنجة‏,‏ وتخرجت في كلية الآداب عام‏,1970‏ وفي المدرسة العليا للسينما في باريس عام وكحال غالبية المجتمعات العربية كانت العائلة ترفض تماما فكرة دراسة السينما‏,‏ ولكنها كانت حلمي الأكبر فذهبت إلي فرنسا للدراسة وتعلم هذا الفن‏,‏ثم عملت لفترة في قلب السينما الفرنسية‏,‏ وزاملت السينمائي المغربي الكبير جيلالي فرحاتي الذي صادف أن كان زميل دراسة معي في طنجة في مراحل الابتدائي والإعدادي والثانوي وهو الذي شجعني علي احتراف الفن السابع من خلال فيلمه الثاني كمنتج منفذ لهذا العمل‏,‏وكان لنا شرف المشاركة في مهرجان كان في القسم الخاص بالأفلام القصيرة آنذاك‏,‏ حيث كان عمري‏20‏ سنة وكان أول تجاربي السينمائية‏.‏
‏‏ أنت دخلت عالم السينما من بوابة كتابة السيناريو فهل كانت اللهجة المحلية عائقا‏,‏ خاصة أن دراستك كما فهمت فرنسية ؟
كان لدي مشكلة فعلا حيث أنني أكتب باللغة الفرنسية وأفكر بالطريقة ذاتها لكني بالنهاية مغربية وعربية‏,‏ لذا وجدت في السينما مخرجا لي من هذا المأزق‏,‏ لأنها ببساطة تعتمد لغة الصورة‏,‏وأستطيع أن أوظف مع الصورة اللهجة الدارجة التي كانت تؤرقني كثيرا واكتشفت بعد ذلك أن الأمر ليس صعبا فأنا أنتمي لثقافة بلدي العربية‏,‏ كما أنني من طنجة وهي مدينة دولية‏,‏ وعندما كنت طفلة أجري في شوارعها كنت أسمع جميع اللغات ومن بينها العربية لغتي الأم رغم أن أكثر اللغات التي كانت علي لسان رفاقي وهي ذات لغة غالبية الجاليات التي تسكن طنجة علي أرض هذه المدينة الساحلية سواء كانوا سكانا محليين أو إنجليزا أو فرنسيين وأسبانا طبعا‏.‏
‏‏ طالما الأمر كذلك لماذا أخذت قصة فيلمك الشهير خوانيتا بنت طنجة عن رواية أسبانية وليس عملا عربيا يمكن أن يكون أكثر واقعية ؟
لابد أن أشير إلي أن هذه لم تكن تجربتي الأولي‏,‏ فقد عملت أفلاما أخري مغربية من البيئة المحلية عن أجواء فاس الصوفية‏,‏ وكان أبرزها فيلم كيد النساء الذي يحكي عن أجواء الحكايات التي تدور في مدن مغربية تكل علي البحر الأبيض المتوسط‏,‏ وبعده فيلم كازابيضا عن كازبلانكا أو الدار البيضاء وهو يرصد عالم الشباب بكل تناقضاته المذهلة من صراعات وتقليد للغرب وضرب العادات والتقاليد بعرض الحائط وغيرها من معطيات المجتمع الغربي واستعنت وقتها بسيدة فرنسية تدرس تطور اللغة واللهجة وكان لديها بحث يشيرإلي ماحدث من تغير علي لغة الشباب التي تعكس التأثير والتأثر بالآخر واكتشفت أن الموسيقي هي التي لها أكبر الأثر في التغيير عندما اختلط الإيقاع الغربي بالعيساوي المغربي والشرقي العربي وانعكس علي سلوك الشباب‏,‏ ومع ذلك فإن هؤلاء الشباب مازالوا يرددون مقولة مغاربة حتي الموت‏.‏
‏‏ البكمة النية تغلب‏-‏ ستر ما ستر هي عناوين لتجارب لأفلام تليفزيونية لك‏,‏ هل يفسر ذلك تراجع جماهيرية السينما‏.‏
هذا نوع من التجريب السينمائي بلاشك سواء للتليفزيون أو لشاشات العرض السينمائي‏,‏ ولكن لابد أن نعترف أن جمهور السينما أصبح في تراجع لحساب التليفزيون طبعا‏,‏ وهذا يسبب لنا مشاكل إنتاجية‏,‏ فلمن ننتج سينما في طوفان التليفزيون الكاسح الذي يقدم للمواطن في بيته وعلي قربة منه كل فنون الترفيه والتسلية والقضية الاجتماعية في قوالب درامية بالتأكيد تجعله يعزف عن حجز تذكرة سينما‏,‏ خاصة أنه يقدم متعة مجانية تقريبا‏.‏
