رابط التقديم الالكتروني للصف الأول الثانوى العام والفني بمحافظة الدقهلية ومحافظات أخرى    قبول استقالة 8 أعضاء بمجلس النواب.. ما السبب؟    اللجنة المشرفة على انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء تعلن الكشوف الأولية للمرشحين    وزير الشؤون النيابية والقانونية يهنئ رئيس مجلس الدولة بتوليه منصبه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 7 يوليو 2025 في مطروح    اليوم .. تراجع سعر الذهب 25 جنيها فى مصر وعيار 21 يسجل 4610 جنيهات    استقرار أسعار الدواجن والبيض بأسواق المنوفية.. والفراخ البيضاء ب76 جنيهًا للكيلو    البنك المركزي: أرصدة الذهب بالاحتياطي الأجنبي تسجل 13.59 مليار دولار بنهاية يونيو 2025    نائب وزير الإسكان يجتمع مع اللجنة التنسيقية العليا لتحديث أكواد مياه الشرب والصرف    وزير البترول يتفقد بئر "بيجونا-2" في الدقهلية ضمن جهود تعزيز الإنتاج المحلي    البنك المركزى يوجه البنوك بدعم العملاء المصدرين والتوافق بيئيا مع المعايير الدولية    قيادات جديدة بالمحطات البحثية بمركز البحوث الزراعية    فيضانات تكساس.. كيف حدثت كارثة مخيم الفتيات بجوار نهر جوادالوبى؟    الرئيس عون يسلم مبعوث واشنطن الرد اللبنانى على الورقة الأمريكية    وزيرة التضامن تلتقي رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر    هل يحسم المقابل المادى انضمام كارلوس فينيسوس لاعب توتنهام السابق للزمالك ؟ اعرف التفاصيل    سيرحل أم سيبقي .. الأهلي يترقب القرار النهائي للريان القطري لحسم مصير وسام أبو علي    «فيفا» يعلن حكم مباراة ريال مدريد وباريس سان جيرمان في نصف نهائي مونديال الأندية    القبض على 5 عاطلين بتهمة الاتجار فى المخدرات بالقاهرة    ضبط 19 متهما بالبلطجة و150 قطعة سلاح ناري في حملات أمنية خلال 24 ساعة    تالجو ومكيف.. جدول مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» الاثنين 7 يوليو 2025    اتخاذ الإجراءات القانونية ضد شخصين لقيامهما بغسل 80 مليون جنيه متحصلات الإتجار في المخدرات    السكة الحديد: تشغيل حركة القطارات اتجاه القاهرة- الإسكندرية في الاتجاهين    تظهر خلال أيام.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025- 2026 (الصناعي والزراعي والتجاري والسياحي)    محافظ الدقهلية يضبط واقعة بيع خبز مدعم بالسعر الحر في بلقاس    ختام وإعلان جوائز المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية 47    جمال عبدالحميد يتحدث عن علاقته ب فيفي عبده ونزوله أرض الملعب بطائرة خلال اعتزاله (تفاصيل)    فيلم أحمد وأحمد يحصد 2 مليون و700 ألف جنيه في شباك تذاكر أمس الأحد    «الغموض سر الجاذبية»: 4 أبراج تحب الغموض وتكره الوضوح المفرط ..هل برجك من بينهم؟    فات الميعاد الحلقة 18.. التحقيق مع أحمد مجدى بتهمة تهريب أدوية خام    غادة عادل بعد خضوعها لعملية شد وجه.. ماذا تغير في شكلها قبل وبعد؟    لأول مرة.. مصر ضيف شرف في معرض كراكاس الدولي للكتاب 2025    رئيس هيئة الرعاية الصحية في جولة تفقدية موسعة بأسوان اليوم لمتابعة التشغيل الرسمي وسير العمل بالمنشآت الصحية    إدوارد يعلن تعافيه من السرطان بعد عملية دقيقة ويروي لحظات الانهيار النفسي    وزارة الصحة تنشر 5 نصائح ذهبية لنوم صحي وهادئ (تعرف عليها)    كيف تحمي نفسك من لدغات البعوض في الصيف؟.. نصائح مهمة من «الصحة»    قيد وتجديد قيد منظمات مجتمع مدني بقاعدة بيانات متابعة الانتخابات    بيراميدز يكشف حقيقة إبرام صفقات تبادلية مع الزمالك    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    مهاجم منتخب فلسطين السابق: وسام أبو علي يستحق أكثر من 8 ملايين دولار    الهلال يستعد لثورة تغييرات في قائمة الأجانب بقرار من إنزاجي    جامعة حلوان تعلن الأوراق المطلوبة عند أداء اختبارات القدرات    جرافات الاحتلال تهدم منزلا من ثلاثة طوابق غرب رام الله    تنسيق الثانوية العامة 2025.. تعرف علي الحد الأدنى لدرجات القبول فى 15 محافظة    رئيس البرازيل يقترح إنشاء عملة تجارية بديلة للدولار خلال قمة بريكس    ماذا قدم محمد أوناجم في الدوري المصري قبل رحلته مع كهرباء الإسماعيلية؟    إدوارد يعلن إصابته بالسرطان وشفائه بعد خضوعه لعملية جراحية    "قصص متفوتكش".. زوجة النني الثانية تثير الجدل.. وأسباب حبس إبراهيم سعيد    بريكس تطالب بإصلاح صندوق النقد وكسر احتكار إدارته الغربية    ماذا يناقش الرئيس السيسي ونظيره الصومالي في العلمين اليوم؟    إعلام عبري: ذباب مصري يغزو حيفا ويثير الذعر في الأحياء الراقية (تفاصيل)    أسعار اللحوم اليوم الإثنين 7 يوليو 2025 في أسواق الأقصر    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    المكتب الحكومي في غزة ينفي ضلوع «حماس» في الهجوم على موقع إغاثة    حريق يلتهم شقة سكنية في عزبة النخل    «لها حدود وضوابط».. أمين الفتوى: لا يجوز الوصية بكل المال إذا كان للموصي ورثة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سم العقرب
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 01 - 2010

سنوات عشر‏,‏ ضاعت منك‏,‏ وضاع العمر‏,‏ وأنت تطارد حلما طار‏,‏ وحين أفقت صحوت علي غدر وخديعة‏.‏ كنت تظن طوال الوقت بأنك مقتطع من قوت اليوم والغربة‏,‏ ما يكفي لسداد فواتير الغد‏.‏ و ذلك أن القادم من فعل الأيام خبيء لا تدريه ولا ندريه‏.‏ لكنك حين تركت الدنيا خلفك‏,‏ حين نأيت بعيدا عنا‏,‏ كان رهانك أن الدنيا قد وهبتك النصف الآخر‏,‏ تلمح فيه سمات الزوجة‏:‏ سكنا وملاذا وشريك حياة‏.‏
لم تدرك ساعتها أنك تسقط في شرك محكم‏.‏ تلتف حواليك حبال خداع لست تراها‏,‏ ودراهمك المقتطعة من لحمك‏,‏ تنهمر بعيدا عنك‏,‏ وشريكة عمرك تلك العقرب تملأ كل حياتك سما‏.‏ أما المال فينأي عنك‏,‏ ويصبح في قبضة أهليها‏,‏ كي يستثمر في أرباح هائلة موهومة‏.‏ فهنا شركات نجحت في توظيف المال‏,‏ وسيل من أنهار الأرباح‏.‏ وحين تعود بإذن الله ستلقي باسمك بيتا ومتاعا وحسابات وحياة ملأي بالبهجة‏.‏ لكنك عدت‏,‏ وقد ضيعت بريق شبابك‏,‏ حيث تسرب في رمل الصحراء‏,‏ بعيدا عن أرضك وسمائك‏,‏ تشكو من علل لا ترحمك وضغط يفتك بك‏,‏ ووجه فوق سريرك‏,‏ حين تكشف‏,‏ كان زنابي العقرب‏,‏ يلدغك بلا رحمة‏!.‏
