تهريب الاثار.. تجارة غير مشروعة منتشرة منذ مئات السنين، ففي البداية كانت تأخذ شكل دبلوماسيا من خلال البعثات الاجنبية التي كانت تعمل بنظام المناصفة، ثم تطورت هذه التجارة علي مر السنين لتأخذ حاليا شكل عصابات دولية أشبة بالمافيا يساعدهم فيها انخفاض معدلات ثقافة المواطن المصري وعدم درايته بأهمية هذا الاثر، إلي جانب الظروف الاقتصادية والبحث السريع عن الثراء بأي وسيلة والمتضرر الاول هو الاقتصاد القومي إذا مااعتبرنا ان السياحة الثقافية تحتل مكانة متميزة لدي السائح الاجنبي عند حضوره لمصر. ويكشف د. زاهي حواس الامين العام للمجلس الاعلي للآثار عن تزايد ظاهرة بيع الاثار المصرية في صالات المزادات في مختلف عواصم العالم وأشهرها 36 صالة مزادات تعرض يوميا 1500 قطعة من الاثار المصرية للبيع، بالاضافة إلي تزايد مواقع الانترنت التي تعرض آثارا مصرية للبيع إلي حوالي 30 ألف موقع لا يمكن السيطرة عليها من قبل المنظمة الدولية للتراث "اليونسكو".. مضيفا ان مصر لم تنجح سوي في استرداد 40 قطعة أثرية خلال السنوات الخمس الماضية، من بين مئات القطع المعروضة للبيع بعد اثبات انها مسروقة، مشيرا إلي ان السبب في ذلك هو إما خروج الاثار من مصر بطريقة الإهداء أو البيع الذي كان يتم قبل عام 1983 وإما تهريبها بعد استخراجها من المناطق الاثرية وعدم تسجيلها في سجلات هيئة الاثار، لافتا إلي ان هناك اكثرمن 300 قضية تهريب أو سرقة آثار من مناطق أثرية في الصحراء تتم خلسة كل عام، يتم ضبطها من قبل شرطة الاثار. ويضيف د. حواس: قمنا بإجراءين مهمين لمنع تهريب أو سرقة الآثار، أولهما تشديد الرقابة والحراسة علي المناطق الاثرية، وثانيا تغليظ عقوبة سرقة أو تهريب أو نقل الاثار بقصد التهريب أو البيع. ويري د. حواس ان هناك طرقا عديدة اخري للاتجار بالاثار، منها حفر الافراد اسفل منازلهم بالقرب من المناطق الاثرية وهؤلاء ينجحون احيانا في العثور علي اثار يقومون ببيعها وتهريبها للخارج، ويساعد في ذلك ان ما يعثرون عليه غير مسجلة في سجلات الاثار، لذلك يصعب استردادها لانه لا يلغي وجود النقوش الهيروغليفية علي اثارنا لاستردادها، خاصة ان تجارة الاثار مشروعة في معظم دول العالم وتتم بشكل رسمي وقانوني ويحوز صاحب القطعة الاثرية شهادة ملكية. ويوضح د. حواس ان هناك مخازن أثرية سرقت محتوياتها وتم تهريبها للخارج مثل قضايا سرقة متحفي كلية الآداب وكلية الاثار بجامعة القاهرة، وهناك ايضا تهريب 7 آلاف قطعة من ملكية حائز الاثار زكي محارب بالاقصر التي تم ضبطها بمنزل تاجر آثار ألماني منذ عامين، وجار اتخاذ الاجراءات القانونية لاستردادها، مضيفا ان المباحث الفيدرالية الامريكية كشفت مؤخرا عن اختفاء 90 قطعة من اثار مخزن كلية الاثار بجامعة القاهرة بالمعادي قبل 12 سنة جار استردادها بعد تقديم مصر المستندات التي تثبت ملكيتها لها. ويشير حواس إلي عدم وجود سبيل امام المسئولين في مصر سوي منع تهريب اثارنا للخارج، خاصة ان الدول الاجنبية تسمح بتجارة الاثار وتعتبرها مصدرا اقتصاديا من خلاله يتم تحصيل ملايين الدولارات، مضيفا ان اسعار القطع الاثرية المصرية، خاصة التماثيل والنقوش الجدارية تصل إلي ملايين الدولارات، حيث بيعت مؤخرا مخطوة إسلامية تعود للعصر الفاطمي بمليون جنيه استرليني. ويشير د. ناجح عمر علي الأستاذ بكلية الاثار جامعة الفيوم إلي ان تجارج الاثار لها مردودات سلبية عديدة علي الاقتصاد القومي والحضارة المصرية، وذلك لكون هذه السرقات تتم بطرق غير مشروعة وفي اتجاهات متعددة ومنها الحفائر التي يتم عملها خلسة من