‏‏ المتتبع لكل أفلامك سوف يلحظ أنها غارقة في التفاصيل المحلية أليس هذا منفرا للجمهور العربي؟
لم لاتكون مناسبة وليست منفرة للجمهور العربي‏,‏ وهنا أضرب لك مثالا حيا علي صدق ما أقول‏:‏ منذ سنوات قصيرة كان الفنان الكبير نور الشريف ضيفا علي مهرجان تطوان ولمحته وهو خارج لتوه من السينما بعدما شاهد فيلما كوميديا مغربيا‏,‏ وهو يضحك‏,‏ ألا يعني هذا أن اللهجة لم تكن عائقا‏,‏ وإذا كانت كذلك فكيف يفهم المشاهد العربي علي امتداد الوطن الأفلام الهندية‏,‏ السينما في النهاية لغة بصرية يفهمها المتعلم والأمي في آن واحد‏.‏
‏‏ بعد هذه الرحلة الطويلة في السينما‏..‏ هل استطاعت فريدة بن يزيد تحقيق حلم المرأة المغربية والعربية عبر شريطها السينمائي؟
نعم أستطيع أن أقول ذلك لأني منذ بدايات السينمائية وأن أعمل علي قضايا المرأة سواء داخل المغرب أو ماينسحب علي المرأة العربية‏,‏ وأحب أن اوضح هنا أن قضايا المرأة في كل المجتمعات واحدة‏,‏ ومن هنا فقضايا المرأة دولية وليست محلية أو عربية فقط‏,‏ الهموم واحدة والقضايا تتشابه بلاشك‏,‏ ولذلك لم تقابلني مشكلة رقابية واحدة في حياتي‏,‏ وربما يرجع ذلك إلي أنني دوما أعزف علي المشاعر الإنسانية‏,‏ ولا أميل لتوجيه الكاميرا نحو زاوية العنف ووضع المرأة في خانة الضعف والقهر وخلافه‏,‏ كما لايوجد لدي حساسية في التعامل مع قضايات المرأة عبر تيمات مكررة‏,‏ والسينما في النهاية لها جانب مشرق وفيها قدر من التسرية التي يغلفها الجانب الاجتماعي‏,‏ وأعود وأكرر معاناة المرأة من الناحية الحقوقية أو مايقع عليها من نوع الإقصاء أو العنصرية وخلافه عالمية وليست محلية أو عربية فقط‏.‏
‏‏ من هو أكثر السينمائيين العرب الذي كان له تأثير واضح علي رحلة بن يزيد الممتدة لأكثر من ربع قرن في الفن السابع ؟
بالتأكيد تجربة يوسف شاهين التي تعلمت منها وأثرت إلي حد كبير في مشواري السينمائي‏,‏ خاصة أنه كان يشتغل علي نفس‏,‏ وغارقا حتي الثمالة في دراسة أدق التفاصيل في المشهد الواحد الذي يشكل في النهاية شريطا سينمائيا محكما علي مستوي التكنيك والقضية‏,‏ كما جاء في أفلامه‏:‏ الأرض العصفور باب الحديد إلي آخرها‏,‏ بصراحة يعتبر شاهين مدرسة سينمائية عربية بامتياز تضاهي مدراس العالم‏.‏
‏‏ ماهو جديد فريدة بن يزيد في شريط السينما المغربية ؟
أعمل حاليا علي التجهيز لفيلم عن قضية الصحراء‏,‏ وأعلم أن بها قدرا كبيرا من الحساسية‏,‏ لكني هنا سأعود بالتاريخ الحقيقي إلي الوراء‏,‏ بهدف تصحيح المفاهيم الملتبسة عند الغرب حول الصحراء التي تسكن قلب ووجدان كل مغربي باعتبارها قطعة من بلد لا يقبل التجزئة‏,‏ في ظل ما يحاك من مؤمرات ضده‏,‏ ولقد كان دافعي لخوض هذه التجربة أن رأيت بيدروال موديفال وخافيير بادريم وهما سينمائيان أسبانيان دخلا علي قضية الصحراء لعمل فيلم يرسخ لأنها أسبانية‏,‏ وهم الآن يدعمون البولسياريو لترسيخ فكرة الانفصال كما يحدث حاليا في السودان‏,‏ وهذا نوع من العبث غير المقبول طبعا‏,‏ فقلت كيف يكون لهؤلاء موقف ونحن أصحاب الأرض والقضية لا يكون لنا موقف‏.‏
المخرج الكبير عبد الرحمن التازي:
الفيلم المغربي نابع من رحم قضايا الوطن
