1-السودان وما أدراك ما السودان بمساحته الهائلة التي تتجاوز2,5 مليون كيلو متر مربع وتجعل منه أكثر بلدان إفريقيا اتساعا وأخصبها تربة بأراضيه التي تتكون كلها تقريبا من هضبة شاسعة تنحدر شمالا باتجاه مقصود في شكل إشارة لها مغزاها أن العشق في السودان لا يبصر إلا باتجاه مصر حيث لم تسمح الطبيعة بإقامة أي حدود أو موانع طبيعية بين البلدين. السودان وما أدراك ما السودان بعروبته التي كانت جسر التواصل للأمة العربية مع القارة الإفريقية والتي شكلت أرضه نقطة التقاء ووفاق بين الإسلام والمسيحية علي أرضية مشتركة من التوحيد والسماحة والرغبة في السلام قبل أن تمتد أيادي العبث الأجنبية بمؤامرات ومخططات الوقيعة والفتنة. عفوا ليست هذه مرثية مبكرة ولا هي استباق لغريزة البكاء علي اللبن المسكوب علي ضوء إجراء استفتاء تقرير المصير أمس والذي تشير كل الدلائل إلي أنه سيؤدي إلي انفصال الجنوب وفتح أبواب عديدة لتداعيات خطيرة من النزاعات والصراعات التي قد لا تهدد الشمال والجنوب فقط وإنما قد تشكل تهديدا للمنطقة بأسرها! إننا فيما يبدو علي أعتاب مرحلة جديدة تقتضي منا امتلاك أقصي درجات اليقظة وأقصي درجات الحذر وأقصي درجات الوعي والفهم لما هو محتمل ومرشح للحدوث فوق الخريطة العربية علي غرار ما يحدث للسودان في عالم تغيرت فيه قوانين اللعبة السياسية الدولية بصورة مذهلة وبسرعة غير مسبوقة. وفي اعتقادي أن التطورات المستقبلية التي ستترتب علي نتائج استفتاء تقرير المصير سوف تنعكس علي الأمة العربية ومصر تحديدا سلبا أو إيجابا ومن ثم ينبغي توخي الدقة في خطوات التحرك السياسي وآليات المقاربة مع الخريطة السودانية الجديدة. أقول ذلك وفي ذهني أن مصر بحكم موقعها ودورها تدرك أنه مهما تكن نتيجة الاستفتاء فإن علي أهل السودان شمالا وجنوبا أن يتجنبوا الصدام والقطيعة حتي لا يسمحوا للعبة التجاذب السياسي الإقليمي والدولي أن تري في الساحة السودانية أرخص ساحات الصراع التي تلبي أهدافا ومقاصد ليست فوق مستوي الشبهات. ولعلي في غير حاجة إلي القول إن مصر بذلت كل ما في وسعها طوال السنوات الأخيرة من أجل الحفاظ علي وحدة السودان بالتراضي وليس بالإكراه وتعرضت بسبب مساعيها لضغوطات مباشرة وغير مباشرة من قوي دولية عديدة لأن هناك من يسعون لإنجاز حلم تقسيم السودان بهدف يفوق حدود التقسيم الجغرافي والإداري ويستهدف تعميق أجواء الصدام والمقاطعة المتبادلة بين الإخوة والأشقاء في عديد من بلدان المنطقة. هكذا يجب أن يفهم إخوتنا السودانيون اللعبة وأن يفتحوا عيونهم جيدا صوب كل الاتجاهات! وغدا نواصل الحديث
خير الكلام: ** من يعرف الدهر مثلي لا ينفك منكسرا... فالقهر بات كأنه كسر فخار! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله