في عموده مواقف بالأهرام اعترض الاستاذ انيس منصور علي مطالبة هيئة الآثار المصرية بإعادة الآثار المصرية المعروضة في المتاحف الأوروبية والأمريكية إلي مصر مبديا مبررات لهذا الاعتراض في مقدمتها الدعاية للآثار المصرية في الخارج. مما يشجع السائحين الأوروبيين والأمريكيين علي الحضور لمصر للاطلاع علي المزيد من الاثار المصرية, وانا كأحد المتخصصين في الآثار المصرية أؤيد اعتراض الاستاذ انيس منصور في دعوته هذه, فمع تقديري لوطنية الدكتور زاهي حواس وحماسه في السعي لإعادة هذه الآثار لمصر فإن ماشاهدته في المتاحف الأوروبية والأمريكية من الاهتمام الكبير بهذه الآثار من القائمين علي هذه المتاحف ومن الجمهور الأوروبي والأمريكي وروعة عرضها بما يبرز جمالها مهما صغر حجمها, يؤيد بقاءها في هذه المتاحف, وأسوق مثالا علي ذلك شاهدته في متحف برلين فإلي جانب القاعة المعروض فيها بمفرده تمثال نفرتيتي الشهير, ومعروض بمفرده ايضا في قاعة مماثلة لقاعة نفرتيتي تمثال صغير الحجم يمثل رئيس سياس الفرعون مصنوع من الخشب لايزيد ارتفاعه علي ربع المتر, وذلك لما يتميز به هذا التمثال الصغير من دقة صنعه, وكل ذلك علي عكس الحال في المتاحف المصرية وأولنا المتحف المصري حيث تتكدس فيه الكثير من الاثار المصرية فوق أرفف الدواليب, وبالاضافة إلي هذا الاهتمام الكبير في عرض الآثار المصرية في المتاحف الأوروبية والأمريكية فان هذه المتاحف تحرص اشد الحرص علي صيانتها بانتظام بما يتكلف اموالا طائلة ربما لاتتسع له ميزانية هيئة الآثار المصرية المجلس الأعلي للآثار حاليا المثقلة بالمرتبات والمكافآت. وأسوق مثالا علي ذلك خبرته بنفسي فمنذ نحو ثلاثين عاما اكتشفت ميناء فرعونيا علي ساحل البحر الاحمر جنوب ميناء الغردقة بنحو ثمانين كيلو مترا في اثناء حفائر قمت بها بتكليف من كلية الاداب بجامعة الاسكندرية, وحرصا علي الآثار التي عثرت عليها من وجودها في ذلك المكان البعيد المنعزل, قمت بنقلها إلي متاحف الاسكندرية لن اذكر اسمه منعا للاحراج ومن بينها مقصورة من الحجر الجيري حفرت عليها كتابات هيروغليفية لونت بلون أزرق بديع, وللاسف أهملت صيانتها في هذا المتحف حتي سقط لونها ثم تآكلت الكتابات الهيروغليفية نفسها وصارت المقصورة الآن كتلة صماء خالية من أي كتابة, وهي الآن ملقاه في مخزن ذلك المتحف, وبالطبع لم يكن ذلك ليحدث لو كانت هذه المقصورة في متحف أوروبي أو أمريكي. د. عبدالمنعم عبدالحليم سيد قسم التاريخ والآثار كلية الآداب جامعة الإسكندرية