هو واحد من جيل الرواد الذين لا تخطئهم العين في قلب المشهد السينمائي المغربي الحالي‏,‏ رحلته تمتد لأكثر من ربع قرن في دور الفن السابع‏,‏ حاول خلال تلك الفترة ومن خلف الكاميرا أن يكون بمثابة طبيب نفسي يعي جيدا فن التشخيص والعلاج‏,‏ فبدت صورته ناصعة جلية تعكس هموم وطنه بواقعية تعبر بصدق عن قضاياه الاجتماعية الشائكة‏.‏
إنه المخرج السينمائي الكبير عبد الرحمن التازي الذي ربما لايكون من تلك الوجوه المصحوبة بهالات من الضوء الساطع لعدسات المصورين ومع ذلك لايمكن أن تغفل ألق الموهبة وبراعة إدارة الأداء في شرائطه السينمائية الأولي إلي الحد الذي تدرك معه أنه واحد من هؤلاء النجوم الذين أمتعوا الذائقة العربية والعالمية‏,‏ وألهبوا الخيال التواق لسحر الصورة صانعة المشهد الحي من رحم الحياة اليومية‏,‏ ومن هنا التقيته عبر هذه الدردشة التي دارت حول رحتله الممتدة قرابة نصف قرن من الزمان خلف الكاميرا‏..‏
‏‏ بداية كيف تنظر إلي تكريمك في مهرجان مراكش في دورته الأخيرة والتي حظيت بنوع من الزخم كما شاهدنا من خلال فعاليات المهرجان ؟
أولا سبق لمهرجان مراكش أن كرم العديد من رواد السينما المغربية‏,‏ وهو تقليد جيد يأتي تتويجا لرحلة المبدعين الذين قاموا بدور مهم في صناعة شريط سينمائي مغربي نابع من قلب قضايا هذا الوطن العزيز‏,‏ أذكر منهم محمد المجد‏,‏ وحميدو واليعقوبي وأمينة رشيد وتاجموي وغيرهم‏,‏ ويبقي لي الامتياز في تكريمي بالدورة العاشرة بما لها من ثقل وأهمية كبيرة‏,‏ حيث أصبح المهرجان في طريق العالمية مثل كان وفينيس وبرلين‏,‏ فضلا عن المصداقية التي أصبح يتمتع بها المهرجان‏,‏ بحيث أصبح مرادفا للجدية والاستمرارية والتطور من دورة لأخري وينسب له فضل الاهتمام بالمكفوفين بصريا‏,‏ وهي مبادرة مهمة جدا لهؤلاء الناس الذين لم تتح لهم فرصة مشاهدة السينما من قبل‏.‏
‏‏ وكيف تنظر إلي شرائطك الملونة بعد هذا المشوار؟
منذ البداية ركزت كل اهتمامي علي الجمهور المغربي في كل أفلامي‏,‏ وآمنت بأنني أصل إلي العالمية مالم يكن جل اهتمامي بالموضوع المغربي بالأساس‏,‏ ولهذا أنجزت فيلم حاز علي‏17‏ جائزة هو باديس وقبلها حاز علي إعجاب أكثر من‏300‏ ألف متفرج مغربي في أسبوع عرضه الأول‏,‏ وكان ذلك مؤشر أوليا علي نجاح الفيلم‏,‏ ومن بعده جاء فيلم البحث عن زوجة إمرأتي كتعبير صادق عن الحياة المغربية‏,‏ التي تتعلق بشخصيتي وطفولتي ومدينتي فاس التي عشت في كنفها سني عمري الأولي‏,‏ وفوق كل ذلك انتهجت أسلوبا سينمائيا قادرا علي أن يصنع هذا التجاوب‏,‏ ويعبرعن الثورات المغربية حتي يخاطب وجدان جمهور متشوق لتاريخه ووطنه وصوره التي يتعلق بها‏.‏
‏‏ بصراحة هناك من يري أن الفيلم المغربي لايحظي بحضور كبير في العالم العربي‏..‏ تري ماالذي يعوق انتشاره‏..‏ اللهجة مثلا ؟
هذا الكلام ليس صحيحا‏,‏ نحن ننتج سنويا حوالي‏17‏ شريطا سينمائيا طويلا وما يقرب من‏100‏ شريط قصير وكلها تعني بالمغرب وقضاياه لأن المتفرج مغربي‏,‏ والانتاج وطني بالمقام الأول حتي ولو كان مدعوما من فرنسا‏,‏ والفيلم المغربي موجود بلهجته ونكهته الخاصة ويحصل علي جوائز في كل المهرجانات العربية لكن لابد أن أؤكد ضرورة أن يكون هناك نوع من التبادل بين دول العالم العربي لترسيخ وجود الفيلم المغربي بصورة أكبر‏,‏ ونحن حاولنا مرات عديدة توزيع الفيلم المغربي في مصر وباقي أنحاء الدول العربية‏,‏ وكنا نفاجأ من جانب المسئولين بأن اللهجة تمثل عائقا إلي حد ما حيث كان يقول بعضهم‏:‏ لابد أن يكون عنوان الفيلم عربيا‏,‏ هل هذا معقول؟‏,‏ أنا عربي وأتكلم العربية‏,‏ وأقدم صورة من واقع عربي كما أن السينما لاتحتاج إلي لغة خاصة غير لغة الصورة التي تعد مفهومة وسهلة لأنها تتوجه لجمهور حتي لايعرف القراءة والكتابة بطبيعة الحال‏.‏
