جامعة المنيا تستضيف أسبوع شباب الجامعات ال 14    أسعار الذهب في ختام التعاملات اليوم السبت 2025.12.27    حزم بالجمارك والضرائب العقارية قريبًا لتخفيف الأعباء على المستثمرين والمواطنين    فتح المطارات للاستثمار |شراكة تشغيلية مع القطاع الخاص دون المساس بالسيادة    مصر و20 دولة عربية وإسلامية تعلن رفضها اعتراف إسرائيل باستقلالية إقليم أرض الصومال    فرنسا ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين تايلاند وكمبوديا    انطلاق مباراة تونس ونيجيريا في كأس أمم أفريقيا 2025    النصر يحطم أرقام دوري روشن بانطلاقة تاريخية بعد ثلاثية الأخدود    الأهلي يفوز على الكويت الكويتي ويتوج بالبطولة العربية لكرة الماء    رصاصة أنهت الخلاف.. مصرع حداد في مشاجرة بالأسلحة النارية بشبرا الخيمة    هنا شيحة ناعية داوود عبد السيد.. «ترك لنا أفلامًا ما زالت تعيش»    شاهد أولى كواليس «حد أقصى» بطولة روجينا | رمضان 2026    سهر الصايغ وعمرو عبد الجليل يتعاقدان على «إعلام وراثة» | رمضان 2026    الوطنية للانتخابات تعلن انتهاء اليوم الأول من التصويت بإعادة الدوائر ال19    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    218 فعالية و59 ألف مستفيد.. حصاد مديرية الشباب والرياضة بالمنيا خلال 2025    نيجيريا ضد تونس .. نسور قرطاج بالقوة الضاربة فى كأس أمم أفريقيا    خبيرة تكشف طرق الاختيار السليم للزواج وتوقعات الأبراج 2026    خبير تشريعات: توثيق 1500 فيديو لمرشحين خلال 6 جولات يشتكون من انتهاكات    وزير الصحة يكرم الزميل عاطف السيد تقديرًا لدوره في تغطية ملف الشئون الصحية    الجيش السوداني يعلن استعادة السيطرة على منطقة الداكنوج بكردفان    موجة جوية غير مستقرة بشمال سيناء تتسبب بإغلاق ميناء العريش    النائب أحمد سيد: السياحة قضية أمن قومي وصناعة استراتيجية تقود الاقتصاد الوطني    الدفاعات الجوية الروسية تسقط 111 مسيرة أوكرانية خلال 3 ساعات    جهود لإنقاذ طفل سقط في بئر مياه شمالي غزة    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    تأجيل قضية فتى الدارك ويب المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة لجلسة 24 يناير    تعليم العاصمة تعلن انطلاق البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    تجربة رائدة لدمج التعليم بالإنتاج فى كفرالشيخ |أرباح مليونية بالمدارس الزراعية    وزير الإسكان يتفقد مشروع "حدائق تلال الفسطاط" بمحافظة القاهرة    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    صادر له قرار هدم منذ 22 عاما.. النيابة تطلب تحريات تحطم سيارة إثر انهيار عقار بجمرك الإسكندرية    ألمانيا تغلق مطار هانوفر بعد رصد مسيرات في مجاله الجوي    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    يصيب بالجلطات ويُعرض القلب للخطر، جمال شعبان يحذر من التعرض للبرد الشديد    جولة في غرفة ملابس الأهلي قبل مواجهة المصرية للاتصالات بكأس مصر    السجن 10 أعوام وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة مخدرات وسلاح ناري بالإسكندرية    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    موعد مباراة السنغال والكونغو الديمقراطية بأمم أفريقيا.. والقنوات الناقلة    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    فلافيو: الفراعنة مرشحون للقب أفريقيا وشيكوبانزا يحتاج ثقة جمهور الزمالك    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يريد فرض الطائفية علي مصر؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 01 - 2011

