أضواء القارة السمراء والعالم تتركز علي ولادة دولة افريقية جديدة وسط يقين بأن استفتاء الجنوب غدا يشكل ذروة ما استهدف إليه اتفاق السلام الشامل2005 أعلنت هيلاري كلينتون أن لحظة جديدة قد لاحت في الأفق للولايات المتحدة وعلاقاتها الدولية لم تكن هيلاري تتحدث عن أفغانستان ولا العراق أو إيران أو السلام في الشرق الأوسط وهي تؤكد أن الولاياتالمتحدة ركزت علي تمهيد الطريق أمام انفصال سلس بين شمال السودان وجنوبه!! هل يكون نجاح سياسة أوباما إزاء السودان وافريقيا تعويضا عن فشل سياسته إزاء قيام دولة فلسطينية خلال عامين!! والفشل حتي في تأمين الأرض الفلسطينية التي تقوم عليها الدولة الموعودة!! هذا في الوقت الذي يتجه أوباما الآن إلي التركيز علي القارة الافريقية. وقال مسئول البيت الأبيض إن الرئيس سيقوم بزيارة افريقية قد تتم هذا العام. وفي حديث أمام مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي أوضحت هيلاري أن السياسة الأمريكية تتجه الآن إلي ما بعد الاستفتاء. وفي أحدث تقرير أصدره الكونجرس قبل الاستفتاء تناول الدور والجهود الأمريكية بممارسة الضغوط علي السودان للتوقيع علي اتفاق السلام الشامل(2005) وذكر تقرير الكونجرس بالحرف الواحد.. أن الضغوط المتواصلة والشديدة علي حكومة الخرطوم كانت عاملا مهما للتوصل إلي اتفاق السلام الشامل. وأن الرئيس بوش شدد العقوبات علي السودان مع التلويح بإحتمالات تحسين العلاقات الأمريكية مع السودان الذي يرزح تحت عقوبات أمريكية واتهامات الإرهاب والإبادة الجماعية وادراج السودان علي قائمة الخارجية الأمريكية للدول التي تشجع الإرهاب. وقال تقرير الكونجرس أنه رغم أن الولاياتالمتحدة كانت تثير وتكثف الضغوط علي السودان حول جهود دارفور فإن التركيز في الواقع كان علي تحقيق اتفاق السلام الشامل. والآن وبعد ست سنوات مارس خلالها جنوب السودان الحكم الذاتي طبقا لاتفاق السلام الشامل حانت لحظة الاستفتاء وربما لحظة ما تطلق عليه أمريكا لحظة المحتوم لقيام دولة افريقية جديدة علي خمس مساحة السودان. وطبقا للتقارير الأمريكية خضع السودان لضغوط وتهديدات ووعود أيضا من الادارة الأمريكية والسودان مازال علي قائمة أمريكا للإرهاب. وقبل شهرين من الاستفتاء مددت الإدارة الأمريكية العقوبات الاقتصادية المفروضة علي السودان منذ عام1997 وقال الرئيس أوباما في رسالة إلي الكونجرس انه قرر تمديد العقوبات بسبب السياسات التي يتبعها السودان بتهديد مصالح الولاياتالمتحدة وأمنها القومي. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض إن تجديد هذه العقوبات الصارمة يأتي في لحظة حاسمة بالنسبة إلي السودانيين والعلاقات الأمريكية السودانية. وقالت الإدارة إن العلاقات الأمريكية مع الخرطوم في مفترق طرق الآن, بين المزيد من تشديد العقوبات أو أن تعمل أمريكا علي استعادة وضع الشمال بالعمل علي حل مشكلة الديون وغيرها مقابل موافقة الشمال علي حل المشاكل المترتبة علي الانفصال والتي وعدت إدارة أوباما بأن تساعد علي ايجاد