‏‏ لكن المتأمل للفيلم المغربي مؤخرا يلحظ أن هناك تراجعا كبيرا‏,‏ فهل سبب ذلك سيادة الروح الأصولية المتطرفة أم أن السبب يرجع إلي هشاشة اقتصادية معها يجنح الإنسان أو يحن إلي مجتمع محافظ ؟
لا أعتقد أن هذا السبب أو ذاك هو الذي يؤدي إلي التراجع‏,‏ بل ربما يرجع ذلك إلي أن هذه الصناعة مكلفة جدا‏,‏ فالفيلم يتكلف في هوليود أو في أوربا يتكلف مابين‏40‏ إلي‏50‏ مليون دولار‏,‏ وهو مايعني استخدام تقنيات وتكنولوجيا تعبث علي الإبهار‏,‏ بينما الفيلم عندنا ترصد له ميزانية لاتتجاوز خمسة ملايين درهم وهو مايضطر صناع السينما إلي اللجوء إلي موضوعات وقضايا لاتتكلف كثيرا‏,‏ وهي بالضرورة نابعة من رحم هذا المجتمع بكل تناقضاته وأمراضه التي تحول دون صناعة سينما تبعث علي الابهار كنظيراتها من سينما العالم والتي تعرض علي شاشات مهرجانات تقام علي أرضنا كمهرجان مراكش الولي للفيلم ووسط جمهور يجد آفاقا واسعا لهذا الفن عبر لغة خاصة علي مستوي التجديد والابتكار وطريقة السرد السينمائي في ثوبه العصري الذي رأينا طوال فترة هذا المهرجان‏.‏
‏‏ بالمناسبة كثير من المبدعين العرب يشكون من الرقابة في ظل التقاليد الراسخة داخل المجتمعات العربية‏,‏ إلي أي مدي عانيت أنت من ذلك كسينمائي مغربي له كل هذه التجربة العريضة ؟
ربما لم تحدث لي سوي مرتين فقط بعد‏40‏ سنة من التعامل مع السينما وتلك التجربة الكبيرة التي قمت بها‏,‏ حيث تم تفسير بعض مشاهد فيلمي البحث عن زوج إمرأتي من الناحية الدينية‏,‏ لكن أذكر أن هناك نوعا من الرقابة لاحظته مع آخرين غيري منهم علي سبيل المثال فيلم حب في الدار البيضاء وهو فيلم مغربي من إنتاج تونسي‏1991‏ من إخراج عبد القادر لقطع وبطولة عبد الكريم الدرقاوي‏.‏ حيث وجهت له تهمة عدم احترام قيم المجتمع وبالمناسبة كانت اللقطات المعنية بذلك لاتتجاوز‏30‏ ثانية‏,‏ لكن القصة كانت جميلة حقيقة
علي أية حال يمكنني القول بأن هذا شيئ غير موجود عندنا في المغرب بل المجتمع يتمتع بهامش كبير من حرية تعبير‏,‏ وهناك أشرطة تعرض في المدارس والجامعات فيها جرأة شديدة جدا علي عكس المتوقع‏,‏ وهو مايجعل لنا خصوصية في هذا الاتجاه‏.‏
‏‏ في النهاية كيف تنظر للسينما المصرية أنت وباقي ابناء جيلك في هذه اللحظة الراهنة وهل تري أنها حادت عن الطريق كما يقول بعض النقاد المغاربة؟
السينما المصرية بالنسبة لنا هي السينما العربية‏,‏ ونحن تربينا عليها منذ البدايات الأولي‏,‏ تعودنا علي اللهجة المصرية في الأفلام والموسيقي والغناء‏,‏ وكنا مبهورين بأفلام كثيرة‏,‏ لكنها الآن تعيش نفس معاناة السينما العربية علي مستوي نقص الإنتاج‏,‏ كذلك هناك توجه كبير نحو التليفزيون‏,‏ ولكنها تظل موجودة وراسخة بثقلها الذي لايمكن أن يغفله أحد في الميدان السينمائي العالمي‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.