سنوات عشر ضاعت منك‏,‏ وها قد عدت‏,‏ لتدرك ما فعلت عقربك الملعونة‏,‏ في بيت باسم شريكة عمرك‏,‏ أما كنز المال فضاع وطار‏,‏ وأضحي توظيف الأموال سرابا‏,‏ انهارت شركات‏,‏ وانقشعت أحلام‏,‏وانزاحت أوهام‏,‏ وتجلي وجه خديعتها‏.‏ فاستشري الضغط الكامن فيك‏,‏ تهدمت الأعصاب‏,‏ تهدلت الأعواد‏,‏ وشاخ العمر‏,‏ وذات صباح كنت طريدا من بيتك‏,‏ محروما من أولادك‏,‏ صرت تراهم حين تراهم من أسوار مدارسهم‏.‏ كيف تواجه حاضرك المفلس من كل متاع أو عون‏,‏ يجعلك تسير علي قدميك‏,‏ يسلمك اليوم إلي غدك العريان‏,‏ ومستقبلك الخاوي من أمل أو حلم أو إحسان‏.‏
الجيب الخاوي يشعل فيك مرارة أيام سوداء‏,‏ ووجوه صغارك تنأي عنك‏,‏ وأنت تحاول أن تمسكها‏,‏ تصبح قبض هواء‏.‏ ودبيب اليأس إلي قلبك‏,‏ إحباط عات‏,‏ يخترق المخ ويفتك بالأعصاب‏,‏ فتكون الصدمة‏,‏ حين تجيء الجلطة‏,‏ غاب النطق وغاب الوعي‏,‏ ودب الشلل إلي الأعضاء‏.‏
ها أنت مسجي لا تدري ما يحدث حولك‏,‏ تنظر في دهش واستغراب‏,‏ تتأمل فينا أطيافا ذاهلة‏,‏ أشباحا هادئة‏,‏ وبقايا مصدومين‏,‏ ولوعة من كانوا يرجونك لغد تنهض عنهم فيه وتحمل بعض الأعباء‏.‏
ها أنت يزلزلك الفقدان‏,‏ تثور ولا تدري أنك محكوم بالعجز‏,‏ وأنا نفقد في كل صباح جزءا من أمل يائس‏.‏ نتوهم أنك سوف تعود إلينا‏,‏ بأقل خسائر ممكنة‏,‏ تمشي‏,‏ تنطق‏,‏ تدرك‏,‏ تعرف من يقفون ببابك‏,‏ أو يغضون علي استحياء‏.‏ تنهمر الأسئلة‏,‏ تقل قليلا‏,‏ تخفت‏,‏ تنعدم الأسئلة‏,‏ فكل إجابات أطبائك يائسة‏,‏ موئسة‏,‏ والصمت عزاء‏.‏
لكنك‏,‏ برغم اليأس وبرغم الظلمة‏,‏ تصنع معجزة من نوع خارق هذا المشلول المقعد غادر مستشفاه علي دراجته‏,‏ هربا وفرارا من صدمات علاج لا يجدي‏,‏ وتملكنا الرعب‏:‏ فكيف يكون مصيرك في الطرقات؟‏.‏
وقضينا والمستشفي يوما أيوم لا ندري أين تكون؟ ونبدأ من أين؟ ثم عرفنا أنك في القرية‏,‏ تبحث عن دفء الأسرة وأمان البعد عن المستشفي‏,‏ ساعتها كان سؤال نتناقله‏:‏ كيف؟ كيف تمكن من هرب مأمون محكم؟ كيف مضي‏,‏ مشدود العزم لغايته‏,‏ من غير ضياع أو فقدان؟‏.‏
كانت جدران الغرفة‏,‏ في المستشفي‏,‏ تخنقه‏,‏ والرقدة إذ طالت تيئسه‏,‏ وعيون الزوار يري فيها حجم المأساة فيبكي‏,‏ ويسيل الدمع غزيرا يختلط الدمعان‏,‏ فلا ندري من يبكي من‏,‏ من منا المسجون ومن منا السجان‏,‏ ومن منا المشلول المقعد‏,‏ والفاقد للنطق وللحركة؟‏.‏
وتموت ابنته حبة عينيه ونورهما حين تخلت عنه العقرب‏,‏ حاجبة عنه الأولاد‏.‏ ويمر الوقت‏,‏ يداه تشيران‏,‏ ويسأل في صمت دامع‏,‏ عن فلذة كبده‏.‏ لكن ابنته ترفض وتثور‏,‏ تزور أباها لا تعبأ بصنيع الأم العقرب‏.‏ فتعاقبها‏,‏ تدفعها دفعا للموت وتتركها من غير دواء يومي كانت تأخذه لمواجهة سعار السكر في دمها‏,‏ تلقفها الغيبوبة في لحظات‏!.‏
ويجيء الموعد‏,‏ يغمض عينيه‏,‏ حين يغيب ويرحل‏,‏ لا يدري أن ابنته قد سبقته‏,‏ ورحلت عن جحر العقرب‏.‏ ها هو ينزع عنه كل الأعباء وكل الأهوال‏,‏ وذكري عشر سنين دفنت في الصحراء‏,‏ وعاد شريدا بعد الرحلة لا زاد لديه ولا ماء‏,‏ إلا صدمات خداع وخيانة‏,‏ في عمر قد ضاع هباء‏!.‏
لكن العقرب ما زالت يسكنها السم‏,‏ ولن ينقذها منه اي دواء‏.‏

المزيد من مقالات فاروق شوشة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.