بعيدا عن تسمية وقائع بعينها ودون توجيه سهام الاتهام لأسماء ورموز بعينها فإن حادثة كنيسة القديسين بالإسكندرية وما أعقبها من ردود فعل قبطية غاضبة في الداخل ومنفلتة في الخارج, تؤكد أننا إزاء مخطط واضح المعالم واضح الأدوات في أن البعض يريد أن يتخذ من الدين ستارا لإخفاء أهداف سياسية ليست فوق مستوي الشبهات خصوصا مع تجدد نغمات الدعوة للاستقواء بالخارج في بعض التظاهرات التي جري تسييرها في عدد من المدن الأوروبية والأمريكية لاستجداء الدعم والعون الأجنبي وتوزيع الاتهامات دون دليل. والحقيقة أن مظاهرات الغضب التي شهدتها مصر ضد ما جري بمشاركة المسلمين والمسيحيين جنبا إلي جنب كانت خير دليل علي وعي المصريين بأن هدف الحفاظ علي الوحدة الوطنية ليس محل خلاف من أحد حيث يدرك الجميع أن مصر كانت ومازالت وستظل أفضل حاضن للديانات السماوية الثلاث علي طول التاريخ, فعلي أرضها ولد سيدنا موسي عليه السلام وإليها لجأ السيد المسيح وأمه العذراء عليهما السلام وفيها عاشت المسيحية وازدهر الإسلام وحظي اليهود بكل حقوق الأمن استنادا لثقافة مصرية متوارثة جيلا بعد جيل بأن هذا الشعب نسيج واحد لا يعرف شيئا اسمه الطوائف أو الأقليات. لعلي أكون أكثر وضوحا وأقول: إن جريمة كنيسة القديسين في الإسكندرية بكل ملامحها الإرهابية وببروز دلائل علي وقوف عناصر أجنبية خلفها لا يمكن فصلها عن ذات المحاولات المستمرة منذ سنوات لزرع الفتنة علي أرض العراق, حيث شهدت أرض الرافدين سلسلة من العمليات المشبوهة لتفجير الكنائس في بغداد والموصل وذلك أمر يستوجب التوقف أمامه بالتحليل فقد عاش الأقباط في مصر آلاف السنين في ظل الحكم الإسلامي ولم نسمع عن شيء مثل ذلك الذي جري مفزعا ومحزنا ويراد تضخيمه والنفخ فيه, وكذلك يقول تاريخ العراق بأن أرض الرافدين لم تشهد من قبل مثل تلك الأحداث اللعينة التي لا تستهدف تفجير الكنائس والمساجد فقط وإنما هدفها تفجير النفوس وتأجيج المشاعر. ومعني ذلك أن بعض ما جري في أعقاب الجريمة الإرهابية لم يكن له ما يبرره علي شكل صرخات وهتافات قفزت علي الحقيقة وتعامت عن الوقائع وتسلسلها وسمحت لأجواء الاحتقان أن تغرر ببعض العقول المنغلقة لكي تتوهم أن هذه فرصتها للابتزاز علي أرضية الاستفزاز. وكفي عبثا واستخفافا بالعقول باسم محاولات الأسلمة أو محاولات التنصير, فتلك مسألة طبيعية في مصر التي تزينها علي طول التاريخ لافتة عريضة تقول إن الدين لله والوطن للجميع... ومن ثم فإن من حق كل مصري أن يختار ديانته وأن ينعم بكل حقوق المواطنة طبقا لما ينص عليه الدستور. *** خير الكلام: ** من الأفضل أن تسير ببطء مع بعض الألم بدلا من أن تقف مكانك حتي يجيء من يحملك!