حلول لها بدءا بتحديد الحدود بين الشمال والجنوب أكثر القضايا الخلافية خطورة بالنسبة للشمال والجنوب إذ أن أغلب ثروة السودان النفطية توجد علي طول الحدود المتنازع عليها ولايزال ترسيمها عالقا منذ سنوات اضافة إلي أن تقاسم انتاج النفط سوف يحتل الصدارة بعد الاستفتاء. المشهد السوداني بعد الاستفتاء يبدو معقدا: حول من سيقوم بتحديد حدود منطقة أبيي الشمالية بطول1936 كيلو مترا أطول حدود بين منطقتين جغرافيتين متجاورتين في افريقيا. والتحديات التي تشكلها دول كثيرة, تريد أن يكون لها مصالح في مستقبل السودان والدول الافريقية المجاورة وتعطشها إلي النفط السوداني والصين وأمريكا وغيرها من دول تريد أن يكون لها تأثير علي ما بعد الاستقلال والانفصال. وفي الميزان الأهمية الاستراتيجية لموقع السودان وما تمثله لأمن القرن الافريقي ومصر والبحر الأحمر وما يملكه من ثروات مائية وبترولية وغذائية ومعدنية هائلة. وذكر تقرير الكونجرس أن الإدارة الأمريكية تقدم دعما لترسيم الحدود بين الشمال والجنوب, ومساعدات فنية وعسكرية واقتصادية وأمنية للدولة المرتقبة بدعم أمريكي لجهاز أمني ونظام محاربة الجرائم وتزويد الجنوب بمستشارين في كل متطلبات الدولة الجديدة والعمل علي الحصول علي قروض من البنك الدولي للقطاع الخاص والعام للاستثمار في الجنوب وقال المتحدث باسم الخارجية أن الادارة كثفت الوجود الأمريكي في جوبا عاصمة الجنوب للبدء في مساعدة الجنوب في عملية طويلة لبناء الدولة والمؤسسات التي تحكم البلد بكفاءة. وقال أندرو ناسياس المبعوث الأمريكي السابق للسودان أن الجنوب مارس الحكم الذاتي لسنوات والجنوب غني بالذهب والنحاس والأرض الخصبة أكثر الأراضي خصوبة في افريقيا وقال ناسياس أن الجنوب حقق تقدما خلال السنوات الأخيرة وأقام علاقات مع الدول الافريقية المجاورة, التي لها مصالح خاصة في نجاح دولة الجنوب وأن يكون لها حدود آمنة مع الشمال. وفي الوقت الذي أعلنت واشنطن مضاعفة الوجود الأمريكي في جنوب السودان قال المبعوث الأمريكي السابق ناسياس إن اقامة سفارة أمريكية في جوبا بمثابة التأكيد علي المصالح الأمريكية الأمنية والاقتصادية والدبلوماسية في الجنوب والاستعداد الأمريكي للبقاء لوقت طويل.. نصائح الكونجرس أكدت ضرورة أن تعمل الإدارة الأمريكية بسرعة وقوة, واستراتيجيا لتقديم ضمانات أمنية للجنوب ما يشكل قوة ردع للشمال ومساعدة الجنوب علي التوصل إلي التنازلات الضرورية من الشمال وأن تقيم أمريكا اتفاقا للتجارة الحرة مع الجنوب. السودان إلي أين؟ تظل الحقائق بأن تمزيق السودان وأهله ليس وليد اليوم أو الأمس القريب وقد لا يكون الانفصال إذا تم بمثابة نهاية المطاف وقد يكون بداية نزيف جديد لصراعات طويلة تدفعها أطماع القوي الأجنبية. هناك اعتقادات بأن الصهيونية العالمية ليست بعيدة عن هذه المخططات ليكون لها موضع قدم في السودان. ويري المحللون أن دعاة الانفصال عملوا منذ سنوات طويلة ليصل الجنوب إلي هذه النقطة بإثارة الفتن ودعم الحركات الانفصالية بالمال والسلاح.