جديد العام الجديد في مطلع العقد الجديد من هذا القرن الجديد: كيف يمكن, أن نستكشفه علنا نستطيع أن نهتدي إلي منهج تفتيت حصار الأحزان. المهم ألا نلف وندور في الحلقة المفرغة لمأساة مكانك سر التي نحياها منذ عقود. المهم ان ننظر معا إلي جديد العالم, لعله يضئ بعض المداخل لاحياء الأمل. وفي هذا الجو, يأتينا العدد المزدوج الخاص بمناسبة أعياد الميلاد لمجلة ايكونومست, كبري مجلات دائرة التقدم في الغرب, وكانت هذه المجلة في طليعة حملة جبهة الاعلام والثقافة والسياسة فيالعالم الغربي, حول مركز الهيمنة الأمريكي, لمحاصرة صعود الصين بشكل ساطع وكأن تغير العالم غير وارد وكأن الجديد لا مكانة له إلا في دائرة التقدم والهيمنة, وقد افردت كل من ايكونومست ومجلة موزمين افيرز( الشئون الدولية) الفصلية الأمريكية الكبري أعدادا خاصة لها تحاول ان تحاصر الجديد الطالع, وقد جاء التقرير الخاص لمجلة ايكونومست في4 ديسمبر يحاول أن يتبين مكانة الصين في العالم: صديق أم عدو؟ والمهم في هذا العدد الخاص والخطير انه لم يبدأ بالتركيز علي التنمية والتحديث للاقتصاد الصيني الذي جعل من هذا البلد ثاني أكبر اقتصاد في العالم ويدفع به إلي المرتبة الأولي قبل عقدين من الزمن, الغريب هو أن التركيز بدأ بما اطلقت عليه المجلة في هذا الملف الخاص تسمية التحديث الرابع أي رفع مستوي الاستعداد الاستراتيجي للصين في غرب المحيط الهادي, وهو الذي تطل عليه سواحل الصين من الشمال إلي الجنوب, وقد جاء توجيه الاتهام لأن الصين تعمل علي حماية خطوط مواصلاتها البرية من غرب المحيط الهادي إلي مصادر الطاقة في الشرق الأوسط ثم اوروبا مرورا بمضايق حنوب شرق آسيا والمحيط الهندي بطبيعة الأمر, قائمة الاتهام تشمل كل ما يمكن ذكره من مناطق الاحتكاك في غرب المحيط الهادي وجنوب آسيا, وكأنه مكتوب علي الصين أن تصطدم مع الولاياتالمتحدة التي مازالت تهيمن بشكل لا غبار عليه علي عموم المحيط الهادي, ثم يمضي هذا التقرير الخاص بالغ الخطورة إلي دراسة مخاطر صعود الاتجاه القومي للصين, ويقدم برنامجا كاملا لمحاصرة هذا الصعود, ليس فقط في غرب المحيط الهادي, وإنما ايضا في جنوب شرق آسيا وجنوب القارة الآسيوية أي الهند, لا داعي للتفصيل هنا ولكن الجو العام خانق وكأن صعود الصين اي خمس المعمورة يغلب عليه طابع التهديد للنظام العالمي القائم.. ثم يختتم هذا التقرير الخاص الخطير دراسته التنقيبية للمستقبل بعود الي الواقعية السياسية والعقلانية: ان صعود الصين لا يمكن الضمان بانه سوف يعني بشكل رئيسي بنشر الرخاء بين شعبها الذي يبلغ تعداده بليونا وربع نسمة, كما أننا لا يمكن أن نؤكد أن هذا الصعود مكتوب عليه أن يتحول إلي عدوانية أو صدام مع بقية العالم. إلي أن تأتي عبارة الختام وفيها بيت القصيد: المستقبل, كما في هذه القصة, انما سوف يكون ما نصنعه. أي أن الأمل وارد؟ وارد حتي في قلب هذا التحليل الخطير السودوي؟ الأمل رغم كل شئ. الأمل؟ الأمل, نعم هو الذي تفتح به نفس المجلة عددها الخاص للاحتفاء بعيد الميلاد8 13 ديسمبر الماضي, وذلك في الافتتاحية الرئيسية وعنوانها إعادة توزيع الأمل. ماذا تقول المجلة الغراء؟ وكيف تفسر الأمل بعد كل ما دفعت به في اعدادها السابقة من دواعي الخوف والتشاؤم؟ تبدأ المجلة برحلة تقدم الغرب منذ اربعة أجيال عندما تمتع الغرب بتفوق نسبي بالنسبة لبقية العالم في مجال التفاؤل ذلك أن مثقفي الغرب حلموا بأفكار التنوير والتقدم, بينما رجال أعمال الغرب استغلوا التكنولوجيا لفرض إرادتهم علي بقية العالم.. وهذا لا يعني أن الغرب كان بريئا من استعمال الوحشية المرعبة, إذ أن البحث عن المدينة الفاضلة يستطيع أن يثير اسوأ النزعات جنبا إلي جنب مع أحسنها لدي الإنسانية. إلي هنا, والوصف بليغ, دقيق, لا غبار عليه. ثم فجأة, تستحضر المجلة احصائيات بيو لتكتشف حقائق مذهلة: ذلك ان نسبة الصينيين الذين يرون ان بلدهم يتجه إلي الطريق القويم تبلغ78%, بينما تبلغ هذه النسبة05% لدي سكان البرازيل و54% بين سكان الهند هذا بينما تبلغ نسبة التفاؤل في الغرب13% في بريطانيا و03% من الأمريكيين و62% من الفرنسيين وتضيف ايكونوميست هذا بينما توظف شركات رؤوس أموالها في الاسواق الصاعدة وتتفادي العالم المتقدم بينما أصبح شعار القرن الجديد هو أيها الشباب اتجه إلي الشرق!. ثم تقوم المجلة في افتتاحيتها الرئيسية هذه بدراسة حول امريكا وأوروبا وتصطدم بانتشار البطالة, واليأس إلي أن تضيف هذا, بينما نري أن العالم النامي لا يختلف حول المعاشات وانما يبني الجامعات, ففي الصين مثلا ارتفع عدد طلاب الجامعات أربعة اضعاف خلال العقدين السابقين هذا بينما تبين هيئة اليونسكو أن نسبة المشتغلين بالبحث العلمي في العالم النامي ارتفعت من03% في2002 إلي83% في.7002 وكذا فان شركات بلغت مستوي عالميا كما هو الحال في شركة انفوسيس في الهند وهاواواي في الصين واللتين تفوقتا علي جميع منافسيهم في الدول النامية. ربما لا يشعر الغرب بمثل هذا الشعور, ولكن عصرنا يمثل احسن العصور من عدة نواح: مئات الملايين خرجوا من دائرة الفقر, الانترنت يقدم لعموم المواطنين مدخلا الي المعلومات لم يستطع حتي أكثر الدارسين امتيازا ان يحلموا به منذ سنوات قلائل فقط, التقدم في مجالات الطب تقتحم الأمراض وتمد من متوسط الاعمار واذ تراجع معظم تاريخ الانسانية فاننا نجد أن قلة من علية القوم كان في مقدورهم أن يحلموا ان المستقبل ممكن أن يكون خيرا من الوقت الحاضر, أما اليوم فان الجماهير في كل مكان تستطيع أن تأمل بذلك. وفي هذا بكل تأكيد ما يؤكد حقنا في التفاؤل. ما القول لمن يصرون علي أن الجمود الفكري وسياسة مكانك سر؟ انهم يؤكدون أن الحديث عن جديد العالم والأمل الطالع من شأن الاقوياء, ما دام ان علينا أن نرضخ وندور ندور في نفس الدائرة المفرغة؟ انهم دعاة اليأس والفشل اعداء المستقبل. ولعل فيما نشرته أيكونوميست ايضا في عددها يوم11 ديسمبر تحت عنوان النظر إلي الشرق: السعودية ما يضئ الطريق, ربما يلهم الهمم من يدري؟ تقول المجلة الغراء: ان الصين, ثاني اكبر مستهلك للبترول, تتجه إلي ان تستورد كمية من بترول السعودية اكبر من الولاياتالمتحدة, بحيث تتجه الصين إلي أن تصبح العميل الرئيسي للسعودية خلال العامين القادمين هذا بينما يشتري السعوديون كمية أكبر من السلع من الصين خاصة المواد الغذائية والمنسوجات والمنتجات الصناعية الثقيلة اكثر مما يشترون من أمريكا هذا, علي حد تعبير المجلة بينما أكثر من نصف صادرات البترول السعودية تذهب الآن إلي اسيا في مقابل41% فقط إلي الولاياتالمتحدة وبعد هذا تقدم المجلة قائمة بالمشروعات البترولية والصناعية المشتركة, بينما ترسل السعودية اعدادا من طلاب البعثات إلي جامعات الصين والقائمة تطول تؤكد التوجه شرقا منذ أن تولي جلالة الملك عبدالله عام5002 وأعلن سياسة السعودية التجارية إلي آسيا مما يمثل حقيقة النظر إلي الشرق. قال صاحبي: بالك ايام زمان؟.. اقصد: أيام ما كانت مصر أول دول العالم العربي في الاعتراف والترحيب بدولة جمهورية الصين الشعبية بعد انتصار ثورتها التحريرية بقيادة الرئيس ماو تسيتونج؟ لماذا تأخرنا؟ أو ربما لم نتأخر أعني تعال بنا نواصل المسيرة مع اخواننا ورفاقنا من شعوب شرقنا الحضاري الناهض في قلب صياغة العالم الجديد بعيدا عن سموم السلفية راعية الإرهاب ضد وحدة امتنا المصرية!..