عامة المصريين قبل خاصتهم‏,‏ أعادوا اكتشاف وطنيتهم بعد الجريمة الإرهابية النكراء ضد كنيسة القديسين في الإسكندرية ليلة رأس السنة‏,‏ وضد المصلين فيها‏,‏ وقد اتفقوا جميعا علي أننا اقتربنا من حافة الهاوية‏.‏ ولم يكن الاجماع العفوي‏.‏ عليأن مرتكب أو هذه الجريمة لايمكن أن يكون مصريا‏,‏ مؤسسا علي تحليل واع لمعلومات متاحة‏,‏ ولكنه كان تعبيرا تلقائيا عن الإيمان بأن ما حدث وبالطريقة التي حدث بها هو تطور دخيل علي الشخصية الوطنية المصرية‏,‏ وعلي أعراف المجتمع المصري‏,‏ علي الرغم من وجود أسباب ومظاهر للتوتر الطائفي بين الحين والآخر‏,‏ أما حسرة المواطن العادي علي الأيام الخوالي التي لم يكن فيها أحد من المصريين يشغل نفسه بما اذا كان جاره أو صديقه أو زبونه أو شريكه أو زميله مسلما أو مسيحيا‏,‏ فهي التعبير الأصدق إنباء من كل الكتب والتعليقات عن المثل الأعلي الطبيعي لمصر كما يجب أن تكون‏..‏ وكما يؤمن بها أبناؤها‏,‏ وكما عهدوها من قبل‏.‏
إذن ليس مصريا من يريد فرض الطائفية عليها‏,‏ ولكن السؤال يبقي واردا بل وملحا‏:‏ من يريد فرض الطائفية علي مصر؟
ليس في أيدينا معلومات موثقة‏,‏ ولكن أمامنا قرائن‏,‏ وقبل التطرق إليها نود القول بوضوح قاطع‏,‏ أن أقباط مصر أفرادا وجماعة فوق أية شبهات بهذا المعني الآن وفي الماضي‏,‏ ولنتذكر معا أنه طوال التاريخ لم يتهم قبطي واحد في قضية جاسوسية‏,‏ وأن الأرشيف الصحفي عندما تضمن مسيحيا متهما بالجاسوسية لم يكن قبطيا‏,‏ ولكن كان من طائفة غير مصرية الاصل‏,‏ كما أن الأقباط أنفسهم هم الذين رفضوا مبدأ التمثيل النسبي في دستور‏3291,‏ مثلما رفضوا من قبل حماية قيصر روسيا‏,‏ وحماية لورد كرومر‏,‏ وأن قبطيا مصريا تطوع لاغتيال رئيس الوزراء القبطي المرشح‏(‏ يوسف وهبة باشا‏)‏ عندما خرج علي إجماع الأمة وقبل رئاسة الحكومة‏,‏ بينما كان سعد زغلول ورفاقه في المنفي‏,‏ ونحن هنا لا نمتدح الاغتيال السياسي‏,‏ ولكننا نمتدح الروح الوطنية التي دفعت عريان يوسف لإحباط مسعي السراي والاحتلال لكسر إجماع الأمة‏,‏ باغتيال يوسف وهبة باشا‏,‏ حتي لا يفعلها مسلم فيتجدد الاتهام الذي شاع بعد اغتيال بطرس غالي باشا‏(‏ الجد‏)‏ قبلها بعدة سنوات‏,‏ والذي كان يعزو حادث غالي باشا الي التعصب الإسلامي ضد الأقباط‏,‏ وبمناسبة الحديث عن اغتيال بطرس باشا غالي بتهمة ممالأة الاحتلال‏,‏ يجب ألا ننسي هنا أن كثيرا من الساسة المسلمين في ذلك العصر اتهموا بممالأة الاحتلال من أول محمد سلطان باشا في أثناء الثورة العرابية‏,‏ حتي أمين عثمان باشا وزير مالية الوفد الذي أغتيل لهذا السبب نفسه عام‏.6491‏ علي أيدي مسلمين
إذن يظل السؤال قائما‏:‏ من يريد فرض الطائفية السياسية علي مصر؟
إذا أخذنا بنظرية وجود مخطط شرير للتطهير الديني ضد المسيحيين في الشرق الأوسط‏,‏ وآخر من تحدث عنها بهذا الوضوح هو الرئيس الفرنسي ساركوزي‏,‏ فإن هناك من يدير ويمول تنفيذ هذا المخطط‏,‏ ومع ذلك فإذا افترضنا البراءة في نيات ساركوزي‏,‏ فإن هذا المخطط لا يرمي الي تصفية الوجود المسيحي في الشرق الأوسط بقدر ما يرمي الي فرض التقسيمات الطائفية والمذهبية علي الدول العربية‏,‏ دون استثناء لمصر‏,‏ ومن المؤكد أن الذي يريد‏,‏ ويمول‏,‏ ويخطط ليس من داخل هذه الدول‏,‏ إلا كطابور خامس‏,‏ وإلا كعناصر منفذة‏,‏ أما العقل القائد أو ال‏mastermind‏ فهو بالقطع من خارج المنطقة‏,‏ وهو يستغل أسبابا داخلية لاشك في وجودها لتمرير وإنجاح هذا المخطط‏.‏