جانب الاهالي، بعد ان يتأكدوا مسبقا من وجود آثار في مناطق معينة، مضيفا ان الاثار السلبية عديدة لهذه الطريقة، منها التخريب للشواهد الاثرية الموجودة في هذه المواقع. يثير ناجح إلي وجود نوع آخر وهي الاثار الثمينة التي يتم العثور عليها ويتمكن بعض التجار من تهريبها للخارج ولهذا الجانب مردودات سلبية عكسية علي الحضارة من ناحية كون الاثر خرج من مصر لدولة أوروبية مما يعني انخفاض نسبة جذب السائحين الاجانب لمصر وبناء عليه يتم تدمير الاقتصاد والدخل القومي من جانب السياحة ومن خلال هذا الجرم الذي له مردود سلبي، وذلك دون ان يدرك هؤلاء التجار بشاعة فعلتهم فهم يهتمون فقط بجمع المال بطريقة سريعة دون الوضع في الاعتبار تدمير موقع أثري أو التأثير علي الدخل القومي الناتج عن السياحة. ويلفت ناجح عمر إلي صعوبة عمل حصر بعدد الآثار التي تم تهريبها وعدد القطع التي خرجت من مصر، حيث لا توجد لدينا خريطة توضح ما هو موجود في باطن الارض من اثار، مشيرا إلي ان هناك مقولة شهيرة وهي ان كل الاراضي المصرية تعتبر أثرية ما لم يثبت العكس، وهذا يعني ان أي مكان قد تلعب الصدفة دورا يتم الكشف فيه عن آثار كثيرة. ويكفينا ما تم الكشف عنه ومن خلاله يتم بناء متحف علي ناصية كل شارع من شوارع مصر والدولة في اتجاهها لتشييد متاحف اقليمية في المحافظات لزيادة الوعي الاثري من ناحية، وزيادة الدخل القومي لمصر من ناحية أخري. ولكن الحصر هنا صعب لأن هناك قطعا كثيرة تخرج من مطار القاهرة الدولي علي انها تقليد، مشيرا إلي ان الدافع وراء انتشار هذه التجارة هو الاحوال الاقتصادية التي تمر بها البلاد والتي تجعل الافراد يبحثون عن الثراء السريع، وحينما يجدون أمامهم هذا الباب يقبلون عليه، خاصة ان العقوبة ضئيلة ولا تمثل شيئا امام الحصول علي ثروة. وينوه د. صبري عبدالعزيز وزير منطقة الاثار الاسلامية إلي ان الاثار تعتبر أهم مصادر الدخل القومي من السياحة، ويقول: نهدف يوميا إلي اكتشاف كل ما هو جديد حتي نستطيع جذب المزيد من السائحين، لأن الزائر حين يأتي إلي مصر مرة ثم يعود مرة اخري لا يريد رؤية نفس الاثار السابقة، فالسائح يبحث عن الجديد دائما مشيرا إلي ان السياحة الثقافية لاتزال تمثل جزءا كبيرا من السياحة الوافدة لمصر، وفيما يتعلق بالتهريب فالحماية تبدأ دائما من الداخل، وذلك من خلال انشاء مخازن جيدة لحماية الاثار ومنذ عام 2002 تم انشاء 35 مخزنا متحفيا علي مستوي مصر مؤمن الكترونيا ضد السرقة والحرائق، وينوه إلي ان المخازن كان وضعها سيئا وكان يوجد بها ما يقرب من 45 مخزنا، في منطقة سقارة تم انشاء 20 مخزنا متخصصا والاقصر 4 مخازن متحفية تستوعب نسبة كبيرة من الاثار، وفي كل محافظة تم انشاء مخزن متحفي، والخطوة التالية كانت المنافذ، حيث نمتلك اكثر من 19 منفذا في المطارات والموانئ وتم انشاء مكاتب للاثريين وبها وحدة اثرية تعمل علي مدار ال 24 ساعة، وإلي جانب هذا نعمل حاليا علي الانتهاء من المشروع القومي لتسجيل آثار مصر عن طريق الكمبيوتر والتصوير الديجيتال. ويري صبري عبدالعزيز ان الخطوة المهمة هي زيادة معدلات الوعي الاثري لدي سكان المحافظات المختلفة، حيث يجب توعية المواطنين لأهمية هذه الاثار باعتبارها ثروة قومية، إلي جانب وضع حوافز مجزية لمن يبلغ عن الاثر والمكافأة حسب قيمة الاثر المبلغ عنه، فعلي سبيل المثال قام أحد المواطنين بالابلاغ عن 12 قطعة عملة ترجع للعصر الاسلامي وتم اطعاؤه 5 آلاف جنيه، مشيرا إلي ان ظاهرة الغش والنصب في هذا المجال انتشرت بقوة، وذلك من خلال قيام مجموعة من النصابين بعرض C.D.