يعد المجتمع المدني أحد المكونات الرئيسة للمجتمعات السياسية المعاصرة في العالم أجمع, نتيجة الأدوار التي يقوم بها, فقد تداخل الدور الخدمي مع الدور التنموي مع الدور الحقوقي سواء دفاعا عن الحقوق السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية, وان كانت الاخيرة لا تحظي بالاهتمام الكافي إلي الآن, وقد ترتب علي تداخل هذه الادوار صعوبة الفصل ما بين مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات المجتمع الاهلي, والتي لا يفرق القانون المصري بينهما. وقد شهدت الفترة الأخيرة منذ عام2005 إلي عام2010 بروز الدور الرقابي أو دور المتابع للانتخابات العامة والمحلية, واصدار التقارير عما يحدث في هذه الانتخابات, خاصة من جانب مؤسسات المجتمع المدني ذات الطابع الحقوقي, أو التي تولي للدور الحقوقي أولوية قصوي. ولكن الدور الغائب والذي قد يغفله الكثير هو مساندة مؤسسات المجتمع المدني والاهلي خاصة التنموية والخيرية, والتي تنتمي لرجال اعمال, للمرشحين في الانتخابات العامة مجلسي الشعب والشوري. وهو ما يعد مخالفة قانونية صريحة لقانون الجمعيات الاهلية رقم84 لسنة2002, ولكن في هذا السياق لا نركز علي الجانب القانوني, بل نرصد التحولات في أدوار هذه المؤسسات. ما نريد ايضاحه هو ان منظمات المجتمع المدني قد شهدت بروز دور جديد منذ انتخابات مجلس الشعب عام2005, وهو المشارك في مساندة المرشحين في الانتخابات البرلمانية. وخلال السنتين الأخيرتين, حدث تحول في هذا الدور من المشارك بقوة في دعم المرشحين للانتخابات البرلمانية, إلي المشارك المحتمل في دعم المرشحين في الانتخابات الرئاسية القادمة, عبر الحملات المؤيدة لمرشحين محتملين أو منظمات تعلن أنها وراء مرشح ما مثل الجمعية الوطنية للتغيير التي تقف وراء المرشح المحتمل للرئاسة الدكتور محمد البرادعي. ويمكن القول إن هذا الدور الجديد قد يتوقف علي استيفاء المرشحين المحتملين لشروط الترشيح لانتخابات الرئاسة, وفق المادة76 من الدستور بوضعها الحالي, ومدي تفعيل نصوص قانون الجمعيات الاهلية, والسماح لها بممارسة هذه الادوار. صفوة القول إن التحول في أدوار مؤسسات المجتمع المدني, من الدور الخيري إلي الدور التنموي إلي الدور الحقوقي, إلي الدور الرقابي أو دور المتابع, إلي الدور المشارك بقوة في انتخابات مجلس الشعب القادمة, ودور المشارك المحتمل في انتخابات الرئاسة القادمة, نابع من التحولات العالمية في أدوار مؤسسات المجتمع المدني, وعدم قدرة مصر علي الانعزال بعيدا عنها.