ولا يحتاج اكتشاف أن هذا العقل القائد في الخارج إليكثيرمن الجهود‏,‏ فمنذ سبعينيات القرن الماضي بدأت مراكز أبحاث بعينها ومفكرون استراتيجيون بعينهم يتحدثون بصوت عال عن حاجة غربية ملحة لاحياء الهويات الطائفية والمذهبية في دول الشرق الأوسط العربية‏,‏ باعتبارها النقيض الموضوعي والطبيعي لأيديولوجية التكامل القومي العربي‏,‏ واكتسب هذا الفكر زخما هائلا بعد هجمات‏11‏ سبتمبر الارهابية علي نيويورك وواشنطن‏,‏ ومع تبني إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش‏(‏ الابن‏)‏ رؤية المحافظين الجدد الاستراتيجية الذين قال بعضهم صراحة إن غزو العراق هو البداية‏,‏ ثم تليها السعودية‏,‏ لكن الجائزة الكبري هي مصر‏.‏
مرة أخري نقول إن ذلك لا يعني إنكار وجود أسباب وذرائع وعوامل فشل داخلية في كل دولة علي حدة تهيئ الفرصة لاستغلالها لمصلحة ذلك المخطط الشرير بالمعني الذي نتحدث عنه‏,‏ وليس بالمعني الذي تحدث عنه الرئيس الفرنسي‏.‏
واذا كنا نجزم أن مآل مخطط من هذا النوع هو الفشل في مصر بسبب ما رصدناه في السطور الأولي من هذا المقال من اعادة اكتشاف عامة المصريين وخاصتهم لأصول وطنيتهم‏,‏ فإن ذلك لا ينفي أنه حقق نجاحات تدعو الي الاحساس بأقصي درجات الخطر‏,‏ ففي مصر احتقان طائفي‏,‏ وفي السودان تقسيم‏,‏ وفي العراق طائفية‏,‏ والجزائر دخلت حربا أهلية لم تتعاف منها‏,‏ واليمن علي وشك أن تنزلق الي حروب طائفية‏,‏ أما لبنان فإن صيغة التعايش مهددة في كل لحظة‏,‏ وليست تلك فحسب هي نجاحات مخطط فرض الطائفية في الشرق الأوسط‏,‏ ولكن ما لا يقل أهمية ذلك هو النجاح في إدراجها علي جدول أعمال القوي الكبري‏,‏ والمنظمت الدولية بداية من الفاتيكان‏,‏ وقد كان ساركوزي وهو يتحدث عن مخطط شرير لتطهير الشرق الأوسط من المسيحيين يعكس هذه الحقيقة‏,‏ التي بلغت ذروتها في إدخالها الي جدول أعمال مجلس الأمن بالبيان الرئاسي للمجلس حول جريمة كنيسة سيدة النجاة في العراق في نوفمبر الماضي‏,‏ ثم ها هي وزيرة خارجية فرنسا ورئيس وزراء ايطاليا يطلبان رسميا إدراج قضية مسيحيي الشرق الأوسط علي جدول أعمال الاتحاد الأوروبي‏,‏ ولنتذكر أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تحدث في خطابه الشهير بجامعة القاهرة في شهر يونيو من العام الماضي‏,‏ عن المسألة القبطية في مصر بموازاة المسألة المارونية والمسيحية عموما في لبنان‏,‏ وهو الحديث الذي لم يلتفت إليه كثيرون في غمرة الابتهاج بلغة الاحترام التي تحدث بها أوباما‏(‏ عندما كان في أوج بريقه‏)‏ عن الإسلام والمسلمين‏.‏
أخيرا ليكن واضحا أننا لا نتهم ساركوزي أو وزير خارجيته‏,‏ ولا نتهم بابا الفاتيكان ولا رئيس الوزراء الايطالي‏,‏ كما لا نتهم الرئيس الأمريكي بأشخاصهم بتبني مخطط فرض الطائفية علي الشرق الأوسط ومصر أو الضلوع فيها‏,‏ وكل ما نريد قوله هو أن أخطاء الداخل‏,‏ والقوي المعنية بالتقسيم الطائفي للشرق الأوسط في الخارج‏,‏ نجحت في دفع القضية الي مكان بارز بين قضايا السياسة الدولية‏,‏ ولكن يبقي الحل دائما في الداخل‏.‏

المزيد من مقالات عبدالعظيم حماد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.